عن «النصـرة» وإسـرائيل و«الشريط العازل»

عن «النصـرة» وإسـرائيل و«الشريط العازل»

عن «النصـرة» وإسـرائيل و«الشريط العازل»

 السعودية اليوم -

عن «النصـرة» وإسـرائيل و«الشريط العازل»

عريب الرنتاوي

ثمة نقاش لا يخلو من «الابتذال» و»التسطيح»، يدور بين المحورين المحتربين في سوريا وعليها، بخصوص الوضع القائم في الشريط الحدودي القريب والمتاخم للجولان ... بعض أوساط المعارضة، وداعميها من الإخوان المسلمين العرب بالذات و»مناكفين» محسوبين على محور الاعتدال العربي، يزعمون أن إسرائيل «لا تنام قريرة العين» إلا إن اطمأنت لانتشار قوات النظام على امتداد حدود الجولان المحتل، مستندين في ذلك إلى تجربة أربعين عاماً من الهدوء التام على امتداد خطوط وقف إطلاق النار، ساخرين من حكاية «المقاومة والممانعة».
في المقابل، تكرر أوساط النظام، وبالأخص حلفاؤه في لبنان، ومن دون كلل أو ملل، أقاويل عن شريط حدودي جديد، على غرار «شريط العمالة والخيانة» الذي أنشأه سعد حداد ورعاه أنطوان لحد، في جنوب لبنان، قبل أن تطيح بها المقاومة اللبنانية في العام 2000... اللافت أن ثمة تركيز خاص توليه أطراف هذا المحور، على الدور الذي تطلع به «جبهة النصرة»، في تأمين سلامة هذا الشريط، وعلى الروابط الوثيقة بينها وبين الاحتلال، والتي تصل حد القول بأن «النصرة» باتت دمية بيد الاحتلال أو أداة من أدواته.
ولأن إسرائيل مجتمع متعدد الاتجاهات والتفضيلات والأهواء، ولأن صحافتها ووسائل إعلامها، ليست محتكرة من قبل فريق دون آخر، فإن كلا المحورين المحتربين، يجدان باستمرار، ما يدعم اتهاماتهما ومزاعمهما، تارة في مقال يُنشر هنا وأخرى في تصريح يُبث هناك... أما الذين يتابعون المشهد الإسرائيلي بكليته، فلا يرون في هذه الروايات المتضاربة، سوى تجسيد لحالة من الابتذال والتهافت.
إن القراءة الواقعية، البعيدة عن حفلات التراشق الإعلامي والخطابات الإيديولوجية المغلقة على نفسها، والمتجردة الانحيازات والعصبيات التي لا تتيح لأصحابها النظر إلا من ثقب الإبرة، نقول ما يلي:
أولاً؛إن مصلحة إسرائيل الأساسية تكمن في إطالة أمد الأزمة السورية، فحرب الاستنزاف الدائرة هناك تأكل الأخضر واليابس، وتضعف جميع خصوم إسرائيل وأعدائها، من النظام السوري مروراً بطهران ودمشق وحزب الله، وليس انتهاءً بالجماعات السلفية الجهادية، التي لم تسقطها إسرائيل يوماً من دائرة أعدائها، وإن كانت تتبنى قراءات منحرفة، تجعل العدو الأقرب أولى بالقتال من العدو الأبعد.
ثانياً؛ إن الجماعات الإرهابية، أو السلفية الجهادية بمدارسها المختلفة، تشكل تهديداً أمنياً لإسرائيل، لكنه تهديد مؤجل، ولا يرقى إلى مستوى التهديد الاستراتيجي ... و»النصرة» من بين هذه الجماعات، وإسرائيل وإن كانت تسعى في تحييد «النصرة» بغرض إطالة أمد الحرب والاستنزاف، إلا أنها لا يمكن أن «تأنس» لهذه المنظمة، كما أن هذه المنظمة، وإن كانت ليست بصدد محاربة إسرائيل اليوم، إلا أنها لا يمكن أن تكون أداة أو ألعوبة في يدها، والمؤكد أنها «صنف آخر الحركات» يختلف تماماً في مبناه ومرجعيته وظروف نشأته عن «جيش لبنان الجنوبي».
ثالثاً: أن سوريا، ومن خلفها إيران، وأمامها حزب الله، ستظل بكل الحسابات، التهديد الأكبر من منظور نظرية الأمن الإسرائيلي، وهو تهديد، وإن كان من النوع القابل للاحتواء و»الإدارة»، إلا أنه يظل تهديداً استراتيجياً ... فهذا الحلف هو أكثر ما تخشاه إسرائيل وتسعى في استنزافه، سواء عبر اعتماد سياسة إطالة أمد الحرب في سوريا، أو من خلال تكثيف الجهود للإطاحة بفرص التوصل لاتفاق نووي مع إيران، أو بالإبقاء على حزب الله، قادة وكوادر وسلاحاً، في قلب دائرة الاستهداف بالنار ... وكل من يقول خلاف ذلك، إما جاهل أو مُغرض، أو ضربت الإيديولوجيا والتعصب على سمعه وبصره.
رابعاً: هذا لا يعني أن «نظرية الأشرطة الحدودية» قد سقطت من الحسابات الإسرائيلية، إسرائيل القائمة على «نظرية الغيتو والقلعة»، تسعى دائماً إلى تسييج حدودها بالأسوار و»الأحزمة الأمنية»، وهي لا تكف عن البحث عن عملاء وخونة يلعبون دور «الوكلاء الأمنيين» على حدودها... والحدود على امتداد الجولان المحتل، ليست استثناء، بل هي القاعدة في أصلها، لكن ليست جبهة «النصرة» هي الجهة التي يمكن لإسرائيل أن «تلزّمها» ملف حماية الحدود ورعايتها، وهي وإن كانت تغض الطرف عن أنشطتها الآن، بل وتمدها بالدعم الطبي واللوجستي، فلا يجوز أن يفضي ذلك إلى استنتاجات في غير محلها.
خامساً: تحتمل القراءة السابقة، أشكالاً من التهدئة وتجميد الصراع و»حروب الوكالة» بين مختلف الأفرقاء ... سوريا التزمت بالتهدئة مع إسرائيل لكنها خاضت حروباً بالوكالة معها في لبنان وغزة، وإسرائيل قد تلتزم بالحد الأدنى من «عدم التدخل» في الأزمة السورية، لكنها اليوم، تخوض حرباً بالوكالة من خلال توفير تسهيلات لجماعات المعارضة، ومن بينها «النصرة» وإن إلى حين... هذا لا يجعل من حزب الله وحماس عملاء للنظام السوري، كما لا يجعل من «أبو محمد الجولاني» بمثابة أنطوان لحد الثاني.

 

arabstoday

GMT 15:09 2024 الأربعاء ,17 كانون الثاني / يناير

ابنه البكر

GMT 15:08 2024 الأربعاء ,17 كانون الثاني / يناير

... إنّها حرب تطالبنا بأن ننسى كلّ شيء تقريباً

GMT 15:07 2024 الأربعاء ,17 كانون الثاني / يناير

المشعوذون القدامى... والجُدد

GMT 15:04 2024 الأربعاء ,17 كانون الثاني / يناير

الدول العربية «المضروبة»

GMT 15:03 2024 الأربعاء ,17 كانون الثاني / يناير

حانت لحظة الرحيل

GMT 15:02 2024 الأربعاء ,17 كانون الثاني / يناير

الأسئلة الصعبة

GMT 15:01 2024 الأربعاء ,17 كانون الثاني / يناير

من غزو العراق... إلى حرب غزّة

GMT 15:00 2024 الأربعاء ,17 كانون الثاني / يناير

عن رسالة بوريل ومستقبل أوروبا

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

عن «النصـرة» وإسـرائيل و«الشريط العازل» عن «النصـرة» وإسـرائيل و«الشريط العازل»



إطلالات متنوعة وراقية للأميرة رجوة في سنغافورة

سنغافورة - السعودية اليوم

GMT 17:04 2021 الخميس ,07 كانون الثاني / يناير

حظك اليوم برج الدلو الخميس 7 يناير/كانون الثاني 2021

GMT 16:31 2021 الخميس ,07 كانون الثاني / يناير

حظك اليوم برج العذراء الخميس 7 يناير/كانون الثاني 2021

GMT 15:06 2017 الخميس ,30 تشرين الثاني / نوفمبر

إطلالة رائعة لسارة سلامة في جلسة تصوير جديدة

GMT 09:43 2019 الأربعاء ,09 تشرين الأول / أكتوبر

كاريلو يكشف عن كواليس البقاء مع "الهلال"

GMT 03:32 2017 الخميس ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

مروان الشوربجي يودع ربع نهائي بطولة قطر للاسكواش

GMT 10:08 2017 الإثنين ,09 تشرين الأول / أكتوبر

اتحاد جدة ينهيء الشعب المصري بالصعود إلى كأس العالم

GMT 13:33 2017 الأحد ,01 تشرين الأول / أكتوبر

محمد عساف يغني في 5 مدن كندية دعماً لأطفال فلسطين
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
alsaudiatoday alsaudiatoday alsaudiatoday
alsaudiatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab