من «تلازم المسارات» إلى «الأواني المستطرقة»

من «تلازم المسارات» إلى «الأواني المستطرقة»

من «تلازم المسارات» إلى «الأواني المستطرقة»

 السعودية اليوم -

من «تلازم المسارات» إلى «الأواني المستطرقة»

عريب الرنتاوي

“حرب واحدة، تدور على أربع ساحات” ... هذه هي الخلاصة التي ذهبنا إلى تأكيدها أكثر من مرة في مقالات سابقة ... الأطراف التي تحترب في اليمن، هي ذاتها التي تتقاتل في سوريا في سوريا وليبيا والعراق ... الفارق الظاهر بين ساحة وأخرى، هي في هوية وتسميات اللاعبين المحليين، أما الفارق الجوهري، فيتصل بتفاوت درجة اهتمام اللاعبين الإقليميين والدوليين من ساحة إلى أخرى.

يأخذنا هذا التحليل إلى خلاصة مؤدّاها، أن هذه المنطقة بدأت تخضع لمفاعيل نظرية “الأواني المستطرقة” في الفيزياء ... فالأطراف يمكن أن تقبل أو “تهضم” انتكاسة هنا، شريطة تعويضها بتقدم أو مكسب ينجز هناك، لكأننا فعلاً نقترب من “زمن التسويات الكبرى”، المحكومة بنظرية “تلازم مسارات الحل والحرب” على الجبهات الأربع المفتوحة، من اليمن حتى ليبيا، مروراً بسوريا والعراق، وغير بعيد عن لبنان كذلك ... هنا، تتجلى المقايضات والمساومات ذات الطبيعة الإقليمية في المقام الأول والأخير، وهنا تفقد الأطراف المحلية، لا استقلاليتها فحسب، بل وقدرتها في بعض الأحيان، على توظيف نجاحات داعميها الإقليميين والدوليين.

ومن آيات ذلك، أن التصعيد الأخير على جبهات القتال في اليمن، والتي حقق في خلالها التحالف السعودي وقوات عبد ربه منصور هادي، اختراقات مهمة في محافظات مأرب والجوف وصولاً إلى “أرياف صنعاء”، من دون اكتراث بمفاوضات سويسرا ولا باتفاق وقف إطلاق النار، إنما جاء على نحو خاص، بعد الصدمة التي تلقاها هذا التحالف في نيويورك، عندما نجح “التوافق” الروسي – الأمريكي، في تمرير القرار 2254 بشأن سوريا، والذي أفرغ مؤتمر الرياض من مضامينه، وأدرج بيانه الختامي في أرشيف الوثائق السورية ... انخفاض أسهم التحالف في سوريا، صاحبه ارتفاع أسهمه في اليمن، تماماً كما تقتضي مفاعيل “نظرية الأواني المستطرقة”.

التدخل الروسي في سوريا، كان موضع ترحيب حار من أطراف “محور إيران دمشق الضاحية”، وذهبت التحليلات بشأنه أيما مذهب ... لكن هذا التدخل لم يوفر الحماية لأركان هذا المحور من الضربات الجوية الإسرائيلية، وكل التحليلات الاحتفالية بالمديات الواسعة والتقنيات المعقدة لشبكان إس 300 وإس 400، لم توفر الطمأنينة ولا الحماية لسمير قنطار ورفاقه ... إسرائيل خسرت بدخول الروس على خط إنقاذ النظام في دمشق، لكنها ربحت إقرار موسكو على إبقاء يديها طليقتين ضد أهداف لحزب الله في سوريا، وهذا ما جرى اختباره أربع مرات على الأقل، منذ الثلاثين من أيلول / سبتمبر 2015، تاريخ التدخل العسكري الروسي في سوريا.

الأطراف اللبنانية الحليفة “للتحالف” لم تستطع توظيف مكتسباته الإقليمية في المعادلات اللبنانية، حتى أن سعد الدين الحريري، زعيم هذا التيار، لم يجد سوى الصديق الأقرب لبيت الأسد، لترشيحه لملء الفراغ الممتد في قصر بعبدا ... وسيجد الدكتور سمير جعجع، الحليف المسيحي الأوثق للرياض، نفسه مضطراً لاستقبال سفيرها في بيروت، ليتبلغ منه، مباركة المملكة لمبادرة الحريري وترشيح فرنجية ... ضربة على الحافر وأخرى على المسمار، ودائماً وفقاً لقواعد “الأواني المستطرقة”.

تركيا وحلفاؤها خسروا آخر جولة مواجهة مع الحكومة العراقية وحلفائها حول معسكر “بعشيقة”، والأمر جاء إثر تدخل أمريكي مباشر، واستجابة لمكالمة هاتفية واحدة فقط من سيد البيت الأبيض الأمريكي ... وقبلها وجدت أنقرة نفسها في مأزق المواجهة المباشرة مع “الدب الروسي” الذي رسم حدوداً وسقوفاً لدورها في سوريا ... حبل الإنقاذ امتد إليها من حيث لا تحتسب، وجاءها الخلاص من تل أبيب، صديقة موسكو وبوتين، تطبيعاً للعلاقات واستعداد لضخ الغاز “الفلسطيني المحتل” في عروق الاقتصاد التركي النشط.

سوريا هي الأهم في سلم الأولويات الروسية، والعراق هو الأهم في السلم الأمريكي، وليبيا هي الأقرب لمصر والاتحاد الأوروبي، ما يجعل منها “الأولى بالرعاية”، واليمن خاصرة السعودية الرخوة ... وحزب الله، امتداد “رسالي” للثورة الإسلامية في إيران، وتركيا حائرة بين “عثمانيتها” و”أطلسيتها”، تتخبط تارة هنا وأخرى هناك، يوماً في خندق حماس والإخوان، ويوماً آخر في خندق “المصالح المشتركة” التركية الإسرائيلية، والتي زج باسم فلسطين بين حدّيها، من باب المزايدة لا أكثر ولا أقل، وعلى الطريقة العربية المعتادة، أو بالأحرى على طريقة “البروباغندا” الأردوغانية المألوفة.

في ظل هذه الشبكة المعقدة والمتداخلة من المواقف والمصالح والتحالفات والأولويات ... لا تكون الحلول لأزمات المنطقة ممكنة من دون الأخذ بنظر الاعتبار “تلازم مسارات الحل والحرب” على الساحات الأربع، ومفاعيل نظرية “الأواني المستطرقة” ... فالمصائب التي حلت بهذه المنطقة، لم تأت فرادى، والحلول كذلك.

arabstoday

GMT 15:09 2024 الأربعاء ,17 كانون الثاني / يناير

ابنه البكر

GMT 15:08 2024 الأربعاء ,17 كانون الثاني / يناير

... إنّها حرب تطالبنا بأن ننسى كلّ شيء تقريباً

GMT 15:07 2024 الأربعاء ,17 كانون الثاني / يناير

المشعوذون القدامى... والجُدد

GMT 15:04 2024 الأربعاء ,17 كانون الثاني / يناير

الدول العربية «المضروبة»

GMT 15:03 2024 الأربعاء ,17 كانون الثاني / يناير

حانت لحظة الرحيل

GMT 15:02 2024 الأربعاء ,17 كانون الثاني / يناير

الأسئلة الصعبة

GMT 15:01 2024 الأربعاء ,17 كانون الثاني / يناير

من غزو العراق... إلى حرب غزّة

GMT 15:00 2024 الأربعاء ,17 كانون الثاني / يناير

عن رسالة بوريل ومستقبل أوروبا

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

من «تلازم المسارات» إلى «الأواني المستطرقة» من «تلازم المسارات» إلى «الأواني المستطرقة»



إطلالات متنوعة وراقية للأميرة رجوة في سنغافورة

سنغافورة - السعودية اليوم

GMT 17:04 2021 الخميس ,07 كانون الثاني / يناير

حظك اليوم برج الدلو الخميس 7 يناير/كانون الثاني 2021

GMT 16:31 2021 الخميس ,07 كانون الثاني / يناير

حظك اليوم برج العذراء الخميس 7 يناير/كانون الثاني 2021

GMT 15:06 2017 الخميس ,30 تشرين الثاني / نوفمبر

إطلالة رائعة لسارة سلامة في جلسة تصوير جديدة

GMT 09:43 2019 الأربعاء ,09 تشرين الأول / أكتوبر

كاريلو يكشف عن كواليس البقاء مع "الهلال"

GMT 03:32 2017 الخميس ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

مروان الشوربجي يودع ربع نهائي بطولة قطر للاسكواش

GMT 10:08 2017 الإثنين ,09 تشرين الأول / أكتوبر

اتحاد جدة ينهيء الشعب المصري بالصعود إلى كأس العالم

GMT 13:33 2017 الأحد ,01 تشرين الأول / أكتوبر

محمد عساف يغني في 5 مدن كندية دعماً لأطفال فلسطين
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
alsaudiatoday alsaudiatoday alsaudiatoday
alsaudiatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab