هل نحن كما تقول الاستطلاعات عنّا

هل نحن كما تقول الاستطلاعات عنّا؟

هل نحن كما تقول الاستطلاعات عنّا؟

 السعودية اليوم -

هل نحن كما تقول الاستطلاعات عنّا

بقلم : عريب الرنتاوي

هزيمتان كبريان لحقتا بـ “صناعة استطلاع الرأي العام وقياسه”: الأولى؛ حيث أخفقت كافة دور قياس الرأس ومراكز الاستطلاع، في التنبؤ بميل البريطانيين للخروج من الاتحاد الأوروبي “البريكست” … والثاني؛ عندما أخفقت الدور والمراكز ذاتها، بمن فيها أكثرها شهره و”عالمية” ومهنية” في التنبؤ بفوز دونالد ترامب في الانتخابات الرئاسية الأمريكية.

هنا، نتحدث عن “تجربة في الفشل” لأهم هذه المؤسسات، في قياس اتجاهات الرأي العام في عقر دارها، في دول الديمقراطيات الراسخة، التي تتمتع بأعلى درجات الحرية، ويستطيع الموطن فيها التعبير عن موقفه، بلا خوف أو وجل، ومن دون أن يحسب حساباً لأية عواقب أو عقابيل، فكيف سيكون حال هذه “الصناعة” عندما تنتقل إلى بلداننا التي تجذرت فيها “ثقافة الخوف”، واعتاد مواطنوها على ممارسة “التورية” و”التقية” تفادياً لتداعيات الإعلان الصريح عن المواقف والتفضيلات، دع عنك “الفجوة المهنية والمعرفية” الكبيرة، في القدرات المؤسسية لدور قياس الرأي العام، هنا وهناك.

في ظني أننا بحاجة لمنهجيات جديدة للتعرف على اتجاهات الرأي العام في دولنا، تتخطى ما اعتدنا القيام به … كثير من المستطلعة آراؤهم يخشون البوح بمواقفهم الحقيقية، ويقولون أمام الباحث أو “الكاميرا” خلاف ما يضمرون، إما نفاقاً ومجاملة، وإما خوفاً أو هلعاً من العواقب والمترتبات … لا يكفي أن تضع أسئلة “الاستبيان” بمهارة وذكاء، ولا ان تختار “عينة البحث” وفقاً لأحدث بيانات دائرات الإحصاءات العامة، ولا أن تختار باحثيك الميدانيين وفقاً لمعايير صارمة … كل هذا ضروري ومطلوب، لكن الجزء الأهم من “الحكاية” هي أن تتأكد من الشخص الذي يدلي بإجاباته يقول الحقيقة عن مواقفه وتوجهاته، وأنه لن يصرح بخلافها تماماً، إذا ما أتيحت له فرصة التعبير عنها من دون خشية أو خوف، او من دون أن يدري أحدٌ بما صدر عنه وأدلى به.

تلكم مسألة يصعب التحكم بها، حتى وإن توفرت معظم أو كافة شروط البحث والباحثين … المسألة خارج دائرة السيطرة والتحكم … ولقد صعق بعض الخبراء والمختصين في هذا المجال، بحجم التعقيد الذي يحيط بالمسألة خصوصاً في القضايا الرئيسة والحساسة، وبدا أن “وسائط السوشيال ميديا” أكثر قرباً من نبض الناس، ومعرفةً بتوجهاتهم الفعلية، من وسائل البحث الاستطلاعي التقليدية … دونالد ترامب كان “الفائز” على وسائل التواصل الاجتماعي، والخاسر في استطلاعات الرأي العام، كما صرح بذلك خبراء في “المجالين” في أعقاب “الصدمة الكبرى” التي أصابت العالم بفوز الرجل.

في الأردن، والمنطقة عموماً، نبدو بحاجة أعمق وأشد، للبحث عن وسائل ومنهجيات، تتيح لنا تقليص هامش الخطأ والصواب في أبحاث من هذا من النوع، وربما علينا أن نكثف من أبحاثنا حول استخدامات “السوشيال ميديا” ومستخدميها … لا تتوفر لدينا الكثير من هذه الأبحاث، مع انها ضرورية وهامة للغاية … علينا أن نخرج من دائرة الركون والاطمئنان للجداول والرسوم البيانية.

مناسبة هذا الحديث، ما تردد مؤخراً من أرقام ومعلومات و”نسب مئوية” حول نسبة التطرف والمتطرفين في بلادنا، وحول نظرة الأردنيين للدولة المدنية وتطبيق أحكام الشريعة، وحول نسبة من يؤيدون داعش والنصرة من شبابنا ونسائنا … أرقام مهمة للغاية، وتعالج موضوعاً على قدر كبير من الأهمية، من دون أن تتاح لأي منا، فرصة التأكد من صحتها وصلاحيتها في تكوين فكرة دقيقة نسبياً عن اتجاهات الرأي العام الأردني وتوجهاته.

ويزداد الطين بلة، حين تعلم بأن بعض هذه الدراسات قد أجريت على عينات “غير ممثلة”، أو استخدمت فيها منهجيات غير علمية عموماً، أو أن بعض مقابلاتها قد جرى عبر الهاتف، وعلى عجل، ومن دون أن تتاح للمستجيب فرصة الاطمئنان للباحث والتعرف على هويته الحقيقية.

لست هنا بصدد الدخول في نقاش حول هذا الرقم أو تلك المعلومة … لكن من مصلحة الامن والاستقرار في الأردن، أن نعثر على وسائل ومنهجيات، تمكننا من التعرف على هوية مجتمعات وطبيعته واتجاهاته، حتى لا نؤخذ على حين غرة، ولا نذهب بعيداً في الإفراط في التفاؤل أو التشاؤم أو التفريط بهما.

في الانتخابات الأخيرة، نام “بعضهم” على حرير أوهام استطلاعات لا أدري مدى جديتها في بعض الدوائر، قبل أن تأخذهم المفاجأة خارج المنافسة … وأختم بذكر واقعة حصلت ذات موسم حج، عندما جاءت كاميرا التلفزيون الأردني لتستطلع آراء الحجيج عن مستوى الخدمات والرعاية التي تلقوها من بعثة الحج في ذاك العام، حيث دهشت، وقد كنت في استقبال والدتي العائدة من “الحجاز”، بعبارات الشكر والامتنان والتثمين التي صدرت عن المتحدثين من دون أن يطلب أحدٌ منهم فعل ذلك، وما أن غادر الفريق التلفزيوني المكان، حتى انهالت شتائم الحجاج على البعثة ورئيسها وأعضائها، وشرعوا يتبادلون القصص عن الخذلان والتخلي وانعدام الحس والضمير إلى غير ما هنالك … لم “يلقن” أحد، هؤلاء بم يتعين عليهم قوله أمام الكاميرا، لكنهم لم يقولوا ما جال في خواطرهم وما يلخص تجربتهم … إنها ثقافة “الرياء” و”الخوف” التي تجعل من الصعب للغاية، استخراج أعمق ما في دواخلنا من مواقف وتوجهات.

المصدر : صحيفة الدستور

 

arabstoday

GMT 08:40 2021 الأحد ,21 شباط / فبراير

بايدن وابن سلمان .. العقدة والمنشار

GMT 13:34 2021 الأحد ,24 كانون الثاني / يناير

إيران وحلفاؤها: بين «الناتو الشيعي» و»الجسر المتداعي»

GMT 11:14 2021 الثلاثاء ,19 كانون الثاني / يناير

إلى الذين سيجتـمـعـون في القاهرة...بمَ نبدأ؟

GMT 08:14 2021 الأحد ,10 كانون الثاني / يناير

أية دوافع وراء التصعيد «النووي» الإيراني»؟

GMT 09:47 2021 الخميس ,07 كانون الثاني / يناير

ما الذي سيفعله بايدن بيديه الطليقتين؟

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

هل نحن كما تقول الاستطلاعات عنّا هل نحن كما تقول الاستطلاعات عنّا



إطلالات متنوعة وراقية للأميرة رجوة في سنغافورة

سنغافورة - السعودية اليوم

GMT 16:48 2024 الثلاثاء ,16 كانون الثاني / يناير

اكتشاف بروتين يحفز إنتاج الدهون الجيدة والتخلص من السمنة

GMT 19:18 2021 الخميس ,04 شباط / فبراير

يتيح أمامك هذا اليوم فرصاً مهنية جديدة

GMT 00:36 2017 الثلاثاء ,12 كانون الأول / ديسمبر

5 طرق لتنظيف السيراميك والأرضيات من الطبيعة

GMT 16:43 2021 السبت ,13 شباط / فبراير

بناطيل هوت كوتور ربيع 2021 من أسبوع باريس

GMT 12:48 2020 الأربعاء ,15 إبريل / نيسان

جامعة سعودية تتوصل لنتائج تقضى على فيروس كورونا

GMT 13:28 2019 الثلاثاء ,05 تشرين الثاني / نوفمبر

عادل عصمت يناقش "الوصايا" في نادي ركن الياسمين

GMT 19:49 2018 الأربعاء ,19 كانون الأول / ديسمبر

"البيت الأبيض" يُعلن سحب قوات بلاده من سورية

GMT 19:12 2018 الإثنين ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

فورد إكسبلورر 2020 الجديدة تظهر بتمويهات خفيفة

GMT 03:54 2018 الخميس ,30 آب / أغسطس

ترشيح أحمد السقا لبطولة فيلم "أشرف مروان"
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
alsaudiatoday alsaudiatoday alsaudiatoday
alsaudiatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab