جريمة الحارة وكل الحارات

جريمة "الحارة" وكل الحارات

جريمة "الحارة" وكل الحارات

 السعودية اليوم -

جريمة الحارة وكل الحارات

عريب الرنتاوي

للمرة الثالثة، يستهدف الإرهاب الموجّه والمموّل من الاستخبارات النفطية، ضاحية بيروت الجنوبية، موقعاً عشرات القتلى والجرحى في صفوف المدنيين الأبرياء ... جريمة "قتل جماعي على الهوية"، تلك التي استهدفت حارة حريك في قلب الضاحية، لا مبرر لها على الإطلاق، حتى وإن تذرع مقترفوها بدخول حزب الله على خط الأزمة السورية ... فعل إرهابي جبان، مستوفٍ لنصابه الإجرامي، وفقاً لمختلف المعايير. الجريمة في الضاحية، هي حلقة في مسلسل استهداف الحزب والطائفة الشيعية، بعد أن صدر "أمر العمليات" بإقصاء حزب الله وقطع الطريق على مشاركته في الحكومة، بل وإدراجه على القوائم السوداء للمنظمات الإرهابية ... وهي الثمرة المرة، لاستراتيجية "إعادة التوجيه" التي تستخدمها عواصم وأمراء واستخبارات (بعينها)، والتي تنهض على توظيف جماعات السلفية الجهادية لاستهداف إيران وحلفائها ومحورها و"هلالها الشيعي"، تماماً مثلما كان عليه الحال زمن الحرب الباردة، حين كانت هذه الجماعات، رأس الحربة في حرب المحور ذاته، ضد "الخطر الشيوعي"، بدءاً من أفغانستان. والجريمة هي حلقة في مسلسل حروب المذاهب المتنقلة، التي تضرب في طول المنطقة وعرضها ... دماء غزيرة وأرواح بريئة تزهق في العراق وسوريا ولبنان، وحالة احتقان تعصف باليمن والبحرين وعدد من دول الخليج العربية، وعمليات "سحل" في الشوارع لشيعة مصريين، تحت سمع وبصر نظام الرئيس المخلوع ... إنها الثمرة المرة لخطاب الفتنة والكراهية والتحريض، الذي يتردد صداه في فضائيات الفتنة ومنابرها ومساجدها ودروس وعّاظها. مجزرة حارة حريك، هزّت اللبنانيين من مختلف المذاهب والطوائف، وأعادت للحظات، أجواء الوفاق والوئام الوطنيين، بعد أشهر وسنوات من التحريض والحث على الفرقة والانقسام ... بيد أنها لحظات عابرة ومشاعر مؤقتة، سرعان ما سيتبدد أثرها الطيب، بعد أن يعود "القوم" إلى ممارسة شعائر الفتنة التي اعتادوا عليها، وبعد أن تعود "لأوامر العمليات" مفاعليها، مصحوبة بحقائب المال الأسود. ومن باب الصراحة ووضع النقاط فوق الحروب، والنأي بالنفس عن سياسة "تجهيل الفاعل" نقول: أن ثمة سياسة استدراج للعرب الشيعة للدخول في أتون الحروب المذهبية المتنقلة، أو العودة إليه ... في العراق، ألوف العراقيين الشيعة، يسقطون شهرياً بين قتيل وجريج، على يد جماعات أصولية سنيّة ... وفي لبنان يتخذ الخطاب السنّي المتشدد طابعاً تحريضياٌّ فتنوياٌ ... وفي البحرين يجري "وأد انتفاضة أهلها بسبب شبهة "شيعيتها" ... أما حزب الله، فهو في قلب دائرة استهداف متعددة الجنسيات، لا لأنه شيعي فحسب، بل ولأنه تجرأ على الانتصار على إسرائيل، في سابقة لم نعهدها كثيراً في تاريخ الحروب العربية الإسرائيلية. والجريمة الأكبر، أن كل هذه الجرائم المقترفة في مختلف هذه "الحارات"، تجري تحت أسماع وأبصار الجميع، من دون أن يكلف أحدٌ نفسه عناء إصدار بيان تنديد أو استكار، مجرد بيان لا أكثر ... حتى القوى الإسلامية السنيّة الأكثر اعتدالاً، والتي تزعم أنها تجيز مثل هذه الأعمال الإجرامية، تحجم عن القيام بواجبها في التصدي لهذه الجرائم ومن خلفها الفكر الظلامي التي يحركها، فتكون شريكة في الجريمة، بصمتها المتواطئ، ولا ندري، فقد يكون صمتها قبولاً ضمنياً، لا تجرؤ على المجاهرة به، خجلاً وانتهازية، تماماً مثلما يحصل الآن في مصر بحق مسيحيّها وأقباطها، الذين تعرضوا وكنائسهم وأملاكم لأبشع عمليات الحرق والتدمير والسلب والنهب، من قبل الذين طالما تشدقوا بـ"مواطنة" هؤلاء وشراكتهم في الوطن. من المؤسف أن إشعال فتائل الحروب المذهبية يأتي من قبل "تيار الأغلبية" في العالمين العربي والإسلامي بشكل رئيس، من دون أن نعفي "تيار الأقلية المذهبية" من مسؤولياته في هذا المجال، فالتطرف عابر لجغرافيا المذاهب والطوائف، لكن المتتبع لفصول الخطاب الديني والسياسي، ولممارسات الجماعات المسلحة، يلحظ أن غالبية المتورطين في جرائم القتل الجماعي المذهبية، التي تتم "على الهوية" ومن دون تفريق، ينتمون في غالبيتهم إلى "تيار الأغلبية السنيّة"، وتلكم ظاهرة بحاجة لمراقبة ودراسة ومعالجة. والمؤسف أكثر، أن للحقن والتحريض المذهبي والطائفي، مراكز وعواصم عربية وإقليمية، مقتدرة مالياً واستخبارياً وبشرياٌ، تعمل ليل نهار على إدامته وتعميق وتوسيع أنطقتها، خدمة لأجندات أنانية ومصالح لا صلة لها بمصالح جموع المسلمين ... ففي الوقت الذي تتصرف فيه طهران بوصفها "عاصمة المذهب"، نرى الرياض واسطنبول تتصرفان على هذا النحو كذلك، أما القاهرة فقد كانت على هذا المضمار، قبل أن تتمكن ثورة يونيو المجيدة، من استعادة مصر واسترداد هويتها الوطنية والقومية. وكما قلنا في هذه الزاوية مرات ومرات، فإن "حفرة الانهدام المذهبية" التي تشق الإقليم إلى معسكرين مصطرعين، تكاد تأتي على كل الظواهر النبيلة والتطورات التاريخية فيه ... ثورات الحرية والكرامة والديمقراطية (الربيع العربي)، وظاهرة المقاومة التي وضعت الصراع العربي – الإسرائيلي على سكة أخرى، فابحثوا عمّن له مصلحة في تدمير هاتين الظاهرتين والقضاء على مفاعيلهما، حتى تتعرفوا على هوية الفاعل وتكشفوا الأقنعة عن وجوه كل من يقف وراء عمليات الحقن والشحن والتحريض والفتنة.

arabstoday

GMT 15:09 2024 الأربعاء ,17 كانون الثاني / يناير

ابنه البكر

GMT 15:08 2024 الأربعاء ,17 كانون الثاني / يناير

... إنّها حرب تطالبنا بأن ننسى كلّ شيء تقريباً

GMT 15:07 2024 الأربعاء ,17 كانون الثاني / يناير

المشعوذون القدامى... والجُدد

GMT 15:04 2024 الأربعاء ,17 كانون الثاني / يناير

الدول العربية «المضروبة»

GMT 15:03 2024 الأربعاء ,17 كانون الثاني / يناير

حانت لحظة الرحيل

GMT 15:02 2024 الأربعاء ,17 كانون الثاني / يناير

الأسئلة الصعبة

GMT 15:01 2024 الأربعاء ,17 كانون الثاني / يناير

من غزو العراق... إلى حرب غزّة

GMT 15:00 2024 الأربعاء ,17 كانون الثاني / يناير

عن رسالة بوريل ومستقبل أوروبا

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

جريمة الحارة وكل الحارات جريمة الحارة وكل الحارات



إطلالات متنوعة وراقية للأميرة رجوة في سنغافورة

سنغافورة - السعودية اليوم

GMT 01:25 2017 الأربعاء ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

رائد محسن يكشف كيفية تربية الأطفال بالطرق الصحيحة

GMT 17:06 2018 الإثنين ,03 أيلول / سبتمبر

جرائم الكيان المعنوي للحاسب الآلي

GMT 12:53 2017 الأحد ,29 تشرين الأول / أكتوبر

مدرب النصر يمنح حسام غالي الفرصة الأخيرة لتحسين الأداء

GMT 04:43 2017 الجمعة ,20 تشرين الأول / أكتوبر

مجموعة ساحرة من خواتم الأصبعين الثنائية من

GMT 11:18 2021 السبت ,30 كانون الثاني / يناير

أغلى السيارات التي طرحت عبر تاريخ الصناعة

GMT 14:22 2020 الجمعة ,25 أيلول / سبتمبر

وفاة شقيق الفنان محمود حميدة

GMT 22:52 2020 السبت ,02 أيار / مايو

أبرز 6 شخصيات عربية على موقع "يوتيوب"

GMT 08:20 2019 الخميس ,07 تشرين الثاني / نوفمبر

!الوهم الأبیض
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
alsaudiatoday alsaudiatoday alsaudiatoday
alsaudiatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab