ما بعد خطاب الرئيس عباس

ما بعد خطاب الرئيس عباس

ما بعد خطاب الرئيس عباس

 السعودية اليوم -

ما بعد خطاب الرئيس عباس

عريب الرنتاوي

نعرف الآن، أن السلطة ورئيسها لن يعودا مجددا لدائرة المفاوضات العبثية المغلقة والمفرغة ... انتهى عصر المفاوضات الثنائية المفتوحة، بلا رزنامة ولا خط نهاية، ليحل محلها عصر المفاوضات المجدولة والمبرمجة وقصيرة الأمد ... انتهت صلاحية الوكالة الأمريكية الحصرية للمفاوضات، لتحل محلها الأمم المتحدة ومجلس الأمن والشرعية الدولية ... انتهت «عملية السلام» كما عرفناها، لتحل محلها «عملية إنهاء الاحتلال» المُفضيةِ للدولة واستتباعاً للسلام.

هذه الأسطر القليلة، تلخص خطاباً تاريخياً للرئيس محمود عباس في الأمم المتحدة، صيغ بعناية فائقة، وكان مشحوناً بشحنات عاطفية لامست شغاف قلوب أعضاء الجمعية العامة للمنتظم الدولي، الذين وقفوا مصفقين لرئيس دولة فلسطين ... وحدها واشنطن (وإسرائيل من باب تحصيل الحاصل)، رأته خطاباً استفزازياً وخطوة في غير محلها، معبرة عن خيبتها للغته ومضمونه.

وأحسب أن القضية الفلسطينية قد دخلت بعد هذا الخطاب، مرحلة جديدة، رسمياً على الأقل ... لن تنفع معها أبداً الوسائل والأدوات وأشكال الكفاح القديمة ... لن ينفع معها، استمرار حالة «الانتظار»، أو حتى الركون على الفعل الدبلوماسي وحده، أو استدرار المبادرات الدولية، الأوروبية حصراً، التي لم تنضج شروطها بعد، وقد تأتي بما لا تشتهيه سفن المرحلة الفلسطينية القادمة.

إسرائيل لن تقبل إلا مرغمة، بخيار الذهاب إلى مفاوضات قصيرة تنتهي بإنهاء الاحتلال ... هذا فوق طاقة نتنياهو وحكومته وائتلافه، بل وحتى فوق طاقة حزب العمل ومعسكر السلام في إسرائيل على الاحتمال ... من وجهة نظر إسرائيل، هذا ليس خياراً على الإطلاق، وهي لن تقبل به، إلا مكرهة، وتحت أشد الضغوط.

وواشنطن سترى في خطاب عباس نكوصاً عن الاتفاقات والتعهدات المبرمة، بل وخطوة أحادية الجانب ... هي رأت ذلك وصرّحت به في معرض التعبير عن الغضب من خطاب الرئيس ... ولكن حتى بفرض قبول واشنطن بوجهة نظر الفلسطينيين، فليس في الأفق القريب ولا المتوسط، ما يشير إلى أن واشنطن ستكون جاهزة لممارسة ضغط على إسرائيل للجنوح لخيار التسوية النهائية والصفقة الشاملة، المُنهية للاحتلال.

ما العمل والحالة كهذه؟
ليس ثمة من وسيلة غير الشروع في بلورة استراتيجية فلسطينية جديدة، تنطلق أساساً من أن مشوار الحرية والاستقلال، وطريق العودة والدولة والعاصمة، ما زال مديداً ومريراً ... وعليه، لا بد من التفكير بتوظيف كل أوراق الضغط والقوة و»تخليق» المزيد منها، لإجبار إسرائيل، على إعادة النظر في مواقفها المتعنتة وتكسير شأفة العدوانية والتوسعية الاستيطانية الإسرائيلية، وإقناع واشنطن، بأن طريق الأمن والاستقرار في الإقليم، يمر حتماً بحل القضية الفلسطينية حلاً عادلاً ومشرفاً.

هنا، لم يأت خطاب الأمم المتحدة بأي جديد، غير التعهد بمعاقبة إسرائيل على جرائمها، والتشديد على «عدم الصفح والتسامح والنسيان، وهذا تطور على أهميته، لا يشكل سوى واحد من محاور الاستراتيجية الفلسطينية الجديدة، التي وإن كثر الحديث عنها، وكشف عن كثير من عناصرها ومكوناتها، وثمة ما يشبه الإجماع على إلحاحيتها وأهميتها، إلا أنها لم تجد بعد، طريقها إلى حيز «التبني الرسمي» أو إلى التنفيذ.

نبدأ بالسلطة والحاجة لبناء توافق وطني فلسطيني على إعادة تعريف موقعها ودورها ووظيفتها وطبيعة علاقاتها بالاحتلال وتنسيقها الأمني معه ... ونمر بهياكل منظمة التحرير الهرمة والشائخة، والتي آن أوان بعثها من جديد وتفعيل مؤسساته ومنظماتها الشعبية ومكاتبها وسفاراتها، وترميم الجسور المتهدّمة بينها وبين جماهير شعبها في الأرض المحتلة ودول الطوق والشتات ... وتعزيز الوحدة الوطنية المبنية على قدر كبير من المصارحة والشفافية والحوار الاستراتيجي العميق، المتخطي للغرف المغلقة في مبنى المخابرات العامة المصرية، إلى الرأي العام الفلسطيني في الداخل والخارج ... حوار يفضي إلى بناء توافق وطني حول أهداف المرحلة وأشكال النضال والنظام السياسي الفلسطيني وكل ما يتصل بتعزيز صمود الفلسطينيين على أرضهم وتطوير أشكال مقاومتهم للاحتلال والاستيطان والحصار.

نأمل أن يكون خطاب الأمم المتحدة، نهاية طريق وبداية أخرى، وأن يُستتبع بما يستوجبه ويمليه من خطوات تكتيكية واستراتيجية، حتى لا يظل مجرد «فشة خلق» أو طلقة في الهواء ... بل بداية حقبة جديدة، في مشوار الشعب الفلسطيني نحو الحرية والاستقلال.

arabstoday

GMT 15:09 2024 الأربعاء ,17 كانون الثاني / يناير

ابنه البكر

GMT 15:08 2024 الأربعاء ,17 كانون الثاني / يناير

... إنّها حرب تطالبنا بأن ننسى كلّ شيء تقريباً

GMT 15:07 2024 الأربعاء ,17 كانون الثاني / يناير

المشعوذون القدامى... والجُدد

GMT 15:04 2024 الأربعاء ,17 كانون الثاني / يناير

الدول العربية «المضروبة»

GMT 15:03 2024 الأربعاء ,17 كانون الثاني / يناير

حانت لحظة الرحيل

GMT 15:02 2024 الأربعاء ,17 كانون الثاني / يناير

الأسئلة الصعبة

GMT 15:01 2024 الأربعاء ,17 كانون الثاني / يناير

من غزو العراق... إلى حرب غزّة

GMT 15:00 2024 الأربعاء ,17 كانون الثاني / يناير

عن رسالة بوريل ومستقبل أوروبا

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

ما بعد خطاب الرئيس عباس ما بعد خطاب الرئيس عباس



إطلالات متنوعة وراقية للأميرة رجوة في سنغافورة

سنغافورة - السعودية اليوم

GMT 01:25 2017 الأربعاء ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

رائد محسن يكشف كيفية تربية الأطفال بالطرق الصحيحة

GMT 17:06 2018 الإثنين ,03 أيلول / سبتمبر

جرائم الكيان المعنوي للحاسب الآلي

GMT 12:53 2017 الأحد ,29 تشرين الأول / أكتوبر

مدرب النصر يمنح حسام غالي الفرصة الأخيرة لتحسين الأداء

GMT 04:43 2017 الجمعة ,20 تشرين الأول / أكتوبر

مجموعة ساحرة من خواتم الأصبعين الثنائية من

GMT 11:18 2021 السبت ,30 كانون الثاني / يناير

أغلى السيارات التي طرحت عبر تاريخ الصناعة

GMT 14:22 2020 الجمعة ,25 أيلول / سبتمبر

وفاة شقيق الفنان محمود حميدة

GMT 22:52 2020 السبت ,02 أيار / مايو

أبرز 6 شخصيات عربية على موقع "يوتيوب"

GMT 08:20 2019 الخميس ,07 تشرين الثاني / نوفمبر

!الوهم الأبیض
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
alsaudiatoday alsaudiatoday alsaudiatoday
alsaudiatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab