الحرب في سوريا وعليها تنتهي في حالتين فقط

الحرب في سوريا وعليها تنتهي في حالتين فقط

الحرب في سوريا وعليها تنتهي في حالتين فقط

 السعودية اليوم -

الحرب في سوريا وعليها تنتهي في حالتين فقط

بقلم :عريب الرنتاوي

مقابل قاعدتين عسكريتين ضمنت روسيا الاحتفاظ بهما لخمسين سنة قادمة، تعمل واشنطن على إنشاء خمس قواعد لها في شرق وشمال شرق سوريا ... ومقابل وجود روسي مستدام في سوريا، يعمل البنتاغون على إبقاء وحداته العسكرية في سوريا لفترة طويلة، وربما حتى إشعار آخر.

واشنطن تتهم موسكو بالصمت على النفوذ الإيراني المتزايد في سوريا، وحماية نظام الرئيس بشار الأسد، عسكرياً وديبلوماسياً ... موسكو تتهم واشنطن بالسعي لتقسيم سوريا، وتخطي هدف محاربة داعش، إلى استنزاف النظام وحلفائه ... واشنطن تتهم موسكو بمحاولة اختطاف مسار الحل السياسي لسوريا ... وموسكو تتهم واشنطن بعدم بذل أي جهد جدي يذكر لجعل التسوية والسلام ممكنين في سوريا.

معنى ذلك، أن الأزمة السورية، وعلى الرغم من التحولات الاستراتيجية التي طرأت على توازنات القوى منذ نهاية أيلول/ سبتمبر 2015، ما زالت بعيدة عن خط النهاية، بل وبعيدة جداً، وأن فرص بقاء الجرح السوري نازفاً، ما زالت قائمة، وثمة في نظر المتشائمين، ما هو أسوأ بكثير من النزف والاستنزاف، ثمة فرص ماثلة لموجات أكبر وأوسع من المواجهة المباشرة بين اللاعبين الكبار، والأمم المتحدة تقول أن معارك سوريا الأخيرة، كانت الأعنف والأكثر دموية منذ اندلاع الأزمة، فيما المراقبون لا يستبعدون انتقال “حروب الوكالة” إلى حروب مباشرة، سيما بعد سقوط أربع طائرات لأربع دول في شهر واحد: الروسية، التركية (مروحية)، الإسرائيلية والإيرانية (من دون طيار).

في ميزانية إدارته للعام 2019، رصدت إدارة الرئيس ترامب مبلغ 550 مليون دولار لدعم وحدات الحماية الكردية ... أمر استفز أنقرة، ودفع برئيسها للإدلاء بتصريح غاضب آخر، ضد واشنطن والناتو و”الإرهاب الكردي”... لكن تركيا التي تجد عنتاً ومشقة في حسم معركة عفرين، لا تريد التخلي عن “غصن الزيتون” مع واشنطن، يبدو أنه غصن الزيتون الوحيد التي تلوح به أنقرة، فمعارك عفرين، أبعد ما تكون عن الزيتون وأغصانه، بعد أن ارتفعت كلفتها الإنسانية إلى حدود لا تطاق، ومن دون أن يترافق ذلك مع تقدم استراتيجي يذكر.

تركيا في سوريا، تواجه مأزقا ، إذ حتى بفرض نجاح الجيش التركي والقوات الرديفة له في اجتياح عفرين، فمن ذا الذي يمكنه القول ان الأوضاع في تلك المنطقة، ستستتب لتركيا وحلفائها، وأن اكراد سوريا، لن ينتقلوا إلى أشكال جديدة من المواجهة وعمليات الاستنزاف، وربما بدعم من دمشق التي وإن بدت مستفيدة من معادلة “عفرين مقابل إدلب” إلا أنها لن تسلم لأنقرة باحتلال هادئ ومريح لمساحات واسعة من أراضيها، كما أن المعادلة المذكورة ذاتها، تعاني اختلالاً، مع تباطؤ تقدم الجيش السوري وحلفائه في آخر محافظات “سوريا المفيدة” في الأسابيع الأخيرة.
أما واشنطن فهي ليست وحدها، من بمقدوره أن يمارس لعبة “استنزاف الآخر” في سوريا ... الصاروخ الذي أسقط الطائرة الروسية، قابله صاروخ أسقط طائرة إسرائيلية، أمريكية الصنع، لكأننا أمام معادلة “هذه بتلك”، بصرف النظر عن مدى “تورط” روسيا في حادثة إسقاط الطائرة الإسرائيلية.

والاستنزاف لن يبقى في السماء، فقد يهبط على الأرض، صحيح أن واشنطن قابلت ما أسمته عمليات تحرش بقواتها وقوات حلفائها في محيط دير الزور، برد دموي قاسٍ، لكن هذه ليست أول التحرشات، ولن تكون آخرها، وربما تتوفر موسكو وإيران على “قوى على الأرض”، أكثر كفاءة في عمليات الاستنزاف والتحرش، من تلك التي تعتمد عليها واشنطن، سيما بعد أن تتضح لأكراد سوريا، الحدود التكتيكية للدعم الأمريكي لقضيتهم الخاصة.

إيران وجِدت في سوريا لتبقى، ولن تنفع تهديدات نتنياهو وجنرالات إسرائيل في تغيير هذه الحقيقة، وإن كان هناك رهان على موسكو لتقليم أظافر طهران ومخالبها في سوريا، فإنه رهان خائب، فموسكو لا تمتلك “دالّة” على إيران، وهي تعرف أن انسحاب القوات الموالية لها من ميادين المعارك، يعني أن الوجود الروسي في سوريا ذاته، سيكون مهدداً، وليس الوجود الإيراني فحسب.
إسرائيل تعرف ما الذي تريده في سوريا بلا شك، بيد أنها لا تمتلك الأوراق الفاعلة والأدوات الكفيلة بتحقيق مراميها، وربما تكون “صفعة الإف 16” عاملاً إضافياً في “تعقيد” مهمة إسرائيل في سوريا، لكنها بالطبع، لن توقف تل أبيب عن السهر لحماية “خطوطها الحمراء”.

سوريا تحولت منذ عدة سنوات إلى ساحة “تسوية حسابات” إقليمية ودولية ... ما كان يُدعى في يوم من الأيام بـ”الثورة السورية”، لم يبق منها “ثورة”، ولم تعد سورية ... ويوماً إثر آخر، يتواصل تآكل أدوار الفاعلين المحليين، على خندقي الصراع، وتجد القوى الإقليمية والدولية نفسها مجبرة على الإلقاء بثقلها مباشرة في الميدان ... ثمة خمسة جيوش أجنبية موجود بثقل كبير فوق أراضيها: روسي، أميركي، إيراني، تركي وإسرائيلي، وثمة خطوط تماس متنقلة تكاد تضع قوات هذه الدول على خط نار مع بعضها البعض، ومن سوء طالع السوريين، أن هذه الأطراف التي تتصارع في سوريا وعليها، يخفي كل واحد منها، تحت إبطه، ملفات وأجندات لا علاقة لسوريا أو السوريين بها.

بعض هذه الملفات، يتصل بالصراع الإقليمي المحتدم في المنطقة بين محاور : إيران وحلفائها،  وتركيا وحلفائها ... وبعضها الآخر، يتصل بصراع الأقطاب على الساحة الدولية سعياً لإعادة نظام عالمي جديد، يخلف نظام القطب الواحد، الذي ورث بدوره نظام الحرب الباردة.

وقد تنتهي الحرب في سوريا في واحدة من حالتين: الأولى؛ نجاح القوى الإقليمية والدولية في حل خلافتها والتوصل إلى تفاهمات حول ملامح النظامين الإقليمي والدولي الجديد، وهذه مهمة عسيرة على التحقيق لسنوات - وربما لعقود - عديدة قادمة ... والثانية؛ تفاقم خطر انزلاق هذه القوى إلى “قعر الهاوية” بعد أن وجدت نفسها تقف على حافتها في الأسابيع والأشهر القليلة الفائتة.

إن خلصت هذه الأطراف إلى استنتاج مفاده أن احتمال المواجهة المباشرة أعلى بكثير من غيره، وأن كلفته عليها تفوق المكاسب المتحققة لها في سوريا، يمكن أن تجنح للسلم والتهدئة، ويمكن للازمة السورية أن تجد حلها استتباعاً، لكن طالما أن تفادي الصدام المباشر، ما زال احتمالاً قائماً، فمن غير المتوقع للحرب في سوريا ولحروب الآخرين عليها، أن تضع أوزارها في المديين المباشر والقريب.

المصدر ـ جريدة الدستور

 

arabstoday

GMT 11:26 2020 الإثنين ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

القوقاز... صدام الأحلام الإمبريالية

GMT 04:19 2020 الإثنين ,18 أيار / مايو

كلفة «السيناريو الآخر»

GMT 09:47 2020 الخميس ,30 إبريل / نيسان

هل قررت الصين وروسيا إسقاط «ترامب»؟

GMT 05:40 2020 الأحد ,26 إبريل / نيسان

مغيّرون في التاريخ: الرجل الذي صنع غاندي

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الحرب في سوريا وعليها تنتهي في حالتين فقط الحرب في سوريا وعليها تنتهي في حالتين فقط



إطلالات متنوعة وراقية للأميرة رجوة في سنغافورة

سنغافورة - السعودية اليوم

GMT 16:19 2021 الخميس ,07 كانون الثاني / يناير

حظك اليوم برج الأسد الخميس 7 يناير/كانون الثاني 2021

GMT 18:13 2019 الثلاثاء ,15 تشرين الأول / أكتوبر

حمدي فتحي يسجل أول أهداف مصر في شباك بوتسوانا

GMT 11:25 2018 الجمعة ,26 تشرين الأول / أكتوبر

عسيري يؤكد أن الاتحاد قدم مباراة كبيرة امام الهلال

GMT 00:28 2018 الخميس ,05 تموز / يوليو

كروم 67 يدعم تطبيقات الويب المتجاوبة

GMT 15:41 2018 الجمعة ,09 شباط / فبراير

سترة الجلد تناسب جميع الأوقات لإطلالات متنوعة

GMT 14:57 2017 الجمعة ,15 كانون الأول / ديسمبر

كليب Despacito يحقق مليار ونصف مشاهدة على اليوتيوب

GMT 18:27 2017 الثلاثاء ,28 تشرين الثاني / نوفمبر

العثور على معدات صيد في الدار البيضاء لرجل اختفى عن الأنظار

GMT 21:15 2017 الأربعاء ,04 تشرين الأول / أكتوبر

مباراة الدحيل والريان تحظى بنصيب الأسد من العقوبات

GMT 08:17 2017 الأربعاء ,27 أيلول / سبتمبر

الكويت تجدد سعيها لحل الخلافات العربية مع قطر

GMT 02:26 2017 الجمعة ,14 تموز / يوليو

نادي نابولي الإيطالي يكشف عن بديل بيبي رينا

GMT 13:25 2017 الخميس ,14 أيلول / سبتمبر

نفوق اكبر باندا في العالم عن 37 عامًا في الصين

GMT 01:21 2016 الإثنين ,05 كانون الأول / ديسمبر

دور الإعلام خلال مؤتمر "كوب 22" في مراكش

GMT 23:09 2016 الثلاثاء ,20 كانون الأول / ديسمبر

لجنة الانضباط في الاتحاد السعودي تقرّر إيقاف حسين المقهوي

GMT 13:38 2015 الإثنين ,03 آب / أغسطس

سهو السهو يؤكد وجود احتمالية بنقل خليجي 23

GMT 06:53 2017 الأحد ,08 كانون الثاني / يناير

مدينة كييف أجمل مدن أوروبا الشرقية لقضاء شهر العسل

GMT 00:57 2017 السبت ,14 كانون الثاني / يناير

عمار الحلاق يكشف مشاكل "الجمباز" في سورية
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
alsaudiatoday alsaudiatoday alsaudiatoday
alsaudiatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab