العراق وليبيا  من «التدويل» إلى «التدويل»

العراق وليبيا ... من «التدويل» إلى «التدويل»

العراق وليبيا ... من «التدويل» إلى «التدويل»

 السعودية اليوم -

العراق وليبيا  من «التدويل» إلى «التدويل»

عريب الرنتاوي

بعض أزمات الإقليم المفتوحة، باتت عصية على الحل والتسوية، من دون تدخل جراحي إقليمي و/ أو دولي، العراق وليبيا هما آخر نموذجين لهذه الأزمات.

بعد أكثر من شهرين من طوفان داعش، وثلاثة أشهر على الانتخابات النيابية، يبدو العراق في حالة استعصاء: عجزٌ عن تشكيل الحكومة، إخفاق في استرداد المناطق الخارجة عن سيطرة الدولة، انعدام المناعة في مواجهة تمدد الدولة الإسلامية، واتجاهها شمالاً لملاحقة ما تبقى من مسيحيي العراق وأزيديه وتركمانه، فضلاً عن تهديد أكراده على مقربة من عاصمة إقليمهم.

واشنطن، ومعها عدد من الدول الغربية، بالأخص فرنسا، يبدو أنها قررت ترك حالة التردد والمراوحة في مواجهة زحف داعش، والرئيس الأمريكي أجاز لقواته استخدام سلاح الجو وتزويد بغداد وأربيل بالسلاح، لمواجهة داعش ... إن لم تكن واشنطن قد بدأت ضرباتها حتى لحظة كتابة هذه السطور، فالأرجح أنها ستفعل ذلك في عضون ساعات وأيام قلائل ... الوضع ما عاد يُحتمل، والحرج قد رفع عن القرار.

بؤس الطبقة السياسية العراقية وانتهازيتها، هي ما أطالت مرحلة التردد والمراوحة، وأتاحت لداعش الفرصة لفرض سلطانها وتوسيع “خلافتها”، فواشنطن خشيت التدخل عسكريا من جديد، من خندق المالكي وشيعة العراق، حتى لا تحسب على مذهب ضد الآخر، لكن أما وقد بات داعش يهدد الأكراد والشيعة والتركمان والأزيديين وبعض السنة، فلا مكان للخشية ولا معنى للتردد ... لقد رُفع القلم وتبددت أسباب الحرج.

في ليبيا، تبدو البلاد، على طريق الصوملة، لن يوقف انهيارها وتقسيمها سوى تدخل جراحي إقليمي هذه المرة، برعاية دولية ... التدخل هنا سيأخذ مسارين، سياسي وعسكري .... المسار السياسي ويتصل بدعم وإطلاق عملية سياسية تستهدف استعادة مؤسسات الدولة وتعزيز دورها، أما المسار العسكري، فيستهدف ضرب جماعات أنصار الشريعة والمجموعات المسلحة الأصولية، التي تعيث في الأرض خراباً ودمارا.

الدول المتضررة من انفلات الوضع الليبي، هي بالأساس مصر والجزائر وتونس، فيما تقف السعودية والإمارات، خلف دول جوار ليبيا، مدفوعة بهاجس الإخوان المسلمين والرغبة في تحجيم دورهم في المنطقة ... المؤكد أن ليبيا مقبلة على تدخل خارجي سياسي وعسكري كثيف، بدأنا نرى أوسع عمليات التهيئة والتحضير له في غير دولة وعاصمة ... أما كيف سيكون هذا التدخل وما هي أشكاله وحدوده، فتلكم مسألة ما زالت غامضة حتى الآن.

في كل من العراق وليبيا، لا يبدو الإقليم موحداً في نظرته ومصالحه حيال أزمتي البلدين ... هناك ظلال كثيفة وكئيبة لصراع المحاور، تنعكس بشكل خاص على مواقف الأطراف المحلية في هذين البلدين العربي وتحالفاتهما ... محور القاهرة – الرياض – أبو ظبي في ليبيا مقابل محور قطر – تركيا – الإخوان .... أما في العراق، فإن للقاهرة مقاربة مختلفة عن السعودية، ومتخففة من الهواجس الإيرانية، وتعلي من أولوية ضرب الإرهاب وجماعات الإسلام السياسي والمسلح، “السنيّ” على نحو خاص.

من المرجح أن تخرج القوى السياسية المصطرعة في البلدين من حالة المراوحة، بما يساعد القوى الإقليمية والدولية على حسم ترددها ورفع وتائر تدخلها، وتحت غطاء شرعي داخلي .... أزمة تشكيل الحكومة العراقية، يبدو أنها في طريقها إلى الحل، من دون المالكي وعلى حسابه .... وفي ليبيا تنجح القوى غير الإسلامية، في انتخابات البرلمان الجديد، وتوفير مظلة لقوات حفتر، والشروع في بلورة مؤسسات الدولة والحكومة، والأرجح أن ذلك كله، سيشكل عنصراً محفزاّ لطلب التدخل الدولي، وفي البلدين المذكورين.

الوضع الدولي بدوره، يبدو مؤاتياً لهذه الأشكال والمستويات من التدخل الإقليمي والدولي، روسيا والصين التي طالما عارضت حروب واشنطن و”الناتو” ضد هذين البلدين، يبدو أنهما لن تمانعا في تدخل دولي – إقليمي للقضاء على داعش والقاعدة بمختلف مسمياتها، وإن تعذر استئصال هذه الجماعات، فلا أقل من إضعافها وتبديد خطر تمددها بصورة تهدد روسيا وجمهورياتها الإسلامية والصين وأقليتها المسلمة... وإذ تتولى القاهرة أمر تذليل أية عقبة روسية تعترض التدخل الإقليمي في ليبيا، فإن موسكو لن تستطيع تجاهل نداءات معظم أصدقائها في العراق، والتي تذهب باتجاه طلب العون من واشنطن والناتو والغرب عموماً، لوقف طوفان داعش وحروب الإبادة الجماعية التي تشنها ضد مختلف المكونات العراقية... وقد لا يكون مستبعداً أن يجري التدخل الدولي الإقليمي في كلتا الأزمتين، برعاية مجلس الأمن والجامعة العربية وتحت مظلتيهما.

والخلاصة، أن الأزمتين اللتين بدأتا بأوسع أشكال “التدويل” والتدخل الدولي والإقليمي، تعودان اليوم، لطلب المزيد من هذا التدخل، ولكن في ظروف وسياقات مختلفة ... في البدء كانت الحجة أنظمة القمع والإرهاب والديكتاتورية .... اليوم، خطر داعش والإرهاب ... وسنرى في القريب العاجل، دخول هاتين الأزمتين في منعطفات جديدة، يصعب التكهن بنتائجها من الآن.

arabstoday

GMT 15:09 2024 الأربعاء ,17 كانون الثاني / يناير

ابنه البكر

GMT 15:08 2024 الأربعاء ,17 كانون الثاني / يناير

... إنّها حرب تطالبنا بأن ننسى كلّ شيء تقريباً

GMT 15:07 2024 الأربعاء ,17 كانون الثاني / يناير

المشعوذون القدامى... والجُدد

GMT 15:04 2024 الأربعاء ,17 كانون الثاني / يناير

الدول العربية «المضروبة»

GMT 15:03 2024 الأربعاء ,17 كانون الثاني / يناير

حانت لحظة الرحيل

GMT 15:02 2024 الأربعاء ,17 كانون الثاني / يناير

الأسئلة الصعبة

GMT 15:01 2024 الأربعاء ,17 كانون الثاني / يناير

من غزو العراق... إلى حرب غزّة

GMT 15:00 2024 الأربعاء ,17 كانون الثاني / يناير

عن رسالة بوريل ومستقبل أوروبا

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

العراق وليبيا  من «التدويل» إلى «التدويل» العراق وليبيا  من «التدويل» إلى «التدويل»



إطلالات متنوعة وراقية للأميرة رجوة في سنغافورة

سنغافورة - السعودية اليوم

GMT 01:25 2017 الأربعاء ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

رائد محسن يكشف كيفية تربية الأطفال بالطرق الصحيحة

GMT 17:06 2018 الإثنين ,03 أيلول / سبتمبر

جرائم الكيان المعنوي للحاسب الآلي

GMT 12:53 2017 الأحد ,29 تشرين الأول / أكتوبر

مدرب النصر يمنح حسام غالي الفرصة الأخيرة لتحسين الأداء

GMT 04:43 2017 الجمعة ,20 تشرين الأول / أكتوبر

مجموعة ساحرة من خواتم الأصبعين الثنائية من

GMT 11:18 2021 السبت ,30 كانون الثاني / يناير

أغلى السيارات التي طرحت عبر تاريخ الصناعة

GMT 14:22 2020 الجمعة ,25 أيلول / سبتمبر

وفاة شقيق الفنان محمود حميدة

GMT 22:52 2020 السبت ,02 أيار / مايو

أبرز 6 شخصيات عربية على موقع "يوتيوب"

GMT 08:20 2019 الخميس ,07 تشرين الثاني / نوفمبر

!الوهم الأبیض
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
alsaudiatoday alsaudiatoday alsaudiatoday
alsaudiatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab