تفعيل متف المفارقات والمطابقات

"تفعيل" م.ت.ف: المفارقات والمطابقات !

"تفعيل" م.ت.ف: المفارقات والمطابقات !

 السعودية اليوم -

تفعيل متف المفارقات والمطابقات

حـسـن الـبـطـل

لاثة أجيال (يفضّل إناث) تمشي على رصيف ما: الجدّة طاعنة في السن (مع عكازة أو بدونها). الابنة في منتصف العمر (في عمر الأربعين مثلاً). الحفيدة في ميعة الصبا (في عمر العشرين مثلاً).
لنقل: الجدّة هي م.ت.ف. الابنة هي السلطة الفلسطينية. الحفيدة هي الدولة الفلسطينية. ما هي الملاحظة. غير العمر المتفاوت، وزيّ اللباس المختلف مثلاً؟ (تراثي للجدّة، إسلامي للابنة، وشبابي للحفيدة!).
الملاحظة هي: الجدّة قصيرة القامة ومنحنية الظهر، تليها الابنة.. وأما الحفيدة فهي الأطول. قد يفسّر طبيب صحة الأمر كالتالي: تغذية الحفيدة أحسن من تغذية أمها، وتغذية هذه أحسن من تغذية الجدّة.
هذا تفسير جزئي، أما التفسير الأشمل فهو أن التقدّم في السن له معطيات جسمانية، منها أن القامة تقصر، لأن غضاريف المفاصل (كم واحدة من مشط القدم حتى الرقبة) تقصر. المعنى؟ تستطيع الحفيدة أن تقفز من علو مترين، لكن الجدّة قد تتحطم عظام حوضها إن وقعت على أرضية حمّام زلقة.
هكذا هي المنظمة والسلطة والدولة. هل تريدون مقاربة أخرى: في مرض شيخوخة الشاعرة فدوى طوقان سألت د. محمد البطراوي: ممّ تشكو؟ قال: من العمر.. بس!
يعني: "وبالوالدين إحسانا" أو "كما ربياني صغيرا".. لكنهم في سجال الصلحة، والمحاصصة، والوحدة الوطنية، يتحدثون عن "تفعيل" المنظمة، كما يتحدثون عن "عودة الشيخ إلى صباه" لا عن واجب السلطة/ الابنة في رعاية شيخوخة المنظمة/ الجدّة ولاحقاً واجب الحفيدة في مساعدة الوالدة بأعمال البيت.
ماذا لو لم تقترف المنظمة فعلة أوسلو، وبقيت في تونس؟ سوف تشيخ و"تختير" ويُصاب قادتها وعناصرها بالخرف و"الزهايمر". لماذا؟
منذ سافرت "سُفّرت" خارج دول الطوق في الجناح الشرقي للعالم العربي، أصيبت المنظمة بفقر دم أوّلي، لأن رفدها توقف، تقريباً، من شباب المخيمات، أو لم تعد "تجدّد شبابها".
هناك احتمال آخر، وهو أن تطلب واشنطن من "زين العرب" قبل "الربيع العربي" أو من خلفائه "تحجيم" نشاط المنظمة، أو حتى طردها، أو التضييق على كوادرها وحركاتها.. فلا تستطيع العودة إلى "زمن المنظمة" في لبنان، أو إلى قفص الأسد في سورية، أو إلى تحت "الجاموسة" في مصر.. سوف نتلاشى شيئاً فشيئاً. لا بد للطائر من عُشّه.. وعُشّ المنظمة هو البلاد.
***
كان سجال البدايات 1965 ـ 1968 هو العلاقة بين الفصيل والثورة (فصائل تتبع سورية والعراق خصوصاً، دون اسم فلسطين).
صار السجال بعد سيطرة الثورة على المنظمة سجالاً بين الفصيل والمنظمة، وخاصة خلال الحرب الأهلية اللبنانية (حجمت "فتح" والفصائل الفلسطينية الفصائل العربية: جبهة التحرير العربية، و"الصاعقة" السورية).
بعد أوسلو صار السجال بين الفصيل والسلطة الوطنية، ومشروع الكيانية الوطنية: الدولة الفلسطينية مفاوضات. مقاومة. انتفاضة؟
المفارقة أن الفصائل المعارضة لأوسلو عارضت أوسلو، ثم لم تشارك، أولاً، في انتخاب السلطة شعبياً (المجلس التشريعي، ثم شاركت في انتخابات 2006 في إعطاء السلطة "شرعية شعبية" دون أن تتوقف عن معارضة أوسلو والمطالبة بتفعيل المنظمة.
المفارقة الثانية أن جميع فصائل المنظمة تشكلت أساساً وأولاً في المنفى والشتات، لكن حركة "حماس" تشكلت داخل الأراضي المحتلة. وفي حين أن الفصائل الفلسطينية حجّمت "الفصائل العربية" في المنظمة، لكن فصيل "حماس" الإسلامي سيطر ديمقراطياً على الشرعية الشعبية، ولو أنه نشأ بتشجيع إسرائيلي لخلق تنافس وتعارض بين "الفصيل الوطني ـ القومي" وبين "الفصيل الإسلامي ـ الفلسطيني"، إسرائيل ترى أن "الوطني" أخطر من "الديني".
إن "الصلحة" الحالية تعني حكومة توافقية غير فصائلية، تشرف على انتخابات لإلباس السلطة، مرة ثانية، شرعية شعبية.. لكن، الصلحة ذاتها تعني "تفعيلا" توافقيا للمنظمة، لصعوبة إجراء انتخابات تمثيلية للمجلس الوطني (برلمان المنظمة).. إلاّ في لبنان مثلاً.
كان انشقاق العام 1983 فصائلياً، مع بُعد شعبي معين. لكن انقسام العام 2006 كان انقساماً شعبياً مع بعد فصائلي، لأنه تم بالاقتراع الحرّ المباشر. صحيح أن الابنة ـ السلطة وقّعت أوسلو بصفتها م.ت.ف، لكن منطق الأمور والواقع جعلها جهازاً تنفيذياً أقوى من الجهاز التنفيذي التوافقي ـ الوطني للمنظمة التي "ختيرت" أو أدت مهمتها الجليلة.
لماذا؟ طرحت مشروع النقاط العشر 1974، وسجال الفصائل حوله، ثم فاوضت على تأسيس السلطة، بعد أن اتفقت الفصائل على "إعلان استقلال فلسطين 1988" دون مشاركة فصيل "حماس".
لا يمكن أن تشارك "حماس" في تجديد شرعية شعبية للسلطة، وتبقى بعيدة عن مشاركة في الشرعية التوافقية للمنظمة.
لن نحكي عن مفارقات ومطابقات دور "المؤتمر اليهودي العالمي" في تأسيس دولة إسرائيل، ولا المؤتمر الصهيوني العالمي، ولا عن مطابقات وتعارضات نص إعلان دولة إسرائيل مع نص إعلان دولة فلسطين.
تفعيل المنظمة بوصفها ممثلاً لعموم الشعب أمر ضروري، لكن السلطة هي عماد الشعب، والدولة هي عماد تأسيس كينونة وطنية للشعب.
لا بأس من "اخفض لهما جناح الذلّ من الرحمة". لكن تقوية السلطة والدولة تأتي قبل "تفعيل المنظمة": الجدّة. الابنة.. والحفيدة. قانون الأجيال.
تنويه : ورد، أمس، أن من رفض "جائزة إسرائيل" هو الأديب العلماني عاموس عوز، والصواب أنه مفسّر اليهودية "يشعياهو ليبوفيتش" محرر الموسوعة العبرية و"نبي الغضب"!


 

 

arabstoday

GMT 15:09 2024 الأربعاء ,17 كانون الثاني / يناير

ابنه البكر

GMT 15:08 2024 الأربعاء ,17 كانون الثاني / يناير

... إنّها حرب تطالبنا بأن ننسى كلّ شيء تقريباً

GMT 15:07 2024 الأربعاء ,17 كانون الثاني / يناير

المشعوذون القدامى... والجُدد

GMT 15:04 2024 الأربعاء ,17 كانون الثاني / يناير

الدول العربية «المضروبة»

GMT 15:03 2024 الأربعاء ,17 كانون الثاني / يناير

حانت لحظة الرحيل

GMT 15:02 2024 الأربعاء ,17 كانون الثاني / يناير

الأسئلة الصعبة

GMT 15:01 2024 الأربعاء ,17 كانون الثاني / يناير

من غزو العراق... إلى حرب غزّة

GMT 15:00 2024 الأربعاء ,17 كانون الثاني / يناير

عن رسالة بوريل ومستقبل أوروبا

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

تفعيل متف المفارقات والمطابقات تفعيل متف المفارقات والمطابقات



إطلالات متنوعة وراقية للأميرة رجوة في سنغافورة

سنغافورة - السعودية اليوم

GMT 01:25 2017 الأربعاء ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

رائد محسن يكشف كيفية تربية الأطفال بالطرق الصحيحة

GMT 17:06 2018 الإثنين ,03 أيلول / سبتمبر

جرائم الكيان المعنوي للحاسب الآلي

GMT 12:53 2017 الأحد ,29 تشرين الأول / أكتوبر

مدرب النصر يمنح حسام غالي الفرصة الأخيرة لتحسين الأداء

GMT 04:43 2017 الجمعة ,20 تشرين الأول / أكتوبر

مجموعة ساحرة من خواتم الأصبعين الثنائية من

GMT 11:18 2021 السبت ,30 كانون الثاني / يناير

أغلى السيارات التي طرحت عبر تاريخ الصناعة

GMT 14:22 2020 الجمعة ,25 أيلول / سبتمبر

وفاة شقيق الفنان محمود حميدة

GMT 22:52 2020 السبت ,02 أيار / مايو

أبرز 6 شخصيات عربية على موقع "يوتيوب"

GMT 08:20 2019 الخميس ,07 تشرين الثاني / نوفمبر

!الوهم الأبیض
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
alsaudiatoday alsaudiatoday alsaudiatoday
alsaudiatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab