من داعش إلى بوكو حرام  أين الإسلام المعتدل

من "داعش" إلى "بوكو حرام" ... أين الإسلام المعتدل؟!

من "داعش" إلى "بوكو حرام" ... أين الإسلام المعتدل؟!

 السعودية اليوم -

من داعش إلى بوكو حرام  أين الإسلام المعتدل

عريب الرنتاوي

جريمة الاختطاف النكراء، التي قارفتها "بوكو حرام"، واشتملت على خطف أكثر من مائتي طفلة، لعرضهن في سوق النخاسة، ليست سوى فصلٍ بشع آخر، من الفصول الإجرامية التي اعتادت هذه الجماعة الإرهابية على اقترافها ... هذه المرة، العالم تحوّل صوب نيجيريا، لمساعدة الحكومة على استعادة هؤلاء الفتيات إلى بيوتهن آمنات.
البعض يصف بوكو حرام بـ "داعش أفريقيا"، ونحن نفضل وصف داعش بـ "بوكو حرام سوريا والعراق" ... طينة هذه من عجينة تلك، وهما المدرستان الأكثر غلواً وإمعاناً في القتل والتنكيل ... ولأنهما كذلك، فقد استدعيتا أوسع حملات الإدانة واستنكار، واستنهضتا أوسع جبهة من الخصوم والأعداء، والتي تبدأ بعشائر البيئة الحاضنة، ولا تنتهي بالولايات المتحدة، مروراً بمروحة واسعة من الدول والكيانات والمنظمات.
المؤسف حقاً، أن جرائم هذه المنظمات، وخطابها السياسي الفكري الشاذ، لم يستثر ردّات فعل كافية من قبل حركات الإسلام السياسي المعتدلة، فهذه، وإن كانت تنأى بنفسها عن خطاب بوكو حرام وممارساتها، إلا أنها لم تبذل ما يكفي من الجهد، في تفنيد هذا الخطاب وإدانة هذه الممارسات، حتى أننا بالكاد نعثر على بيان إدانة واحد، لممارسات هذه القوى وجرائمها، ولنا أن نتخيل كيف كانت ردات فعل هؤلاء لتكون، لو أن بوكو حرام، منظمة غير "إسلامية"، وضحاياها من الفتيات المسلمات؟!
لا يكفي أن نقول إن الإرهاب لا دين له، فضحايا الإرهاب كذلك، يستحقون كل الدعم والتعاطف، بصرف النظر عن خلفياتهم الدينية والقومية والعرقية، وهم يستحقون منا أوسع حملات التضامن والإسناد، أقله حتى لا نصاب بداء "ازدواجية المعايير" ومرض "الكيل بمكيالين".
لقد وجدنا في بعض الأحيان، محاولات للتعبير عن "تفهم" الأسباب والدوافع التي تقود أمثال هذه المنظمات للقيام بما تقوم به من جرائم ... كأن يقال إن جرائم داعش هي من فعل النظام وتخطيطه، أو بسبب قسوته وجبروته ... أو أن يقال إن الإرهاب الذي يضرب مصر، هو بفعل "الانقلاب" وأحد تداعياته ... أو أن يُرد إجرام بوكو حرام إلى تمييز يتعرض له المسلمون في تلك البلاد ... مثل هذه المقاربات، ليست غير صحيحة فحسب، بل وتشكل تغطية مباشرة لجرائم هؤلاء، وتلقي بظلال من الشك حول قدرة ما يسمى "الإسلام المعتدل" على تمييز نفسه عن الجريمة التي تقترف بدثار إسلامي، بل وتعد اختباراً حاسماً لـ "اعتدال" هذه المدارس، وما إذا كان اعتدالها جذرياً وعميقاً، أم لحظياً و"انتهازياً".
إن ساحة الحرب ضد بوكو حرام، هي واحدة من ساحات الحرب المفتوحة ضد الإرهاب المتدثر بلبوس الإسلام ... وهي حرب تتخذ شكل المواجهات العسكرية المفتوحة (لا الأمنية فحسب) ... فما يجري في اليمن، هي حرب يخوضها الجيش بكامل تشكيلاته الحربية وقواته المشتركة ... وما يجري في مصر، وتحديداً في سيناء، هي حرب بكل ما للكلمة من معاني وأبعاد ... وما يجري في العراق، هي حرب تستنفذ طاقات الجيش العراقي بكافة أسلحته ... وما يجري في سوريا، هو التعبير الأكثر صخباً عن انتقال الحرب على الإرهاب، من المستوى الأمني إلى المستوى العسكري الاستراتيجي ... ومثل هذه المعارك، تجري الآن بقدر أقل إثارة، في كل من لبنان والجزائر وتونس وليبيا.
والأردن معني بهذه الحرب، رغم أنه تمكن من احتواء مخاطرها، بفعل اليقظة والمهنية العاليتين للقوات المسلحة والأجهزة الأمنية، وبفعل يقظة الأردنيين ووعيهم ... لكن ذلك لا يعني للحظة واحدة، أن الخطر قد أزيح عن طريقنا، وأننا أمام مستقبل خالٍ من التهديدات الإرهابية، فالإرهاب يحيط بنا من جهاتنا الثلاث، وللإرهاب "موطئ قدم" في داخلنا ... والمطلوب من الأردنيين جميعاً، دولة ومجتمع، حكومة ومعارضة، العمل بروح الفريق الواحد للتصدي لهذه الآفة.
والمطلوب من الحركة الإسلامية الأردنية بمختلف مكوناتها، ألا تكتفي بعد الآن، بالقول إنها لا تنتمي لهذه المدرسة، وأن مدرستها هي عنوان للوسطية والاعتدال ... المطلوب منها أكثر من أي وقت مضى، أن تتصدى سياسياً وفكرياً وفقهياً لهذه المدارس الشاذة، وأن تبذل جهداً فكرياً في عزلها وتنحيتها، والبرهنة على أن الإسلام براء من خطابها وممارساتها ... المطلوب توجه فكري جاد، يبدد أية مساحات رمادية في خطاب هذه الحركات حيال هذه الجماعات، بدءاً بالتوقف عن "التفسير" و"التبرير" و"الشرح" و"التعليل"، والذي غالباً ما يؤول إلى فهم وتفهم مقلقين.

 

arabstoday

GMT 15:09 2024 الأربعاء ,17 كانون الثاني / يناير

ابنه البكر

GMT 15:08 2024 الأربعاء ,17 كانون الثاني / يناير

... إنّها حرب تطالبنا بأن ننسى كلّ شيء تقريباً

GMT 15:07 2024 الأربعاء ,17 كانون الثاني / يناير

المشعوذون القدامى... والجُدد

GMT 15:04 2024 الأربعاء ,17 كانون الثاني / يناير

الدول العربية «المضروبة»

GMT 15:03 2024 الأربعاء ,17 كانون الثاني / يناير

حانت لحظة الرحيل

GMT 15:02 2024 الأربعاء ,17 كانون الثاني / يناير

الأسئلة الصعبة

GMT 15:01 2024 الأربعاء ,17 كانون الثاني / يناير

من غزو العراق... إلى حرب غزّة

GMT 15:00 2024 الأربعاء ,17 كانون الثاني / يناير

عن رسالة بوريل ومستقبل أوروبا

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

من داعش إلى بوكو حرام  أين الإسلام المعتدل من داعش إلى بوكو حرام  أين الإسلام المعتدل



إطلالات متنوعة وراقية للأميرة رجوة في سنغافورة

سنغافورة - السعودية اليوم

GMT 01:25 2017 الأربعاء ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

رائد محسن يكشف كيفية تربية الأطفال بالطرق الصحيحة

GMT 17:06 2018 الإثنين ,03 أيلول / سبتمبر

جرائم الكيان المعنوي للحاسب الآلي

GMT 12:53 2017 الأحد ,29 تشرين الأول / أكتوبر

مدرب النصر يمنح حسام غالي الفرصة الأخيرة لتحسين الأداء

GMT 04:43 2017 الجمعة ,20 تشرين الأول / أكتوبر

مجموعة ساحرة من خواتم الأصبعين الثنائية من

GMT 11:18 2021 السبت ,30 كانون الثاني / يناير

أغلى السيارات التي طرحت عبر تاريخ الصناعة

GMT 14:22 2020 الجمعة ,25 أيلول / سبتمبر

وفاة شقيق الفنان محمود حميدة

GMT 22:52 2020 السبت ,02 أيار / مايو

أبرز 6 شخصيات عربية على موقع "يوتيوب"

GMT 08:20 2019 الخميس ,07 تشرين الثاني / نوفمبر

!الوهم الأبیض
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
alsaudiatoday alsaudiatoday alsaudiatoday
alsaudiatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab