دمشق ـ سانا
تتضمن مجموعة "منديلها.. ورياح الخريف" للشاعر جودي العربيد رؤى اجتماعية وعاطفية وإنسانية وتاريخية متباينة جاءت في قالب حديث وفق خط بياني متغير يؤدي غرضه الفني حينا وحينا آخر يتراجع. تبدو في الكتب حسرات الشاعر وآلامه واضحة على آمال عاش وهو يرغب بتحقيقها ليرى وطنه وبلده مليئا بالمحبة زاخرا بالحضارة فاستخدم دلالات متوافقة مع المعنى الذي ذهب إليه عبر خياله الممتد إلى مساحات وبيئات وطنه الغالي يقول في قصيدة دغل.. هيهات.. يا بلادا.. مليئة بالأدغال.. شحيحة.. بالقرنفل. يحاول الشاعر أن يزرع ورود الأمل على نوافذ الحزن فتطير من دموع المعذبين طيور الشوق لتبشر بمخاض جديد وولادة أخرى يجعلها الأسى أشد قوة وأكثر جمالا وهي ترفل بالضياء كما جاء في قصيدة نافذة.. فماذا أقول.. إذا اشتعلت بغتة.. في يدي.. طيور الدموع.. فتحلم نافذتي.. بالهلال. ويرى العربيد أن الإنسان يجب أن يربط طموحاته وآماله بالواقع لأن الإنسان قد يصطدم بالخيبة ويمر بمراحل حياتية مختلفة فلا يمكن أن تكون السعادة دائمة ولا يمكن أن يصل الإنسان إلى كل ما يريد فأدى النص معناه بشكل شفيف يرتكز على التحولات الاجتماعية التي يعيشها الإنسان وما يطرأ عليها من تحولات حسب ما يمر به من ظروف يقول في قصيدة حسرة.. يا شهرزاد.. ما كل أمنية تضيء ولو زرعت الليل أحلاما وغناك الندى.. يا وردة.. تحت الرماد ويوضح العربيد مدى أهمية الشعراء والمفكرين والأدباء فهم الذين يسجلون في ذاكرة الزمن التحولات العاطفية والاجتماعية والبيئية على مر الزمان وهم من يمثل الإنسان بما يحمله من مكونات مختلفة لذلك وصلت أسماء الشعراء وغيرهم ممن يمتلك العبقرية البشرية عبر الزمن وهذا ما تعبر عنه قصيدة أبو الطيب المتنبي يعود إلى حلب.. إذا اسود جفن الزمان إليك المآل.. وقوس السنا فنحن الزوال.. وأنت المنى وتتجلى العاطفة القومية في المجموعة إذ يعبر الشاعر عن مدى صبر الوطن العربي عبر التاريخ وبقاء حضارته برغم ما ينتابه من نكبات وما يتعرض له من مؤامرات ودمار فتظهر بغداد بين حروفه وهي شامخة متحدية للزمن تسخر من الغاصبين وتعيد للمجد بهاءه وذلك في قصيدة بغداد.. تفتحت أغنية.. من نخيل.. ودخان.. تمد لسانها للزمان.. وتركض في الريح حافية.. وحين عابثها الليل.. لم يسعفها.. سوى المطر الموسمي.. صنع قوسا من مقامات النخيل.. لفجر من أرجوان. ويحرص العربيد على ذكر شخصيات عبقرية ماثلة بالتاريخ لها طابع إنساني في مجال الأدب كشكسبير الذي امتاز بحبه للإنسان ووقوفه بجانبه والتعبير عن مواجعه ومآسيه في أي مكان من العالم إضافة لذكره بعض الشخصيات العربية كابن زريق البغدادي والمتنبي يقول في نص شكسبير.. كانت الشمس.. لا تغيب.. عن المملكة العجوز.. وحفيدها يحبو وحينما خطا حاملا ناره.. غابت المملكة.. لتسطع شمس من الورق.