واشنطن وطهران تتعاونان ماذا عن العرب

واشنطن وطهران تتعاونان... ماذا عن العرب ؟

واشنطن وطهران تتعاونان... ماذا عن العرب ؟

 السعودية اليوم -

واشنطن وطهران تتعاونان ماذا عن العرب

عريب الرنتاوي

بحسابات “التكتيك” الأمريكية، كان من الضروري استبعاد إيران عن خريطة “ التحالف الدولي ” العريض الذي عملت على إنشائه لمواجهة “داعش”، أقله في المراحل التأسيسية الأولى لتشكيل هذا التحالف، ذلك أن دولاً عربية وازنة، ما كانت لتبدي حماسةً ظاهرة لتشكيل هذا الائتلاف، لا بل، فقد تعيّن على واشنطن أن تنفي المرة تلو الأخرى، نيتها إشراك طهران في الحرب على “داعش”، من أجل خلق أجواء نسبية من الارتياح في أوساط حلفائها من “ عرب الاعتدال ”، لتسهيل اندراجهم في حلفها الكوني.

لكن حبل الكذب قصير، مهما طال وتطاول ... ففيما كانت التصريحات الأمريكية النافية لوجود اتصالات مع إيران بشأن داعش والحرب عليها في العراق وسوريا، كانت طهران تسخر من الناطقين الأمريكيين، وتكشف عن عروض أمريكية للتعاون تلقتها عبر قنوات خلفية، مجددة استخفافها بالائتلاف والمساعي الأمريكية، نافيةً أن تكون في وارد التعاون مع “الشيطان الأكبر”، حتى أنها كشفت عن رفض إيراني للتعامل مع المقترحات والأفكار الأمريكية بهذا الصدد.

واشنطن “كذبت” بشأن نواياها المضمرة، وهي كذبت بشأن “عدم وجود اتصالات” ... في المقابل، صدقت طهران في تأكيدها وجود مثل هذه الاتصالات والمحاولات الأمريكية لطلب التعاون، بيد أنها “كذبت” بشأن رفض إيران التعاون مع واشنطن في هذا المضمار، فإيران تريد تعاوناً مع واشنطن، لكنها تريده بشروط مواتية، وبما يخدم استراتيجيتها هي بالذات، ولا الاستراتيجية الأمريكية الغامضة والملتبسة، والتي تخفي أكثر مما تظهر بشأن مستقبل حملتها على الإرهاب وأهدافها ومداياتها و”أعراضها الجانبية”.

مرة أخرى، يشعر “ عرب الاعتدال ” بالخذلان الأمريكي ... لقد لدغوا من ذات الجحر مرات عديدة، فها هي الولايات المتحدة تعود فتؤكد رغبتها إشراك إيران في حربها على الإرهاب، بل ويصرح وزير خارجيتها بأن لكل دولة –مسمياً إيران بالاسم – دوراً في مقاتلة “داعش” ... وها هم الناطقون باسم إدارة أوباما يكشفون تباعاً عن اتصالات جرت بالفعل، وعبر غير قناة، مع إيران بهدف إدماجها في هذه الحرب.

على أية حال، نحن ننظر بإيجابية للمقاربة الأمريكية المنفتحة على مختلف دول الإقليم ومحاوره، بهدف توحيد الجهود لمحاربة التطرف والإرهاب ... فقد تكون إيران جزءاً من المشكلة في بعض ملفات المنطقة وأزماتها المشتعلة، ولكن من قال إن “الآخرين” ليسوا كذلك؟ ... من قال إن دولة بحجم إيران وتأثيرها، لا يمكنها أن تكون جزءا من الحل كذلك، وهل استبعاد إيران وعزلها يمكن أن يساعد في إنجاز أهداف الحرب على الإرهاب؟ ... ألم يفض عزل إيران واستبعادها، إلى تعقيد كثير من أزمات المنطقة المعقدة أصلاً؟ ... ألم يكن للتفاهمات الأمريكية – الإيرانية، دورها في “حلحلة” استعصاء أزمة نوري المالكي في العراق وتشكيل حكومة ما بعد الانتخابات؟

العرب لا يتعلمون الدرس، هم يسلكون الطريق ذاته باستمرار، ويتوقعون في كل مرة، أن يصلوا إلى نهاية مختلفة ... ولهذا السبب نراهم يدخلون في معارك وحروب، تحت الراية الأمريكية، ومن دون أية ضمانة من أي نوع، لأن تصب نتائج هذه الحروب و”الكوارث” في خدمة مصالحهم .

لقد كان يتعين على “ عرب الاعتدال ” أن يدركوا منذ “مفاجأة مسقط” على أقل تقدير، أن واشنطن وطهران، ماضيتان إلى فتح صفحة جديدة من التعاون بدل الصراع ... صفحة لا تستبعد تناقض المصالح واصطدامها، بل تلحظ ذلك وتعيد تنظيمه في إطار من “الاحتواء المنظم” للمشكلات ... وكان عليهم أن يبادروا هم أنفسهم إلى العمل على إشراك إيران في جهودهم لمحاربة الإرهاب، إن كانوا جادين في خوض غمار هذه الحرب أصلاً ... وبدل أن تدفع طهران لواشنطن، فواتير التعاون والتنسيق، كان من الممكن للعرب أن يتقاضوا قيمة هذه الفواتير، ولكن هيهات أن يدرك هؤلاء، أن واشنطن لم تعد سيدة العالم طليقة اليدين، وأن بمقدورهم أن يوسعوا هوامش حرية الحركة واستقلالية الموقف والقرار عن الدولة الأعظم.

على أننا ونحن نلاحظ انبعاث “ تحالف الضرورة ” بين واشنطن وطهران للمرة الثالثة في أقل من 13 سنة (الأولى والثانية، كانتا في أفغانستان والعراق)، ندرك أن “فجوة المصالح والمواقف” بين الدولتين ما زالت على اتساعها، وبالأخص في سوريا ولبنان، ومن المؤكد أن هذه الفجوة ستقرر أحجام وأشكال التنسيق ومستويات التعاون بين الجانبين ... لكن أليست هذه هي الفكرة الجوهرية، وراء نشؤ كافة أشكال الائتلافات والتحالفات؟

على أية حال، إن قُدّر للتعاون الأمريكي – الإيراني أن يبلغ خواتيمه السارة لكل منهما، فأحسب أن “الحليفين اللدودين” يكونان قد ضمنا من الآن، أن نتائج “التسونامي” الذي ستشهده المنطقة في قادمات السنين، سيصب في خدمة مصالحهما المشتركة وغير المشتركة... وأخشى أن العرب، سيكونون وقود هذه الحرب ومموليها وأكبر الخاسرين بنتيجتها، وفي أحسن السيناريوهات، سيخرجون من “المولد بقليل من الحمص”.

arabstoday

GMT 15:09 2024 الأربعاء ,17 كانون الثاني / يناير

ابنه البكر

GMT 15:08 2024 الأربعاء ,17 كانون الثاني / يناير

... إنّها حرب تطالبنا بأن ننسى كلّ شيء تقريباً

GMT 15:07 2024 الأربعاء ,17 كانون الثاني / يناير

المشعوذون القدامى... والجُدد

GMT 15:04 2024 الأربعاء ,17 كانون الثاني / يناير

الدول العربية «المضروبة»

GMT 15:03 2024 الأربعاء ,17 كانون الثاني / يناير

حانت لحظة الرحيل

GMT 15:02 2024 الأربعاء ,17 كانون الثاني / يناير

الأسئلة الصعبة

GMT 15:01 2024 الأربعاء ,17 كانون الثاني / يناير

من غزو العراق... إلى حرب غزّة

GMT 15:00 2024 الأربعاء ,17 كانون الثاني / يناير

عن رسالة بوريل ومستقبل أوروبا

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

واشنطن وطهران تتعاونان ماذا عن العرب واشنطن وطهران تتعاونان ماذا عن العرب



إطلالات متنوعة وراقية للأميرة رجوة في سنغافورة

سنغافورة - السعودية اليوم

GMT 01:25 2017 الأربعاء ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

رائد محسن يكشف كيفية تربية الأطفال بالطرق الصحيحة

GMT 17:06 2018 الإثنين ,03 أيلول / سبتمبر

جرائم الكيان المعنوي للحاسب الآلي

GMT 12:53 2017 الأحد ,29 تشرين الأول / أكتوبر

مدرب النصر يمنح حسام غالي الفرصة الأخيرة لتحسين الأداء

GMT 04:43 2017 الجمعة ,20 تشرين الأول / أكتوبر

مجموعة ساحرة من خواتم الأصبعين الثنائية من

GMT 11:18 2021 السبت ,30 كانون الثاني / يناير

أغلى السيارات التي طرحت عبر تاريخ الصناعة

GMT 14:22 2020 الجمعة ,25 أيلول / سبتمبر

وفاة شقيق الفنان محمود حميدة

GMT 22:52 2020 السبت ,02 أيار / مايو

أبرز 6 شخصيات عربية على موقع "يوتيوب"

GMT 08:20 2019 الخميس ,07 تشرين الثاني / نوفمبر

!الوهم الأبیض
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
alsaudiatoday alsaudiatoday alsaudiatoday
alsaudiatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab