«ترشيق» المنظمة نعم، تهميشها لا

«ترشيق» المنظمة... نعم، تهميشها... لا

«ترشيق» المنظمة... نعم، تهميشها... لا

 السعودية اليوم -

«ترشيق» المنظمة نعم، تهميشها لا

بقلم :عريب الرنتاوي

“ترشيق” منظمة التحرير الفلسطينية، أمرٌ هام وملح، فالمنظمة تعاني “إعاقة مزمنة”، وقد جرى تهميشها بخلاف الإرادة الجمعية للشعب الفلسطيني، وهي تعاني من ترهل مفرط و”شيخوخة” تلامس حافة الموت.

وتخليص المنظمة من “مومياءات” أكل عليها الدهر وشرب، حتى أن بعضها قضى نصف قرن في عضوية اللجنة التنفيذية للمنظمة، قبل أن يدرك (أو يقرر) أن موقعه في “المعارضة” وليس في السلطة، والخلاص من أمناء عاميّن لفصائل لم تعد موجودة، هذا إن قلنا إنها كانت موجودة أصلاً، فأحسب أنها خطوة في الطريق الصحيح، وإن كانت متأخرة ربع قرن على أقل تقدير.

وتفادي حال “الازدواج” بين مؤسسات المنظمة وهياكلها من جهة، ومؤسسات السلطة وهياكلها، التي تقوم بالأدوار ذاتها، وأحيانا، بما يعمق “الالتباس” بدل تبديده من جهة أخرى، فهذا أمرٌ محمود، سيما بوجود جيوش من الأسماء على كشوف الرواتب، لا وظيفة لكثيرين منهم، سوى “تجشم عناء” الذهاب آخر كل شهر، إلى أقرب “صراف آلي” لاستلام الراتب، أو ما تيسر منه.

وتقليص عدد أعضاء المجلس الوطني ليصبح أقل قليلاً من “مجلس الشعب الصيني”، فهذا إجراء عملي و”اقتصادي”، سيما بعد أن باتت مهمة انعقاد المجلس، أقرب إلى تنظيم “المونديال”، سيما في ضوء تعدد الروايات حول عضوية المجلس، كم تبلغ وممن تتكون، إلى غير ما هنالك من أسئلة، من المخجل إثارتها حين يتعلق الأمر بـ”أعلى سلطة لدى الشعب الفلسطيني”... والحقيقة أن عضوية المجلس الوطني الفلسطيني توفر تجربة فريدة من نوعها، فأنت قد تبلغ سن التقاعد و”تحال على المعاش” أو قد يتوفاك الله، قبل أن تتاح لك الفرصة في المشاركة في الاجتماع التالي للمجلس.

كل هذا وغيره صحيح، بل وصحيح تماماً، ويتوجب أعلى درجات الاستنفار للخروج بمنظمة رشيقة ومجلس فاعل ومؤسسات شرعية منتخبة، وقيادات شابة، أو نصف شائخة على الأقل، وأذكر مذ أن بدأت بتتبع اجتماعات المجلس عن كثب، ولأول مرة في العام 1979، في دمشق، أن مطلب إصلاح منظمة التحرير كان مدرجاً على جدول الأعمال، وكلما تقدمنا في الزمن “والسن”، باتت المهمة المنتظرة طويلاً، أكثر صعوبة وأشد إيلاماً وأعلى كلفة.

لكن القلق يساورني كما كثيرٍ من الفلسطينيين وأصدقاء الشعب الفلسطيني، من أن تكون “التسريبات” بصدد تقليص عضوية المجلس وإلغاء دوائر وهيئات، إنما تأتي في سياق آخر، أو بالأحرى تتوج سياقاً بدأ منذ زمن طويل، وتفاقم بعد أوسلو وقيام السلطة: تفكيك المنظمة وإضعافها لصالح السلطة، لتصبح الأخيرة “البنت التي ولدت أمها”، بخلاف حقائق الكون والطبيعة والمجتمع .... هذا أمرٌ مقلق للغاية، ولا يجوز صرف النظر عنه أو الاستخفاف بعقابيله.

كنّا نظن، وبعض الظن سذاجة، وليس إثماً فقط، أن “الدرس المستفاد” من انسداد عملية السلام وتآكل حل الدولتين وانكماش مساحة السلطة وحدودها و”سيادتها”، وكونها “سلطة بلا سلطة”، سوف تقود إلى الاستنتاج البدهي: تعزيز مكانة المنظمة وتطوير دورها وتوثيق روابطها مع شعبها في الوطن المحتل والشتات، فهل هذا ما يقصد بالتسريبات حول الترشيق والتقليص والدمج والإلغاء؟

وحتى بفرض أن “الوهم” ما زال معشعشاً في العقول، وأن تجارته ما زالت رابحة، فهل يمنع قيام دولة فلسطينية في مناطق من الضفة والقطاع، تكثيف العمل الجاد لبعث وإحياء منظمة التحرير، أقله للقيام بالأدوار الاستراتيجية التي قامت بها “الوكالة اليهودية” قبل وبعد قيام إسرائيل ... فإذا كانت الأخيرة، نجحت في اقتلاع ملايين اليهود من مجتمعاتهم الأصلية، وهجرتهم إلى إسرائيل، وأنشأت “أنوية” “لوبيّات” إسرائيلية في معظم دول الانتشار اليهودي، أليس من الأجدى أن نفكر بدور لمنظمة التحرير، يكرس ارتباط الأطراف بالمركز، واللاجئين بوطنهم الأم، والشعب المهاجر/اللاجئ بالشعب المقيم؟ ... أليس من الملح، ابتداع شتى الطرق وابتكار مختلف الأدوات، لتحويل الاغتراب الفلسطيني، إلى “أنوية” لـ “لوبيّات” فلسطينية، تدعم السلطة وتعزز مكانة الدولة عند قيامها، وتذود عن مصالحها وتعمل على تعظيمها؟

لا أدري كيف أمكن التفريط بـ “بورقة” على هذا القدر من الأهمية، مع أن أكثر من ستة ملايين لاجئ، ليسوا “ورقة” بحال من الأحوال، فهم نصف الشعب الفلسطيني، وهم من حملوا الحركة الوطنية على أكتافهم، وهم من رفدها بالغالي والنفيس، وهم من جرى التخلي عنهم، وشطبهم... بجرة قلم.

المصدر : جريدة الدستور

المقال يعبّر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة رأي الموقع

 

arabstoday

GMT 09:20 2020 السبت ,06 حزيران / يونيو

أخبار المتزوجين

GMT 09:15 2020 السبت ,06 حزيران / يونيو

أخبار من ايران وغيرها

GMT 05:49 2020 السبت ,06 حزيران / يونيو

«قيصر» يقتحم أبوابكم!

GMT 04:28 2020 السبت ,06 حزيران / يونيو

3 سنوات قطيعة

GMT 04:19 2020 السبت ,06 حزيران / يونيو

مسكين صانع السلام

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

«ترشيق» المنظمة نعم، تهميشها لا «ترشيق» المنظمة نعم، تهميشها لا



إطلالات متنوعة وراقية للأميرة رجوة في سنغافورة

سنغافورة - السعودية اليوم

GMT 16:48 2024 الثلاثاء ,16 كانون الثاني / يناير

اكتشاف بروتين يحفز إنتاج الدهون الجيدة والتخلص من السمنة

GMT 19:18 2021 الخميس ,04 شباط / فبراير

يتيح أمامك هذا اليوم فرصاً مهنية جديدة

GMT 00:36 2017 الثلاثاء ,12 كانون الأول / ديسمبر

5 طرق لتنظيف السيراميك والأرضيات من الطبيعة

GMT 16:43 2021 السبت ,13 شباط / فبراير

بناطيل هوت كوتور ربيع 2021 من أسبوع باريس

GMT 12:48 2020 الأربعاء ,15 إبريل / نيسان

جامعة سعودية تتوصل لنتائج تقضى على فيروس كورونا

GMT 13:28 2019 الثلاثاء ,05 تشرين الثاني / نوفمبر

عادل عصمت يناقش "الوصايا" في نادي ركن الياسمين

GMT 19:49 2018 الأربعاء ,19 كانون الأول / ديسمبر

"البيت الأبيض" يُعلن سحب قوات بلاده من سورية

GMT 19:12 2018 الإثنين ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

فورد إكسبلورر 2020 الجديدة تظهر بتمويهات خفيفة

GMT 03:54 2018 الخميس ,30 آب / أغسطس

ترشيح أحمد السقا لبطولة فيلم "أشرف مروان"

GMT 23:45 2018 السبت ,30 حزيران / يونيو

تعرف على حكم قراءة الفاتحة في "صلاة الجماعة"

GMT 22:30 2017 الجمعة ,22 كانون الأول / ديسمبر

ميلان يبرر تواصل ليوناردو بونوتشي مع كونتي

GMT 00:03 2017 الخميس ,07 كانون الأول / ديسمبر

حقيبة اليد تضيف المزيد من الأناقة للرجل في 2018

GMT 02:50 2016 الإثنين ,10 تشرين الأول / أكتوبر

ياسين الصالحي يتمسك بالطرق القانونية للانتقال إلى "الكويت"
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
alsaudiatoday alsaudiatoday alsaudiatoday
alsaudiatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab