موسكو إذ تسيّج إدلب بخط أحمر سميك

موسكو إذ تسيّج إدلب بخط أحمر سميك

موسكو إذ تسيّج إدلب بخط أحمر سميك

 السعودية اليوم -

موسكو إذ تسيّج إدلب بخط أحمر سميك

بقلم _ عريب الرنتاوي

حرصت موسكو على «تظهير» موقفها الداعم للعمليات التي يقوم بها الجيش السوري في محافظة إدلب وأطرافها ... فهي من جهة تشارك في العمليات، ولديها قوات على الأرض وطائرات في السماء ... وهي من جهة ثانية، تريد إغلاق هذا الملف بأسرع وقت وأقل كلفة ممكنة، لكي لا يبقى حاضراً في «بازار» الحملات الغربية على الدور الروسي في سوريا، وسبباً في ذرف دموع التماسيح على المدنيين الأبرياء مثلما فعل ماكرون بالأمس في أعقاب لقائه مع بوتين.

لو لم تفعل روسيا ذلك، ولم يرسم قادتها السياسيون والعسكريون خريطة المسموح والممنوع في الشمال السوري الغربي، لتشجعت تركيا على الذهاب إلى أبعد مدى في تدخلها المباشر في العمليات الجارية في آخر معاقل «الإرهاب» و»المسلحين» في الشمال الغربي ... وحده الموقف الروسي، رسم خطاً أحمر عريضا أمام أنقرة، وحدّ من اندفاعتها غير المحسوبة، التي كادت أن تضع الجيشين السوري والتركي وجهاً لوجه.

استرجاع خان شيخون بهذه السرعة القياسية، وانهيار دفاعات النصرة والفصائل المسلحة تباعاً، سيعطي الهجوم السوري زخماً كبيراً، قد لا يكون كافياً لاسترداد المحافظة والمدينة «إدلب»، بيد أنه كاف على الأقل لإلحاق الهزيمة بهذه الفصائل في مواقع استراتيجية ... استرجاع إدلب للسيادة السورية، يبدو أنها عملية من النوع المتدرج والمتدحرج، وليس من النوع «الشامل» الذي سيتم بضربة واحدة أو هجوم واحد.
 
والحقيقة أن تصريحات المسؤولين الأتراك تشف عن حجم الخيبة والإحباط الذي أصاب أنقرة جراء الانخراط الروسي المباشر في معارك إدلب، وإصرار الكرملين على توجيه رسالة حازمة، لا تحتمل اللبس والتأويل والاجتهاد: إدلب يجب أن تعود للسيادة السورية، وأن تنتهي كملاذ آمن وأخير لجماعات إرهابية باتت تسيطر على ما يقرب من 90 بالمائة من المحافظة ... ثم، أن جعل معركة إدلب هي معركة الدفاع عن «حميميم» وضع المسألة برمتها في سياق مختلف، وأنقرة أدركت بأنها إذ تقاتل إلى جانب الفصائل المسلحة في إدلب، فإنما تفعل ذلك في مواجهة مباشرة مع موسكو، وهذا السيناريو هو آخر ما تريده تركيا أو تفكر به، سيما وأن ملف «شرق الفرات» ومنطقته الآمنة، لم يغلق مع واشنطن بعد.

معركة استرداد إدلب لن تكون بحال «نزهة قصيرة»، وما دار على امتداد الأشهر الأربع الفائتة من معارك مكلفة وشرسة على أطراف وفي بعض أريافها، يشي بحجم المصاعب والعراقيل التي ستعترض طريق الجيش السوري ... إدلب محافظة كثيفة السكان (2- 3 ملايين نسمة – الأرقام متضاربة) ... وهي المعقل الأخير، والأكبر، في تاريخ القاعدة و»الجهاد العالمي»، وليس لدى المقاتلين المتمرسين فيها سوى واحد من خيارات ثلاثة: الموت، الاستسلام، أو البحث عن ثغرات في جدار الحدود مع تركيا للهرب من خلالها.

بخلاف بقية الجبهات التي اشتهرت في سياقات الحرب في سوريا وعليها، لا مطرح في إدلب للتسويات والمصالحات ... صحيح أن بعض الفصائل يمكن أن تذهب في هذا الطريق، وأن بعض السوريين يمكن أن ينفضّوا عن النصرة ويسلموا أنفسهم للجيش نظير ترتيبات وضمانات معينة ... لكن الجسم العسكري الرئيس، المقاتل في إدلب، ينتمي لفصيل جهادي، وثمة فصائل جهادية أخرى (خراسان، حراس الدين وغيرهما)، لن تختار الاستسلام بالقطع، والنظام وحلفاؤه ليسوا بوارد المصالحة معها.

وعلى تركيا أن تدرك، أن «مغامرتها» في إدلب وجوارها، لن يكتب لها النجاح، وأن أمنها وسلامة حدودها تتأتى من عودة الدولة السورية ونجاحها في بسط سيادتها حتى آخر متر من الحدود الدولية ... وبدل الاستمرار في البحث عن ذرائع لتبرير اجتياحاتها المتكررة للأراضي والسيادة السوريتين، بدل المضي في إطلاق التهديدات والتحذيرات لدمشق كما لو أن الجيش السوري هو من يجتاح الأراضي التركية، على أنقرة أن تبحث عن قنوات تواصل وتشاور وتعاون مع دمشق، لإغلاق هذه الملفات جميعها، ولديها «وسيط» روسي متلهف للقيام بهذا الدور، وعلى أهبة الاستعداد لبذل المزيد من «المساعي الحميدة» لإغلاق هذه الصفحة المأساوية في هذه البقعة من سوريا، مرة وإلى الأبد ... فهل تستجيب أنقرة لنداء العقل وصوت الحكمة، أم أنها ستمضي في مغامراتها المكلفة لها ولجوارها ولأمن الإقليم واستقراره، سواء بسواء.

arabstoday

GMT 09:20 2020 السبت ,06 حزيران / يونيو

أخبار المتزوجين

GMT 09:15 2020 السبت ,06 حزيران / يونيو

أخبار من ايران وغيرها

GMT 05:49 2020 السبت ,06 حزيران / يونيو

«قيصر» يقتحم أبوابكم!

GMT 04:28 2020 السبت ,06 حزيران / يونيو

3 سنوات قطيعة

GMT 04:19 2020 السبت ,06 حزيران / يونيو

مسكين صانع السلام

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

موسكو إذ تسيّج إدلب بخط أحمر سميك موسكو إذ تسيّج إدلب بخط أحمر سميك



إطلالات متنوعة وراقية للأميرة رجوة في سنغافورة

سنغافورة - السعودية اليوم

GMT 16:48 2024 الثلاثاء ,16 كانون الثاني / يناير

اكتشاف بروتين يحفز إنتاج الدهون الجيدة والتخلص من السمنة

GMT 10:54 2020 الإثنين ,29 حزيران / يونيو

التفرد والعناد يؤديان حتماً إلى عواقب وخيمة

GMT 09:30 2016 الأربعاء ,11 أيار / مايو

لازم يكون عندنا أمل

GMT 05:34 2020 الثلاثاء ,28 إبريل / نيسان

"قبعات التباعد" سمحت بعودة الدراسة في الصين

GMT 11:29 2020 الخميس ,05 آذار/ مارس

أعمال من مجموعة «نجد» تعرض في دبي 9 الجاري

GMT 14:43 2017 الخميس ,30 تشرين الثاني / نوفمبر

نصائح من أجل محاربة الأرق عن طريق الوجبات الخفيفة

GMT 18:25 2016 الثلاثاء ,25 تشرين الأول / أكتوبر

معين شريف يهاجم راغب علامة عبر قناة "الجديد"

GMT 04:58 2012 الخميس ,06 كانون الأول / ديسمبر

سلوى خطاب بائعة شاي في"إكرام ميت"

GMT 03:32 2016 الإثنين ,04 كانون الثاني / يناير

جيسيكا هيلز ستعتزل في 2017 لتتفرَّغ لإنجاب طفل آخر

GMT 11:22 2012 الثلاثاء ,11 كانون الأول / ديسمبر

تفاصيل سرية تنشر للمرة الأولى بشأن اغتيال الشيخ أحمد ياسين

GMT 15:55 2024 الأربعاء ,17 كانون الثاني / يناير

ارتفاع عدد ضحايا العدوان الإسرائيلي علی غزة إلى 24448 شهيدًا

GMT 17:10 2021 السبت ,16 كانون الثاني / يناير

مواطنة من فئة الصم تحصل على درجة الماجستير من أمريكا
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
alsaudiatoday alsaudiatoday alsaudiatoday
alsaudiatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab