بضاعة قديمة لسفير سابق

بضاعة قديمة لسفير سابق

بضاعة قديمة لسفير سابق

 السعودية اليوم -

بضاعة قديمة لسفير سابق

عريب الرنتاوي

انعقدت رهانات واشنطن السورية ، على قيام “معارضة معتدلة” تقاتل “الطاغية” و”الإرهاب” سواء بسواء... سوريا تتجه بعد أربعة أعوام من الأزمة والتأزم، إلى “ثنائية قطبية”... من جهة النظام يتقدم ويعزز ومواقعه، ومن جهة ثانية، تتقدم “داعش” وتعزز مواقعها، وكل ما (ومن) يقع بين هذين القطبين، إلى تناقص وتآكل، بمن في ذلك جبهة النصرة والجيش الحر.

هذا الواقع، على ما يبدو، ما زال غير مقنعٍ لدبلوماسيين وباحثين ومسؤولين أمريكيين سابقين وحاليين، آخرهم كان روبرت فورد، سفير واشنطن السابق إلى سوريا، الذي استقال لعجزه عن الدفاع عن سياسات إدارته غير المقنعة، وبالذات استنكافها عن توجيه ضربات للنظام وتزويد المعارضة بأسلحة كاسرة للتوازن ... اليوم يعود فورد لتقديم أطروحاته القديمة، وكأن شيئاً لم يتغير منذ العاشر من حزيران/ يونيو الماضي وحتى يومنا هذا.

سياسياً، يقترح فورد، وإن لم يقل ذلك صراحة ونصاً، توظيف تقدم “ داعش ” لإقناع النظام وحلفائه، بتغيير سلوكهم السياسي، والانصياع لمطلب تشكيل حكومة انتقالية، بمشاركة المعارضة ومنشقين عن النظام، ولدلالة على جدية مقترحه، يرى فورد أن سيناريو إزاحة المالكي والمجيئ بالعبادي، يبدو قابلاً بل ونموذجياً، لإعادة الإنتاج في سوريا.
أما عمليا، فلا يكف الدبلوماسي الأمريكي عن “حشد التأييد” لنظرية تسليح المعارضة المعتدلة، حتى تتمكن من إرغام النظام على الجنوح لخيارات الحل التفاوضي التي أسقطها في جنيف ... حيث سيكون بمقدورها ضرب مواقع استراتيجية للنظام وقواته المسلحة ومطاراته ومقار قيادته، بما يفرض عليه “رفع الراية البيضاء”، وبعد ذلك يمكن أن تنطلق عملية سياسية وتنتهي إلى حكومة توافقية، تتفرغ لمقارعة “داعش”.

لا شك أن فورد، مثل كثيرين غيره، يعوّلون على نجاح “ داعش ” في إقناع حلفاء الأسد بالتخلي عنه، كما حصل للمالكي... وفي ظني أن طهران وموسكو لن تفعلا ذلك، إلا أذا طرقت “دولة الخلافة” أبواب دمشق، وقد لا تفعلا كذلك ... ليبقى السؤال: هل ستنتظر واشنطن، ومن ورائها حلف إقليمي ودولي وازن، حتى تتمدد “داعش” إلى هذا الحد، قبل الشروع في توجيه ضربات كبرى لها؟ ... أحسب أن “داعش” باتت تضغط على خصوم الأسد، بمثل أو أكثر مما تضغط به على النظام السوري نفسه، ولهذا يبدو النظام على درجة عالية من الثقة والارتياح.

ما أخفقت واشنطن في انتزاعه من النظام من خلال “المعارضة المعتدلة”، تسعى اليوم في لانتزاعه تحت ضغط داعش أو بسيوفها ... والأرجح أن هذه المقاربة، تجد لنفسها صدى في أروقة صنع القرار الأمريكي والأوروبي ... أوباما ومن بعده كالعادة، فرانسوا هولاند، رفضا أن يكون للنظام السوري موقع في الائتلاف الدولي – الإقليمي لمحاربة الإرهاب، وقبلهما كان وزراء خارجية خمس دول “اعتدال” عربي، تتفق على أنه لا “مكان للأسد في مستقبل سوريا”، ولكن ماذا يعني ذلك؟ ... ألسنا أمام سيناريو العراق – 2003 وأفغانستان 2002 حين قاتلت واشنطن نيابة عن طهران، وقدمت العراق وبعض أفغانستان، هدية على طبق من فضة لإيران، ومن دون مشاركتها أو التنسيق المسبق معها؟ ... بالأسد أو من دونه، فإن حرب واشنطن على داعش، ستقدم خدمة جليلة للنظام، وستزيح عن كاهله، أعباء حرب قاسية لم يخضها بعد... وهذه واحدة من سخريات الأقدار والتاريخ، التي ازدهرت في هذه المنطقة، وراج سوقها في العشرية الأخيرة من السنين.

فورد، وفي معرض استعراض خبراته وخزان معلوماته عن الوضع في سوريا، يبشر بقرب انهيار النظام، وهو يحشد عدداً من المعطيات التي تؤشر على ضعفه وقرب انهياره ... بل أنه ما زال يبشر بعمليات انشقاق واسعة ونوعية عن صفوفه ... مع أن المرء ليس بحاجة لأن يكون سفيراً سابقاً لدى سوريا، لكي يعرف أن هذه المعلومات تنتمي لعامين مضيا ... حيث لم تسجل منذ ذلك التاريخ عمليات انشقاق عن النظام، بل رأينا مصالحات وطنية وجنود يعودون إلى وحداتهم أو قراهم ... كما أن “المعارضة المعتدلة” ذاتها، وصفت حقبة قيادة أحمد الجربا للائتلاف الوطني (المعارضة المعتدلة) بأنها الحقبة التي خسرت فيها المعارضة، معظم مناطق سيطرتها ونفوذها، وأمكن للنظام فيها أن يحقق اختراقات ميدانية استراتيجية (انظر سجالات كيلو–الجربا)، وما لم يحرزه النظام من مكاسب، أمكن لـ “داعش” أن تحرزه على محاور وجبهات أخرى، فما الذي يتحدث عنه فورد؟

نحن بالطبع، كنا نأمل، ومنذ بواكير الأزمة السورية وبداياتها، أن تكون لدى النظام، مقاربة وطنية أكثر انفتاحاً على المعارضة الوطنية السورية، وأكثر استعداداً لفتح باب المصالحة والإصلاح ... بل ورأينا أن الانتخابات الرئاسية التي قيل فيها ما قيل، قد تقنع النظام نفسه، بتوسيع دائرة المشاركة وجذب قوى سورية معارضة معتدلة إلى صفوفه ... لكن النظام، يأبى كعادته، إلا أن يخيب ظنون أصدقائه قبل أعدائه، ولقد استمعت لدبلوماسيين روس، تحدثوا بمرارة عن المصاعب التي تواجه روسيا في إقناع النظام بإبداء قدر أوسع من المرونة والانفتاح، ودائماً من دون جدوى.
ولا زلنا نعتقد، أن تمدد “داعش” يوفر فرصة ذهبية للنظام والمعارضة المعتدلة (الوطنية) لبناء الائتلاف واسع وعريض لمواجهة هذا الخطر الوجودي ... وأحسب أن كلا الفريقين ما زال عالقاً على رأس الشجرة التي صعد إليها قبل أربع سنوات، يراهن كل منهما على “داعش”، لإقناع الطرف الآخر بالنزول عن قمة هذه الشجرة قبله.

arabstoday

GMT 15:09 2024 الأربعاء ,17 كانون الثاني / يناير

ابنه البكر

GMT 15:08 2024 الأربعاء ,17 كانون الثاني / يناير

... إنّها حرب تطالبنا بأن ننسى كلّ شيء تقريباً

GMT 15:07 2024 الأربعاء ,17 كانون الثاني / يناير

المشعوذون القدامى... والجُدد

GMT 15:04 2024 الأربعاء ,17 كانون الثاني / يناير

الدول العربية «المضروبة»

GMT 15:03 2024 الأربعاء ,17 كانون الثاني / يناير

حانت لحظة الرحيل

GMT 15:02 2024 الأربعاء ,17 كانون الثاني / يناير

الأسئلة الصعبة

GMT 15:01 2024 الأربعاء ,17 كانون الثاني / يناير

من غزو العراق... إلى حرب غزّة

GMT 15:00 2024 الأربعاء ,17 كانون الثاني / يناير

عن رسالة بوريل ومستقبل أوروبا

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

بضاعة قديمة لسفير سابق بضاعة قديمة لسفير سابق



إطلالات متنوعة وراقية للأميرة رجوة في سنغافورة

سنغافورة - السعودية اليوم

GMT 01:25 2017 الأربعاء ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

رائد محسن يكشف كيفية تربية الأطفال بالطرق الصحيحة

GMT 17:06 2018 الإثنين ,03 أيلول / سبتمبر

جرائم الكيان المعنوي للحاسب الآلي

GMT 12:53 2017 الأحد ,29 تشرين الأول / أكتوبر

مدرب النصر يمنح حسام غالي الفرصة الأخيرة لتحسين الأداء

GMT 04:43 2017 الجمعة ,20 تشرين الأول / أكتوبر

مجموعة ساحرة من خواتم الأصبعين الثنائية من

GMT 11:18 2021 السبت ,30 كانون الثاني / يناير

أغلى السيارات التي طرحت عبر تاريخ الصناعة

GMT 14:22 2020 الجمعة ,25 أيلول / سبتمبر

وفاة شقيق الفنان محمود حميدة

GMT 22:52 2020 السبت ,02 أيار / مايو

أبرز 6 شخصيات عربية على موقع "يوتيوب"

GMT 08:20 2019 الخميس ,07 تشرين الثاني / نوفمبر

!الوهم الأبیض
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
alsaudiatoday alsaudiatoday alsaudiatoday
alsaudiatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab