غزة على المفترق الاتفاق أو حرب الاستنزاف

غزة على المفترق: الاتفاق أو حرب الاستنزاف

غزة على المفترق: الاتفاق أو حرب الاستنزاف

 السعودية اليوم -

غزة على المفترق الاتفاق أو حرب الاستنزاف

عريب الرنتاوي

على وقع “حرب الاستنزاف” الدائرة بين المقاومة وإسرائيل، تدور مفاوضات شاقة ومعقدة في القاهرة بين الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي ... إسرائيل، كعادتها، تلجأ للتسويف والمماطلة، ولا تريد أن تتقدم بـ “قول فصل” في أي من الموضوعات الأساسية المدرجة على مائدة المفاوضات ... في المقابل، يسعى الوفد الفلسطيني الموحد، في حشد التأييد لـ “ورقة المطالب والحقوق” التي أجمع الشعب الفلسطيني عليها.
التكتيك التفاوضي الإسرائيلي يراهن على عنصري قوة اثنين: الأول؛ ضجر الوسيط المصري واضطراره عاجلاً أم آجلاً لممارسة ضغوط على الوفد الفلسطيني المفاوض، متسلحاً بمواقف دول عربية معروفة، تساند مصر، وتدعم نظامها وتؤيد مبادرتها ... والثاني؛ تسرب اليأس إلى نفوس المفاوضين الفلسطينيين، وتسلل الخلاف والشقاق في أوساطهم، على وقع الضغوط الإنسانية الهائلة التي خلفتها آلة الحرب والدمار في كل بيت وشارع وحارة في قطاع غزة، وبتأثير من المحاور والمعسكرات المتصارعة في الإقليم.
في المقابل، يعتمد التكتيك التفاوضي على عناصر القوة التالية: الأول؛ موقف شعبي متماسك برغم الجراح النازفة والخسائر الجسيمة في الأرواح والممتلكات، أسقط الرهان الإسرائيلي على “انتفاضة غزية ضد المقاومة” ... الثاني؛ اتساع حملات التضامن مع الشعب الفلسطيني في العالم العربي والعواصم الدولية وانكشاف صورة إسرائيل العدوانية المجرمة ... والثالث؛ ضجر المجتمع الإسرائيلي من حالة الاستنفار التي تحول دون “تطبيع” الحياة اليومية، لا في مطار بن غوريون ولا في غلاف المستوطنات المحيط بغزة والفارغ من سكانه.
مأزق التفاوض الجاري في القاهرة، يكمن في اتساع الفجوة بين مطالب المتفاوضين وتوقعاتهما ... إن لم يخرج نتنياهو بصفقة يستطيع تسويقها وتسويغها، سيكون مستقبله السياسي، ومستقبل حزبه وائتلافه وحكومته، في مهب الريح ... وإن لم ينجح المفاوض الفلسطيني في الارتقاء بأدائه إلى مستوى أداء المقاوم الفلسطيني، سيخرج من الحلبة السياسية مطارداً بلعنات المقاتلين وأسر الشهداء والجرحى، والأمهات الثكالى، سيخرج من مسرح السياسة والمقاومة على حد سواء.
وفي الوقت الذي يسعى فيه “الوسيط” المصري، إلى بلورة تهدئة إنسانية جديدة، ولـ 72 ساعة إضافية، تساعده في انتزاع فسحة من الوقت، لتجسير المواقف والخروج بتسوية من نوع ما ... فإن واقع التطورات على أرض القطاع، لا تستبعد سيناريو حرب استنزاف طويلة الأمد نسبياً ... وما شهدناه بعد انتهاء التهدئة الإنسانية الأولى يعطي مؤشراً على طبيعة ومستوى وسوية المواجهات القادمة.
إسرائيل متخوفة من حرب استنزاف جديدة، هي دائماً لا ترغب بحروب استنزاف بعد أن اعتادت كسب الحروب الخاطفة والسريعة وغير المكلفة ... بيد أن تل أبيب، وكجزء من الحرب النفسية على المقاومة والشعب الفلسطينيين، تؤكد استعدادها للمضي بهذا الخيار حتى استنفار سلاح المقاومة وفراغ مستودعاتها، لكن السؤال الأهم الذي لم تجب عليه الاستخبارات الإسرائيلية هو: هل يمكن لهذه المستودعات أن تنضب، متى وبأية كلفة، لا سيما في ضوء تواتر كثير من المعلومات، التي تؤكد أن جزءاً من سلاح المقاومة، يصنّع في غزة، ولا يستورد (يهرب) من خارجها.
على أية حال، حرب الاستنزاف ليست سهلة على الفلسطينيين الخارجين من تحت الأنقاض والركام، أنقاض المنازل المهدّمة على رؤوس ساكنيها، وأنقاض المساجد والمستشفيات والمدارس والجامعات والدوائر ... لكن الفلسطينيين هم الأقدر على خوض غمار حرب الاستنزاف، بعد أن فقدوا كل شيء يخشون عليه، وباتت ظهورهم إلى جدار، البحر من أمامهم، والحصار المحكم من ورائهم.
مرة أخرى، سندخل في لعبة “عض الأصابع” الدامية من جديد، لنرى من هم الأقدر على الاستمرار والصمود ... لكن المجتمع الدولي أخذ يفقد صبره حيال الغطرسة والعدوانية الإسرائيليتين، فما عاد ممكنا ولا مقبولاً، استمرار العدوان والتقتيل اليومي، كما أن الحصار على غزة، بات عبئاً ثقيلاً على البشرية، تتطلع لإزاحته عن كاهلها، حتى وإن لم ترغب إسرائيل بذلك.
قد نشهد دخول جبهات القتال في غزة، مرحلة جديدة، قصيرة على أية حال، من التهدئة الإنسانية ... وخلال أيام ثلاثة فقط، ستتضح الصورة، وسنعرف ما إذا كانت غزة على وشك إنجاز اتفاق شامل، يتناول مختلف عناوين الورقة الفلسطينية، أم أنها ستخوض غمار حرب استنزاف أقل حدة، من حيث شدة المواجهات والمعارك، بيد أنها طويلة الأمد نسبياً.

 

 

arabstoday

GMT 15:09 2024 الأربعاء ,17 كانون الثاني / يناير

ابنه البكر

GMT 15:08 2024 الأربعاء ,17 كانون الثاني / يناير

... إنّها حرب تطالبنا بأن ننسى كلّ شيء تقريباً

GMT 15:07 2024 الأربعاء ,17 كانون الثاني / يناير

المشعوذون القدامى... والجُدد

GMT 15:04 2024 الأربعاء ,17 كانون الثاني / يناير

الدول العربية «المضروبة»

GMT 15:03 2024 الأربعاء ,17 كانون الثاني / يناير

حانت لحظة الرحيل

GMT 15:02 2024 الأربعاء ,17 كانون الثاني / يناير

الأسئلة الصعبة

GMT 15:01 2024 الأربعاء ,17 كانون الثاني / يناير

من غزو العراق... إلى حرب غزّة

GMT 15:00 2024 الأربعاء ,17 كانون الثاني / يناير

عن رسالة بوريل ومستقبل أوروبا

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

غزة على المفترق الاتفاق أو حرب الاستنزاف غزة على المفترق الاتفاق أو حرب الاستنزاف



إطلالات متنوعة وراقية للأميرة رجوة في سنغافورة

سنغافورة - السعودية اليوم

GMT 01:25 2017 الأربعاء ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

رائد محسن يكشف كيفية تربية الأطفال بالطرق الصحيحة

GMT 17:06 2018 الإثنين ,03 أيلول / سبتمبر

جرائم الكيان المعنوي للحاسب الآلي

GMT 12:53 2017 الأحد ,29 تشرين الأول / أكتوبر

مدرب النصر يمنح حسام غالي الفرصة الأخيرة لتحسين الأداء

GMT 04:43 2017 الجمعة ,20 تشرين الأول / أكتوبر

مجموعة ساحرة من خواتم الأصبعين الثنائية من

GMT 11:18 2021 السبت ,30 كانون الثاني / يناير

أغلى السيارات التي طرحت عبر تاريخ الصناعة

GMT 14:22 2020 الجمعة ,25 أيلول / سبتمبر

وفاة شقيق الفنان محمود حميدة

GMT 22:52 2020 السبت ,02 أيار / مايو

أبرز 6 شخصيات عربية على موقع "يوتيوب"

GMT 08:20 2019 الخميس ,07 تشرين الثاني / نوفمبر

!الوهم الأبیض
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
alsaudiatoday alsaudiatoday alsaudiatoday
alsaudiatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab