اطلبوا العلم ولو في السودان

اطلبوا العلم ولو في السودان

اطلبوا العلم ولو في السودان

 السعودية اليوم -

اطلبوا العلم ولو في السودان

بقلم : عريب الرنتاوي

يُظهر السودانيون قدرة فائقة على التعلم من تجاربهم وتجارب الآخرين، والشعوب العربية، بقواها الإصلاحية والتنويرية والتقدمية، مدعوّة لـ»طلب العلم ولو السودان»، دعونا من الصين، فليس هناك الكثير لنتعلمه هنا والآن، ربما في مجالات أخرى وأوقات أخرى.
استغربت شخيصاً بادئ ذي بدء، كيف تُطالب قوى الحرية والتغيير وتجمع المهنيين وأحزاب المعارضة عامة، بتمديد الفترة الانتقالية إلى أربع سنوات ... شخصياً كنت أستعجل الانتقال، ورأيت في اقتراح المجلس العسكري بجعلها لسنتين، محاولة مفضوحة لاختطاف ثورة الشعب السوداني وإجهاضها، ومحاولة أخيرة للحفاظ على نظام البشير، وإن من دون البشير «زات نفسه».
النخبة السودانية التي تعلمت درسي ثورة 1964 ضد الجنرال عبود وثورة 1985 ضد النميري، لم تشأ أن تكرر التجربة للمرة الثالثة، فالمؤمن لا يلدغ من الجحر الواحد مرتين، والسودانيون لدغوا مرتين، وما كان لهم أن يسمحوا لأنفسهم بالتعرض للدغة ثالثة ... بيد أنهم في الوقت ذاته، يواصلون نضالهم الحثيث والكثيف، السلمي، الواعي والمتحضر، من أجل توفير ضمانات صلبة للانتقال ببلادهم إلى  ضفاف الديمقراطية، هم يريدون مجلساً سيادياً مدنياً، أو بأغلبية مدنية، وحكومة مدنية بالكاملة، وكاملة الصلاحيات، ومجلس تشريعي يراقب ويشرع استثنائياً طوال المرحلة الانتقالية ... هم يريدون دستوراً جديداً للبلاد، ينبثق عن جميعة تأسيسية، هم يريدون إصلاحاً شاملاً، يطاول الفاسدين والمرتكبين، ويقوض أسس النظام السابق، من دون أن يترك البلاد نهباً للفراغ والتجاذبات والصراعات المحلية والإقليمية والدولية.
لقد تعلموا من دروس من سبقهم من شعوب المنطقة وبلدانها ... لا أحد يتحدث عن «اجتثاث حزب المؤتمر» على طريقة «اجتثاث البعث»، ولا أحد يفكر بحل الجيش أو أي من الأجهزة الأمنية، لا أحد يتهاون أو يفرط بـ» الدولة» ومؤسساتها، لقد تعلموا دروس العراق جيداً وليبيا جيداً، وليس لديهم الرغبة أو النية لإعادة انتاجها.
لقد تعلموا من التجربة المصرية، عدم السماح لأحد بامتطاء صهوة انتفاضتهم الشعبية، السودان القادم سيتخفف من تجربة ثلاثين عاماً أو يزيد من الحكم باسم الدين، الأرجح أن السودان يسير على خطى الدولة المدنية الديمقراطية، العلمانية، إن قدّر لثورته أن تواصل انتصاراتها ... وتعلموا أيضاَ أن اختراق «ئناثية العسكر والإخوان» أمر ممكن، بل وشرط ضروري للانتقال الديمقراطي، أياً كانت مكانة العسكر والجنرالات وأدوارهم، وأياً كانت الطبعة التي تتدثر بها حركات الإسلام السياسي ... البلاد مفتوحة على مشاركة جميع أبنائها، وهي تتسع لهم جميعاً.
أدركوا أن الشوارع والميادين هي أسلحتهم الثقيلة، وهي أوراق القوة الوحيدة التي بأيديهم، لذلك قرروا ألا يبرحوا الشوارع والميادين، قبل أن تضع مسيرة الانتقال أقدامها على سكة صلبة، وضمان عدم الانتكاس إلى الوراء ... أدركوا أن قوتهم في وحدتهم، وأن الشوارع والميادين بحاجة لعقل مدبر، متعدد ولكن توافقي، فكانت قوى الحرية والتغيير وتجمع المهنيين، هي الوعاء التي انبثقت منه رموز مرحلة الانتقال قبل أن تخضع ويخضع الجميع لصناديق الاقتراع... وربما – وأقول ربما – أن ذلك يمكن أن يدرأ عن السودان، أخطار الصراعات الإقليمية في بلادهم وعليها، وهي تحتدم اليوم، كما لم يحدث من قبل.
عرفوا أن ثلاثين عاماً من سيطرة الحزب الواحد والزعيم الأوحد، أفرغت الأحزاب من مضمونها، أضعفتها وشتت بُناها، وأن أجيالاً جديدة من السودانيين لم تعرف سوى البشير وحكم «الإنقاذ» ... وأن الأمر بحاجة لوقت كافٍ لكي تتعافى الأحزاب والمجتمع المدني والحركات الشبابية والنسائية، وتتمكن من المنافسة على مستقبل السودان، في انتخابات ديمقراطية حرة ونزيهة ... لا يكفي أن يكون الجنرال على رأس الحكم، نظيفاً ونزيهاً مثل سوار الذهب، فالانتقال إن لم يكن مدروساً ومؤسساً على أرض صلبة، سيأتي بجنرال آخر، من طراز البشير، أو داعية آخر مثل الترابي ... هو نمط من التفكير بعيد المدى، المُدرك لسوءات ومثالب ثورات السودانيين السابقة، وثورات الربيع العربي وانتفاضاته.
فرص الموجة الثانية من الربيع العربي، تبدو أعظم من فرص موجتها الأولى، الشعوب تتعلم من تجاربها (العشرية السوداء في الجزائر كذلك) ... وثمة ما يشي بأن شعبي البلدين المنخرطين في هذه الموجة (الجزائر والسودان) قد تعلما الدرس جيداً ... بانتظار الموجة الثالثة التي قد لا تطول طويلاً، والتي ستشمل من لم تكتمل تجارب انتقالهم الديمقراطي، والموجة الرابعة التي ربما تكون من نصيب دول أخرى.

 

arabstoday

GMT 09:20 2020 السبت ,06 حزيران / يونيو

أخبار المتزوجين

GMT 09:15 2020 السبت ,06 حزيران / يونيو

أخبار من ايران وغيرها

GMT 05:49 2020 السبت ,06 حزيران / يونيو

«قيصر» يقتحم أبوابكم!

GMT 04:28 2020 السبت ,06 حزيران / يونيو

3 سنوات قطيعة

GMT 04:19 2020 السبت ,06 حزيران / يونيو

مسكين صانع السلام

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

اطلبوا العلم ولو في السودان اطلبوا العلم ولو في السودان



إطلالات متنوعة وراقية للأميرة رجوة في سنغافورة

سنغافورة - السعودية اليوم

GMT 16:19 2021 الخميس ,07 كانون الثاني / يناير

حظك اليوم برج الأسد الخميس 7 يناير/كانون الثاني 2021

GMT 18:13 2019 الثلاثاء ,15 تشرين الأول / أكتوبر

حمدي فتحي يسجل أول أهداف مصر في شباك بوتسوانا

GMT 11:25 2018 الجمعة ,26 تشرين الأول / أكتوبر

عسيري يؤكد أن الاتحاد قدم مباراة كبيرة امام الهلال

GMT 00:28 2018 الخميس ,05 تموز / يوليو

كروم 67 يدعم تطبيقات الويب المتجاوبة

GMT 15:41 2018 الجمعة ,09 شباط / فبراير

سترة الجلد تناسب جميع الأوقات لإطلالات متنوعة

GMT 14:57 2017 الجمعة ,15 كانون الأول / ديسمبر

كليب Despacito يحقق مليار ونصف مشاهدة على اليوتيوب

GMT 18:27 2017 الثلاثاء ,28 تشرين الثاني / نوفمبر

العثور على معدات صيد في الدار البيضاء لرجل اختفى عن الأنظار

GMT 21:15 2017 الأربعاء ,04 تشرين الأول / أكتوبر

مباراة الدحيل والريان تحظى بنصيب الأسد من العقوبات

GMT 08:17 2017 الأربعاء ,27 أيلول / سبتمبر

الكويت تجدد سعيها لحل الخلافات العربية مع قطر

GMT 02:26 2017 الجمعة ,14 تموز / يوليو

نادي نابولي الإيطالي يكشف عن بديل بيبي رينا

GMT 13:25 2017 الخميس ,14 أيلول / سبتمبر

نفوق اكبر باندا في العالم عن 37 عامًا في الصين

GMT 01:21 2016 الإثنين ,05 كانون الأول / ديسمبر

دور الإعلام خلال مؤتمر "كوب 22" في مراكش

GMT 23:09 2016 الثلاثاء ,20 كانون الأول / ديسمبر

لجنة الانضباط في الاتحاد السعودي تقرّر إيقاف حسين المقهوي

GMT 13:38 2015 الإثنين ,03 آب / أغسطس

سهو السهو يؤكد وجود احتمالية بنقل خليجي 23

GMT 06:53 2017 الأحد ,08 كانون الثاني / يناير

مدينة كييف أجمل مدن أوروبا الشرقية لقضاء شهر العسل

GMT 00:57 2017 السبت ,14 كانون الثاني / يناير

عمار الحلاق يكشف مشاكل "الجمباز" في سورية
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
alsaudiatoday alsaudiatoday alsaudiatoday
alsaudiatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab