في خيمة سوسن شاهين

في خيمة سوسن شاهين

في خيمة سوسن شاهين

 السعودية اليوم -

في خيمة سوسن شاهين

عريب الرنتاوي

صوت متهدج وضعيف، لكأنه صادر من «قعر بئر» أو عن «غرفة العناية المشددة»، أيقظني على ما أخجلني وأشعرني بالحرج..على الطرف الثاني من الخط، كانت سوسن شاهين، الفتاة الفلسطينية المضربة عن الطعام لليوم الثاني والعشرين على التوالي (اليوم الـ23)، تناشدني بذل ما بوسعي للتذكير بقضية الأسرى، خصوصاً القدامى منهم، الذين مضى على اعتقال أحدثهم 18 عاماً، وأكثرهم عهداً بمرارة السجن وفاشية السجان، ثلث قرن، 33 حولاً بالتمام والكمال. سوسن شاهين أنشأت خيمة في رام الله، في حرم الأمم المتحدة، وانضم إليها حفنة من الشباب والصبايا، أضنى معظمهم الجوع والمرض، ولم يبق فيها مع أمعائه الخاوية، سوى هي وأختها نسيم، ترفعان لواء قضية مقدسة: تحرير 316 أسيراً، دخلوا معترك الأسر، قبل التوقيع على اتفاق أوسلو، من بينهم 116 أسيراً أمضوا في السجون الإسرائيلية أكثر من عشرين عاماً، و15 أسيرا أمضوا في السجن أكثر من ربع قرن بشكل متواصل، منهم 3 أسرى أمضوا أكثر من ثلاثين عاماً، ومن دون أن تشملهم «مبادرات بناء الثقة» ولا «حسابات عملية السلام ومفاوضاتها الماراثونية»، كما لم تفلح صفقات تبادل الأسرى بالإفراج عنهم. سوسن وأختها، قررتا خوض معركة الأمعاء الخاوية، بكل شرف وعزيمة، وبما يحرجنا نحن جميعاً الذين نقابل هذه الوقفة البطولية بكثير من الإهمال والتجاهل، شأننا في ذلك شأن صحافة الغرب ومنظماته الحقوقية..هل كانت قضية سوسن لتلقى كل هذا الصمت، لو أنها «ناشطة» أوروبية أو أمريكية؟..هل بقي زعيم غربي واحد من دون أن يستقبل عائلة الجندي شاليط، أو يبعث لها بأحر آيات التضامن والتعاضد؟..إهمال الغرب وازدواجيته أمران مفهومان، أما إهمالنا وصمتنا فلا يمكن تفسيرهما سوى بالعجز والتخاذل والخواء الوطني والقومي والإنساني الضارب عميقاً فينا. قضية الفلسطينيين مع السجون الإسرائيلية، قضية شعب بأكمله، وكيف لا تكون كذلك فيما الأرقام تتحدث عن اعتقال عدد يتراوح ما بين 500 إلى 850 الف فلسطيني منذ العام 1967 وحتى يومنا الحالي، من بينهم 15 ألف إمرأة، وأضعاف هذا العدد من الأطفال..سقط منهم 203 شهداء جراء التعذيب الوحشي في الأقبية والزنازنين، كان أولهم الشهيد خليل الرشايده عام 1968 ولا يمكن اعتبار الشهيد عرفات جرادات (2013) آخرهم. إجراءات الاحتلال الفاشية لا تميز بين رجل وامرأة، شيخ وطفل...وثمة في سجونه اليوم أكثر من عشرين مناضلة فلسطينية، هن اللواتي تبقين بعد صفقات التبادل وعمليات الكر والفر بين الفلسطينيين والإسرائيليين...في سنوات الانتفاضة الأولى وحدها، سجّلت أراشيف السجون الإسرائيلية دخول أكثر من ثلاثة آلاف إمرأة إلى أقبيتها وزنازينها، وفقاً لوزراة الأسرى وناديهم. أكثر من مائة طفل تتراوح أعمارهم ما بين 10 – 18 سنة، ما زالوا يرسفون في القيود ويسامون سوء العذاب والتعذيب، في سنيّ الانتفاضة الثانية وحدها تم اعتقال أكثر من سبعة آلاف طفل فلسطيني، والمعركة ما زالت مستمرة ومفتوحة. قضية الأسرى والموقوفين الإداريين الفلسطينيين، قضية وطنية بامتياز، عابرة للانقسام والفصائل، وهدف تحريرهم يجب أن يتصدر أجندة العمل الوطني الفلسطيني المشترك، وإذا كان الأسرى قد نجحوا مؤخراً في فرض قضيتهم علينا من خارج جداول أعمالنا، فلا أقل من أن نرقى إلى مستوى عذاباتهم وتضحياتهم وبطولاتهم..لا أقل من أن نستلهم تجربة سوس شاهين وأختها..لا أقل من أن ننقل صوت أمعائهم الخاوية إلى آخر بقعة في الدنيا، بحثاً عن النصرة والتضامن والعدالة والانصاف والحرية...تحية للأسرى والأسيرات..تحية لسوسن وأختها وهما تخوضنا معركة الأمعاء الخاوية من «خيمة الحرية والكرامة» في حرم المنتظم الدولي.

arabstoday

GMT 15:09 2024 الأربعاء ,17 كانون الثاني / يناير

ابنه البكر

GMT 15:08 2024 الأربعاء ,17 كانون الثاني / يناير

... إنّها حرب تطالبنا بأن ننسى كلّ شيء تقريباً

GMT 15:07 2024 الأربعاء ,17 كانون الثاني / يناير

المشعوذون القدامى... والجُدد

GMT 15:04 2024 الأربعاء ,17 كانون الثاني / يناير

الدول العربية «المضروبة»

GMT 15:03 2024 الأربعاء ,17 كانون الثاني / يناير

حانت لحظة الرحيل

GMT 15:02 2024 الأربعاء ,17 كانون الثاني / يناير

الأسئلة الصعبة

GMT 15:01 2024 الأربعاء ,17 كانون الثاني / يناير

من غزو العراق... إلى حرب غزّة

GMT 15:00 2024 الأربعاء ,17 كانون الثاني / يناير

عن رسالة بوريل ومستقبل أوروبا

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

في خيمة سوسن شاهين في خيمة سوسن شاهين



إطلالات متنوعة وراقية للأميرة رجوة في سنغافورة

سنغافورة - السعودية اليوم

GMT 16:48 2024 الثلاثاء ,16 كانون الثاني / يناير

اكتشاف بروتين يحفز إنتاج الدهون الجيدة والتخلص من السمنة

GMT 19:18 2021 الخميس ,04 شباط / فبراير

يتيح أمامك هذا اليوم فرصاً مهنية جديدة

GMT 00:36 2017 الثلاثاء ,12 كانون الأول / ديسمبر

5 طرق لتنظيف السيراميك والأرضيات من الطبيعة

GMT 16:43 2021 السبت ,13 شباط / فبراير

بناطيل هوت كوتور ربيع 2021 من أسبوع باريس

GMT 12:48 2020 الأربعاء ,15 إبريل / نيسان

جامعة سعودية تتوصل لنتائج تقضى على فيروس كورونا

GMT 13:28 2019 الثلاثاء ,05 تشرين الثاني / نوفمبر

عادل عصمت يناقش "الوصايا" في نادي ركن الياسمين

GMT 19:49 2018 الأربعاء ,19 كانون الأول / ديسمبر

"البيت الأبيض" يُعلن سحب قوات بلاده من سورية

GMT 19:12 2018 الإثنين ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

فورد إكسبلورر 2020 الجديدة تظهر بتمويهات خفيفة

GMT 03:54 2018 الخميس ,30 آب / أغسطس

ترشيح أحمد السقا لبطولة فيلم "أشرف مروان"
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
alsaudiatoday alsaudiatoday alsaudiatoday
alsaudiatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab