مجرد اقتراح أو «تمرين»

مجرد اقتراح أو «تمرين»

مجرد اقتراح أو «تمرين»

 السعودية اليوم -

مجرد اقتراح أو «تمرين»

بقلم : عريب الرنتاوي

أود لو أقترح على «قناة الجزيرة» أن تتوقف لشهر واحد، ولو على سبيل التجربة والاختبار، عن استضافة بعض الضيوف الأثيرين على قلبها، من أصحاب العمائم واللحى متفاوتة الأطوال، ذوي الانتماءات الدينية والطائفية والمذهبية، الذين اتهمت بسببهم،بالتحريض وبث ثقافة الكراهية والحض على التطرف والغلو ودعم الإرهاب... وأن تقلص قائمة المتحدثين في نشراتها الإخبارية وبرامجها الحوارية، على فئة محدودة على أية حال في العالم العربي على اتساعه، وأقصد بها ممثلي التيار المدني الليبرالي العلماني وجماعات حقوق الانسان والحركات النسوية ودعاة الإصلاح السلمي والانتقال الديمقراطي المتدرج والملكيات الدستورية وممثلي الأقليات المهمشة في دولنا ومجتمعاتنا، من دينية وقومية واثنية.

وأحسب أن ليس من بين هؤلاء جميعاً شخصاً واحداً، رجلاً كان أم امرأة، متهما أو يمكن أن يتهم بالتطرف والإرهاب، أو الحث على العنف أو التحريض على الكراهية، فتحصل القناة بذلك على «وقف لإطلاق النار» أقله لبضعة أسابيع، يجري بعده، وفي ضوء نتائجه تقييم الموقف، وتصميم حملة مضادة لحملة الاتهامات التي طالت القناة وطالبت بغلقها مع شقيقاتها.

ولأن الفئة المستهدفة التي نقترح، ليست لاعباً أساسياً في المشهد السياسي والجهادي والميداني العربي، فإنني اقترح قائمة عناوين لا صلة لها بالأزمات القائمة... مواضيع ثقافية وحقوقية وتأملات في طبيعة النظام السياسي العربي وكيفية الانتقال من الملكيات المطلقة إلى الدستورية، وحقوق النساء من قيادة السيارة حتى الولاية العامة... وغير ذلك مما يخطر ولا يخطر بالبال.

أعرف أن القناة ستفقد دفعة واحدة، جزءاً كبيراً من مشاهديها، فمن يرغب منهم في متابعة هذه المواضيع المملة، ومن منهم لديه الاستعداد للتسمر أمام شاشة التلفزيون لمتابعة جدل فكري هو أقرب للجدل حول جنس الملائكة، وهم الذين طالما تلقفوا باهتمام وتداولوا المقاطع المثيرة التي تصور ضيوف القناة وهم يتبادلون اللكمات وأكواب المياه ويقلبون الطاولة على رؤوس مقدمي البرامج والضيوف على حد سواء.

لكنها فترة كافية، على قصرها، لاختبار حقيقة المواقف وسبر أغوار النوايا الكامنة وراء المطالبات بإغلاق القناة... والمؤكد أن نتائج أي بحث ستكون مذهلة.

سنجد أن الاعتراض على حلقة عن «الدولة العميقة» و»هيمنة العسكر»، يتحدث فيها ليبراليون وعلمانيون ونشطاء شبابيون من طراز «السبايكي» وليس الملتحي، تثير قلقاً وردود أفعال أكثر مما يمكن أن يتسبب فيه نقل مباشر لخطبة الجمعة من مسجد محمد بن عبدالوهاب، يلقيها على مسامع المشاهدين الشيخ يوسف القرضاوي

وسنجد أن حلقة عن معنى ومغزى «الملكية الدستورية»، ستثير حفيظة أنظمة كثيرة، من بينها النظام القطري نفسه بالمناسبة، أكثر مما يستثيره بث أي شريط مسجل لأيمن الظواهري من مخبئه البعيد في الباكستان/ أفغانستان...

وسنجد أن فتح ملف مشاركة المرأة وتمثيلها وحقوقها، سيخلق حالة اضطراب أكثر مما يمكن أن يترتب على نشر تقرير عن «الحياة اليومية في دولة الخليفة البغدادي».

وستصبح القناة متهمة ومستهدفة لنشرها ثقافة حقوق النساء والانسان والديمقراطية والانتقال السلمي والمشاركة والتعددية والمواطنة الفاعلة والمتساوية، وكل مفردة من هذه المفردات، توجب وضع اليد على المسدس.

ليست مشكلة كثير من الأنظمة العربية مع الإسلاميين أن لهؤلاء خطابا دينيا متطرفا... مشكلتها معهم أنهم قوة جماهيرية، منظمة ومنافسة... ولست أبالغ إن قلت إن مشكلة هذه الأنظمة مع الإسلاميين، أنهم يجنحون للاعتدال والمشاركة الأمر الذي يجعل منهم مشروع شريك أو بديل، وليس في تطرفهم الذي يقصيهم ويبقيهم في أضيق الزوايا وأكثرها عتمة وظلاماً... الاعتدال يعني المشاركة والمنافسة، ويعقد عملية الاستهداف، أما التطرف فيخرج صاحبه من الحلبة، ويسهل عملية شيطنته واستهدافه، بل ويكفل تحشيد أوسع القوى ضده إن تطلب الأمر، فايهما أكثر خطراً على حالة الركود والاستنقاع التي تعيشها المنطقة: المعتدلون أم المتطرفون؟

ولو أن أصحاب المشروع المدني – الديمقراطي – الليبرالي – العلماني، توحدوا في حركة سياسية- جماهيرية منظمة، وبقيادة المهاتما الغاندي أو الأم تيريزا، وكانت لهم قواعد نفوذ وتأثير شعبية معادلة لقواعد الإسلاميين الاجتماعية، لوصفوا بالتطرف والغلو والإرهاب، فإن تعذر تسويق هذا الوصف وتسويغه، اتهموا بالفساد والانحلال الأخلاقي والإلحاد وانتهاك ثوابت الأمة وموروثها الثقافي والمستقر في وعيها وتقاليدها.

المصدر : صحيفة الدستور

arabstoday

GMT 08:40 2021 الأحد ,21 شباط / فبراير

بايدن وابن سلمان .. العقدة والمنشار

GMT 13:34 2021 الأحد ,24 كانون الثاني / يناير

إيران وحلفاؤها: بين «الناتو الشيعي» و»الجسر المتداعي»

GMT 11:14 2021 الثلاثاء ,19 كانون الثاني / يناير

إلى الذين سيجتـمـعـون في القاهرة...بمَ نبدأ؟

GMT 08:14 2021 الأحد ,10 كانون الثاني / يناير

أية دوافع وراء التصعيد «النووي» الإيراني»؟

GMT 09:47 2021 الخميس ,07 كانون الثاني / يناير

ما الذي سيفعله بايدن بيديه الطليقتين؟

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

مجرد اقتراح أو «تمرين» مجرد اقتراح أو «تمرين»



إطلالات متنوعة وراقية للأميرة رجوة في سنغافورة

سنغافورة - السعودية اليوم

GMT 16:48 2024 الثلاثاء ,16 كانون الثاني / يناير

اكتشاف بروتين يحفز إنتاج الدهون الجيدة والتخلص من السمنة

GMT 19:18 2021 الخميس ,04 شباط / فبراير

يتيح أمامك هذا اليوم فرصاً مهنية جديدة

GMT 00:36 2017 الثلاثاء ,12 كانون الأول / ديسمبر

5 طرق لتنظيف السيراميك والأرضيات من الطبيعة

GMT 16:43 2021 السبت ,13 شباط / فبراير

بناطيل هوت كوتور ربيع 2021 من أسبوع باريس

GMT 12:48 2020 الأربعاء ,15 إبريل / نيسان

جامعة سعودية تتوصل لنتائج تقضى على فيروس كورونا

GMT 13:28 2019 الثلاثاء ,05 تشرين الثاني / نوفمبر

عادل عصمت يناقش "الوصايا" في نادي ركن الياسمين

GMT 19:49 2018 الأربعاء ,19 كانون الأول / ديسمبر

"البيت الأبيض" يُعلن سحب قوات بلاده من سورية

GMT 19:12 2018 الإثنين ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

فورد إكسبلورر 2020 الجديدة تظهر بتمويهات خفيفة

GMT 03:54 2018 الخميس ,30 آب / أغسطس

ترشيح أحمد السقا لبطولة فيلم "أشرف مروان"
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
alsaudiatoday alsaudiatoday alsaudiatoday
alsaudiatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab