«فيدرالية أبو مرزوق» و«فيدراليات ليبرمان»

«فيدرالية أبو مرزوق» و«فيدراليات ليبرمان»

«فيدرالية أبو مرزوق» و«فيدراليات ليبرمان»

 السعودية اليوم -

«فيدرالية أبو مرزوق» و«فيدراليات ليبرمان»

بقلم : عريب الرنتاوي

استفاق الفلسطينيون على صدمة مشروع “فيدرالية غزة – الضفة” الذي عرضه الدكتور موسى أبو مرزوق، كخيار أفضل في حال تعثر انهاء الانقسام واستعادة الوحدة الوطنية الفلسطينية، وقد تجلت الصدمة بأوضح ما يكون على شبكات التواصل الاجتماعي، ولم يبق فصيل واحد من دون أن يدلي بدلوه في المسألة، ودائماً من موقع الاستهجان والرفض والتنديد.

سبب الصدمة يعود لكونها المرة التي يقر فيها فصيل أساسي، بحجم حماس، بأن استعادة وحدة المؤسسات الفلسطينية، يبدو أمراً متعذراً، إن لم نقل مستحيلاً، لا الآن ولا في المدى المنظور، وهو واقعٌ يدركه الفلسطينيون جيداً، بعد الفشل المتكرر على امتداد عشرية عجفاء من السنين، لإنجاز المصالحة واستعادة الوحدة، بيد أنهم يرفضون التسليم له والإقرار به، بالنظر لكلفه الباهظة على قضيتهم الوطنية ومسار كفاحهم من أجل الحرية والاستقلال.

“فيدرالية أبو مرزوق” لم تنشئ الانقسام، بيد أنها ستفضي إلى إدامته ومأسسته و”شرعنته” … فالانقسام بين فتح وحماس قائم، وتطور ليصبح انقساماً بين الضفة وغزة، والنظام السياسي الفلسطيني القائم حالياً، هو ما دون “الفيدرالية”، فالمؤسسات المتوازية تعمل بمعزل عن بعضها البعض، بل وبالضد من بعضها البعض، والآن يُراد إعادة صياغة النظام السياسي الفلسطيني ليتواءم مع الحقائق والمعطيات الصلبة التي نشأت خلال هذه السنين، وما ترتب عليها من تجذر منظومة من المصالح الفصائلية والشخصية، ونشوء طبقة جديدة سياسية – اقتصادية – أمنية في قطاع غزة، قوامها “أمراء السلاح والأنفاق والعقارات” ليس لها مصلحة أبداً بعودة الحال إلى ما كان عليه، وهي مستعدة على ما يبدو للقتال دون ذلك، وقد برهنت على استعداداتها هذه في مرات سابقة عديدة.

والحقيقة أننا لم نأخذ على محمل الجد، نظريات سابقة سعت في شرح أسباب الانقسام واستطالته … لم نقبل بحكاية “صراع البرامج” ولا بحكاية التناقض الضروري بين “نهج المقاومة” و”نهج الاستسلام” … وكنا دائماً نتحدث عن “صراع على السلطة” يخوضه طرفا الانقسام بضراوة، ومن دون أي استعداد حقيقي لتقديم أي تنازل جوهري فيما خص “حصة” كل فصيل من “كعكة” السلطة المحاصرة والخاضعة للاحتلال … فحماس عندما تتحدث عن “المصالحة” فإنها تقصد بالذات، كيف يمكنها الحصول على موطئ قدم في منظمة التحرير ومؤسسات السلطة في الضفة، وفتح عندما تتحدث عن المصالحة في المقابل، فإنها تبحث لنفسها عن مكانة في شريط غزة الضيق، وعلى حساب سلطة الأمر الواقع القائم هناك.

وتتضح الصورة أكثر عندما تستمتع لشهادات ومعلومات من أصدقاء موثقين لك في القطاع، عن الأوضاع الذي آل إليه، والمستوى الذي بلغته سياسة “وضع اليد” التي تمارسها حماس هناك، وحجم العقارات التي صادرتها بغير حق، وحجم الاحتكار التجاري والاقتصادي الذي تمارسه رموزها هناك، وشدة القبضة الأمنية التي تحكم فيها الحركة أهل القطاع بفصائلهم وقواهم المدنية المختلفة، عندما تسمع وتقرأ كل هذه التفاصيل، المندرجة حتماً في سياق “نظرية التمكين” الإخوانية الشهيرة، تدرك تمام الإدراك أن حماس وصلت إلى السلطة لتبقى فيها، وأن “صندوق الرصاص” يمكن أن يحل محل صندوق الاقتراع، في حال فكر أحدٌ، بانتزاع مكاسب الحركة أو تفكيك هيمنتها الأمنية والاقتصادية والسياسية على القطاع وأهله.

ولأننا نعرف ذلك تمام المعرفة، ولسنا من المأخوذين بالشعاراتية المفرغة من أي مضمون، ولا بمحاولات إضفاء “القداسة” على سلوك الحركة وكتائبها وأجهزتها الأمنية … لأننا نعرف أن أي من الطرفين، لن يُشرِك الطرف بما لديه من كعك السلطة ومغانمها، فقد اقترحنا في هذه الزاوية بالذات، سيناريو أقل حدة وتطرفاً من “فيدرالية أبو مرزوق” … قلنا لماذا لا نأخذ بـ”سيناريو كردستان العراق” حيث لكل من السليمانية وأربيل وضعية خاصة، يتحكم بها ويدير أمرها، أحد الحزبين الكبيرين في الإقليم، تحت مظلة “حكومة واحدة وبرلمان واحد”، كخطوة على طريق الحل المتدرج للمشكلة، وفي محاولة لتفكيك عقدة المصالح المتضاربة، ومن ضمن مسعى لـ” تحويل الصراع” بعد أن تعذر حله أو حتى إدارته.

يومها ظنّ كثيرون أننا “نهرف بما نعرف”، وأننا نستسهل “شرعنة” الانقسام ولا نمانع في استطالة عمره وأمده، إلى أن طلع علينا أبو مرزوق بتصريحات الصادمة، التي أعادت تأكيد ما نعرفه عن سعى حماس للانفراد بغزة، حتى وإن أكثر قادتها من ترديد الشعار: “لا دولةفي غزة، ولا دولة من دون غزة”، وبكثير من الفذلكة والاستهتار بعقول الناس… فأول الرقص حجلان، وفيدرالية أبو مرزوق تهيء خشبة المسرح لوصلات راقصة لاحقة، ستتوالى إن لم يتداع الشعب الفلسطيني وقواه الحيّة، للتصدي لحالة الانقسام الكريه الذي يعصف به وبقضيته.

خطورة الموقف المستجد لحماس، لا تكمن في تكريسها “فك الارتباط” بين الضفة والقطاع، بل وفي كونها قد تؤسس لـ “فيدراليات” الضفة الغربية ذاتها، والتي يمعن الاستيطان تقطيعاً لأوصالها، وعزل “كانتوناتها” أحدها عن الآخر، بما قد يفسح في المجال للتوسع في “الفدرلة” مستقبلاً، سيما بوجود قيادة في إسرائيل، هي الأكثر يمنية وتطرفاً في تاريخها” وفقاً لجون كيري، اقترح وزير الحرب فيها “القفز من فوق سلطة رام الله”، والتعامل مباشرة مع قادة المجتمعات المحلية في المدن والبلدات الفلسطينية الكبرى … فهل ستمهد فيدرالية غزة – الضفة، الطريق لفيدراليات الضفة، وتنعش فرص نجاح مشروع أفيغدور ليبرمان، وهل تحلم إسرائيل بأكثر من “فيدرالية الكانتونات والمعازل” للخلاص من الديموغرافيا الفلسطينية للحفاظ على “يهودية الدولة وديمقراطيتها”، ومن دون اضطرار لإنهاء الاحتلال أو تمكين الشعب الفلسطيني من تقرير مصيره؟

arabstoday

GMT 08:40 2021 الأحد ,21 شباط / فبراير

بايدن وابن سلمان .. العقدة والمنشار

GMT 13:34 2021 الأحد ,24 كانون الثاني / يناير

إيران وحلفاؤها: بين «الناتو الشيعي» و»الجسر المتداعي»

GMT 11:14 2021 الثلاثاء ,19 كانون الثاني / يناير

إلى الذين سيجتـمـعـون في القاهرة...بمَ نبدأ؟

GMT 08:14 2021 الأحد ,10 كانون الثاني / يناير

أية دوافع وراء التصعيد «النووي» الإيراني»؟

GMT 09:47 2021 الخميس ,07 كانون الثاني / يناير

ما الذي سيفعله بايدن بيديه الطليقتين؟

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

«فيدرالية أبو مرزوق» و«فيدراليات ليبرمان» «فيدرالية أبو مرزوق» و«فيدراليات ليبرمان»



إطلالات متنوعة وراقية للأميرة رجوة في سنغافورة

سنغافورة - السعودية اليوم

GMT 16:48 2024 الثلاثاء ,16 كانون الثاني / يناير

اكتشاف بروتين يحفز إنتاج الدهون الجيدة والتخلص من السمنة

GMT 19:18 2021 الخميس ,04 شباط / فبراير

يتيح أمامك هذا اليوم فرصاً مهنية جديدة

GMT 00:36 2017 الثلاثاء ,12 كانون الأول / ديسمبر

5 طرق لتنظيف السيراميك والأرضيات من الطبيعة

GMT 16:43 2021 السبت ,13 شباط / فبراير

بناطيل هوت كوتور ربيع 2021 من أسبوع باريس

GMT 12:48 2020 الأربعاء ,15 إبريل / نيسان

جامعة سعودية تتوصل لنتائج تقضى على فيروس كورونا

GMT 13:28 2019 الثلاثاء ,05 تشرين الثاني / نوفمبر

عادل عصمت يناقش "الوصايا" في نادي ركن الياسمين

GMT 19:49 2018 الأربعاء ,19 كانون الأول / ديسمبر

"البيت الأبيض" يُعلن سحب قوات بلاده من سورية

GMT 19:12 2018 الإثنين ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

فورد إكسبلورر 2020 الجديدة تظهر بتمويهات خفيفة

GMT 03:54 2018 الخميس ,30 آب / أغسطس

ترشيح أحمد السقا لبطولة فيلم "أشرف مروان"
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
alsaudiatoday alsaudiatoday alsaudiatoday
alsaudiatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab