في اليوم التالي للتهدئة

في اليوم التالي للتهدئة

في اليوم التالي للتهدئة

 السعودية اليوم -

في اليوم التالي للتهدئة

عريب الرنتاوي

اليوم التالي للهدنة في غزة، هو الموضوع الرئيس الذي تتمحور حوله المفاوضات والاتصالات الدبلوماسية الجارية بكثافة في عواصم المنطقة ذات الصلة، وبمشاركة من قبل أطراف إقليمية ودولية وازنة... يبدو أن الأطراف باتت موقنة أن التهدئة باتت واجبة النفاذ، وأن إنفاذها ليس سوى مسألة أيام لا أكثر، والأهم من التهدئة هو ما بعدها.
فكرة التوازن والتزامن، بين وقف إطلاق النار وتحقيق مطالب الفلسطينيين برفع الحصار، باتت فكرة مقبولة على أطراف فاعلة عديدة، وهي اليوم، تملي حضوراً كثيفاً للولايات المتحدة والأمم المتحدة على موائد التفاوض، الأولى بوصفها «ضامن» هذه الاتفاقات والتعهدات والالتزامات، والثانية بوصفها المظلة والغطاء الأنسب من منظور أطراف عديدة.
على أن البحث بين الأطراف والوسطاء، يذهب أبعد من ذلك بكثير ... فهناك أطراف عربية وإسرائيلية ودولية، تسعى في بلورة جبهة عريضة، وتوافقات على هامش «اتفاق التهدئة» هدفها نزع سلاح المقاومة وتجريد غزة من أنيابها وأظافرها ... هم يدركون أن الفصائل ومن خلفها الشعب الفلسطيني، لن يقبل بذلك، لذا يجري البحث عن وسائل وسبل لجعل مهمة تجديد الفصائل لترسانتها العسكرية، مهمة مستحيلة ... هنا يأتي دور التنسيق الأمريكي – الإسرائيلي – المصري المدعوم من بعض دول الاعتدال العربي، التي ترى في المقاومة والإخوان، خطراً أشد ضراوة من التهديد الإسرائيلي.
ولأن كل دورة معارك تأتي أشد ضراوة من سابقتها، من دون أي نجاح يذكر في إسقاط المقاومة وتجريدها من شعبيتها وسلاحها ونفوذها، فإن هناك من يفكر بتعميم تجربة «السلام الاقتصادي» التي اختبرت بنجاح نسبي في الضفة الغربية على قطاع غزة ... لذا نرى أن فكرة رفع الحصار لم تعد فكرة منبوذة تماماً، بل ان فكرة إعادة إعمار غزة لم تعد كذلك، شريطة وجود ضمانات وآليات تحقق، من أن رفع الحصار وإعادة الإعمار يجب أن يمرا عبر قنوات أخرى، لا صلة لحماس او الجهاد بها على الإطلاق. مختلف هذه المشاريع والأفكار، تصب في مصلحة عودة السلطة إلى القطاع، بأجهزتها العسكرية والأمنية ... فالمعابر يجب أن تسلم للسلطة الفلسطينية وليس لحماس، والميناء في حال تقرر تشغيله (وكذا المطار) يجب أن يكون بين يدي «التنسيق الأمني» ... ومشاريع الإعمار وإعادة البناء وتوفير الوظائف وفرص العمل والمساكن، يجب أن تمر كذلك عبر قنوات أخرى، غير قوى الأمر الواقع في القطاع، حتى لا يتحول الحديد الإسمنت إلى مواد لبناء المزيد من الانفاق الدفاعية والهجومية، التي نظرت إسرائيل إليها بوصفها «المفاجأة الاستراتيجية» في حربها الثالثة على قطاع غزة.
الصراع الدائر في الدوائر والكواليس الدبلوماسية المغلقة، إنما يدور حول هذه العناوين بالتحديد، وكل محور أو فريق يريد أن يضمن لحلفائه من الفلسطينيين «مكانة تحت شمس غزة» في المرحلة المقبلة ... قطر وتركيا، لا تريد لحماس أن تكون وقود حرب إسرائيل على غزة، فيما ثمار هذه الحرب ونتائجها، تسجل في رصيد السلطة والمنظمة ... أما مصر ومعها الولايات المتحدة والمعتدلون العرب وإسرائيل، فهي لن تسلم لحماس،وتحت أي ظرف من الظروف، زمام المعابر والنقاط الحدودية، فالحركة التي نجحت تحت أقسى الظروف في بناء منظومة أنفاق وترسانة سلاح، قمينة بتحويل غزة إلى «هانوي» ثانية، إن هي تملكت زمام المعابر والمنافذ الحدودية.
في الصراع الدائر حول «اليوم التالي للتهدئة»، تقف إيران ومحورها إلى جانب خيار «إبقاء غزة قلعة من قلاع المقاومة» ... الأرجح أن الاتصالات التي أجراها القادة الإيرانيون والسيد حسن نصر الله مع حماس والجهاد دفعت في هذا الاتجاه ... أنقرة والدوحة لا يهمها أمر «المقاومة» في شيء، المهم أن يظل «إخوان فلسطين» لاعباً مهماً على الساحة الفلسطينية، فقد نجحت حماس في إعادة الاعتبار لهذا المحور وأنعشت الجماعات الإخوانية في عموم المنطقة، وهي التي لم تستفق بعد، من صدمة الثالث من يوليو 2013 ... وسواء ذهبت غزة في اتجاه «المقاومة» أم جنحت لخيارات «السلام الاقتصادي»، يجب أن يظل لحماس موقعاً قيادياً في المعادلة الفلسطينية .. وبالمناسبة، من يعود إلى تجربة السنوات الماضية، يلحظ أن قطر ونظام الدكتور مرسي، هما أول من روّج لفكرة «البنية التحتية للهدنة طويلة الأمد»، أو «التنمية المستدامة للهدنة المستدامة»... قطر بدعمها المالي والاقتصادي لغزة (زيارة الأمير حمد ومشاريع التنمية الاقتصادية) ومرسي المتطلع لسنوات من الهدوء ضرورية لإنجاز برنامج «التمكين» الذي سار عليه إخوان مصر منذ أن تسلموا مقاليد السلطة في مصر حتى تسليمها.
وهناك طرف يدعم بقوة أكبر أية استراتيجية من شأنها فك ارتباط الشعب الفلسطيني بحماس، وإضعاف الحركة وإخراجها من سدة الحكم والنفوذ، وتجريدها من سلاحها وعتادها .... وهو مسكونا بهاجس إيران وشبح الإخوان، ومستفزاً من «جزيرة» قطر وانفعالية أردوغان، على أتم الاستعداد لفعل كل ما يلزم من أجل تحقيق هذه الغاية ... من هنا نعتقد أن مرحلة ما بعد صمت المدافع في غزة، ستشهد اشتباكاً من نوع آخر، لن يقل ضراوة على المعارك الدامية التي تجرى في القطاع اليوم، وإن كانت أدواته ووسائله من نوع مختلف.
المهم في حروب المحاور والمعسكرات العربية والإقليمية، أن نرقب كيف سيتصرف الفلسطينيون، هل سيجعلون من أنفسهم أحصنة طروادة لهذه المحاور؟ ... هل يقبلون بأن تتحول قضيتهم إلى ساحة من ساحات تصفية الحسابات وتسويتها؟ ... هل ينأون بأنفسهم عن هذه المحاور ويسدون الطريق في وجه محاولات تسللها إلى الدواخل الفلسطينية؟ ... أسئلة وتساؤلات لن نعرف أجوبتها قبل أن يهدأ غبار المعارك وتتبدد أعمدة الدخان وتنطفئ الحرائق.

 

arabstoday

GMT 15:09 2024 الأربعاء ,17 كانون الثاني / يناير

ابنه البكر

GMT 15:08 2024 الأربعاء ,17 كانون الثاني / يناير

... إنّها حرب تطالبنا بأن ننسى كلّ شيء تقريباً

GMT 15:07 2024 الأربعاء ,17 كانون الثاني / يناير

المشعوذون القدامى... والجُدد

GMT 15:04 2024 الأربعاء ,17 كانون الثاني / يناير

الدول العربية «المضروبة»

GMT 15:03 2024 الأربعاء ,17 كانون الثاني / يناير

حانت لحظة الرحيل

GMT 15:02 2024 الأربعاء ,17 كانون الثاني / يناير

الأسئلة الصعبة

GMT 15:01 2024 الأربعاء ,17 كانون الثاني / يناير

من غزو العراق... إلى حرب غزّة

GMT 15:00 2024 الأربعاء ,17 كانون الثاني / يناير

عن رسالة بوريل ومستقبل أوروبا

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

في اليوم التالي للتهدئة في اليوم التالي للتهدئة



إطلالات متنوعة وراقية للأميرة رجوة في سنغافورة

سنغافورة - السعودية اليوم

GMT 01:25 2017 الأربعاء ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

رائد محسن يكشف كيفية تربية الأطفال بالطرق الصحيحة

GMT 17:06 2018 الإثنين ,03 أيلول / سبتمبر

جرائم الكيان المعنوي للحاسب الآلي

GMT 12:53 2017 الأحد ,29 تشرين الأول / أكتوبر

مدرب النصر يمنح حسام غالي الفرصة الأخيرة لتحسين الأداء

GMT 04:43 2017 الجمعة ,20 تشرين الأول / أكتوبر

مجموعة ساحرة من خواتم الأصبعين الثنائية من

GMT 11:18 2021 السبت ,30 كانون الثاني / يناير

أغلى السيارات التي طرحت عبر تاريخ الصناعة

GMT 14:22 2020 الجمعة ,25 أيلول / سبتمبر

وفاة شقيق الفنان محمود حميدة

GMT 22:52 2020 السبت ,02 أيار / مايو

أبرز 6 شخصيات عربية على موقع "يوتيوب"

GMT 08:20 2019 الخميس ,07 تشرين الثاني / نوفمبر

!الوهم الأبیض
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
alsaudiatoday alsaudiatoday alsaudiatoday
alsaudiatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab