أردوغان  أيقونة تركيا ومشكلتها

أردوغان ... أيقونة تركيا ومشكلتها

أردوغان ... أيقونة تركيا ومشكلتها

 السعودية اليوم -

أردوغان  أيقونة تركيا ومشكلتها

عريب الرنتاوي

ثمة أزمة دبلوماسية "غير صامتة" بين مصر وتركيا، على خلفية المواقف الانفعالية الحادة التي صدرت عن رئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان ضد ما أسماه "الانقلاب العسكري"، وذهابه بعيداً في إظهار انحيازه لفريق (حزب) من المصريين ضد جميع المصريين من تيارات وأحزاب وحركات سياسية وشبابية وشعبية، بمن في ذلك مؤسسات الدولة من أمنية وعسكرية وقضائية وإعلامية ... وثمة مشاعر غاضبة ضد أردوغان وحكومته تسود أوساط شعبية مصرية واسعة، بل وتتخطى في حدودها مصر، إلى عدد من الدول العربية كذلك. لدى السلطات المصرية من المعطيات، ما يؤكد أن أردوغان وأركان "العدالة والتنمية"، هم من أوحى وشجع إخوان مصر على الإمساك بمفاصل الدولة ومؤسساتها، فيما بات يُعرف بـ"الأخونة"، ولدى السلطات المصرية ما يكفي من معلومات عن "نصائح" نقلتها أنقرة إلى نظام مرسي، تتصل بضرب الإعلام (حكومة أردوغان سجلت رقماً قياسياً في هذا المضمار) وإضعاف الجيش وحبسه في "باراكساته"، فضلاً عن تفكيك القضاء واختراقه، وفي هذه الميادين جميعها، لدى أردوغان وحزبه، مخزون من التوصيات، تراكم خلال أزيد من عقد في الحكم ... لكن من سوء طالع إخوان مصر وأردوغان تركيا، أن شعب مصر وقواته المسلحة، لم يمهلا مرسي وإخوانه الفترة الكافية لإتمام أجندة الأخونة واحكام القبضة على مفاصل الدولة ومؤسساتها. الثابت وفقاً لكل المعطيات التي سبقت ثورة 30 يونيو، أن مرسي وإخوانه، كانوا بصدد مجزرة بحق القضاء المصري، والقانون الذي تقدم به الرئيس وصحبه، كان يهدف إلى اقتلاع جميع قضاة مصر الكبار من مواقعهم ... وعلى لائحة مرسي وجدول أعماله، كان هناك قانون لتنظيم الإعلام، وبصورة تكفل الإجهاز على حريته واستقلاله وتكميم أفواه العاملين فيه و"تسويد" شاشاتهم، ناهيك بالطبع عن لائحة مطلوبين للقضاء كان يجري الإعداد لها بهدوء، وتستهدف 21 إعلامياً وصحفياً معارضاً. أما الخطوات الأكثر أهمية والأكثر خطورة، فتلك التي لم يكشف النقاب عنها بعد، وكانت تتصل بوضع اليد على مؤسسات الدولة من عسكرية وأمنية ... وثمة مصادر مصرية عديدة، تشرح المحاولات والصعوبات التي صاحبت فترة حكم مرسي، للإمساك بهذه المؤسسات ووضع اليد عليها ... وهنا أيضاً، وجد مرسي في أدوغان، خير عون ونصير وشقيق كبير. لكن أكثر ما أثار ويثير استياء السلطات المصرية (والرأي العام المصري) تلك الأنباء التي تؤكد إلحاح أردوغان وحزبه على نظرائهم من إخوان مصر، بالبقاء في الشارع والاستمساك بحكم مرسي وعودته لرئاسة الجمهورية ... هذه المعلومات لم تعد سرية، بعد أن خرج أردوغان عن طوره، وصرّح بأن مرسي ليس رئيس المصريين الشرعي فحسب، بل ورئيسنا جميعاً (يقصد الإسلاميين الأتراك طبعاً) ... هنا انتقلت أنقرة من حالة إبداء وجهة النظر إلى التحريض على التمرد والبقاء في الشوارع والميادين و"التآمر بهدف قلب نظام الحكم" في دولة أجنبية. يزعم أردوغان أن ردة فعله حيال الأحداث المصرية إنما ينطلق من منظومة قيمية وأخلاقية تلتزم بها أنقرة ... مثل هذا المنطق(اقرأ اللامنطق) لم يقنع الأتراك أنفسهم (دع عنك المصريين والعرب)، الذين ردّ عليه كثيرون من كتابهم ومحلليهم بسؤاله: أين كانت هذه المنظومة وأنت تعانق نظام القذافي، وأين هي هذه المنظومة وأنت تُغمض الأعين على تسرب القاعدة والجهاديين إلى سوريا لقتل أهلها وتدمير مجتمعها ؟ ... أردوغان تصرف في الأزمة المصرية كزعيم إخواني، ولم يتصرف كرجل دولة، بحجم تركيا وتاريخها وروابطها في المنطقة. والحقيقة أن المراقب لسلوك أردوغان ومواقفه وسياسات حزبه خلال العامين الفائتين، تصيبه الدهشة والذهول ... فالحسابات والطموحات و"المكونات" الشخصية للرجل، باتت هي التي تقرر سياسة أنقرة وتتحكم بها، إلى الحد الذي تحوّل معه أردوغان إلى عبء على تجربة تركيا و"نموذجها" ومصالحها ومستقبل الديمقراطية والحرية فيها، بعد أن كان ذخراً لها، بل و"أيقونتها" ... فالرجل يضرب طولاً وعرضاً، وهو لا يرى من المعارضة التركية سوى "فلول" و"بلطجية"، وهو يرتد بتسارع على الطابع العلماني للجمهورية التركية، وهي يشتبك في أزمات متفاقمة مع جميع دول المنطقة، ومواقفه ذات الطبيعة المذهبية، تضعفه في صدام مع علمانيي تركيا وعلوييها، قبل أن ينجح في وضع المسألة الكردية على سكة الحل، بل أن هذه المشكلة تزداد تفاقماً بعد "الإنذار الأخير" الذي أطلقه حزب العمال الكردستاني التركي، وبعد اشتباكات راس العين بين أكراد سوريا و"جهادييها" المدعومين من الأتراك. وأحسب أن قدرة تركيا على استئناف مسارها الانتقالي المتقدم نحو الديمقراطية، واستعادة علاقاتها مع جوارها، واسترداد دورها المتآكل في الإقليم، باتتمشروطةًإلى حد كبير، بإخراج أردوغان من موقع صنع السياسة والقرار، وهي مهمة صعبة بالنسبة لرجل ارتبطت باسمه شخصياً تجربة تركيا وحزبها الحاكم في السنوات العشر أو الخمسة عشر الفائتة ... والأمل الوحيد لتركيا إنما يبقى في إسقاط مساعي أردوغان لتغيير النظام السياسي التركي من برلماني إلى رئاسي، وضمان انتقاله إلى القصر الجمهوري، مجرداً من الأنياب والمخالب. -     أردوغان ... أيقونة تركيا ومشكلتها -     "الغرب": إدارة الأزمة السورية وإطالتها -     كيري على طريق سابقيه ... "المهمة المستحيلة" -     مرة أخرى عن الفلسطينيين وحماس والأزمة المصرية -     فلسطين التي تفر من بناننا -     "فلسطنة" أولويات حماس -     سوريا ... هل بدأت "الحرب الأهلية الثانية"؟ -     مصر ... حتى لا تختلط الأجندات والتحالفات    

arabstoday

GMT 15:09 2024 الأربعاء ,17 كانون الثاني / يناير

ابنه البكر

GMT 15:08 2024 الأربعاء ,17 كانون الثاني / يناير

... إنّها حرب تطالبنا بأن ننسى كلّ شيء تقريباً

GMT 15:07 2024 الأربعاء ,17 كانون الثاني / يناير

المشعوذون القدامى... والجُدد

GMT 15:04 2024 الأربعاء ,17 كانون الثاني / يناير

الدول العربية «المضروبة»

GMT 15:03 2024 الأربعاء ,17 كانون الثاني / يناير

حانت لحظة الرحيل

GMT 15:02 2024 الأربعاء ,17 كانون الثاني / يناير

الأسئلة الصعبة

GMT 15:01 2024 الأربعاء ,17 كانون الثاني / يناير

من غزو العراق... إلى حرب غزّة

GMT 15:00 2024 الأربعاء ,17 كانون الثاني / يناير

عن رسالة بوريل ومستقبل أوروبا

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

أردوغان  أيقونة تركيا ومشكلتها أردوغان  أيقونة تركيا ومشكلتها



إطلالات متنوعة وراقية للأميرة رجوة في سنغافورة

سنغافورة - السعودية اليوم

GMT 01:25 2017 الأربعاء ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

رائد محسن يكشف كيفية تربية الأطفال بالطرق الصحيحة

GMT 17:06 2018 الإثنين ,03 أيلول / سبتمبر

جرائم الكيان المعنوي للحاسب الآلي

GMT 12:53 2017 الأحد ,29 تشرين الأول / أكتوبر

مدرب النصر يمنح حسام غالي الفرصة الأخيرة لتحسين الأداء

GMT 04:43 2017 الجمعة ,20 تشرين الأول / أكتوبر

مجموعة ساحرة من خواتم الأصبعين الثنائية من

GMT 11:18 2021 السبت ,30 كانون الثاني / يناير

أغلى السيارات التي طرحت عبر تاريخ الصناعة

GMT 14:22 2020 الجمعة ,25 أيلول / سبتمبر

وفاة شقيق الفنان محمود حميدة

GMT 22:52 2020 السبت ,02 أيار / مايو

أبرز 6 شخصيات عربية على موقع "يوتيوب"

GMT 08:20 2019 الخميس ,07 تشرين الثاني / نوفمبر

!الوهم الأبیض
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
alsaudiatoday alsaudiatoday alsaudiatoday
alsaudiatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab