الانتخابات الرئاسية في سورية

الانتخابات الرئاسية في سورية

الانتخابات الرئاسية في سورية

 السعودية اليوم -

الانتخابات الرئاسية في سورية

عريب الرنتاوي

بدأت يوم أمس الأول، الحملات الانتخابية الرئاسية في سوريا ... النظام يتنافس مع "نفسه" في هذه المعركة ... لا وجود للمعارضات، داخلية أو خارجية، على حلبة المنافسة ... انتخابات ستجري في نصف سوريا، فنصفها الآخر ما زال يقبع تحت سيطرة المعارضات المختلفة، خصوصاً داعش والنصرة ... نصف الهيئة الناخبة، خارج ولاية النظام الديموغرافية والجغرافية، هناك ثلاثة ملايين لاجئ سوري على الأقل، في دول الجوار القريب والبعيد، ولا نعرف بالضبط، كم من السوريين، ما زالوا يعيشون في المناطق الخارجة عن سيطرة النظام.
في البدء، انعقد رهان النظام، على "تنظيف" المدن الكبيرة من المعارضات المسلحة، قبل موعد الاستحقاق الانتخابي ... يبدو أن هذا الرهان، قد خاب، فحلب، ثاني المدن السورية، ما زالت في قلب دائرة النار ... أما حمص، ثالثة المدن السورية، فما زالت في قلب دائرة الخراب، وأهلها بالكاد عاد بعضهم لتفقد الأضرار وإحصاء الخسائر، وهيهات أن يتمكنوا من الاستقرار فيها، قبل مرور عدة أشهر ... وثمة مدن أقل أهمية، ما زالت تحت قبضة "داعش والنصرة" أو في مرمى نيرانهما.
في بلد منقسم، ومحترب داخلياً، تكون الانتخابات عادة، تتويجاً لمسار توافقي، بين مختلف اللاعبين والأطراف الفاعلة ... وفي أحيان قليلة، تكون مدخلاً لهذا المسار وتدشيناً له ... المسألة تبدو مختلفة تماماً في الحالة السورية ... الانتخابات تجري في ظل مقاطعة شاملة من قبل المعارضين، بمن فيهم معارضة الداخل ... والانتخابات ستصبح صبيحة اليوم التالي لإعلان نتائجها، مجرد "تفصيل" صغير في يوميات الأزمة السورية، لن يقدم ولن يؤخر.
من منظور النظام، الانتخابات مهمة بذاتها، وهي محمّلة بكثير من الرسائل ... هي "برهان" على أن المؤسسات في سوريا، ما زالت تعمل كالمعتاد، برغم فاتورة الحرب وأكلافها ويومياتها الدامية ... وهي بمثابة تجديد لـ "شرعية" النظام، ومن خلال آلية انتخابية ... وهي تعبير سياسي مكثف عن المكاسب الميدانية التي سجلها النظام في ملاعب خصومه الكثر، خصوصاً المعارضة، التي تزداد تهالكاً وتفسخاً، يوماً إثر آخر.
أما بالنسبة لخصوم النظام، فقد قالوا فيها ما لم يقله مالك في الخمر ... مهزلة تحاكي الديمقراطيات، دون أن ترتقي إلى معاييرها، جزء من المشكلة بدل أن تكون جزءاً من الحل، وعقبة إضافية على طريق "جنيف 3" المتعثر أصلاً ... هؤلاء جميعاً ما كان منتظراً منهم مواقف غير تلك التي صدرت عنهم ... أما حلفاء النظام في الإقليم والعالم، فهم يشاطرون النظام، بعضاَ من رسائله الانتخابية، وليس جميعها على أية حال.
انتخابات جرى تفصيل قانونها الخاص، على مقاس النظام ورئيسه، تماماً مثلما جرت إعادة تفصيل الدستور على مقاس الرئيس وهو يخطو صوب ولايته الأولى، خلفاً لوالده ... المرشح الرئاسي يجب أن يكون مقيماً إقامة دائمة في سوريا في السنوات العشر الأخيرة، ما يسقط جميع المعارضة في الخارج، دفعة واحدة، وبجرة قلم ... والمرشح يتعين عليه الحصول على تأييد 35 نائباً في مجلس الشعب السوري، ذي اللون الواحد أصلاً، والذي نشأ وأخضع لهيمنة "الحزب القائد للدولة والمجتمع"، ما يعني "صك حرمان" من المشاركة، لمعارضة الداخل إن تجرّأ بعضها على التفكير بخوض غمار المنافسة.
لم يبق سوى مرشح الحزب والنظام الأوحد: الرئيس بشار حافظ الأسد، أما منافسيه الآخرين، فالأرجح أن النظام أمن لهما ما يمكنها من استكمال شروط المنافسة، والأرجح أن توزيعاً "مركزياً" للأصوات داخل مجلس الشعب، قد جرى مسبقاً، بحيث ينال الرئيس الأسد حصة الأسد من تأييد أعضاء المجلس، وتترك للمرشحين الآخرين الأصوات المطلوبة، ودائماً لغايات القول، أننا أمام انتخابات ومنافسة ديمقراطية حرة ونزيهة، وليس بصدد استفتاء على الرئاسة، من النوع الذي اعتادته سوريا، والذي غالباً ما كان ينتهي بنسبة 99.99 بالمائة من الأصوات لصالح المرشح الأوحد، تلك الاستفتاءات التي مُنِح فيها المواطن السوري الحق في قول "نعم" أو "لا بأس"، ولا خيار ثالث بينهما.
انتخابات يجريها النظام، بتنظيمه وتحت إشرافه، من دون رقابة مجتمع مدني أو قضاء مستقل، من دون مراقبة دولية، ومن دون احترام للحد الأدنى من المعايير الدولية لنزاهة الانتخابات وشفافيتها ... انتخابات كهذه، من السهل الطعن بنتائجها، واحتسابها على "مألوف" الانتخابات في العالم العربي، قبل أن يدخل ربيعه.
ستجري الانتخابات، وستشارك بها نسبة "معتبرة" من السوريين الباقين في مناطق تواجد النظام وسيطرته، ومن دون حاجة للتزوير الفظ، سيفوز الرئيس السوري بشار الأسد بولاية ثالثة، إما خوفاً من النظام وآلته القمعية من حزبية وأمنية، وأما خوفاً على سوريا، وأملاً في الاستقرار وعودة الأمن والأمان، ودائماً "قرفاً" من المعارضات المسلحة، الأصولية منها على نحو خاص، والتي يمكن القول من الآن، ومن دون تردد، بأنها ستكون "الناخب الأكبر" في الانتخابات المقبلة.
وتفتح الانتخابات المقبلة الباب على سؤال: هل يُتمَّ الرئيس الأسد ولايته الثالثة؟ ... الجواب نعم، إن ظل الحال في سوريا رهناً بتطورات الميدان، وتآكل المعارضة، وانتشار المد الجهادي والإرهابي ... وربما يكون "لا"، إن أمكن للمجتمع الدولي توفير شبكة أمان لمرحلة انتقالية في سوريا، تنتهي بتنظيم انتخابات حرة ونزيهة وتعددية، يشترك فيها الجميع، بمن فيهم الأسد، وتكون فيها الكلمة الفصل للناخب السوري ... مثل هذا السيناريو المتفائل، يبدو خيالياً وطوباوياً في ضوء تطورات الأزمة السورية وتداعياتها، فما يلوح في الأفق، هو استمرار هذه الأزمة لسنوات قادمة، ربما تستهلك الولاية الثالثة للرئيس السوري، ودائماً وفقاً لأكثر السيناريوهات تفاؤلاً.

 

arabstoday

GMT 15:09 2024 الأربعاء ,17 كانون الثاني / يناير

ابنه البكر

GMT 15:08 2024 الأربعاء ,17 كانون الثاني / يناير

... إنّها حرب تطالبنا بأن ننسى كلّ شيء تقريباً

GMT 15:07 2024 الأربعاء ,17 كانون الثاني / يناير

المشعوذون القدامى... والجُدد

GMT 15:04 2024 الأربعاء ,17 كانون الثاني / يناير

الدول العربية «المضروبة»

GMT 15:03 2024 الأربعاء ,17 كانون الثاني / يناير

حانت لحظة الرحيل

GMT 15:02 2024 الأربعاء ,17 كانون الثاني / يناير

الأسئلة الصعبة

GMT 15:01 2024 الأربعاء ,17 كانون الثاني / يناير

من غزو العراق... إلى حرب غزّة

GMT 15:00 2024 الأربعاء ,17 كانون الثاني / يناير

عن رسالة بوريل ومستقبل أوروبا

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الانتخابات الرئاسية في سورية الانتخابات الرئاسية في سورية



إطلالات متنوعة وراقية للأميرة رجوة في سنغافورة

سنغافورة - السعودية اليوم

GMT 01:25 2017 الأربعاء ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

رائد محسن يكشف كيفية تربية الأطفال بالطرق الصحيحة

GMT 17:06 2018 الإثنين ,03 أيلول / سبتمبر

جرائم الكيان المعنوي للحاسب الآلي

GMT 12:53 2017 الأحد ,29 تشرين الأول / أكتوبر

مدرب النصر يمنح حسام غالي الفرصة الأخيرة لتحسين الأداء

GMT 04:43 2017 الجمعة ,20 تشرين الأول / أكتوبر

مجموعة ساحرة من خواتم الأصبعين الثنائية من

GMT 11:18 2021 السبت ,30 كانون الثاني / يناير

أغلى السيارات التي طرحت عبر تاريخ الصناعة

GMT 14:22 2020 الجمعة ,25 أيلول / سبتمبر

وفاة شقيق الفنان محمود حميدة

GMT 22:52 2020 السبت ,02 أيار / مايو

أبرز 6 شخصيات عربية على موقع "يوتيوب"

GMT 08:20 2019 الخميس ,07 تشرين الثاني / نوفمبر

!الوهم الأبیض
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
alsaudiatoday alsaudiatoday alsaudiatoday
alsaudiatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab