ليس باسمنا

ليس باسمنا

ليس باسمنا

 السعودية اليوم -

ليس باسمنا

عريب الرنتاوي

يقال في المثل الشعبي، أن " أول الرقص حجلان"، وما حصل في "بلير هاوس" أول من أمس، ليس سوى "الحجلان"، أما الرقص على إيقاع الرئاسة القطرية للقمة العربية، فـ"وصلاته" الرئيسة لم تبدأ بعد..فهي وإن بدأت بإقرار "تبادل الإراضي" في أول "رخصة" عربية جماعية رسمية للاعتراف بالمستوطنات وتشريعها وإيجاز ضمها لإسرائيل، إلا أنها ستتواصل إلى حين "ترشيق" المبادرة العربية، و"تخفيفها" من القدس وعبء العودة وحقها. كان المفروض، أن يذهب الوفد العربي إلى واشنطن لحشد الضغط والتأييد لوقف الاستيطان، وإرغام إسرائيل على القبول بخط الرابع من حزيران أساسا للفصل بين الدولتين بموجب "حل الدولتين"..ذهب الوفد برئاسته القطرية الأنيقة، وبدا وزير خارجية فلسطين كموظف مراسم وبروتوكول يسير خلفه وفي معيته، لتقديم وجبة جديدة ودسمة من التنازلات المجانية، طواعية ومن دون أن يطلبها أحد، تعبيراً عن الشكر والامتنان للرعاية الأمريكية للدور القطري في تدمير سوريا والعبث بمصر وتخريب تونس وتفتيت ليبيا وإيقاظ الفتنة في العراق، ودلالة لا ينقصها الدليل، على نجاح الإماراة الخليجية في "تدوير الزوايا الحادة" لمواقف مختلف الأطراف الإسلامية من طالبان إلى حماس مروراً بكبير العلماء ومجلسهم العالمي. قبل أن تبدأ المفاوضات، ولكي تبدأ، تم تقديم هذا التنازل الذي يُقال في تبريره أن الرئيس عباس قبل به في مفاوضاته مع أولمرت وليفني..ولنفترض ان عباس فعل ما فعل، طائعاً أم مرغماً، فما حاجة سبع دول عربية لفعل شيء مماثل، ولماذا تتلقف هذه العواصم أي تنازل فلسطيني يُنتزع تحت الضغط والحصار، فتقوم بـ"تعريبه" و"أسلمته"..وما المقابل الذي حصل عليه الوزراء نظير "جائزة الترضية السخية" التي قدموها باسم "من لا يملك إلى من لا يستحق". تحت جنح الربيع العربي، وبمشاركة وزراء خارجية دول الربيع العربي، نجح الوزير القطري، صاحب نظرية التوسل والتسول على أعتاب المجتمع الدولي، في فتح "المبادرة العربية" للتعديل و"الترشيق"..وهي المبادرة التي كانت بذاتها، ومنذ يومها الأول، تعبيراً عن حالة العجز والتخاذل العربيين، المبادرة التي أريد بها تنظيف الوجوه التي تلطخت بغبار الحادي عشر من سبتبمر، وخط حروفها بلسان عربي مبين، توماس فريدمان، ولم تُصغ بهاجس استرداد الأوطان واستعادة الحقوق..وظلت منذ ذلك التاريخ، تتنقل كالجثة الهامدة، من قمة إلى أخرى، ومن عاصمة عربية إلى عاصمة عربية أخرى، بفعل الرفض والاحتقار الإسرائيليين للمبادرة والمبادرين. في قمة تونس جرت أول محاولة للتنصل من المبادرة وفتحها للتعديل، علّها تلقى رضى واشنطن وتجاوب تل أبيب، سيما في البند الخاص باللاجئين، على التباسه وبؤسه..، لكن المحاولة سقطت، فقد كان في الجسم العربي بقيةٌ من رمق وكرامة ودم..إلى أن توالت الانهيارات وتوفرت "الرعاية القطرية" لإنجاز هذا "الفتح العظيم" الذي ستتلوه فتوحات كبرى على قارعة التوسل والتسول، ولم لا تفعلها قطر، وهي التي جمعت تحت مظلتها: الشيخ والمفكر والمجاهد والمناضل والانتهازي والإخواني، بعد أن توفر لها ما يكفي من المال والإعلام لاحتواء الجميع وشراء ذممهم وأقلامهم وبنادقهم وعقولهم. ولن تقف حكايتنا مع "الحقبة القطرية" في تاريخ المنطقة، التي يُراد لها أن ترث وتتوج الحقبة السعودية – الخليجية و"تطورها"، عند هذا الحد..فثمة فصول أخرى ستتكشف تباعاً، فهذا هو الثمن الذي يتعين دفعه من كيس شعوبنا ومجتمعاتنا وقضايانا الوطنية والقومية، تحت الضغط و"الغواية" القطريين، نظير السماح لدولة بالكاد تتوفر على مقوماتها، لكي تضطلع بدور "زعامي" في المنطقة، بحماية أمريكية وتشجيع إسرائيلي، "مقتنصةً" لحظات الضعف والتفكك البالغة حد الانهيار التي تعيشها دول المنطقة المركزية أو تقف على حافتها.  والمؤسف حقاً أن هذا التنازل القطري – العربي، الذي يُدفع من الجيب الفلسطيني، هو نوع من "العربون غير المسترد"، فإسرائيل لم تلتزم في المقابل بأي تنازل، والولايات المتحدة ليس في جعبتها غير مشروع "السلام الاقتصادي" الذي استعارته من نتنياهو وإعادت ترجمته وتنقيحه وتقديمه على أنه "العرض الذي لا يُرد"..فيما جرافات الاستيطان تواصل تقطيع الأرض والحقوق والمقدسات، وطائرات سلاح الجو تواصل حرب الأرض المحروقة في قطاع غزة، والمجتمع الإسرائيلي يتنقل من هستيريا التطرف القومي إلى جنون التطرف الديني. لن تقوى السلطة الفلسطينية على مقارعة الضغوط القطرية، فهي كانت أول من أبدى الاستعداد بتقديم هذا التنازل، وكيف لها أن تنهى عن خُلقٍ وهي التي أتت بمثله..ولن تقوى حماس على فعل ما هو أبعد من إصدار البيانات العمومية، "المُجهِّلَةِ" للفاعل والضاغط الحقيقي، وكيف لها أن تفعل ذلك وهي المدينة لملايينه الأربعمائة، ولعاصمته بالحضانة والرعاية والسقاية والرفادة..وسيمر هذا التنازل وطنياً وقومياً من دون مقاومة تذكر، ولقد رأينا وزراء خارجية دول الربيع العربي وأمين عام الجامعة، يصطفون كالكومبارس خلف "المعلم" و"وولي النعم" و"رب العمل الأول"..وأي صوت آخر، يصدر عمن كان يُعرف بـ"محور المقاومة والممانعة، سيطعن في دوافعه ومراميه و"أجنداته الخفية"، وسيوسم بالمذهبية والانسياق في مندرجات "هلاله الشيعي". ما حصل في "بلير هاوس"، هو انذار للشعب الفلسطيني، صاحب السيادة على نفسه وقضيته وحقوقه ومقدساته..الأرض في خطر، والعاصمة تُبتلع، والمقدسات تُدنس، وحق العودة دخل سوق النخاسة الوطنية والقومية، والأطر القائمة على ضفتي الانقسام، باتت أعجز من أن تجلب نفعاً أو تدرأ ضُراً، إن لم نقل باتت المشكلة وليس الحل..فهل آن أوان استعادة الوعي وزمام المبادرة واستنهاض الطاقات وتجديد الحركة الوطنية على طريق الحرية والاستقلال..هل آن آوان استنطاق الملايين الصامتة لتقول بصوت واحد: ليس باسمنا.

arabstoday

GMT 15:09 2024 الأربعاء ,17 كانون الثاني / يناير

ابنه البكر

GMT 15:08 2024 الأربعاء ,17 كانون الثاني / يناير

... إنّها حرب تطالبنا بأن ننسى كلّ شيء تقريباً

GMT 15:07 2024 الأربعاء ,17 كانون الثاني / يناير

المشعوذون القدامى... والجُدد

GMT 15:04 2024 الأربعاء ,17 كانون الثاني / يناير

الدول العربية «المضروبة»

GMT 15:03 2024 الأربعاء ,17 كانون الثاني / يناير

حانت لحظة الرحيل

GMT 15:02 2024 الأربعاء ,17 كانون الثاني / يناير

الأسئلة الصعبة

GMT 15:01 2024 الأربعاء ,17 كانون الثاني / يناير

من غزو العراق... إلى حرب غزّة

GMT 15:00 2024 الأربعاء ,17 كانون الثاني / يناير

عن رسالة بوريل ومستقبل أوروبا

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

ليس باسمنا ليس باسمنا



إطلالات متنوعة وراقية للأميرة رجوة في سنغافورة

سنغافورة - السعودية اليوم

GMT 16:48 2024 الثلاثاء ,16 كانون الثاني / يناير

اكتشاف بروتين يحفز إنتاج الدهون الجيدة والتخلص من السمنة

GMT 10:54 2020 الإثنين ,29 حزيران / يونيو

التفرد والعناد يؤديان حتماً إلى عواقب وخيمة

GMT 09:30 2016 الأربعاء ,11 أيار / مايو

لازم يكون عندنا أمل

GMT 05:34 2020 الثلاثاء ,28 إبريل / نيسان

"قبعات التباعد" سمحت بعودة الدراسة في الصين

GMT 11:29 2020 الخميس ,05 آذار/ مارس

أعمال من مجموعة «نجد» تعرض في دبي 9 الجاري

GMT 14:43 2017 الخميس ,30 تشرين الثاني / نوفمبر

نصائح من أجل محاربة الأرق عن طريق الوجبات الخفيفة
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
alsaudiatoday alsaudiatoday alsaudiatoday
alsaudiatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab