ضجيج الأفراح وتصوير العزاءات

ضجيج الأفراح وتصوير العزاءات

ضجيج الأفراح وتصوير العزاءات

 السعودية اليوم -

ضجيج الأفراح وتصوير العزاءات

بقلم :مصطفى الفقي

لقد كتبت كثيراً من قبل عن تقاليد الطبقة القادرة اقتصادياً والنخبة المتميزة اجتماعياً فى مناسبات الأفراح والعزاءات، وأبديت دهشتى دائماً لما نشهده فى تلك المناسبات من إسراف لا مبرر له وبذخ لا طائل من ورائه، وإذا نظرنا إلى الحدثين رغم تناقضهما واختلافهما من أفراح إلى أتراح فإننا نشير إلى المظاهر الآتية:

أولاً: إن حفل الزفاف فى «مصر»- حالياً- هو ضرب من السفه والانسياق وراء المظاهر غير المبررة وتنافس فى التفاخر الذى يعكس سطحية الرؤية وسذاجة التفكير، ولو أن هذه الأسر القادرة قد وجهت أموالها لخدمة العروسين وتأمين مستقبل أبنائهما لكان الأمر أجدى وأفضل عشرات المرات، خصوصاً أن تلك الحفلات تبدو مزعجة للغاية بما فيها من ضجيج موسيقى وغنائى لا يسمح لمن يجلس على مقعد بأن يتحدث إلى من بجواره، فالموسيقى تعلو حتى تحدث نوعاً من التلوث السمعى الذى يجعل الحاضرين فى حاجة إلى الخروج من دائرة المكان قبل أن يأتيهم الصمم، ناهيك عن وقوف الشباب يعبرون عن مشاعرهم برقصاتهم الانفعالية ولا بأس من ذلك، ولكنهم يحجبون الرؤية، حتى إننا فى كثير من حفلات الزفاف لا نرى العروس وزوجها القادم، لذلك تعلمت من الراحل د. «أسامة الباز» أن أدخل من أحد أبواب القاعة لأمضى فترة وجيزة أحاول فيها الوصول إلى والدى العروس وعريسها لتقديم التهنئة وإزجاء التحية ثم أنصرف من باب آخر، ولذلك لا تتحمس زوجتى للحضور حتى أكون خفيف الحركة فى الخروج السريع.

ثانياً: نشكو ويشكو الجميع من هذه المظاهر الخادعة، ولكننا عندما نواجه ذلك الموقف فى تزويج أبنائنا وبناتنا فإننا نمضى على نفس الطريق دون أن يملك بعضنا الشجاعة لتحويل الزفاف الصاخب إلى حفل استقبال هادئ تعطيه الموسيقى الهادئة جواً من البهجة التى تتسلل إلى النفوس، ويقف العروسان على باب الحفل هما وذووهما يستقبلون المهنئين فى سعادة وهدوء، مثلما يفعل الغربيون وغيرهم من الشعوب التى قطعت أشواطاً نحو الرفاهية الحقيقية والرقى الاجتماعى بكافة مظاهره وجوانبه، والغريب فى الأمر أننا نحن من ننتقد هذه التصرفات نجد أنفسنا مجبرين أمام عواطفنا تجاه أولادنا لنمضى على نفس الطريق فى تقليد أعمى ودون وعى حقيقى.

ثالثاً: وليدرك الجميع أن النفقات الباهظة للأفراح والمجاملات الزائدة فيها يمكن توجيهها إلى أوجه البر ورعاية الأسر المحتاجة، وأنا أتذكر أن أحد أصدقائى فى زفاف ابنته قد وضع صندوقاً فى مدخل الحفل وأبلغ كل المدعوين بأن من يريد إرسال باقة ورد للعروسين أو هدية لهما عليه أن يضع المبالغ المتاحة فى هذا الصندوق، والذى سوف يجرى توجيهه إلى مصارف الخير وأوجه البر والإحسان، وهذا تقليد يُحمد لمن فعله ويبدو قدوة يجب أن نفكر فيها.

رابعاً: أما عن العزاءات فحدث ولا حرج، حيث تفاجئنا الآن الكاميرات التليفزيونية لتصوير العزاءات فى تفاخر غير مقبول للحظاتٍ حزينة يجب أن يسود فيها الصمت والتأمل، وتتغلب فيها فلسفة الحياة والموت بدلاً من أن تتحول إلى شريط سينمائى لم يكن معتاداً من قبل، بينما الأصل فى العزاء أن ينصت الناس إلى قارئ القرآن الكريم فى عظة وخشوع بدلاً من اللقطات التليفزيونية والأحاديث التى تأتى فى غير موضعها، لأن للموت جلاله وللعزاء طقوسه، فهو تعبير عن المشاطرة فى الأحزان والمشاركة فى الخطوب.

هذه ملاحظات موجزة لأمراض اجتماعية وأعراض لثقافة وافدة تؤدى إلى سلوك إنسانى لم يكن معروفاً من قبل، ولعلى أقول هنا إن جزءاً كبيراً من تقاليدنا الاجتماعية وقيمنا الجديدة يحتاج إلى هزة كبيرة تؤدى إلى ترشيدٍ لمظاهر حياتنا والمناسبات المهمة فى مجتمعاتنا، ولعل مشهدى الزواج والوفاة هما تعبيران عن ذلك، ولقد لفت نظرى مؤخراً العزاء المشترك للرجال والنساء، كل فى ناحية داخل القاعة الواحدة، وذلك تصرف متحضر يوفر للزوج والزوجة تأدية واجب العزاء فى نفس الوقت وذات المكان!.

arabstoday

GMT 15:57 2024 الأربعاء ,10 كانون الثاني / يناير

أقباط مصر

GMT 08:51 2024 الأربعاء ,03 كانون الثاني / يناير

اعترافات ومراجعات (36).. أزمتِي مع التكنولوجيا

GMT 06:13 2020 الأربعاء ,03 حزيران / يونيو

فوائد الكورونا

GMT 07:27 2020 الأربعاء ,06 أيار / مايو

طارق حجى.. جدل الثقافة

GMT 05:52 2020 الأربعاء ,01 إبريل / نيسان

هل يتراجع إرث غاندى؟

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

ضجيج الأفراح وتصوير العزاءات ضجيج الأفراح وتصوير العزاءات



إطلالات متنوعة وراقية للأميرة رجوة في سنغافورة

سنغافورة - السعودية اليوم

GMT 16:48 2024 الثلاثاء ,16 كانون الثاني / يناير

اكتشاف بروتين يحفز إنتاج الدهون الجيدة والتخلص من السمنة

GMT 19:18 2021 الخميس ,04 شباط / فبراير

يتيح أمامك هذا اليوم فرصاً مهنية جديدة

GMT 00:36 2017 الثلاثاء ,12 كانون الأول / ديسمبر

5 طرق لتنظيف السيراميك والأرضيات من الطبيعة

GMT 16:43 2021 السبت ,13 شباط / فبراير

بناطيل هوت كوتور ربيع 2021 من أسبوع باريس

GMT 12:48 2020 الأربعاء ,15 إبريل / نيسان

جامعة سعودية تتوصل لنتائج تقضى على فيروس كورونا

GMT 13:28 2019 الثلاثاء ,05 تشرين الثاني / نوفمبر

عادل عصمت يناقش "الوصايا" في نادي ركن الياسمين

GMT 19:49 2018 الأربعاء ,19 كانون الأول / ديسمبر

"البيت الأبيض" يُعلن سحب قوات بلاده من سورية

GMT 19:12 2018 الإثنين ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

فورد إكسبلورر 2020 الجديدة تظهر بتمويهات خفيفة

GMT 03:54 2018 الخميس ,30 آب / أغسطس

ترشيح أحمد السقا لبطولة فيلم "أشرف مروان"
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
alsaudiatoday alsaudiatoday alsaudiatoday
alsaudiatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab