بقلم : عماد الدين أديب
فى دراسة غير موثقة يتم تقدير -مبدئى- للخسائر المباشرة للصراعات والتوترات فى منطقة الشرق الأوسط منذ عام 2011 حتى النصف الأول من هذا العام، ما بين تريليون ونصف التريليون، وتريليون وسبعمائة مليار دولار!
ويزداد الرقم فداحة إذا حسبنا الفرص الضائعة على المنطقة نتيجة هذه الصراعات وكلفة إعادة تعويض وإعمار وإعادة بناء ما نتج من دمار نتيجة هذه الصراعات.
أما الخسائر البشرية فهى أمر لا يقدر بمال ولا يمكن تعويضه، وتتحدث الأرقام عن فقدان العالم العربى أكثر من مليون وثمانمائة ألف قتيل و4.5 مليون مصاب و16 مليون لاجئ و6 ملايين نازح.
ويزداد هذا الرقم إذا أضفنا إليه حروب جنوب السودان والصومال وشهداء فلسطين فى مواجهة الاحتلال الإسرائيلى.
نتيجة ذلك أصبح العالم العربى أكبر مشترٍ للسلاح فى العالم، فى الوقت الذى تزداد فيه معدلات البطالة، وينخفض فيه رصيد الصناديق السيادية العربية التى تعانى من نزيف عدم الاستقرار والفوضى والحروب الأهلية وصراعات المنطقة.
وبالتالى يتراجع الوجود العربى فى مؤشرات جودة الحياة، والانتعاش الاقتصادى والفوائض المالية على مستوى العالم.
ذلك كله يتم فى عهد وعصر لا يفكر فيه الرئيس الأمريكى، والرئيس الروسى، والرئيس الصينى، والرئيس الفرنسى فى عالمنا العربى إلا من منظار واحد، وهو «منظار شفط ما تبقى من أرصدة مالية فى الصناديق السيادية العربية».
هذه الصورة البائسة المؤلمة المكلفة تضغط بشكل هائل ومخيف على صناع القرار فى المنطقة مما جعلهم يشعرون -رغماً عنهم- بحالة من «الإنهاك السياسى».
أهم علامات حالة الإنهاك السياسى هى سعى الذين يعانون منها إلى محاولة التخلص من آثارها بأقل خسائر ممكنة، وأحياناً محاولة الخروج اليائس منها فى أسرع وقت بأى ثمن.
من هنا يمكن تفسير كثير من التحركات الإيرانية والتركية والقطرية، ورسائلهم عبر الوسطاء الإقليميين والدوليين على أنها تعبر عن حالة الإنهاك التى يعانون منها.
ثلاثتهم، إيران وتركيا وقطر، يدفعون ثمناً مستحقاً لسياسات المغامرات والتوسعات الإقليمية من خلال العقوبات الدولية والإقليمية المفروضة عليهم فى الخمس سنوات الأخيرة.
يبقى السؤال الجوهرى الكبير: هل ثلاثتهم سوف يبدون مرونة وندماً ورغبة فى إصلاح وترميم أخطائهم وخطاياهم أم هى مجرد تمثيلية هدنة لالتقاط الأنفاس ورفع العقوبات؟!