مرة ثانية، عن الأزمة السورية ودلالات الأرقام

مرة ثانية، عن الأزمة السورية ودلالات الأرقام

مرة ثانية، عن الأزمة السورية ودلالات الأرقام

 السعودية اليوم -

مرة ثانية، عن الأزمة السورية ودلالات الأرقام

عريب الرنتاوي

وفقاً للمرصد السوري لحقوق الإنسان، فإن أكثر من مائة وثلاثين ألف سوري (130433) قد لاقوا حتفهم منذ اندلاع الأزمة السورية في أوساط آذار / مارس 2011 وحتى اليوم ... الرقم مروّع بلا شك، بيد أن دلالاته لا تتوقف عند حدود إظهار الكلفة البشرية لهذه الحرب الضروس، وإنما تتخطاه إلى ما هو أبعد من ذلك ... فالأرقام المذكورة تقتصر على ما أمكن توثيقه من أعداد وأسماء القتلى، هناك من قضوا من دون توثيق، ما قد يرفع رقم الخسائر الكلية إلى ما هو أبعد وأفظع من ذلك ... أما الدلالة الثانية، فتظهر من خلال "تفصيل" هذه الأرقام الإجمالية وتوزيعها على المدنيين والمحاربين من كلا المعسكرين. يقول المصدر أن غالبية القتلى هم من المحاربين، وهذه معادلة مقلوبة في الحروب الأهلية المماثلة، والتي عادة ما تكون فيها أرقام الضحايا من المدنيين أضعاف مثيلاتها من العسكريين والمحاربين ... وحسب إحصاءات المصدر فإن 46266 مدنياً قد قتلوا خلال ما يقرب من الأعوام الثلاثة من المعارك والحروب، وهذا يشكل ما نسبته 35 بالمائة من إجمالي ضحايا / قتلى الحرب المستعرة في سوريا، مع أن من يتتبع فضائيات الإعلام العربي إياها، يكاد يصدق أن الحرب في سوريا لا تسقط سوى المدنيين، ولا تستهدف أحداً غيرهم ... الآن بتنا نعرف أن ثلثي ضحايا هذه الحرب من المحاربين، وهذا يفترض أن كثيرين من المدنيين القتلى، سقطوا "في سياق" المعارك، ولم يكونوا هدفاً مباشراً وقصدياً لنيرانها. وفي التفاصيل أيضاً، ودائما وفقاً للمرصد السوري المعارض الذي يتخذ من لندن مقراً له، فإن خسائر قوات النظام بلغت 32013 جندي وضابط وضابط صف، فضلاَ عن 19729 من قوات الدفاع الوطني والحماية الشعبية المساندة له، إلى جانب 262 قتيلاً من حزب الله ومثلهم تقريباً (286) من قتلى الداعمين الشيعة للنظام من جنسيات مختلفة ... وبنظرة إجمالية، يمكن القول أن خسائر النظام، قواته النظامية وشبه النظامية، بلغت 51742 قتيلا ... أي ما يزيد عن أعداد القتلى في صفوف المدنيين كافة، الذين لا نعرف من منهم قُتل على أيدي قوات النظام أو على أيدي قوات "المعارضات المسلحة"، وبنسبة تصل 112 بالمائة، دع عنك مقاتلي حزب الله وغيره من الشيعة الموالين لنظام الأسد، ومن دون احتسابهم في المعادلة. أما عن المعارضات المسلحة، فيقول التقرير أنها فقدت 29083 مسلحاً، يضاف إليهم 2794 مجهول الهوية (الأرجح أنهم من الجهاديين الوافدين إلى سوريا) فيصبح إجمالي قتلى المعارضة حوالي 31877 مقاتلاً، وهو رقم يكاد يتطابق مع عدد قتلى الجيش السوري النظام، من دون "ميليشياته"، ما يجعل معادلة الخسائر بين الجانبين تقترب من (1 – 1)، وهذه نسبة غير مسبوقة في حروب أهلية تشنها جماعات مسلحة، قليلة العدد والتدريب والتسليح ضد جيش نظامي، يُعد واحداً من أهم جيوش المنطقة. قبل أيام، نشرت وكالة "يو بي آي" تقريراً عن أعداد "الجهاديين القتلى في سوريا، منسوباً إلى مصادر التيار السلفي الجهادي في الأردن وجاء فيه إن أعداد قتلى الحركات “الجهادية” في سوريا منذ آذار / مارس 2011 وحتى عشية عيد الميلاد المجيد (23/12) لسنة 2013، يقارب العشرة آلاف قتيل (9987)، جميعهم معلومي الهوية، وموزعين على الجنسيات المختلفة بالأرقام والتفاصيل، وإذا أضفنا إلى هؤلاء 2794 قتيل من مجهولي الهوية الذين افترضنا أنهم جميعاً أو غالبيتهم العظمى من "المجاهدين الوافدين"، فإن أعداد قتلى التيار الجهادي في سوريا يرتفع إلى 12781 قتيلاً ... وفي توقيت متزامن كانت "القبس" الكويتية قدّرت أعداد قتلى حزب الله في سوريا بحوالي 650 قتيلاً، يومها علقنا على هذا الرقم بالقول أنه ينطوي على مبالغة، وأن تقديرات حزب الله تضع خسائره دون ذلك بكثير ... اليوم نعرف أن "المجاهدين الشيعة الوافدين" فقدوا 584 قتيلاً لا أكثر، أقل من نصفهم ينتمون إلى حزب الله كما أكدت مصادر المرصد، وهذا ما يجعل تقديراتنا في محلها تماماً. ما الذي يمكن استخلاصه من "حشد" كل هذه الأرقام، وما الدلالات السياسية التي تنطوي عليها؟ أولاً، أن الحرب في سوريا لم تكن منذ "الانتقال إلى السلاح" حرباً بين جموع شعبية وجماهرية من جهة ونظام وعصابات متحالفة معه من جهة ثانية، بل حرباً بين جيشين مدججين بالسلاح والإيديولوجيا، فضحايا الحرب من الجانبين، تفوق بكثير الضحايا المدنيين. ثانياً، أن الجأر بالشكوى من ضعف تسليح المعارضة وعددها وعدديها، لم يكن أبداً يعكس واقع الحال في سوريا، بدلالة هذا "التوازن المرعب" في أعداد القتلى والذي يعكس بالضرورة، توازناً في القوى على الأرض، يفند هذه المزاعم. ثالثاً، إن الأزمة في سوريا أبعد ما تكون عن الحل، لا عسكرياً ولا عبر "جنيف 2"، فالقوى المحتربة على الأرض، ما زالت أبعد من أن تلقي سلاحها أرضاً، وغلبة أي فريق على الآخر ميدانياً، تبدو صعبة المنال.    

arabstoday

GMT 15:09 2024 الأربعاء ,17 كانون الثاني / يناير

ابنه البكر

GMT 15:08 2024 الأربعاء ,17 كانون الثاني / يناير

... إنّها حرب تطالبنا بأن ننسى كلّ شيء تقريباً

GMT 15:07 2024 الأربعاء ,17 كانون الثاني / يناير

المشعوذون القدامى... والجُدد

GMT 15:04 2024 الأربعاء ,17 كانون الثاني / يناير

الدول العربية «المضروبة»

GMT 15:03 2024 الأربعاء ,17 كانون الثاني / يناير

حانت لحظة الرحيل

GMT 15:02 2024 الأربعاء ,17 كانون الثاني / يناير

الأسئلة الصعبة

GMT 15:01 2024 الأربعاء ,17 كانون الثاني / يناير

من غزو العراق... إلى حرب غزّة

GMT 15:00 2024 الأربعاء ,17 كانون الثاني / يناير

عن رسالة بوريل ومستقبل أوروبا

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

مرة ثانية، عن الأزمة السورية ودلالات الأرقام مرة ثانية، عن الأزمة السورية ودلالات الأرقام



إطلالات متنوعة وراقية للأميرة رجوة في سنغافورة

سنغافورة - السعودية اليوم

GMT 01:25 2017 الأربعاء ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

رائد محسن يكشف كيفية تربية الأطفال بالطرق الصحيحة

GMT 17:06 2018 الإثنين ,03 أيلول / سبتمبر

جرائم الكيان المعنوي للحاسب الآلي

GMT 12:53 2017 الأحد ,29 تشرين الأول / أكتوبر

مدرب النصر يمنح حسام غالي الفرصة الأخيرة لتحسين الأداء

GMT 04:43 2017 الجمعة ,20 تشرين الأول / أكتوبر

مجموعة ساحرة من خواتم الأصبعين الثنائية من

GMT 11:18 2021 السبت ,30 كانون الثاني / يناير

أغلى السيارات التي طرحت عبر تاريخ الصناعة

GMT 14:22 2020 الجمعة ,25 أيلول / سبتمبر

وفاة شقيق الفنان محمود حميدة

GMT 22:52 2020 السبت ,02 أيار / مايو

أبرز 6 شخصيات عربية على موقع "يوتيوب"

GMT 08:20 2019 الخميس ,07 تشرين الثاني / نوفمبر

!الوهم الأبیض
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
alsaudiatoday alsaudiatoday alsaudiatoday
alsaudiatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab