الـدوحــة والقـاهـــرة هبوط اضطراري على مدرج المصالحة

الـدوحــة والقـاهـــرة... هبوط اضطراري على مدرج المصالحة

الـدوحــة والقـاهـــرة... هبوط اضطراري على مدرج المصالحة

 السعودية اليوم -

الـدوحــة والقـاهـــرة هبوط اضطراري على مدرج المصالحة

عريب الرنتاوي

من بين الأطراف الثلاثة المنخرطة في ملف المصالحة المصرية –القطرية، تبدو السعودية الأكثر تفاؤلاً وارتياحاً للتطورات الأخيرة على هذا الصعيد، حتى أن المواكبة السياسية والإعلامية السعودية، أخذت طابعاً احتفالياً يوحي بالنجاح في طي صحفة التراشق والتنابذ بين الدولتين العربيتين، وهذا أمرٌ مفهوم، طالما أنه يصدر عن “وسيط” في هذا الصراع، لا من قبل طرفٍ فيه.
قطر، تسعى في جعل استدارتها “الكاملة” بطيئة على نحو ملحوظ، إذ من الصعب على الدولة، أية دولة، أن تنتقل بين عشية وضحاها من النقيض إلى النقيض، سيما حين يكون الإعلام، أداة هذه الدولة الرئيسة في حسم خلافاتها وتسويتها مع خصومها، والدوحة في سياق “تهيئتها” للنقلة الجديدة في علاقتها مع مصر، تعتمد تكتيك “التقليل” من شأن ما حصل من خلافات وتراشقات في الماضي، وتحميل أطراف ثانوية هنا وهناك، المسؤولية عنها، وتصوير المسألة برمتها كما لو أنها سحابة “سوء فهم وتفاهم وتواصل”، انقشعت أو هي في طريقها إلى ذلك.
مع أن من يرجع لأرشيف عام أو يزيد من التراشق، يرى أن المسألة كانت أبعد من ذلك، وأعمق من ذلك، فما سقط ليس “سوء التفاهم” العارض والعرضي، بل “رهان كامل” على إعادة عقارب حكم الإخوان والرئيس مرسي إلى الوراء، ولقد وضعت في سبيل تحقيق هذا الرهان، مقدرات الدولة بأكملها، من مال وإعلام وعلاقات دبلوماسية وأجهزة استخبارية ... وأحسب، أن هذه السياسة كانت مؤذية للعهد المصري الجديد، إذ لولا الجزيرة، و”الجزيرة مباشر مصر”، لما عرف الناس عمّا يجري في حواري المدن والنجوع النائية في صعيد مصر.
لكن السياسة لا تعرف، ولا مطرح فيها، للمبادئ ولا للصداقات الدائمة ... والثابت في السياسة هي المصالح الدائمة، ولولا أن الدوحة كادت تواجه أشد أطواق العزلة والحصار الخليجية، لما أسقطت رهاناتها على “إخوان مصر”، ولما انتقلت من خنادق العداوة للنظام المصري الجديد، إلى “ضفاف الصداقة” معه، مع كل ما سيترتب على ذلك من نتائج وتداعيات على “الداخل المصري”، وتحديداً على قدرات الإخوان و”تحالف دعم الشرعية”، دع عنك حكاية ترحيل قيادات الإخوان اللائذين بقطر، أو منعهم من الكلام في السياسة، وليس ممارسة العمل السياسي فحسب.
القاهرة بدورها، كانت تنتظر لحظة “التحوّل” في المواقف القطرية بفارغ الصبر، فهي تدرك أن “رياح التنغيص والإزعاج” التي تهب على  نظام الرئيس السيسي، إنما تأتي من الدوحة، لكن مصر في المقابل، لن تكتفي بمجرد لجم قناة الجزيرة وإغلاق بعض منابرها المحرضة على النظام والمتخصصة في استعدائه فحسب ... مصر تعتبر أن تعاون الدوحة مع القاهرة، واستتباعاً مع كل من الرياض وأبو ظبي وعمان، في الحرب على “الإخوان المسلمين”، هو شرط التطبيع الكامل للعلاقات المصرية – القطرية، وهذا يشتمل على “تجفيف” منابع التمويل الرسمي والأهلي، وتسليم المطلوبين وطرد المقيمين في قطر، أو التضييق عليهم إلى أبعد الحدود، بالإضافة إلى تنسيق المواقف لمطاردة الجماعة والحركات الإسلامية على ساحة الإقليم برمته.
الدوحة لن تذهب إلى هذا الحد في تقاربها مع مصر، فهي ما زالت تتعامل مع الإخوان، بوصفهم “احتياط استراتيجي” قابل للاستثمار والتوظيف في مراحل قادمة ... لكنها ستعمل وفق قاعدة الحد الأدنى الضرورية للتطبيع مع مصر، إرضاءً للسعودية في المقام الأول ... والقاهرة وإن كانت تأمل تعاوناً قطرياً كاملاً، إلا أنها ستتصرف وفق نظرية “ما لا يدرك كله لا يترك جُلّه” ... ولهذا سنشهد هبوطاً اضطرارياً على مدرج المصالحة و”التطبيع” بين الجانبين، من دون أن يصل الأمر إلى حد “التحالف” كما هي حال العلاقة بين الرياض والقاهرة.
وستسعى الدوحة، وهي في طريقها لتطبيع علاقاتها مع القاهرة، إلى اغتنام أول فرصة تتوفر للقيام بدور “الوسيط”بين النظام والإخوان، وأحسب أن هذا الدور، هو من أكثر الأدوار التي تشتهي الدوحة القيام بها، لكن ما يعوق هذا السيناريو، أن شروطه لم تنضج بعد، فلا النظام وصل إلى قناعة بضرورة اعتماد سياسة “الاحتواء والإدماج” بدل “الشيطنة والإقصاء”، ولا الجماعة وصلت إلى الاستنتاج بأن حقبة مرسي قد ولّت بغير رجعة، وأن من الحكمة الابتعاد عن المكابرة و”ركوب الرأس” والانخراط من جديد في العمل السياسي الوطني.
الأرجح أن العلاقات بين الدوحة والقاهرة، ستظل تراوح في مربع “التطبيع” من دون اختراقات تذكر، لكنها ستنتعش من دون ريب، حين تحين لحظة “التقريب” بين النظام والجماعة، وهي لحظة قد لا تكون بعيدة، إن وضعت الأطراف جميعها، مصلحة مصر العليا، في صدارة أولوياتها، وقررت الهبوط عن قمة الشجرة التي صعدت إليها منذ “رابعة” وما بعدها، سيما وأن حقائق التاريخ أثبتت لكل أعمى وبصير، إن الإقصاء والتهميش، كما العنف والإرهاب، ليست خيارات يمكن الركون إليها أو انتظار نتائج طيبة من ورائها.

arabstoday

GMT 15:09 2024 الأربعاء ,17 كانون الثاني / يناير

ابنه البكر

GMT 15:08 2024 الأربعاء ,17 كانون الثاني / يناير

... إنّها حرب تطالبنا بأن ننسى كلّ شيء تقريباً

GMT 15:07 2024 الأربعاء ,17 كانون الثاني / يناير

المشعوذون القدامى... والجُدد

GMT 15:04 2024 الأربعاء ,17 كانون الثاني / يناير

الدول العربية «المضروبة»

GMT 15:03 2024 الأربعاء ,17 كانون الثاني / يناير

حانت لحظة الرحيل

GMT 15:02 2024 الأربعاء ,17 كانون الثاني / يناير

الأسئلة الصعبة

GMT 15:01 2024 الأربعاء ,17 كانون الثاني / يناير

من غزو العراق... إلى حرب غزّة

GMT 15:00 2024 الأربعاء ,17 كانون الثاني / يناير

عن رسالة بوريل ومستقبل أوروبا

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الـدوحــة والقـاهـــرة هبوط اضطراري على مدرج المصالحة الـدوحــة والقـاهـــرة هبوط اضطراري على مدرج المصالحة



إطلالات متنوعة وراقية للأميرة رجوة في سنغافورة

سنغافورة - السعودية اليوم

GMT 08:44 2024 الجمعة ,05 كانون الثاني / يناير

عبد الله السدحان يخوض الموسم الدرامي الرمضاني بـ"هم يضحك"

GMT 09:41 2019 الخميس ,01 آب / أغسطس

تعيش أجواء مهمة وسعيدة في حياتك المهنية

GMT 21:53 2016 الثلاثاء ,07 حزيران / يونيو

ليال عبود تشعل الأجواء بصوتها في "بلازا بالاس"

GMT 01:34 2016 الإثنين ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

مقتَل الرياضي الجزائري حسين فرج الله في حادث أليم

GMT 04:37 2019 الثلاثاء ,23 إبريل / نيسان

صرخة حزن عميق ومرارة....

GMT 18:16 2018 الثلاثاء ,18 كانون الأول / ديسمبر

تقنية "الفيديو" تُحرم حسين الشحات من تعديل نتيجة المُباراة

GMT 14:26 2018 الثلاثاء ,04 كانون الأول / ديسمبر

كريم الأحمدي يوضح حقيقة رحيله عن اتحاد جدة

GMT 06:32 2017 الأحد ,15 كانون الثاني / يناير

"شاكي" منزل عطلة صغير يتصدر حجوزات موقع ايربنب
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
alsaudiatoday alsaudiatoday alsaudiatoday
alsaudiatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab