تسمية العاصمة الجديدة

تسمية العاصمة الجديدة

تسمية العاصمة الجديدة

 السعودية اليوم -

تسمية العاصمة الجديدة

بقلم : مصطفى الفقي

شغلتنى- فى الأسابيع الأخيرة- مسألة تسمية العاصمة المصرية الجديدة خصوصًا أن مصر قد عرفت من قبل عواصم مسماة بدءًا من طيبة والفسطاط والعسكر والقطائع وصولًا إلى القاهرة، وظللت أقلب الأمر مع نفسى ساعات طويلة ومررت بمراحل مختلفة امتد فيها حبل التفكير إلى اتجاهات مختلفة، ومنها:

أولًا: اتجاه يرى الربط بين العاصمة الجديدة واسم القاهرة ووجدت أن اسم القاهرة الجديدة قد جرى استخدامه فى حى كبير شرق القاهرة مثلما فعل البلجيكى البارون (إمبان) عندما سمى الضاحية التى بناها فى شرق القاهرة بمصر الجديدة، وقياسًا على ما فعلته دول أخرى مثل الهند التى سمت عاصمتها (دلهى الجديدة) امتدادًا لاسم المدينة التى ارتبطت بتاريخ تلك الدولة الكبرى، كما فعلت نفس الشىء دول أخرى، ومنها المكسيك على سبيل المثال، فالاحتفاظ بالتسمية القديمة هو أمر يوفر كثيرًا من الجهد فى التعود على الاسم الجديد كما أنه يسهل التعرف على اسم العاصمة الجديدة انطلاقا من الاسم القديم، وفكرت أن نسميها القاهرة الحديثة ولكن الكلمة لم ترق لى لأنها تعبير غير عاطفى ولا يشد الأسماع وعدت لأتأمل أسماء عواصم لدول عربية مثل تونس والجزائر، وهى التى جعلت اسم الدولة هو ذاته اسم العاصمة تسهيلًا وتركيزًا، وقلت إذن العاصمة الجديدة اسمها مصر وهى تقع على مشارف العاصمة الأصلية، وهذا هو اسم العاصمة الجديدة، ولكن هذه التسمية سوف تخلط بين اسم الدولة واسم المدينة ولم يعجبنى الأمر.

ثانيًا: فكرت فى العودة إلى تاريخنا السياسى والاجتماعى لأننى كنت مهتمًا لفترة طويلة بتسمية حاكم مصر باسم (عزيز مصر) قياسًا على (شاه إيران) وغيرها، فالتسميات المنفردة تعطى قيمة تاريخية لمن يحملها، وقلت إذن نستعيد أيضًا كلمة (طيبة) من جديد ولكننى وجدت فيها عودة إلى الماضى السحيق وتمسحًا بالحضارة الفرعونية التى اختصت بهذا الاسم عاصمة للبلاد فى عصور ازدهارها وعدت فقلت إننا نطلق على مصر الكنانة أو المحروسة فلنطلق أحدهما على العاصمة الجديدة، ولكننى وجدت أنها تسميات تاريخية فيها دلالات أدبية وشاعرية أكثر منها أسماء عملية، وقلت إذن فلنسمها (الظافرة) على وزن القاهرة، وإذا كان جوهر الصقلى قد قيل له إن نجمًا يمرق فى السماء اسمه القاهر فحملت عاصمة مصر الفاطمية اسمه، فالظاهر أخو القاهر فى تاريخنا الحديث فلتكن هى الظافرة! ثم عدلت عن ذلك فقلت فلنسمها مدينة المستقبل لكننى وجدت المعنى مباشرًا ولا يعبر عن مدلول له خصوصية أو يتمتع بذاتية مصرية، وتذكرت أن للقاهرة اسمًا فى اللغات الأجنبية تختلف طريقة نطقه وكتابته وفقًا لكل منها، لذلك فإن كلمة مدينة المستقبل سوف تترجم بعبارة City of the Future وهى عبارة عامة ليست لها دلالة خاصة ولا تعبر عن السياق الذى تولد فيه هذه المدينة.

ثالثًا: بدأت أفكر فى المدن التى تحمل أسماؤها تواريخ معينة فهل نسميها مدينة 25 يناير أم نسميها مدينة 30 يونيو واستهجنت الفكرتين معًا لأننى مازلت حتى الآن لا أستريح لأسماء مثل 6 أكتوبر والعاشر من رمضان والخامس عشر من مايو ولا حتى لطريق 23 يوليو! فالتواريخ تتحول بمدلولها الرقمى إلى مسميات جغرافية لا تروق لى كثيرًا وقد أكون مخطئًا، وقلت إذن فلنسمها (الأيقونة) فهى درة العقد يبنيها الشعب المصرى فى فترة حاسمة من تاريخه الحديث، ووجدت الكلمة على صغرها إلا أنها ثقيلة على السمع صعبة فى الكتابة فى اللغات الأجنبية، خصوصًا أن أسماء المدن بل الدول تخضع فى تداولها لظروف جغرافية وتاريخية، ومازلت أتذكر أننى عندما عينت سفيرًا لبلادى فى النمسا عام 1995 وجدت أن اسم النمسا بعيد تمامًا عن الاسم فى اللغات اللاتينية والأنجلوسكسونية والمجموعة الجرمانية واكتشفت بعد بحث أن كلمة النمسا قد جاءتنا من خلال الأتراك العثمانيين الذين كانوا يسمون ذلك البلد باسم (النمسك)، وكنت أداعب كل من يسألنى وقتها لماذا اختاروا لك دولة النمسا فأقول لهم لأننى (نمس سياسى)! مع أن أهمية ذلك البلد الصغير كبيرة للغاية بحكم وجود منظمات دولية مثل الوكالة الدولية للطاقة الذرية ومؤسسة منع الانتشار النووى ومنظمة التنمية الصناعية (اليونيدو) فضلًا عن المقر الثالث للًأمم المتحدة وهو المتصل بالجانب الاجتماعى فى العلاقات الدولية لاسيما قضايا منع الجريمة والمخدرات وغيرها من القضايا ذات الطابع الجنائى التى يحكمها القانون الدولى الخاص.

رابعًا: لقد تحدثت مع بعض الأصدقاء حول إمكانية تسمية العاصمة الجديدة باسم خاص، وقد رأى بعضهم رأيًا بدأت أميل إليه وهو الإبقاء على اسمها بكلمة العاصمة الجديدة وهو الاسم الذى أطلقناه عليها وعرفت به حتى الآن وفى ذلك اعتراف بوجود القاهرة العاصمة القديمة، وهى التى تكاد تتحول إلى متحف للزمان والمكان، ويكفى لأى قادم إلينا أن يقوم بالتسكع بعض الوقت فى (شارع المعز) ليعود إلى بلاده مبهورًا، كذلك فإن مساجد القاهرة وكنائسها هى تحف تاريخية نضيف إليها أكثر من سبعة معابد يهودية، فضلًا عن القصور الشامخة وقبلها كلها الأهرامات الباسقة، وهنا أقول إن زاوية النظر إلى مسجدى الرفاعى والسلطان حسن معًا هى منظر لا نظير له وفى خلفيتهما قلعة صلاح الدين، إننى لم أر مثيلًا لذلك ولا فى عاصمة العثمانيين أنفسهم، وفى القاهرة مواقع تفوق اسطنبول ذاتها فضلًا عن مجمع الأديان فى مصر القديمة حيث يتجاور المسجد والكنيسة والمعبد.

فلتبق القاهرة عاصمة تاريخية للكنانة، وتصبح العاصمة الإدارية الجديدة عاصمة للمحروسة!.

المصدر : صحيفة المصري اليوم

arabstoday

GMT 15:57 2024 الأربعاء ,10 كانون الثاني / يناير

أقباط مصر

GMT 08:51 2024 الأربعاء ,03 كانون الثاني / يناير

اعترافات ومراجعات (36).. أزمتِي مع التكنولوجيا

GMT 06:13 2020 الأربعاء ,03 حزيران / يونيو

فوائد الكورونا

GMT 07:27 2020 الأربعاء ,06 أيار / مايو

طارق حجى.. جدل الثقافة

GMT 05:52 2020 الأربعاء ,01 إبريل / نيسان

هل يتراجع إرث غاندى؟

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

تسمية العاصمة الجديدة تسمية العاصمة الجديدة



إطلالات متنوعة وراقية للأميرة رجوة في سنغافورة

سنغافورة - السعودية اليوم

GMT 16:48 2024 الثلاثاء ,16 كانون الثاني / يناير

اكتشاف بروتين يحفز إنتاج الدهون الجيدة والتخلص من السمنة

GMT 10:54 2020 الإثنين ,29 حزيران / يونيو

التفرد والعناد يؤديان حتماً إلى عواقب وخيمة

GMT 09:30 2016 الأربعاء ,11 أيار / مايو

لازم يكون عندنا أمل

GMT 05:34 2020 الثلاثاء ,28 إبريل / نيسان

"قبعات التباعد" سمحت بعودة الدراسة في الصين

GMT 11:29 2020 الخميس ,05 آذار/ مارس

أعمال من مجموعة «نجد» تعرض في دبي 9 الجاري

GMT 14:43 2017 الخميس ,30 تشرين الثاني / نوفمبر

نصائح من أجل محاربة الأرق عن طريق الوجبات الخفيفة
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
alsaudiatoday alsaudiatoday alsaudiatoday
alsaudiatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab