رُفع العلم وسقطت القضية

رُفع العلم وسقطت القضية

رُفع العلم وسقطت القضية

 السعودية اليوم -

رُفع العلم وسقطت القضية

عريب الرنتاوي

انتهت الأجواء الاحتفالية برفع العلم الفلسطيني على مبنى الأمم المتحدة، بخيبة أمل فلسطينية كبيرة، جراء سقوط أو إسقاط القضية الفلسطينية من كلمة رئيس الدولة الأعظم أمام الدورة السبعين لاجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة، المتواصلة في نيويورك ... فلسطين سقطت “سهواً” بالأمس، فيما العلم سيُرفع اليوم على مبنى الأمم المتحدة، تزامناً مع إلقاء الرئيس محمود عباس لكلمته (القنبلة) من على منبر المنتظم الأممي الأرفع.
والمتتبع لما ألقي من كلمات أمام الجمعية العامة حتى الآن، يلحظ تآكلاً مريعاً في مكانة القضية الفلسطينية على الساحة الدولية، فهي غابت عن كلمات بعضهم، ووردت بخجل واقتضاب وبصورة مجزوءة في كلمات بعضهم الآخر ... والمؤكد أن “الترويج” الفلسطيني لحكاية “القنبلة” و”الحزام الناسف” التي سيتضمنها خطاب الرئيس عباس أمام الجمعية العامة، لم تدفع أحداً من المتحدثين لتعديل نصه أو خطابه أو الخروج عنه ... يبدو أن أحداً لم ترتعد فرائصه ولم ترتعش ساقاه، جراء التلويح بالخطاب/ القنبلة.
لكن ما هي حكاية “القنبلة” في خطاب الرئيس عباس؟ ... وهل صحيح ما نشر من وثائق أو محاضر، تشير إلى أنها “منسقة” مسبقاً ً مع الإسرائيليين؟ ... وإلى أي مدى يمكن الأخذ بفرضية التطمينات الفلسطينية المبثوثة لإسرائيل وكل من يعنيهم الأمر، ومؤدّاها أن التصعيد اللفظي في لغة الخطاب من على المنبر الدولي، سيظل في حدود اللغة، ولن يترجم أبداً إلى سلوك وأفعال على الأرض، وأنه خطاب استهلاك، لا يؤسس لسياسة جديدة، ولا يصلح جسراً لعبور مرحلة استراتيجية جديدة.
وما هي طبيعة “القنبلة” التي جرى التلويح بتفجيرها أمام هذا الحشد الدولي المتميز؟ ... هل هي إلغاء اتفاقات أوسلو، الانسحاب منها، ام تجميدها؟ ... بعض فصولها أم كامل أجزائها؟ ... هل يتصل الأمر بالتنسيق الأمني “المقدس”، الذي تشتد المطالبة بوقفه أو تجميده أو تقليصه من باب أضعف الإيمان؟ ... هل هي الاستقالة من رئاسة السلطة والمنظمة، والتي أظهرت الاستطلاعات بان غالبية وازنة من الفلسطينيين يفضلونها ويستعجلونها؟ ... وهل الأمم المتحدة هي المكان المناسب لتقديم الاستقالة، أم المجلس التشريعي الفلسطيني؟ ... وهل الجمعية العامة هي من جاءت بعباس رئيساً حتى يستقيل أمامها، أم أنها صناديق الاقتراع التي صدئت، لفرط تقادم السنين على آخر انتخابات رئاسية وبرلمانية، وهي بدورها تملي تقديم الاستقالة للشعب الفلسطيني مباشرة أوأمام ممثليه الممددة ولايتهم قسراً أو طوعاً؟
على أية حال، هي تجربة مؤلمة تستحق النظر والتأمل، وتطرح فيضاً من الأسئلة والتساؤلات عن الأسباب التي أدت بالحالة الفلسطينية إلى ما هي عليه من حال مؤسف ومزرٍ ... وهل كان هذا المآل حتمياً، أو قدراً لا رادّ له، أم أن التقصير والتلكؤ والتقاعس ومطاردة خيوط الدخان والأوهام، هي ما قاد الشعب والقضية والحقوق، إلى هذه المصائر والنهايات الصعبة.
نعلم أن الوضع العربي المتآكل بفعل حروب “الإخوة الأعداء” وانصراف “الأشقاء العرب” في حرب الجميع ضد الجميع، وانخراط عواصمهم الكبرى والصغرى في حروب الخنادق والمحاور والمذاهب والطوائف والأقوام ... ونعرف أن القضية الفلسطينية لم تسقط “سهواً” من خطاب أوباما إلا بعد أن سقطت عمداً من جدول أولويات معظم إن لم نقل جميع الأنظمة العربية، وهذا وضع أثقل كاهل فلسطين، قضية وشعباً وصراعاً من أجل الحرية والاستقلال.
لكن ذلك لا يفسر وحده، حالة التراجع التي تعيشها قضية فلسطين، فلولا تفشي واستطالة حالة الضعف والهوان التي تعيشها قيادة الحركة الوطنية الفلسطينية، لولا الانقسام المزري وغير المسؤول، المترتب على أجندات حزبية وفئوية ضيقة، والمبني على جشع للسلطة ونهم للانفراد والتفرد بها، لما بلغ حال القضية الفلسطينية هذا المبلغ من التراجع والتآكل.
لولا استمساك السلطة والمنظمة بأوهام ورهانات لا طائل من ورائها، واستنكافها على اجتراح استراتيجية وطنية جديدة، تليق بالمرحلة الاستراتيجية الجديدة التي يمر كفاح شعب فلسطين، مرحلة ما بعد تآكل حل الدولتين، لما وصلت القضية الفلسطينية إلى ما وصلت ... ومن يظن أن عدالة قضيته الوطنية كفيلة وحدها، باستدرار الدعم واستجلاب الاهتمام، مخطئ وواهم، فإن لم ينجح الفلسطينيون في وضع قضيتهم في قلب أجندة المجتمع الدولي، فلن يسعى أحدٌ، لا من العرب ولا من العجم، لوضعها في مكانها المناسب ... وطريق الفلسطينيين لتجديد الحضور بعد كل هذا الغياب، هي طريق الاشتباك مع الإسرائيلي بكل أشكال المقاومة المشروعة والممكنة، ومطاردة إسرائيل في كل زقاق محلي أومحفل دولي، ووضع المنطقة برمتها من جديد، أمام لحظة الحقيقة والاستحقاق.
أما أن تكون استراتيجية الشعب الفلسطيني، مجرد سيل من القنابل الصوتية التي لا تخيف أحداً، لفرط تكرار التهديد بتفجيرها من جهة، ولانعدام جديتها وجدواها من جهة ثانية، فتلكم “ثالثة الأثافي”، بدلالة ما شهدناه على مدى الأيام القليلة الفائتة من نقاشات ومداخلات، لم تكن فلسطين، سوى هامش صغير في ذيل صفحاتها.

arabstoday

GMT 15:09 2024 الأربعاء ,17 كانون الثاني / يناير

ابنه البكر

GMT 15:08 2024 الأربعاء ,17 كانون الثاني / يناير

... إنّها حرب تطالبنا بأن ننسى كلّ شيء تقريباً

GMT 15:07 2024 الأربعاء ,17 كانون الثاني / يناير

المشعوذون القدامى... والجُدد

GMT 15:04 2024 الأربعاء ,17 كانون الثاني / يناير

الدول العربية «المضروبة»

GMT 15:03 2024 الأربعاء ,17 كانون الثاني / يناير

حانت لحظة الرحيل

GMT 15:02 2024 الأربعاء ,17 كانون الثاني / يناير

الأسئلة الصعبة

GMT 15:01 2024 الأربعاء ,17 كانون الثاني / يناير

من غزو العراق... إلى حرب غزّة

GMT 15:00 2024 الأربعاء ,17 كانون الثاني / يناير

عن رسالة بوريل ومستقبل أوروبا

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

رُفع العلم وسقطت القضية رُفع العلم وسقطت القضية



إطلالات متنوعة وراقية للأميرة رجوة في سنغافورة

سنغافورة - السعودية اليوم

GMT 17:04 2021 الخميس ,07 كانون الثاني / يناير

حظك اليوم برج الدلو الخميس 7 يناير/كانون الثاني 2021

GMT 16:31 2021 الخميس ,07 كانون الثاني / يناير

حظك اليوم برج العذراء الخميس 7 يناير/كانون الثاني 2021

GMT 15:06 2017 الخميس ,30 تشرين الثاني / نوفمبر

إطلالة رائعة لسارة سلامة في جلسة تصوير جديدة

GMT 09:43 2019 الأربعاء ,09 تشرين الأول / أكتوبر

كاريلو يكشف عن كواليس البقاء مع "الهلال"

GMT 03:32 2017 الخميس ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

مروان الشوربجي يودع ربع نهائي بطولة قطر للاسكواش

GMT 10:08 2017 الإثنين ,09 تشرين الأول / أكتوبر

اتحاد جدة ينهيء الشعب المصري بالصعود إلى كأس العالم

GMT 13:33 2017 الأحد ,01 تشرين الأول / أكتوبر

محمد عساف يغني في 5 مدن كندية دعماً لأطفال فلسطين
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
alsaudiatoday alsaudiatoday alsaudiatoday
alsaudiatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab