أبعد من الغرفة الثانية

أبعد من "الغرفة الثانية"

أبعد من "الغرفة الثانية"

 السعودية اليوم -

أبعد من الغرفة الثانية

عريب الرنتاوي

    ذهبت أكثر القراءات لتشكيلة مجلس الأعيان الجديدة للقول بأنها "خطوة للوراء" و"ضربة لمشروع الإصلاح"، ودلل أصحاب هذه القراءات على "نبوءاتهم المتشائمة" بشواهد تبدأ بهوية الرئيس ومواقفه المحافظة وغير الإصلاحية، مروراً بغياب "الإسلاميين" عن المجلس، وليس انتهاء بالإشارة إلى الخلفية البيروقراطية التقليدية المحافظة لغالبية أعضاء المجلس. من جهتي، لا اعتراض عندي على هذه القراءة ثلاثة الأبعاد، لكن السؤال الذي داهمني فوراً وأنا أقرأ هذه التعليقات هو: وهل كانت عجلة الإصلاح تتدحرج متسارعةً، زمن المجلس القديم ورئيسه الإصلاحي وتركيبته المنفتحة عل إسلاميين وإصلاحيين، وأقول منفتحة بالمعنى النسبي، لأنه يصعب إطلاق الأحكام من دون تحفظ في هذا المقام. قد يكون من الأدق القول، أن مؤسسة القرار أعطت بهذه "التشكيلة"، مؤشراً إضافياً على تراجع "أولوية الإصلاح" في حساباتها الداخلية، وهي أولوية لم تكن متقدمة على أية حال، في سلم اهتمامات المؤسسة، بعد أن تحررت من ضغوط الداخل والخارج، الدافعة بهذا الاتجاه، وسيكون مثيراً للغاية معرفة هوية التركيبة الحكومية الجديدة، التي ستقود المرحلة المقبلة، رئيساً وفريقاً وزارياً، بل وما إذا كان التغيير سيحصل أم لا، وفي أي اتجاه سيتم، وهل سيتوقف الأمر كما جرت العادة حتى الآن، عند حدود الأسماء والوجوه، أم سيطاول البرامج والسياسات والمواقف؟ ... أسئلة وتساؤلات أكثر أهمية من وجهة نظري مما شهده "العبدلي" من تغييرات. والحقيقة أننا في جدل قديم متجدد حول هذا الموضوع، هل نسير حقاً على دروب الإصلاح والتغيير المنشودة؟ ... هل ثمة رؤية استراتيجية مجدولة بالبرامج والتوقيتات للانتقال إلى ديمقراطية حقيقة، تتخطى حالة الحريات النسبية التي نعيشها؟ ... هل يتقدم الأردن في مجالات حرية الصحافة والإعلام والرأي والتعبير، أم أننا نتراجع للوراء؟ ... كيف كانت صورتنا بالأمس في جنيف ومجلس حقوق الإنسان، وكيف ستكون غداً في لندن "شراكة الحكومة المفتوحة". من الواضح تماماً أن مسار الإصلاح السياسي والتحول الديمقراطي في بلادنا، يراوح مكانه منذ أمد ليس بالقصير، حتى لا نقول يتراجع للوراء، فتجربة الانتخابات الأخيرة، على ما رافقها من "محسنات بديعية" يعود الفضل الرئيس فيها للهيئة المستقلة للانتخابات وما طرأ على قانون الانتخاب من تعديلات طفيفة، فشلت في أن تكون "تتويجاً" لمسار إصلاحي جدي، وانتهت إلى مجلس نيابي لا يختلف نوعياً عن مجالس سابقة، ولولا وجود 20 - 30 نائباً متميزاً في صفوفه من أصل 150 نائباً، لكان صورة طبق الأصل وطبعة غير مزيدة وغير منقحة، عن المجالس السابقة. وقانون الأحزاب الذي تمخضت عنه "الحقبة الإصلاحية"، أسوأ بكثير من القانون العائد لعام 1992، فقد جاء مثقلاً بالعوائق والاشتراطات أمام تشكيل الأحزاب وحرية حركتها ونشاطها، وتحول الدعم المالي لها، إلى وسيلة إلى لتفريخ المزيد منها، من دون أسس أو معايير صارمة، والقصة في هذا المجال، يطول شرحها، ولدينا ما نتحدث به في هذا المجال. أما عن التشريعات الناظمة للعمل الإعلامي، فقد أثارت الكثير من الجدل واللغط، وتسببت في تراجع مكانة الأردن على مقياس "مراسلون بلا حدود" 14 نقطة خلال ثلاثة أعوام فقط (2010 إلى 2012)، وثمة جدل لن ينتهي في بلادنا على ما يبدو، حول قوانين الصحافة والنشر وحق الحصول على المعلومات وغيرها. وليس من الواضح بعد، كيف ستعمل الحكومة الحالية أو من سيليها من الحكومات على إصلاح قانوني الأحزاب والانتخاب، وما إذا كان حصيلة الجولة الجديدة من محاولات إدخال تغيير جذري على هذين القانونين، ستكون أفضل من سابقاتها، أم أننا سنكون أمام "دعسة ناقصة" أخرى، ودائما تحت شعار أو مبرر "التدرج" وتفادي القفزات وتجنب الانزلاق في المجهول والفراغ أو الفوضى واللا استقرار. وإذا كان ثمة من يتوجب إلقاء اللائمة عليه عن استمرار حالة "الركود" و"المراوحة" هذه، فهي في المقام الأول، وليس الأخير، الأحزاب السياسية ومؤسسات المجتمع المدني ونشطاء الإصلاح والتغيير، فهذه القوى عجزت حتى الآن، عن تشكيل قطب ضاغط ودافع بهذا الاتجاه، ولقد استمرأت بعض أطرافها وفاعليها الوقوع في شباك "الاحتواء الحكومي الناعم" الذي نجح في سحب العديد من هذه القوى والشخصيات من الشارع إلى العمل الحكومي أو شبه الحكومي، ففقدت تأثيرها على الأول، ولم تفلح في تقديم أية "قيمة مضافة" في الثاني. نعم، قوى الشد العكسي المناهضة للإصلاح، ما زالت مبثوثة في أجهزة الدولة ونسيج المجتمع، وهي لا تخفي على أية حال، رفضها التقدم على طريق التحول الديمقراطي، والحكومة ليست "مهجوسة" بالإصلاح السياسي بل ببقائها واستمرارها والتجديد لها ... وفي غياب الفاعلين السياسيين والاجتماعيين، ليس ثمة ما يُملي على أحد، أن يغير أولوياته ورزنامته، وفي هذا السياق وفيه فقط، نقرأ التغيير الذي طرأ على "الغرفة الثانية" في برلماننا العتيد.

arabstoday

GMT 15:09 2024 الأربعاء ,17 كانون الثاني / يناير

ابنه البكر

GMT 15:08 2024 الأربعاء ,17 كانون الثاني / يناير

... إنّها حرب تطالبنا بأن ننسى كلّ شيء تقريباً

GMT 15:07 2024 الأربعاء ,17 كانون الثاني / يناير

المشعوذون القدامى... والجُدد

GMT 15:04 2024 الأربعاء ,17 كانون الثاني / يناير

الدول العربية «المضروبة»

GMT 15:03 2024 الأربعاء ,17 كانون الثاني / يناير

حانت لحظة الرحيل

GMT 15:02 2024 الأربعاء ,17 كانون الثاني / يناير

الأسئلة الصعبة

GMT 15:01 2024 الأربعاء ,17 كانون الثاني / يناير

من غزو العراق... إلى حرب غزّة

GMT 15:00 2024 الأربعاء ,17 كانون الثاني / يناير

عن رسالة بوريل ومستقبل أوروبا

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

أبعد من الغرفة الثانية أبعد من الغرفة الثانية



إطلالات متنوعة وراقية للأميرة رجوة في سنغافورة

سنغافورة - السعودية اليوم

GMT 01:25 2017 الأربعاء ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

رائد محسن يكشف كيفية تربية الأطفال بالطرق الصحيحة

GMT 17:06 2018 الإثنين ,03 أيلول / سبتمبر

جرائم الكيان المعنوي للحاسب الآلي

GMT 12:53 2017 الأحد ,29 تشرين الأول / أكتوبر

مدرب النصر يمنح حسام غالي الفرصة الأخيرة لتحسين الأداء

GMT 04:43 2017 الجمعة ,20 تشرين الأول / أكتوبر

مجموعة ساحرة من خواتم الأصبعين الثنائية من

GMT 11:18 2021 السبت ,30 كانون الثاني / يناير

أغلى السيارات التي طرحت عبر تاريخ الصناعة

GMT 14:22 2020 الجمعة ,25 أيلول / سبتمبر

وفاة شقيق الفنان محمود حميدة

GMT 22:52 2020 السبت ,02 أيار / مايو

أبرز 6 شخصيات عربية على موقع "يوتيوب"

GMT 08:20 2019 الخميس ,07 تشرين الثاني / نوفمبر

!الوهم الأبیض
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
alsaudiatoday alsaudiatoday alsaudiatoday
alsaudiatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab