موسكو وواشنطن «الأفغنة» و«الفتنمة»

موسكو وواشنطن... «الأفغنة» و«الفتنمة»

موسكو وواشنطن... «الأفغنة» و«الفتنمة»

 السعودية اليوم -

موسكو وواشنطن «الأفغنة» و«الفتنمة»

عريب الرنتاوي

ثمة حدود لما يمكن للأطراف المناهضة للتدخل الروسي في سوريا أن تفعله، لجعل مهمة الكرملين فيها صعبة للغاية، إن لم نقل مستحيلة ... حتى الآن، بدا واضحاً أن واشنطن عازمة على تدعيم قدرات المسلحين الأكراد، وبعض حلفائهم من الفصائل المسلحة العربية (المعتدلة)، بأسلحة نوعية متطورة، لا تصل حد تقديم أسلحة مضادة للطائرات ... السعودية ذهبت أبعد من واشنطن، وسلمت لفصائل على صلة وثيقة بـ “النصرة” أسلحة مضادة للدروع من طراز “تاو”.
ذلك أن  لكل فعل ردّ فعل مقابل له، ولكل فريق من الأفرقاء المتورطين في الأزمة السورية “كعب اخيله”، الذي يمكن أن يؤتى منه، فروسيا تمتلك بدورها منظومات متحركة وسهلة الحمل، من الأسلحة المضادة للدروع والطائرات، وإذا بلغ الأمر عند البعض حد المجازفة بإعادة انتاج سيناريو “الأفغنة” في سوريا، فإن لدى موسكو القدرة بدورها على إعادة انتاج سيناريو “الفتنمة” في كل من اليمن وسوريا والعراق وحتى في تركيا.

في كل ساحة من هذه الساحات، ثمة خصوم للتدخل الروسي، هؤلاء ينشرون أيضاً قوات مدرعة، ولديهم طائرات حربية وعامودية تحلق في الأجواء، ولديهم خصومهم من المحاربين على هذه الساحات، الذين يتطلعون بشوق بالغ، للحصول على أسلحة نوعية بدورهم، وهم سيكونون أكثر من سعداء، إن بلغ الصراع بين موسكو وحلفائها من جهة، والولايات المتحدة وحلفائها من جهة ثانية، حد الانزالاق إلى قعر الهاوية، بدل الوقوف عند حافتها.

أياً يكن من أمر، لقد أثار التدخل الروسي في سوريا، حداً من الخلاف والانقسام، فاق توقعات وتقديرات كثرة من المراقبين، وفي ظني أن السبب وراء ذلك، لا يكمن في اختلاف الأجندات وتباين الأولويات فحسب، بل يعود إلى “اختلاف الأثر” الذي أحدثه كل من التدخلين العسكريين، الأمريكي والروسي، على مسرح المعارك وساحات القتال في سوريا .... فروسيا أنجزت في أسبوعين ما لم ينجزه تحالف الدولي في أكثر من سنة، بدلالة حجم الأهداف المضروبة، ونوعية القوى والأفراد الذين تم “تحييدهم” بفعل التدخلين، والمكاسب على الأرض التي حققها حلفاء كل فريق، والكفة ترجح حتى الآن، وبجميع هذه المقاييس، لصالح الجانب الروسي وحلفائه.

لا يعني ذلك، أن للسلاح الروسي قدرة أعلى وتقنية أرقى تمكنه من تحقيق النتائج المرجوّة ... فارق الأثر بين “التدخلين” إنما يعود لأسباب أخرى عديدة، أهمها اثنان: الأول، اختلاف الإرادات السياسية والأهداف الكامنة وراء قرار التدخل ... هنا موسكو تنظر لتدخلها في سوريا، بوصفه اختباراً لدورها كقوة دولية عظمى، ودفاعاً مباشراً عن أمنها الداخلي، وسنداً لقاعدتها وموطئ قدمها الوحيد على المتوسط وفي المياه الدافئة، بينما لا تجد واشنطن في سوريا “كنزاً استراتيجياً” كذلك الذي يلتمع في عيون القادة الروسي.

والثاني، أن لروسيا قوات حليفة صلبة تقاتل على الأرض، بخلاف الحال بالنسبة لواشنطن التي فشلت فشلاً ذريعاً في مشروع بناء وتدريب قوة مسلحة “معتدلة”، ولا تستطيع أن تذهب حتى نهاية الشوط في دعم فصائل تجمعها بجبهة “النصرة” نظرية “الأواني المستطرقة”، حيث كل سلاح يصل إلى أيدي هذا الطرف، ينتقل تلقائياً إلي أيادي الأطراف الأخرى، ولهذا رأينا واشنطن، تبحث بدقة وحذر عن حلفاء جديرين بامتلاك أسلحتها النوعية، فوجدت ضالتها في وحدات الحماية الشعبية الكردية.

التقدم الروسي على الأرض وفي السماء، كشف الحدود المتواضعة لمنجزات التحالف الدولي ضد داعش والإرهاب، حتى أن التقارير و”التسريبات” التي تصدر عن واشنطن، تنطوي على فضائح موصوفة في هذا المجال، أول هذه التقارير تحدث عن “تزوير” رسمي متعمد في التقارير عن إنجازات الضربات الجوية الأمريكية، والتقرير الزائف الثاني، يكشف الحدود المتواضعة لطلعات “الدرون” والأعراض الجانبية الكارثية التي تصاحب عملياتها، بما فيها سقوط مدنيين أبرياء.

والتقدم الروسي على الأرض وفي السماء، سيمكن روسيا من أن تكون “اللاعب الرئيس” في الأزمة السورية، واشنطن قبلت بها “لاعباً رئيساً”، وهذا أقصى ما يمكن لكبرياء الدولة الأعظم أن يحتمله ويتجرعه ... هنا تبدو واشنطن بأمس الحاجة، لتقليص هذا الدور، وشيطنته، والتقليل من شأن منجزاته، وهذا أمر لا يحتاج لأكثر من غرفة عمليات إعلامية نشطة، بمتطوعين عرب كثر وفاعلين، طالما أن الإعلام بات يلعب دوراً مؤثراً جداً في حسم الحروب وتقرير نتائج المعارك.
من يتتبع الموقف الأمريكي من التدخل الروسي في سوريا، سيكتشف حجم التخبط والإرتباك في الأداء السياسي ... في بواكير هذا التدخل، شدد الرئيس باراك أوباما على أن بلاده لا تنوي الدخول في “حرب بالوكالة” مع روسيا، واعرب عن اعتقاده بأن الفرصة ما زالت مفتوحة للعمل مع روسيا في سبيل حل سياسي للأزمة ... تصريحات المسؤولين الأمريكيين في الأيام الأخيرة، تشي بخلاف ذلك، وتدفع على الاعتقاد بان “حرب الوكالة” قد بدأت، وأنها لم تعد احتمالاً مجرداً أو بعيدا.

هل نحن أمام خلافات وتباينات داخل مؤسسات صنع القرار والسياسة في واشنطن، أم أننا أمام تبدل وتغير في المقاربة الأمريكية حيال مسألة التدخل الروسي بخاصة؟ ... هل نحن أمام مواقف “صلبة” و”قطعية” من هذه المسألة، أم أننا  ما زلنا في إطار لعبة “عض الأصابع” بهدف تحسين شروط التفاوض؟ .... هل نحن أمام خلافات أمريكية داخلية حقاً، أم أننا أمام لعبة “تقاسم الأدوار وتوزيعها” لاحتواء غضب الحلفاء في تركيا والخليج، وامتصاص انفعالاتهم؟ ... أسئلة وتساؤلات، من السابق لأوانه، المجازفة بتقديم إجابات قطعية عليها.

arabstoday

GMT 15:09 2024 الأربعاء ,17 كانون الثاني / يناير

ابنه البكر

GMT 15:08 2024 الأربعاء ,17 كانون الثاني / يناير

... إنّها حرب تطالبنا بأن ننسى كلّ شيء تقريباً

GMT 15:07 2024 الأربعاء ,17 كانون الثاني / يناير

المشعوذون القدامى... والجُدد

GMT 15:04 2024 الأربعاء ,17 كانون الثاني / يناير

الدول العربية «المضروبة»

GMT 15:03 2024 الأربعاء ,17 كانون الثاني / يناير

حانت لحظة الرحيل

GMT 15:02 2024 الأربعاء ,17 كانون الثاني / يناير

الأسئلة الصعبة

GMT 15:01 2024 الأربعاء ,17 كانون الثاني / يناير

من غزو العراق... إلى حرب غزّة

GMT 15:00 2024 الأربعاء ,17 كانون الثاني / يناير

عن رسالة بوريل ومستقبل أوروبا

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

موسكو وواشنطن «الأفغنة» و«الفتنمة» موسكو وواشنطن «الأفغنة» و«الفتنمة»



إطلالات متنوعة وراقية للأميرة رجوة في سنغافورة

سنغافورة - السعودية اليوم

GMT 17:04 2021 الخميس ,07 كانون الثاني / يناير

حظك اليوم برج الدلو الخميس 7 يناير/كانون الثاني 2021

GMT 16:31 2021 الخميس ,07 كانون الثاني / يناير

حظك اليوم برج العذراء الخميس 7 يناير/كانون الثاني 2021

GMT 15:06 2017 الخميس ,30 تشرين الثاني / نوفمبر

إطلالة رائعة لسارة سلامة في جلسة تصوير جديدة

GMT 09:43 2019 الأربعاء ,09 تشرين الأول / أكتوبر

كاريلو يكشف عن كواليس البقاء مع "الهلال"

GMT 03:32 2017 الخميس ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

مروان الشوربجي يودع ربع نهائي بطولة قطر للاسكواش

GMT 10:08 2017 الإثنين ,09 تشرين الأول / أكتوبر

اتحاد جدة ينهيء الشعب المصري بالصعود إلى كأس العالم

GMT 13:33 2017 الأحد ,01 تشرين الأول / أكتوبر

محمد عساف يغني في 5 مدن كندية دعماً لأطفال فلسطين
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
alsaudiatoday alsaudiatoday alsaudiatoday
alsaudiatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab