العثماني قبل الخارجية وبعدها

العثماني قبل "الخارجية" وبعدها

العثماني قبل "الخارجية" وبعدها

 السعودية اليوم -

العثماني قبل الخارجية وبعدها

عريب الرنتاوي

لم أكن أعرف، ولا أدري إن كان هو يعرف، بأن ما تبقى له من أيام في منصبه الوزاري لا يزيد عن أربعة أو خمسة أيام ... كان ذلك في منزله الكائن في قلب الرباط، عندما استضافني الصديق سعد الدين العثماني وزير الخارجية المغربي على وجبة غداء من "الكسكسي" الشهي، المعادل المغربي للمنسف الأردني، صحبة نفر قليل من مساعديه ومستشاريه في الحزب (الحرية والعدالة) والوزارة (الخارجية). العثماني مفكر وسياسي مغربي رفيع الطراز، تحصّل من الدرجات العلمية ما يجعله أكاديمياً متميزاً ... وخاض غمار العمل الحزبي (الإسلامي) من أعلى المواقع كأمين عام للحزب ... وهو إلى جانب هذا وذاك، برلماني تعاقبت عليه دورات عدة، بعد أن اجتاز بنجاح، امتحان "الشعبية" في أكثر من دورة انتخابية. عندما استضفته لأول مرة في عمان في العام 2003، ولم تكن حينها تجارب "العدالة والتنمية" في تركيا والمغرب قد عُرفت على نطاق واسع في المشرق، استقبله جمهور مؤتمر "الأحزاب السياسية في العالم العربي" بكثير من الارتياح والارتياب ... بدا الارتياح واضحاً على وجوه المشاركين من ذوي الميول العلمانية من يسارية وقومية وليبرالية، أما الارتياب فقد ميّز ردات أفعال بعض "الإسلاميين" الذين بدا لي أنهم يستمعون لأول مرة، لمقاربات من هذا النوع .... ثم تكررت الزيارات والدعوات، وساهم آخرون في توجيهها للرجل الذي بات صديقاً لعدد كبير من الناشطين والمفكرين الأردنيين. لعل آخر مشاركة للعثماني في أنشطة تخص كاتب هذه السطور، كانت في أبريل عام 2011، عندما ذهبنا في وفد من خمسة وثلاثين شخصية أكاديمية وحزبية، ممثلة لتيارات سياسية وفكرية مختلفة، من عشرة دول عربية، إلى أنقرة، في رحلة عنوانها: "دروس من التجربة التركية"، وقد ضم الوفد عدد من قيادات حقبة "الربيع العربي"، من بينهم سعد الدين الكتاتني أمين عام حزب الحرية والعدالة ورئيس مجلس الشعب المصري (فكّ الله أسره)، ومن الأردن الدكتور ارحيل غرايبة، وأحسب إن إسهامات العثماني في تلك الرحلة، رفيعة المستوى، كانت متميزة للغاية. وهو إذ زار عمان في أكتوبر "الفارط" على حد تعبير إخوتنا في المغرب، بمعية الملك محمد السادس، كان من اللياقة والكياسة بحيث خصص وقتاً للقاء الأصدقاء والزملاء، برغم البرتوكول المزدحم للزيارة الملكية النادرة ... كما أن الرجل حرص على إدامة "التواصل الفكري" وإن عن بعد، فقام بتكليف السفارة بتوزيع ما يجود به عقله وعقول العاملين في موقعه الجديد. في لقائي الأخير به بالرباط، عرضت على "معالي الصديق" لثلاثة عناوين أولها: هل يمكن استدعاء دور مغربي أكبر في جهود استعادة المصالحة الفلسطينية في ضوء انشغال مصر بهمومها الداخلية؟ ... وهل يمكن لهذا الجهد أن ينطوي على مسعى لمصالحة بين العهد المصري الجديد وحركة حماس؟ ... وهل يمكن أن نجعل من "معبر رفح" بوابة لهذه المصالحات، بدءاً برفع المعاناة عن أزيد من مليون ونصف المليون فلسطيني في القطاع؟ وثاني هذه الموضوعات، ما تعلق بالمسجد الأقصى المبارك، وما يتعرض له من اعتداءات وزحف استيطاني – تهويدي جارف، سيما وأن المغرب يرأس لجنة القدس منذ تأسيسها في العام 1975، ما يجعله معنياً تماماً بالتفكير بخطوات وقائية واستباقية لدرء الكارثة قبل وقوعها، وبالتنسيق مع الأطراف الفاعلة والمعنية بهذا الملف: السلطة والأردن أساساً. أما الموضوع الثالث، فيتعلق بمشروع نعمل عليه، هدفه إشاعة فكرة "الديمقراطية التوافقية" لضمان انتقال سلس نحو الديمقراطية وتفادي حالة الاحتراب المستفحلة في عدة عواصم عربية، وكسر حلقة الإقصاءات المتبادلة الشريرة التي عصفت بكل التيارات السياسية والفكرية العربية، منذ عصر الاستقلالات وحتى يومنا هذا. لم تتح للدكتور العثماني على ما يبدو الفرصة لتدبر هذه الملفات والتفكير فيها، فقد داهمه التغيير الوزاري الأخير، وآثر الرجل الانسحاب بهدوء رافضاً تولي حقيبة التربية والتعليم، مؤثراً ألا يكون عقبة في تشكيل حكومة، مضت أشهر وأسابيع على مشاورات تشكيلها. لا نعرف كثيراً عن ملابسات التغيير والتعديل، لكن السيد عبد العالي حامي الدين عضو الأمانة العامة لحزب العدالة والتنمية، الذي شاركنا طعام الغداء ذاك في منزل العثماني، قال إن ملابسات إقليمية أسهمت في إخراج العثماني من منصبه على رأس الدبلوماسية المغربية، مشيراً بشكل خاص إلى دور سعودي مؤثر في هذا المجال، ومن ضمن رؤية سعودية إقليمية وضعت الإخوان المسلمين وجماعات الإسلامي على رأس قائمة استهدافاتها، والله أعلم.  

arabstoday

GMT 15:09 2024 الأربعاء ,17 كانون الثاني / يناير

ابنه البكر

GMT 15:08 2024 الأربعاء ,17 كانون الثاني / يناير

... إنّها حرب تطالبنا بأن ننسى كلّ شيء تقريباً

GMT 15:07 2024 الأربعاء ,17 كانون الثاني / يناير

المشعوذون القدامى... والجُدد

GMT 15:04 2024 الأربعاء ,17 كانون الثاني / يناير

الدول العربية «المضروبة»

GMT 15:03 2024 الأربعاء ,17 كانون الثاني / يناير

حانت لحظة الرحيل

GMT 15:02 2024 الأربعاء ,17 كانون الثاني / يناير

الأسئلة الصعبة

GMT 15:01 2024 الأربعاء ,17 كانون الثاني / يناير

من غزو العراق... إلى حرب غزّة

GMT 15:00 2024 الأربعاء ,17 كانون الثاني / يناير

عن رسالة بوريل ومستقبل أوروبا

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

العثماني قبل الخارجية وبعدها العثماني قبل الخارجية وبعدها



إطلالات متنوعة وراقية للأميرة رجوة في سنغافورة

سنغافورة - السعودية اليوم

GMT 01:25 2017 الأربعاء ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

رائد محسن يكشف كيفية تربية الأطفال بالطرق الصحيحة

GMT 17:06 2018 الإثنين ,03 أيلول / سبتمبر

جرائم الكيان المعنوي للحاسب الآلي

GMT 12:53 2017 الأحد ,29 تشرين الأول / أكتوبر

مدرب النصر يمنح حسام غالي الفرصة الأخيرة لتحسين الأداء

GMT 04:43 2017 الجمعة ,20 تشرين الأول / أكتوبر

مجموعة ساحرة من خواتم الأصبعين الثنائية من

GMT 11:18 2021 السبت ,30 كانون الثاني / يناير

أغلى السيارات التي طرحت عبر تاريخ الصناعة

GMT 14:22 2020 الجمعة ,25 أيلول / سبتمبر

وفاة شقيق الفنان محمود حميدة

GMT 22:52 2020 السبت ,02 أيار / مايو

أبرز 6 شخصيات عربية على موقع "يوتيوب"

GMT 08:20 2019 الخميس ,07 تشرين الثاني / نوفمبر

!الوهم الأبیض
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
alsaudiatoday alsaudiatoday alsaudiatoday
alsaudiatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab