واشنطن وتجربة «الضغوط بالوكالة»

واشنطن وتجربة «الضغوط بالوكالة»

واشنطن وتجربة «الضغوط بالوكالة»

 السعودية اليوم -

واشنطن وتجربة «الضغوط بالوكالة»

بقلم ـ عريب الرنتاوي

إدارة الرئيس دونالد ترامب غاضبة على عواصم الاتحاد الرئيسة: لندن، باريس وبرلين، والسبب أن هذه الدول لم تجار الإدارة في موقفها من الاتفاق النووي مع إيران، وكيف لها أن تفعل ذلك وهي التي كانت من ضمن قائمة «5 + 1» التي انخرطت في مفاوضات ماراثونية، شاقة ومريرة، مع طهران، حول كل حرف ورقم وفاصلة في الاتفاق المذكور.

ولأن غضب واشنطن «لا يحتمل» حتى من قبل دول دائمة العضوية في مجلس الأمن (بريطانيا وفرنسا) أو قائدة للاقتصاد العالمي (ألمانيا)، فقد شهدنا نشاطاً أوروبياً محموماً، يسعى في عدم استثارة المزيد من الغضب الأمريكي، وصولاً للانسحاب من الاتفاق ذاته، كما يهدد ترامب ونائبه مايك بينس صبح مساء، ويتفادى الوقوع في المحظور، أي فتح ملف الاتفاق من جديد، للتفاوض والمقايضة.

يبدو أن أوروبا اهتدت إلى ما يتعين عليها فعله: الضغط على إيران في موضوعات أخرى، خارج إطار الاتفاق النووي، كأن يطلب إليها إخضاع برنامجها الصاروخي –الباليستي لقواعد وضوابط ترضي واشنطن وتبدد قلق إسرائيل وتبقي على الاتفاق النووي، بحده الأدنى ... ولا بأس، إن أمكن لأوروبا أن تقنع إيران، أو أن تضغط عليها، من أجل كبح جماح نفوذها الإقليمي في المنطقة، والممتد من بحر قزوين وحتى الشاطئ الشرقي للبحر المتوسط.

أي أنه يتعين على إيران، إن هي أرادت الاحتفاظ بالاتفاق النووي، وضمان بقاء واشنطن على التزاماتها بموجب الاتفاق، أن تدفع «سعراً إضافياً»، من خارج بنود الاتفاق ونصه وروحه، كأن تفتح ملفي دورها الإقليمي وبرنامجها الصاروخي للتفاوض والقيود مجدداً، أي أن تدفع ثمن الاتفاق ذاته، مرتين، الأولى، عندما أبرمت اتفاق «رابح – رابح» على حد وصف محمد جواد ظريف، بما يعني أن إيران قدمت تنازلات مهمة، وحظيت بمكاسب مهمة في المقابل، عند التوقيع على الاتفاق ... والثانية، اليوم، لتفادي نكوص الولايات المتحدة عن توقيعها، وإبقاء الاتفاق قيد التنفيذ.

مثل هذا الموقف، أقل ما يمكن أن يوصف به، أنه ينطوي على قدر كبير من الرياء، وهي قاعدة سائدة في العلاقات الدولية، كأن تخرق دولة عظمى التزاماتها حيال دولة أصغر، فينصب جام غضب المجتمع الدولي، على الدولة الأصغر والأضعف، وتشتد الضغوط عليها «بالوكالة»، بدل أن تتوجه صوب الجهة التي بادرت لخرق الاتفاق والنكوص عن الالتزام و»لحس توقيعها».

مثل هذا السلوك حيال إدارة دونالد ترامب، رأينا شبيهاً له في الإقليم، فثمة دول تتبرع لممارسة ضغوط «بالوكالة» أيضاً، على الفلسطينيين من أجل التساوق مع مبادرة ترامب بخصوص القضية الفلسطينية المعروفة مجازاً باسم «صفقة القرن»، أو أقله عدم رفع وتيرة الانتقادات لواشنطن، والتخلي عن الموقف الداعي لابتداع «آلية دولية» جديدة للوساطة في عملية السلام ورعايتها، بديلاً عن الاحتكار الأمريكي لهذه العملية، والممتد لأكثر من ربع قرن من الفشل المتراكم والمتجذر.

دول أخرى، قررت على ما يبدو، أن ترفع وتيرة تعاونها مع واشنطن، في مختلف قضايا المنطقة، تعويضاً عن الخلاف معها، حول قضية القدس ونقل السفارة الأمريكية إليها ... مرة أخرى، تبدو كلفة الخلاف مع الولايات المتحدة، باهظة على الدول الكبيرة والصغيرة على حد سواء، والجميع من دون استثناء، معني ببذل المزيد من الجهد للحفاظ على بساط الود الممدود مع البيت الأبيض، حتى وإن كانت الوسيلة، تكثيف الضغط على إيران أو الفلسطينيين، مع الفارق الواضح بين السياقين.

يفضي هذا السلوك، الذي تجد دول عدة نفسها مرغمة على سلوكه، أو طائعة، لا فرق، إلى تأزيم في العلاقات الدولية والإقليمية، فمناخات الانفراج في علاقات إيران مع الدول الأوروبية التي أعقبت التوقيع على الاتفاق النووي، تبدو في طريقها للتبدد على خلفية الخلاف المفتعل، أو المبالغ فيه، حول برنامج إيران الصاروخي ودورها الإقليمي، كما أن علاقات الفلسطينيين مع بعض الدول في المنطقة، تمر في مرحلة من الفتور، وربما التأزم على خلفية الموقف من مشروع ترامب وقضية القدس والوساطة الأمريكية في عملية السلام، الأمر الذي يريح واشنطن، ويزيح عن كاهلها أعباء مواجهات مباشرة أوسع نطاقاً، فما حاجة واشنطن لممارسة كل الضغوط وخوض جميع المواجهات، إن كان هناك من يتطوع للقيام بجزء من هذا الدور، بالوكالة عن واشنطن، طائعاً أو طامعاً في كسب الرضا.

المصدر : جريدة الدستور

arabstoday

GMT 08:40 2021 الأحد ,21 شباط / فبراير

بايدن وابن سلمان .. العقدة والمنشار

GMT 13:34 2021 الأحد ,24 كانون الثاني / يناير

إيران وحلفاؤها: بين «الناتو الشيعي» و»الجسر المتداعي»

GMT 11:14 2021 الثلاثاء ,19 كانون الثاني / يناير

إلى الذين سيجتـمـعـون في القاهرة...بمَ نبدأ؟

GMT 08:14 2021 الأحد ,10 كانون الثاني / يناير

أية دوافع وراء التصعيد «النووي» الإيراني»؟

GMT 09:47 2021 الخميس ,07 كانون الثاني / يناير

ما الذي سيفعله بايدن بيديه الطليقتين؟

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

واشنطن وتجربة «الضغوط بالوكالة» واشنطن وتجربة «الضغوط بالوكالة»



إطلالات متنوعة وراقية للأميرة رجوة في سنغافورة

سنغافورة - السعودية اليوم

GMT 16:48 2024 الثلاثاء ,16 كانون الثاني / يناير

اكتشاف بروتين يحفز إنتاج الدهون الجيدة والتخلص من السمنة

GMT 19:18 2021 الخميس ,04 شباط / فبراير

يتيح أمامك هذا اليوم فرصاً مهنية جديدة

GMT 00:36 2017 الثلاثاء ,12 كانون الأول / ديسمبر

5 طرق لتنظيف السيراميك والأرضيات من الطبيعة

GMT 16:43 2021 السبت ,13 شباط / فبراير

بناطيل هوت كوتور ربيع 2021 من أسبوع باريس

GMT 12:48 2020 الأربعاء ,15 إبريل / نيسان

جامعة سعودية تتوصل لنتائج تقضى على فيروس كورونا

GMT 13:28 2019 الثلاثاء ,05 تشرين الثاني / نوفمبر

عادل عصمت يناقش "الوصايا" في نادي ركن الياسمين

GMT 19:49 2018 الأربعاء ,19 كانون الأول / ديسمبر

"البيت الأبيض" يُعلن سحب قوات بلاده من سورية

GMT 19:12 2018 الإثنين ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

فورد إكسبلورر 2020 الجديدة تظهر بتمويهات خفيفة

GMT 03:54 2018 الخميس ,30 آب / أغسطس

ترشيح أحمد السقا لبطولة فيلم "أشرف مروان"

GMT 23:45 2018 السبت ,30 حزيران / يونيو

تعرف على حكم قراءة الفاتحة في "صلاة الجماعة"

GMT 22:30 2017 الجمعة ,22 كانون الأول / ديسمبر

ميلان يبرر تواصل ليوناردو بونوتشي مع كونتي

GMT 00:03 2017 الخميس ,07 كانون الأول / ديسمبر

حقيبة اليد تضيف المزيد من الأناقة للرجل في 2018

GMT 02:50 2016 الإثنين ,10 تشرين الأول / أكتوبر

ياسين الصالحي يتمسك بالطرق القانونية للانتقال إلى "الكويت"
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
alsaudiatoday alsaudiatoday alsaudiatoday
alsaudiatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab