«ليس لدى السلطان مــن يكاتبـــه» 1

«ليس لدى السلطان مــن يكاتبـــه» (1)

«ليس لدى السلطان مــن يكاتبـــه» (1)

 السعودية اليوم -

«ليس لدى السلطان مــن يكاتبـــه» 1

عريب الرنتاوي

احتل الزعيم التركي رجب طيب أردوغان مكانة قلما احتلها زعيم غير عربي في ضمير ووجدان الرأي العام العربي، لتبلغ “شعبية” مؤسس العدالة والتنمية ذروتها مع إطلالة ثورات الربيع، لتبدأ بعد ذلك، مرحلة الهبوط السريع لزعيم ألْهَمَ العلمانيين قبل الإسلاميين، ونجح بخطب ودِّ الحكَّام والنخب العربية، ودائماً لأهداف وأسباب ودوافع متباينة بتباين المصالح وزوايا النظر والتطلعات.
بدأت قصة صعود نجم أردوغان، شعبياً على الأقل، مع موقفه الرافض الانخراط في التحالف الثلاثيني ضد نظام الرئيس العراقي صدام حسين، وتصويت البرلمان التركي ذي الغالبية الأردوغانية على رفض منح تسهيلات للناتو في الحرب على العراق (اليوم، تعتبر أنقرة أن ما حصل كان خطأ في الحسابات، يجب ألا يتكرر ثانية) ... يومها نظر العرب التوَّاقون للحرية واستقلالية القرار، للنموذج التركي بوصفه نموذجاً ملهماً، واعتبروا الديمقراطية التركية، رافعة للحرية واستقلال القرار الوطني عن دوائر صنع القرار الأطلسي والغربي، وما كان لعربي أن يتفادى خيار المقارنة بين حال أنظمته وحكوماته زمن الركود الطويل والاستتباع للولايات المتحدة والغرب، وبين الموقف التركي الناهض.
نهضت السياسة التركية في الأزمة العراقية آنذاك على جملة مبادئ/ قيم، سرعان ما ستتخلى عنها أنقرة بعد أقل من عشر سنوات، رفضت التدخل العسكري في العراق، ودعت دول المنطقة إلى حل مشاكلها بنفسها، ودعت الأمم المكونة تاريخياً لهذه المنطقة لأخذ زمام قرارها بيدها، اقترح وزير خارجيتها إطار “دول جوار العراق” لحل مشكلات البلد الشقيق، وبدا أن شمساً جديدة ستشرق على المنطقة، ومن الشرق هذه المرة، بعد أن تحكم الغرب في كل مفاصل حياة المنطقة ومستقبلها، وآلَ 99 بالمائة من أوراق حل أي من قضايا إلى اليد الأمريكية.
تطور هذا الموقف مع “دعاية” مكثفة بذلها قادة العدالة والتنمية لنشر أفكارهم الجديدة عن “العمق الاستراتيجي” والتوجه جنوباً، وسياسة “صفر مشاكل” و”الدبلوماسية الناعمة” و”تعظيم المصالح والمنافع المتبادلة”، وما كان لعربي أن يتفادى المقارنة بين النموذج التركي الصاعد من جهة ونموذج الحكم الإسلامي في إيراني، القائم على “تصدير الثورة” و”القوة الخشنة” والخطاب المذهبي عموماً ونظام “ولاية الفقيه” غير المفهوم خارج إطار الدولة الثيوقراطية ... نتيجة المقارنات والمقاربات، صبت دائماً لصالح أردوغان وحزبه وحكومته و”تركيا الجديدة عموماً” ليبلغ هذه الصعود الصاروخي لشعبية أردوغان في إبان العدوان الإسرائيلي على غزة 2008 – 2009، فتركيا أخذت موقفاً شديد اللهجة من هذا العدوان، وأتبعته بـ “أسطول الحرية” وتحدي الحصار، والتدهور الذي صاحب العلاقات التركية – الإسرائيلية، وانتقال تركيا برمتها من موقع الحليف الاستراتيجي لإسرائيل إلى موقع الشريك الاستراتيجي للعرب وقضيتهم المركزية الأولى: فلسطين ... حينها فقدت طهران فرادة خطابها عن “المقاومة” ودخلت إلى الملعب دولة إقليمية كبرى، سنيّة هذه المرة، تتحدث بلغة لا تبتعد كثيراً عن لغة “معسكر المقاومة”، بل وتقارع إسرائيل وتحمل عليها كما حصل في دافوس والانسحاب الشهير لأردوغان من المناظرة مع شمعون بيريز، فيما أمين عام الجامعة العربية، المحسوب على الناصرية، عمرو موسى ظل جالساً في مقعده كأن الأمر لا يعنيه ... يومها بدا أردوغان عروبياً أكثر من العرب، وفلسطينياً أكثر من الفلسطينيين أنفسهم.
على مستوى الحكومات العربية، بدا أن ثمة ترحيباُ بمقدم اللاعب “السني” الإقليمي الجديد، الذي سيكون بمقدوره وحده أن يعادل نفوذ إيران الشيعية في المنطقة، في غياب مصر تحت حكم نظامها المريض بالفساد والاستبداد آنذاك، وسقوط العراق تحت قبضة مشتركة إيرانية -أمريكية، وانحسار الدور السوري بعد اغتيال الحريري وانسحاب الجيش السوري من لبنان، وبقية القصة معروفة.
أما النخب السياسية والفكرية العلمانية، فقد وجدت في أردوغان وحزبه وتجربته ... هذا رجل يدعو لمصالحات بين الإسلام والعلمانية، بين الدِّين والدولة، هذا حزب يقدم قراءة عصرية جديدة في الإسلام، تجعل منه رافعة للتنمية والتطور حد الالتحاق بالاتحاد الأوروبي والاستجابة لشروط عضوية ذاك النادي ... قرأت هذه النخب في ثنايا تجربته القصيرة نسبياً في الحكم، إرهاصات معجزة اقتصادية، تبدو المجتمعات العربية بحاجة لمثلها للخروج من مستنقع الفقر والبطالة والتخلف والمديونية ... ما الذي يريده العلمانيون العرب أكثر من ذلك؟ ... وربما هذا ما دفع كثيرين منهم، إلى استباق الإسلاميين، بمن فيهم الإخوان المسلمون، في الترحيب بالعدالة والتنمية، والحث على الاستفادة من دروس التجربة التركية، في الوقت الذي أبدى فيه إسلاميون كثر، حذراً بالغاً من التجربة في بداياتها.

arabstoday

GMT 15:09 2024 الأربعاء ,17 كانون الثاني / يناير

ابنه البكر

GMT 15:08 2024 الأربعاء ,17 كانون الثاني / يناير

... إنّها حرب تطالبنا بأن ننسى كلّ شيء تقريباً

GMT 15:07 2024 الأربعاء ,17 كانون الثاني / يناير

المشعوذون القدامى... والجُدد

GMT 15:04 2024 الأربعاء ,17 كانون الثاني / يناير

الدول العربية «المضروبة»

GMT 15:03 2024 الأربعاء ,17 كانون الثاني / يناير

حانت لحظة الرحيل

GMT 15:02 2024 الأربعاء ,17 كانون الثاني / يناير

الأسئلة الصعبة

GMT 15:01 2024 الأربعاء ,17 كانون الثاني / يناير

من غزو العراق... إلى حرب غزّة

GMT 15:00 2024 الأربعاء ,17 كانون الثاني / يناير

عن رسالة بوريل ومستقبل أوروبا

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

«ليس لدى السلطان مــن يكاتبـــه» 1 «ليس لدى السلطان مــن يكاتبـــه» 1



إطلالات متنوعة وراقية للأميرة رجوة في سنغافورة

سنغافورة - السعودية اليوم

GMT 01:25 2017 الأربعاء ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

رائد محسن يكشف كيفية تربية الأطفال بالطرق الصحيحة

GMT 17:06 2018 الإثنين ,03 أيلول / سبتمبر

جرائم الكيان المعنوي للحاسب الآلي

GMT 12:53 2017 الأحد ,29 تشرين الأول / أكتوبر

مدرب النصر يمنح حسام غالي الفرصة الأخيرة لتحسين الأداء

GMT 04:43 2017 الجمعة ,20 تشرين الأول / أكتوبر

مجموعة ساحرة من خواتم الأصبعين الثنائية من

GMT 11:18 2021 السبت ,30 كانون الثاني / يناير

أغلى السيارات التي طرحت عبر تاريخ الصناعة

GMT 14:22 2020 الجمعة ,25 أيلول / سبتمبر

وفاة شقيق الفنان محمود حميدة

GMT 22:52 2020 السبت ,02 أيار / مايو

أبرز 6 شخصيات عربية على موقع "يوتيوب"

GMT 08:20 2019 الخميس ,07 تشرين الثاني / نوفمبر

!الوهم الأبیض
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
alsaudiatoday alsaudiatoday alsaudiatoday
alsaudiatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab