عروض التهدئة المُستدامة إذ تنـهـمـر عــلـــى غــــزة

عروض "التهدئة المُستدامة" إذ تنـهـمـر عــلـــى غــــزة

عروض "التهدئة المُستدامة" إذ تنـهـمـر عــلـــى غــــزة

 السعودية اليوم -

عروض التهدئة المُستدامة إذ تنـهـمـر عــلـــى غــــزة

عريب الرنتاوي

عروض “التهدئة المُستدامة” تنهمر على حماس في غزة، أطراف أممية وعواصم دولية وموفدين وقناصل يتحدثون عن تهدئة طويلة الأمد ... وزير الخارجية الألماني “فرانك شتاينماير” يبسط لمعادلة “التنمية مقابل” كقاعدة للتهدئة المستدامة ... قبله كان أمير قطر السابق في زيارة لغزة، يشرع في “التنمية مقابل الأمن”، وعينه على إعادة تأهيل حماس وإدماجها في العملية، توطئة لتعميم نموذجها في غزة على الضفة الغربية، من ضمن استراتيجية قطرية رعائية لجماعة الإخوان المسلمين... الأمم المتحدة ممثلة بموفدها نيكولاي ميلادنيوف لم تكن بعيدة عن هذه الساحة كذلك.

حماس لا تنفي ذلك، بل تؤكده وتكشف بعضاً من فصوله ... لكن قادتها يستدركون: لم نتلق بعد، أي عرض مكتوب بهذا الشأن ... نبرة الرضا والقبول أكثر من واضحة في تصريحات الناطقين باسم الحركة ... لسان حالهم يقول: ولمَ لا؟ ... رفع الحصار وإسقاط العقوبات فضلاً عن تشييد الميناء وبناء المطار، حقوق لنا، فلم نفرط بها، ولماذا كل هذا الضجيج حيال عروض ما زالت – من أسف – في إطارها الشفوي المجرد، ولم تنتقل بعد إلى مرحلة المشاريع الخطيّة المكتوبة؟!

في الحديث عن الإطار الزمني للتهدئة المقترحة، تتراوح المدد والآماد الزمنية، من عشر سنوات إلى ربع قرن ... وهي فترة زمنية كفيلة بتمكين إسرائيل من استكمال قضم وهضم ما اقتطعته وما ستقتطعه من الضفة الغربية والقدس، ومن دون منغصات من أي نوع ... فترة كفيلة بمأسسة الانقسام والانفصال، لا بين فتح وحماس فحسب، بل وبين الضفة والقطاع كذلك، وبصورة قد تؤسس لإنهاء الحلم الفلسطيني في العودة وتقرير المصير وبناء الدولة المستقلة.

لا يعني ذلك، أننا نريد لقطاع غزة أن يظل تحت سيف الحصار والإغلاق ... هذا أبعد شيء عن تفكيرنا، لكن مشاريع التهدئة المتداولة على اختلاف مصادرها، تقترح حلاً للقطاع بمعزل عن الضفة، بل –ربما-بهدف تكريس انفصالهما ... فإذا كانت حماس تحت أصعب الظروف، لا تبدي حماسةً للمصالحة، شأنها في ذلك شأن حركة فتح، الشقيقة التوأم في الانقسام، فإن من المؤكد أن آخر ذرة استعداد للمصالحة ستتبدد إن أمكن لها الخروج من “شرنقة” الحصار والعزلة، من دون اضطرار لمغادرة السلطة أو تقاسمها.

لا أحد يقترح على الحركة أن تلقي سلاحها، سلاح الحركة بات مطلوباً أو على الأقل، ليس مطروحاً للسحب أو التسليم، طالما أن غزة مرشحة لأن تكون حاضنة من حواضن داعش والسلفية الجهادية، ولقد نشرت في إسرائيل عشرات المقالات والتقارير التي تتحدث عن “المصلحة المشتركة” في مقاومة انتشار السلفية الجهادية التي تتحدىسلطة حماس في القطاع المحاصر والمعذب.

ما الذي سيبقى من خيار المقاومة إن أمكن لعروض كهذه أن ترى النور؟ ... وهل في تاريخ حركات المقاومة والتحرر الوطني “تهدئات من هذا الصنف والطراز”؟! ... وما الفرق بين هذه “التهدئة” المديدة، والتسويات السياسية التي أبرمت ما بين السلطة وإسرائيل؟ ... لا فرق في الجوهر وإنما في “السيناريو والإخراج” .... ألم نقل من قبل، أن حماس تسير على خطى فتح، وأن أول الرقص “حنجلة” رداً على المواقف والتصريحات التي صدرت عن بعض قادة الحركة، والتي تكشفت عن استعدادات للقبول بدولة الحدود المؤقتة والإدارة المدنية و”التهدئة المفتوحة”؟

الرئيس الفلسطيني محمود عباس واثق من أن حماس سائرة على هذا الطريق، ومن خلفه “رهط” طويل وعريض من قيادات فتح والسلطة والمنظمة، يتحدثون عن الاتفاق كما لو أنه أنجز وتم التوقيع عليه بالأحرف الأولى ... حتى أن “أبو مازن” كشف عن لقاءات في الشطر التركي من قبرص بين حماس وإسرائيل، بوساطة تركية، (والأرجح قطرية، لكن علاقات الرئيس “المتميزة” بالدوحة ربما منعته من ذكر ذلك علناً) ... لكننا حتى الآن، لم نعرف إن كانت مفاوضات مباشرة أم عبر وسيط، وهل أديرت بين غرفتين في فندق واحد، أم بين فندقين منفصلين كما هو حال حوارات جنيف اليمنية؟

والأرجح أن أطرافاً عدة، من بينها مصر والولايات المتحدة، على علم بما يجري ... وإلا لما سمح للدكتور موسى أبو مرزوق بالتنقل بين غزة والقاهرة، وبين الأخيرة والدوحة، في حركة مكوكية، تدور في مجملها حول هذه العناوين وجزئياتها ... المؤكد أن ثمة تيار عريض في إسرائيل، أخذ يميل لهذا الخيار، من رئيس الحكومة ووزير دفاعه، إلى رهط من جنرالات الأمن والجيش، الذين لاحظوا استعداداً لدى الحركة لضبط جبهات القطاع المحاصر، نظير رفع القيود على حركة الأفراد والأموال والسلع والخدمات ... وهو استعداد ترتفع وتائره مع تواتر التقارير عن وجود جهادي في غزة يوازي ويواكب الوجود الجهادي في سيناء.

وثمة ما يشي بأن مصر تتجه لمقاربة أخرى مع حماس، تفصل ما بين موقف القاهرة من الحركة وموقفها من الجماعة الأم (الإخوان)، من قرار القضاء المصري (المستقل!) بإبراء حماس من تهمة الإرهاب، إلى أحاديث متواترة عن لقاءات واجتماعات وأحياناً تعاون بين الجانبين، إلى تساهل وتسهيلات في قضية معبر رفح غير مسبوقة منذ وصول السيسي إلى سدة الحكم ... كل ذلك ليس بعيداً عن مواقف حماس من “الجهاديين” من جهة ومواقفها من ملف التهدئة بعيدة الأمد من جهة ثانية.

“والتهدئة طويلة” الأمد، ليست مفهوماً طارئاً على فكر الحركة وعقيدتها ... فهو ركيزة مُؤَسِسة لمفهوم “التمكين” عند الحركات الإسلامية بعامة، والإخوان بخاصة ... فالجماعة تأخرت إحدى وعشرين سنة عن ركب الكفاح المسلح والرصاصة الأولى بحجة التمكين، ومؤسس الحركة وشيخها الراحل أحمد ياسين، كان أول من تحدث عن تهدئة طويلة الأمد، ومنذ ذلك التاريخ، والمفهوم يحضر ويغيب تبعاً لمقتضيات اللحظة السياسية وحساباتها.

“التهدئة” في غزة، بصرف النظر عن مدتها الزمنية، مطلب ملح لكل الفلسطينيين، شريطة ألا تتحول “التهدئة” إلى حل نهائي بحكم الأمر الواقع، ولكيلا تصبح سبباً في قسمة الجغرافيا الفلسطينية بعد أن انقسمت الفصائل والمنظمة والسلطة... فالتهدئة من قبل ومن بعد، يجب أن تتم في سياق المصالحة الفلسطينية، وتحت إطار قيادة فلسطينية موحدة، وتحت راية منظمة التحرير الفلسطينية، ومن أجل معالجة الكارثة الإنسانية في القطاع، لا لتوفير مخرج آمن لفصيل أو بضعة فصائل.

قبول حماس بهذا الخيار، لن يكون أمراً سهلاً ... صحيح أن ثمة تيارا فيها تداعبه فكرة من هذا النوع، لكن هناك في حماس وخارجها، قوى وفصائل وشخصيات وفصائل، لن يرضيها الدخول في هذه “المجازفة” ... الأرجح أن طريقاً كهذا، لن يكون مفروشاً بالحرير، وقد يفضي إلى انقسامات داخل الصف الواحد، في حماس ومعسكرها، ومنْ يعش يرَ.

 

arabstoday

GMT 15:09 2024 الأربعاء ,17 كانون الثاني / يناير

ابنه البكر

GMT 15:08 2024 الأربعاء ,17 كانون الثاني / يناير

... إنّها حرب تطالبنا بأن ننسى كلّ شيء تقريباً

GMT 15:07 2024 الأربعاء ,17 كانون الثاني / يناير

المشعوذون القدامى... والجُدد

GMT 15:04 2024 الأربعاء ,17 كانون الثاني / يناير

الدول العربية «المضروبة»

GMT 15:03 2024 الأربعاء ,17 كانون الثاني / يناير

حانت لحظة الرحيل

GMT 15:02 2024 الأربعاء ,17 كانون الثاني / يناير

الأسئلة الصعبة

GMT 15:01 2024 الأربعاء ,17 كانون الثاني / يناير

من غزو العراق... إلى حرب غزّة

GMT 15:00 2024 الأربعاء ,17 كانون الثاني / يناير

عن رسالة بوريل ومستقبل أوروبا

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

عروض التهدئة المُستدامة إذ تنـهـمـر عــلـــى غــــزة عروض التهدئة المُستدامة إذ تنـهـمـر عــلـــى غــــزة



إطلالات متنوعة وراقية للأميرة رجوة في سنغافورة

سنغافورة - السعودية اليوم

GMT 17:04 2021 الخميس ,07 كانون الثاني / يناير

حظك اليوم برج الدلو الخميس 7 يناير/كانون الثاني 2021

GMT 16:31 2021 الخميس ,07 كانون الثاني / يناير

حظك اليوم برج العذراء الخميس 7 يناير/كانون الثاني 2021

GMT 15:06 2017 الخميس ,30 تشرين الثاني / نوفمبر

إطلالة رائعة لسارة سلامة في جلسة تصوير جديدة

GMT 09:43 2019 الأربعاء ,09 تشرين الأول / أكتوبر

كاريلو يكشف عن كواليس البقاء مع "الهلال"

GMT 03:32 2017 الخميس ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

مروان الشوربجي يودع ربع نهائي بطولة قطر للاسكواش

GMT 10:08 2017 الإثنين ,09 تشرين الأول / أكتوبر

اتحاد جدة ينهيء الشعب المصري بالصعود إلى كأس العالم

GMT 13:33 2017 الأحد ,01 تشرين الأول / أكتوبر

محمد عساف يغني في 5 مدن كندية دعماً لأطفال فلسطين
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
alsaudiatoday alsaudiatoday alsaudiatoday
alsaudiatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab