الجريمة موصوفة  فأين العقاب

الجريمة موصوفة ... فأين العقاب؟!

الجريمة موصوفة ... فأين العقاب؟!

 السعودية اليوم -

الجريمة موصوفة  فأين العقاب

بقلم : عريب الرنتاوي

رغم نواقصه الكثيرة، ولغته الدبلوماسية المهذبة غالباً و”المضللة” أحياناً ... ورغم تبرئته لساحة توني بلير وحكومته وأجهزته، من تهمة “تزوير الحقائق وتضليل الرأي العام”، وانصياعه للإملاءات الأمريكية التي ضربت طوقاً من السرية حول محادثات بلير مع جورج بوش الابن ومكالماته، وهي المفصل الأهم في ملف الحرب الأمريكية – البريطانية على العراق ... رغم كل هذه النواقص والمثالب والثغرات، سيظل تقرير السير دون تشيلكوت، وثيقة يمكن البناء عليها راهناً ومستقبلاً، بل ويمكن كما يقول الخبراء القانونيون، الاستناد إليها لجلب الجناة إلى العدالة الدولية.

لن تأخذنا “البروباغندا” التي صاحبت نشر التقرير، ولن تثنينا قصائد الغزل بالديمقراطية الغربية، التي تسمح بإجراء مثل هذه المراجعات والوقفات، بخلاف حالنا في ظل الأنظمة السلطوية والديكتاتورية ... فما نعرفه اليوم، قبل التقرير وبالأخص بعده، أننا كنا أمام “عصابة جريمة منظمة”، اتخذت قرار الحرب مبكراً، وبحثت لها عن مبررات، فحين عجزت عن توفيرها، عملت على “فبركتها”، ضاربة عرض الحائط، بكل ذيول الحرب وتداعياتها وأكلافها البشرية والإنسانية والاقتصادية والاجتماعية، المستمرة حتى يومنا هذا، بل وحتى زمن قادم، غير منظور.

“عصابة” تذكّر، بأفلام “الغرب الأمريكي” ولا تتورع عن استخدام قاموسه الحافل بالبذاءات ... وجدت لها “تابعاً” في لندن، وضع عرش الإمبراطورية التي لا تغيب عنها الشمس، تحت نعال “المارينز”، كاوبوي العصر الحديث ... إنه طوني بلير، السياسي البريطاني المعروف، الذي اشتهر في منطقتنا كسمسار للنفط والغاز، ومتمم لوعد أسلافه في إنشاء وطن قومي لليهود، ولكن على عموم فلسطين التاريخية هذه المرة، وليس على أجزاء منها ... مندوب الرباعية الدولية، الذي مُنح هذا المنصب، كمكافأة نهاية خدمة، بالنظر لما قدمه لمحافظي واشنطن الجدد من خدمات جليلة طيلة فترة رئاسته لحكومة جلالة الملكة، كرّس كامل صلاحياته وخبراته، لقتل روح الشعب الفلسطيني الكفاحية (الانسان الفلسطيني الجديد)، وتطويعه على مقاس مشاريع نتنياهو وليبرمان ونفتالي بينت.

ولن نتوقف كثيراً عند ما يمكن لعائلات الجنود البريطانيين الـ “179” الثكلى، كما ينحو بعض الإعلام الغربي والعربي، فتلك قضيتهم، فهم من جاء ببلير وهم من أخرجه من الحكم، وبيدهم أمر مقاضاته من عدمه ... ما يهمنا هو مصير العراق والمنطقة، اللذان عاث بهما بلير فساداً وقتلاً وتدميراً، وأحالهما من حواضن للحضارات والأديان والثقافات، إلى خرائب ومجتمعات ممزقة، وحواضن للإرهاب والأصولية المتشددة، بعد أن هدّم الدولة العراقية بأجهزتها ومؤسساتها، وزرع بذور الفتنة المذهبية والطائفية، عملاً بنظرية أجداده، أباطرة المرحلة الكولونيالية: فرق تسد... ما يهمنا هو مصير مئات ألوف العائلات العراقية الثكلى التي ما كانت لتواجه هذا المصير، لولا وجود “أصحاب الفخامة والسيادة” من مجرمي الحرب في البيت الأبيض و10 داوننغ ستريت خلال تلك المرحلة الأحرج في تاريخ هذه المنطقة.

مؤسف أن بعض سياسيينا ومحللينا ومثقفينا، قد أحالوا مناسبة صدور التقرير، إلى طقس احتفالي، للإشادة بالديمقراطية الأنجلو ساكسونية، من دون أن يروا في التقرير، مناسبة للتوقف عند الكيفية التي أدير بها قرار الحرب، وجمعت بها “الأدلة” أو بالأحرى، فبركت ... من دون أن يروا الاستخفاف بدماء وحيوات أبنائنا وبناتنا ... بل ومن دون أن تستفزهم تصريحات طوني بلير المعقّبة على التقرير، والتي امتنع فيها حتى عن مجرد “الاعتراف” بخطأ قرار الحرب أو الاعتذار عنه، حتى أن الصلف والعنصرية والكراهية قد بلغت به حد القول، بأنه ليس نادماً على قراره، وأنه سيفعل أمراً مماثلاً، فيما لو قُدّر لعقارب الساعة أن تعود إلى الوراء.

صدور تقرير تشيلكوت، مناسبة لكل الحقوقيين العرب والعراقيين، لا لتصفية الحسابات الثأرية والانتقامية الداخلية، ولا للاحتفاء بالديمقراطية البريطانية، بل للغوص في أعماق التقرير، وتقليب كلماته التي زادت عن المليونين وستمائة ألف كلمة، من أجل أخذ القضية برمتها، قضية الغزو الأمريكي – البريطاني للعراق، وما أعقبها وترتب عليها، إلى مرحلة أعلى من المسائلة والمحاسبة، ووضع كافة تفاصيلها الدامية والمدمرة، أمام العدالة الدولية، حتى لا نكون أمام جريمة موصوفة، من دون عقاب، وحتى لا يفلت الجناة والعابثون بمصائر أوطاننا وشعوبنا، من العقاب الذي استحقوه.

يد العدالة الدولية طويلة حين يتصل الأمر برئيس سوداني أو مسؤول عراقي أو سوري، ولكنها قصيرة للغاية، ومغلوله إلى عنقها، حين يتصل الأمر بالجناة ومجرمي الحرب “الكبار”، الذين لم يتوانوا عن الكذب والتضليل، ولم يترددوا في استخدام أبشع أنواع الأسلحة المحرمة دولياً، والتي ما زالت تأتينا بأجيال مشوهة من أطفال الفلوجة والبصرة وبغداد ... فالعدالة إما أن تسري على الجميع، فتستحق اسمها وقيمتها السامية، وإما أن تخضع لمعايير مزدوجة، فتصبح أداة للقهر والتمييز.

arabstoday

GMT 08:40 2021 الأحد ,21 شباط / فبراير

بايدن وابن سلمان .. العقدة والمنشار

GMT 13:34 2021 الأحد ,24 كانون الثاني / يناير

إيران وحلفاؤها: بين «الناتو الشيعي» و»الجسر المتداعي»

GMT 11:14 2021 الثلاثاء ,19 كانون الثاني / يناير

إلى الذين سيجتـمـعـون في القاهرة...بمَ نبدأ؟

GMT 08:14 2021 الأحد ,10 كانون الثاني / يناير

أية دوافع وراء التصعيد «النووي» الإيراني»؟

GMT 09:47 2021 الخميس ,07 كانون الثاني / يناير

ما الذي سيفعله بايدن بيديه الطليقتين؟

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الجريمة موصوفة  فأين العقاب الجريمة موصوفة  فأين العقاب



إطلالات متنوعة وراقية للأميرة رجوة في سنغافورة

سنغافورة - السعودية اليوم

GMT 17:04 2021 الخميس ,07 كانون الثاني / يناير

حظك اليوم برج الدلو الخميس 7 يناير/كانون الثاني 2021

GMT 16:31 2021 الخميس ,07 كانون الثاني / يناير

حظك اليوم برج العذراء الخميس 7 يناير/كانون الثاني 2021

GMT 15:06 2017 الخميس ,30 تشرين الثاني / نوفمبر

إطلالة رائعة لسارة سلامة في جلسة تصوير جديدة

GMT 09:43 2019 الأربعاء ,09 تشرين الأول / أكتوبر

كاريلو يكشف عن كواليس البقاء مع "الهلال"

GMT 03:32 2017 الخميس ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

مروان الشوربجي يودع ربع نهائي بطولة قطر للاسكواش

GMT 10:08 2017 الإثنين ,09 تشرين الأول / أكتوبر

اتحاد جدة ينهيء الشعب المصري بالصعود إلى كأس العالم

GMT 13:33 2017 الأحد ,01 تشرين الأول / أكتوبر

محمد عساف يغني في 5 مدن كندية دعماً لأطفال فلسطين
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
alsaudiatoday alsaudiatoday alsaudiatoday
alsaudiatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab