دول وهويات  خـطــوط وأقــــلام

دول وهويات ... خـطــوط وأقــــلام

دول وهويات ... خـطــوط وأقــــلام

 السعودية اليوم -

دول وهويات  خـطــوط وأقــــلام

بقلم : عريب الرنتاوي

نظر اليساريون والقوميون العرب إلى الأردن، بوصفه “كياناً وظيفياً مصطنعاً”، يتعين إلحاقه بإحدى الحواضر العربية المجاورة الكبرى، ولطالما “هرب” يساريون وقوميون أردنيون من “أزمة الهوية الوطنية” هذه، إلى هويات أوسع وأكبر، لكأن إحساساً بالخجل كان يطاردهم أو يسعون لإخفائه والتغطية عليه.

وعلى الرغم من أن هذه النظرة كانت متأثرة تماماً بحسابات الحرب الباردة وتحالفاتها، حيث اصطفت هذه التيارات في مواجهة مباشرة مع الحلف الغربي الذي التحق الأردن الرسمي بصفوفه ... إلا أن نتائج تلك النظرة، انعكست على مواقف اليساريين والقوميين، من قضية “الهوية الوطنية” بصورة مفارقة، من ناكر لها ومستخف بتشكلاتها وتطوراتها اللاحقة، إلى “متورط في الإقليمية” المفرطة، آخرون انتهجوا طريقاً مختلفاً في النظر إلى المسألة بالطبع... مع أن جميع هذه التيارات، سبق لها وأن قبلت بكيانات مصطنعة واعترفت بها من موقع التحالف السياسي أو الايديولوجي (جنوب اليمن)، وأنكرت على شعوب متشكّلة حقها في تقرير مصيرها (أريتريا)، وسمحت لنفسها الانتصار لفصل الصحراء الغربية عن الوطن المغربي الأم ... ودائماً لأسباب سياسية وانتهازية ظاهرة.

باحثون جديون في تاريخ المنطقة الحديث، لا يستذكرون الأردن إلا ويسترجعون معه عبارة تشرتشل الشهيرة عندما رفع قلمه وقال ذات نهار في العام 1921: اليوم رسمت بقلمي هذا حدود دولة جديدة في الإقليم، وليصبح بذلك ثاني أشهر قلم بعد قلمي مارك سايكس وجورج بيكو، ولتكون خطوطه بعد ذلك هي الأشهر، بعد خط تقاسم النفوذ الفرنسي – البريطاني الذي نستحضر ذكراه المئوية هذه الأيام.

اليوم، وبعد 95 سنة على قيام الأردن كـ “كيان دستوري”، لم تعد هذه “النبرة” في الأبحاث قائمة ... فالهوية في أحد تعريفاتها هي ما يعتقده الناس ويستشعرونه، وطالما أنهم يؤمنون أنهم ينتمون لهوية واحدة ووطن واحد، فهي هوية قائمة بصرف النظر عن الظروف التي لابست بدايتها، ورافقت تشكل كياناتها.

وفي تاريخ المنطقة الحديث، ثمة دول ومجتمعات وهويات قائمة ومعترف بها، مع أن أعمارها الزمنية، لا تصل إلى نصف عمر الدولة الأردنية الدستوري، وكل ما تتوفر عليه من شروط “الدولة” هو العلم والخريطة والمتحف الفقير الذي يؤسس لتاريخ أو يصطنع تاريخاً لهذه الدويلات، ومع ذلك بات جائزاً التعامل مع هذه الهويات بوصفها معطى قائماً وحقيقة من حقائق المنطقة.

أياً يكن من أمر، لقد تكشفت ثورات الربيع العربي وانتفاضاته، أن ما كنّا نعتقده “هويات تاريخية متشكلة، لم تكن كذلك في واقع الحال ... كنا نظن أن الهوية العراقية صلبة إلى حد الاستعصاء على التفتيت والتجزئة، وعندما كنا نحذر زملاء من المعارضات العراقية قبل عقد من الزمان من خطر “اللبننة” كنا نقابل بالسخرية والاستهجان، بل والجهل بتاريخ العراق وحاضره ... تكرر الأمر مع المعارضات السورية التي كنّا نحذر نشطائها من خطر “العرقنة” لنقابل بالسخرية ذاتها والإنكار ذاته ... إلى ان تفشت مظاهر التقسيم والانقسام وحروب الأهل في البلد الواحد.

بعد 95 عاماً على قيام الدولة و70عاماً على استقلالها، يصبح الحديث عن “كيان مصطنع” و”هوية مفبركة”، أمراً ليس ذي قيمة أو معنى ... الأردن حقيقة قائمة، وإحساس الأردنيين بهويتهم الوطنية، ليس موضع نقاش، والتيارات التي طالما تنكرت للهويات الوطنية لم تعد تفعل ذلك، أو هي في طور الانكماش وتآكل النفوذ.

وبمعنى الإنجاز، فإن من حق الأردني أن يشعر بقدر من “التحقق” إن هو نظر يمنة أو يسرة ... لا أريد المبالغة في تصوير حجم المنجز الأردني، ولا أنا من المعجبين بالخطاب الشعاراتي–الاحتفائي السائد هذه الأيام ... لكن نظرة مقارنة موضوعية بين حالنا وحال الكثير من الأقطار العربية، يدفع المراقب لإدارة الظهر عن كل هذه الثرثرة حول “الكيانات المفركة” و”الهويات المصطنعة”.

الهوية كائن حي، يتغير ويتبدل ويتطور ... وهي ليست معطى ثابتاً او جامداً، هي كالنهر الكبير الذي يغتني بكل روافده ومكوناته، وعلى الذين يتحدثون عن الهوية الأردنية، بمعايير وحسابات وأرقام ما قبل قرن، أن يعيدوا النظر في طريقة تفكيريهم ... والهويات الوطنية في عالمنا العربية، شديدة التفاوت من حيث درجة تبلورها وتجذرها، ولا يعيب هوية بعينها أن تكون قد تشكلت مؤخراً أو أنها ما زالت قيد التشكل، وبهذا المعيار أيضاً، لا يمكن إدراج الأردن في ذيل قائمة التصنيف والقياس بين الدول العربية.

arabstoday

GMT 08:40 2021 الأحد ,21 شباط / فبراير

بايدن وابن سلمان .. العقدة والمنشار

GMT 13:34 2021 الأحد ,24 كانون الثاني / يناير

إيران وحلفاؤها: بين «الناتو الشيعي» و»الجسر المتداعي»

GMT 11:14 2021 الثلاثاء ,19 كانون الثاني / يناير

إلى الذين سيجتـمـعـون في القاهرة...بمَ نبدأ؟

GMT 08:14 2021 الأحد ,10 كانون الثاني / يناير

أية دوافع وراء التصعيد «النووي» الإيراني»؟

GMT 09:47 2021 الخميس ,07 كانون الثاني / يناير

ما الذي سيفعله بايدن بيديه الطليقتين؟

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

دول وهويات  خـطــوط وأقــــلام دول وهويات  خـطــوط وأقــــلام



إطلالات متنوعة وراقية للأميرة رجوة في سنغافورة

سنغافورة - السعودية اليوم

GMT 17:04 2021 الخميس ,07 كانون الثاني / يناير

حظك اليوم برج الدلو الخميس 7 يناير/كانون الثاني 2021

GMT 16:31 2021 الخميس ,07 كانون الثاني / يناير

حظك اليوم برج العذراء الخميس 7 يناير/كانون الثاني 2021

GMT 15:06 2017 الخميس ,30 تشرين الثاني / نوفمبر

إطلالة رائعة لسارة سلامة في جلسة تصوير جديدة

GMT 09:43 2019 الأربعاء ,09 تشرين الأول / أكتوبر

كاريلو يكشف عن كواليس البقاء مع "الهلال"

GMT 03:32 2017 الخميس ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

مروان الشوربجي يودع ربع نهائي بطولة قطر للاسكواش

GMT 10:08 2017 الإثنين ,09 تشرين الأول / أكتوبر

اتحاد جدة ينهيء الشعب المصري بالصعود إلى كأس العالم

GMT 13:33 2017 الأحد ,01 تشرين الأول / أكتوبر

محمد عساف يغني في 5 مدن كندية دعماً لأطفال فلسطين
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
alsaudiatoday alsaudiatoday alsaudiatoday
alsaudiatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab