الاتفاق المفخخ فـــــي جــنـيــف

الاتفاق المفخخ فـــــي جــنـيــف

الاتفاق المفخخ فـــــي جــنـيــف

 السعودية اليوم -

الاتفاق المفخخ فـــــي جــنـيــف

بقلم : عريب الرنتاوي

ما نشر حتى الآن عن اتفاق لافروف – كيري، يبدو غامضاَ للغاية، ومفخخاً بالألغام، وينطوي على العديد من الثقوب السوداء، ولا يستحق كل هذا الجهد والعناء التفاوضيين، الذي امتد منذ شباط فبراير الماضي وحتى فجر يوم أمس ... ما يعني واحداً من احتمالين: إما أن الجانبين آثرا الإبقاء على ورقة الاتفاق الكامل قريبة من صدريهما، انطلاقاً من قاعدة “استعينوا على قضاء حوائجكم بالكتمان” ... وإما أن الفجوات التي تباعد ما بين الجانبين، ما زالت على اتساعها، وأن الوزيرين آثرا العمل وفقاً لقاعدة: “ما لا يدرك كله، لا يترك جلّه”.

سبعة أيام من التهدئة، موزعة على ثلاث “رزم” رزمتان ليومين اثنين، والأخيرة لثلاثة أيام ... تعيد القوات السورية و”المعارضة المعتدلة” نشر قواتها (تنسحبان) من طريق الكاستيلو (هل هناك قوات للمعارضة على هذا الطريق؟) ... ليجري فتحه أمام المساعدات الإنسانية التي سيتولى الهلال الأحمر السوري نقلها إلى الأحياء الشرقية للمدينة ... تجتمع غرفة العمليات المشتركة لتحديد مواقع النصرة وأنصارها، لتمييزها عن مواقع المعارضة المعتدلة ... سيتوقف سلاح الجو السوري عن ضرب المعارضة المعتدلة والمدعومة من واشنطن في هذه الأثناء ... ما هذا، وكيف يمكن لاتفاق كهذا أن يبصر النور وأن ينتقل إلى حيز التنفيذ، من سيضمن التزام الأطراف المتحاربة على الإرهاب، وإذا كانت موسكو قادرة على إقناع النظام أو إرغامه على الامتثال، فمن ذا الذي سيقنع أو يرغم “جيوش المعارضة” على الالتزام؟
استعادة طريق الكاستيلو، كلف النظام وحلفاءه أثماناً باهظة، والطريق إلى فرض السيطرة عليه كان مرهقاً ومزهقاً لكثير من الأرواح (كل شبر بمتر)، اليوم، سيُطلب من الجيش وحلفائه الانسحاب، وأن يبقوا على عديد متفق عليه من العناصر، بأسلحة متفق عليها، ليس من بينها السلاح الثقيل، ولمسافات مقررة سلفاً .... من سيملأ فراغ قوات النظام، وما الضمانة في ألا تقدم جبهة النصرة وحلفائها على تنفيذ هجوم مباغت على هذا المحور؟ .... هل يكرر تاريخ الهدنات والتوافقات بين كيري ولافروف نفسه من جديد، ألم تكن هدنة شباط سببا في وقف اندفاعة الجيش السوري الذي سجل اختراقاً على جبهات عدة تحت غطاء “عاصفة السوخوي”؟ ... هل توقف الدعم الخليجي – التركي للمعارضات المسلحة أثناء تلك الهدنة، ألم تكن الهدنة ذاتها، سبباً في دحر في قوات النظام عن مناطق واسعة في أرياف حلب واللاذقية وحماة؟ .... هل ثمة ضمانة يعرضها لافروف لحلفائه في دمشق وطهران، بان الاتفاق هذه المرة سيكون مختلفاً؟
ثم، ما الذي يدفع موسكو للاعتقاد بان واشنطن جادة في “فرز” النصرة عن بقية الفصائل المعتدلة؟ ... وما الضمان في أن تنجح العاصمتان في الوصول إلى اتفاق حول “من هو الإرهابي ومن هو المعتدل” في سوريا خلال أيام التهدئة السبعة، وهو الاتفاق الذي تعذر الوصول إليه بعد سبعة أشهر من المفاوضات المكثفة وعلى مختلف المستويات؟ ... ما الذي ستفعله غرفة العمليات المشتركة، إن ظل الخلاف بين الجانبين على حاله؟ ... كيف ستتصرف واشنطن مع الفصائل التي سترفض محاربة النصرة (أحرار الشام رفضت بعد سويعات هذا البند بالتحديد)، وكيف سيكون عليه حال جبهات القتال عندئذ؟

واشنطن نجحت في ابتزاز موسكو، والأخيرة أظهرت تهافتاً في مساعي التقرب من واشنطن، تدفعها إلى ذلك حسابات، لا صلة لها بالأزمة السورية، ربما أوكرانيا والقرم والعقوبات الاقتصادية وتوسيع الناتو ... واشنطن عملت بتكتيك تفاوضي، يجرد موسكو، من المكتسبات الميدانية التي يحققها حلفاؤها، بالسياسة والمفاوضات، بعد أن يتعذر عليها فعل ذلك، في الميدان وبقوة النار .... يبدو أن هذا التكتيك يحقق نجاحات ملموسة، في ضوء حاجة موسكو الغالبة للتوافق والتفاهم مع واشنطن في سوريا، فيما عيونها شاخصة إلى مناطق أخرى وملفات إضافية كذلك.

كيف سيتعامل حلفاء موسكو معها هذه المرة، وهم الذين أخرجوا انتقاداتهم لها للعلن بعد انهيار هدنة شباط الماضي؟ ... هل سيلتزم النظام قولاً وفعلاً بتفاهمات جنيف الأخيرة؟ ... دمشق لم تتحدث حتى الآن، وارتضت بقيام لافروف بدور الناطق الرسمي باسم حكومتها ... وفي ضوء قرار دمشق وسلوكها، ستتقرر مواقف طهران وحزب الله وغيره من مليشيات مساندة، فلا يعقل أن يعمل هؤلاء بمعزل عن دمشق وموسكو، وفرصتهم الوحيدة لنقل مواقفهم الحقيقية إلى حيز التنفيذ، ستتظهر في حال وقوع خلاف بين موسكو ودمشق.

حين يتصل الأمر باتفاق بين الدولتين الأعظم، يصعب أن تتجشم الدول الإقليمية عناء الاعتراض والرفض، لكن التجربة برهنت أن لعواصم عديدة في المنطقة، قدرة على دفع تيارات سورية مسلحة معارضة، للتعبير عن مواقفها المضمرة، لكن يبدو أن الحركة هذه المرة، سيضبطها المايسترو التركي، الذي أدار ظهره للغته الناعمة التي أكثر منها بعد المحاولة الانقلابية الفاشلة، واسترجع خطابه السوري بأعلى نبراته حدة، خلال الأيام القليلة القادمة، وهو يتحضر لتوسيع “الشريط الحدودي” وخوض معركة الرقة، ومرة أخرى، تحت شعار الحرب على الإرهاب في الظاهر، وخدمة لأطماع وحسابات لم تعد خافية على أحد على أية حال، تبدأ بمنع قيام كيان كردي في شمال سوريا، ولا تنتهي باستعادة أحلامه الإمبراطورية القديمة في حلب والموصل وأكنافهما.

 

arabstoday

GMT 08:40 2021 الأحد ,21 شباط / فبراير

بايدن وابن سلمان .. العقدة والمنشار

GMT 13:34 2021 الأحد ,24 كانون الثاني / يناير

إيران وحلفاؤها: بين «الناتو الشيعي» و»الجسر المتداعي»

GMT 11:14 2021 الثلاثاء ,19 كانون الثاني / يناير

إلى الذين سيجتـمـعـون في القاهرة...بمَ نبدأ؟

GMT 08:14 2021 الأحد ,10 كانون الثاني / يناير

أية دوافع وراء التصعيد «النووي» الإيراني»؟

GMT 09:47 2021 الخميس ,07 كانون الثاني / يناير

ما الذي سيفعله بايدن بيديه الطليقتين؟

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الاتفاق المفخخ فـــــي جــنـيــف الاتفاق المفخخ فـــــي جــنـيــف



إطلالات متنوعة وراقية للأميرة رجوة في سنغافورة

سنغافورة - السعودية اليوم

GMT 16:48 2024 الثلاثاء ,16 كانون الثاني / يناير

اكتشاف بروتين يحفز إنتاج الدهون الجيدة والتخلص من السمنة

GMT 19:18 2021 الخميس ,04 شباط / فبراير

يتيح أمامك هذا اليوم فرصاً مهنية جديدة

GMT 00:36 2017 الثلاثاء ,12 كانون الأول / ديسمبر

5 طرق لتنظيف السيراميك والأرضيات من الطبيعة

GMT 16:43 2021 السبت ,13 شباط / فبراير

بناطيل هوت كوتور ربيع 2021 من أسبوع باريس

GMT 12:48 2020 الأربعاء ,15 إبريل / نيسان

جامعة سعودية تتوصل لنتائج تقضى على فيروس كورونا

GMT 13:28 2019 الثلاثاء ,05 تشرين الثاني / نوفمبر

عادل عصمت يناقش "الوصايا" في نادي ركن الياسمين

GMT 19:49 2018 الأربعاء ,19 كانون الأول / ديسمبر

"البيت الأبيض" يُعلن سحب قوات بلاده من سورية

GMT 19:12 2018 الإثنين ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

فورد إكسبلورر 2020 الجديدة تظهر بتمويهات خفيفة

GMT 03:54 2018 الخميس ,30 آب / أغسطس

ترشيح أحمد السقا لبطولة فيلم "أشرف مروان"
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
alsaudiatoday alsaudiatoday alsaudiatoday
alsaudiatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab