تفخيخ المبادرة الروسية

"تفخيخ" المبادرة الروسية

"تفخيخ" المبادرة الروسية

 السعودية اليوم -

تفخيخ المبادرة الروسية

عريب الرنتاوي

أحدثت للمبادرة الروسية بوضع سلاح سوريا الكيماوي تحت رقابة دولية، إنعطافة كبرى في مسارات الأزمة السورية وسيكون لها أثراً حاسماً في رسم مآلات السباق المرير بين الحرب والدبلوماسية الذي تسارع بشكل غير مسبوق، منذ التفجير الكيماوي في غوطة دمشق الشرقية في الحادي والعشرين من آب/ أغسطس الماضي. المبادرة وقعت برداً وسلاماً على النظام وحلفائها وأصدقائه، بل وعلى مختلف أعضاء "نادي مناهضي الحرب على سوريا" ... وكانت بمثابة "السلم" الذي أهداه فلاديمير بوتين لخصمه اللدود باراك أوباما للهبوط من أعلى قمة الشجرة التي صعد إليها، بعد أن قرر أن الأسد اجتاز الخط الأحمر الذي رسمه أوباما بنفسه، وأن أوان محاسبته قد آن ... لكن المبادرة نزلت كالصاعقة على رؤوس محور الحرب ودعاة التدخل وأنصار الحسم العسكري في عدد من عواصم المنطقة الخليجية فضلاً عن تركيا وإلى حد كبير، فرنسا، ناهيك عن المعارضات المسلحة. من السابق لأوانه، التكهن بأن قرع طبول سوف يتوقف، أو أن خيار الضربة العسكرية قد سُحب من التداول، فالأطراف التي طالما استعجلت الحرب واستدعت التدخل العسكري الدولي، ستعمل ما بوسعها، للتسلل من "شقوق" المبادرة الروسية، لإعادة الاعتبار لمسار الحرب والتصعيد والحسم، وتفريغ المبادرة من محتواها الوقائي والإنقاذي. ولقد بدأت فرنسا أولى الخطوات على هذا الطريق، فبعد إبداء الاهتمام بالمقترح الروسي، والتعبير عن الشك والريبة من الاستجابة السورية، رأت باريس أن المبادرة يجب أن تصدر عن مجلس الأمن، وتحت الفصل السابع، وأن أبواب دمشق وغيرها من المدن السورية، وربما "القصور الرئاسية على الطريقة العراقية"، يجب أن تفتح للتفتيش الدولي، وأن على الأسد الإقرار بقيام نظامه بتنفيذ هجوم كيماوي على الغوطة وتقديم المسؤولين عن هذا الهجوم إلى محكمة الجنايات الدولية، ومن الواضح أن كل طلب من هذه المطالب، كفيل وحده، بأن يكون سبباً لحرب جديدة، أو أن يشكل ذريعة لضربات عسكرية متلاحقة، وليس لضربة واحدة فحسب. أحسب أن دولاً من المحور الخليجي – التركي، ستحذو حذو فرنسا في سعيها لتفخيخ المبادرة الروسية وتحويلها من "مخرجٍ" لحل الأزمة وتجاوز الاستعصاء، إلى "مدخل" لفصل جديد من فصول التصعيد والمواجهة ... وليس مستبعداً أن تبادر هذه الأطراف، ومن وحي هواجسها الإيرانية والشيعية، إلى اقتراح "ملاحق" جديدة لمشروع القرار الفرنسي إلى مجلس الأمن، من نوع أن يبادر النظام إلى قطع صلاته بإيران، وأن يطرد قوات حزب الله من سوريا، وأن يتوقف عن دعمه وإسناده. وقد تدلي إسرائيل بدلوها في "بازار" المزايدات والمناقصات، كأن تطالب على سبيل المثال، ليس بوضع السلاح الكيماوي تحت المراقبة الدولية تمهيدا لتدميره، بل وتدمير أدوات نقله كذلك، من صواريخ أرض – أرض وطائرات حربية ... وقد تبادر إلى اشتراط قيام النظام السوري بطرد فصائل المقاومة الفلسطينية وليس حزب الله وحده من سوريا وإغلاق مكاتبها ومعسكراتها، فالفرصة متاحة لكل هذه الأطراف، لتمرير شيء من أجنداتها في سورية. روسيا تحدثت عن وضع السلاح الكيماوي تحت الرقابة الدولية، وتوقيع سوريا معاهدة عدم الانتشار، والتي تعني من ضمن ما تعني، تدمير هذا السلاح تحت إشراف دولي، ووفق جداول زمنية، وإخضاع مؤسسات إنتاجه للتفتيش الدولي ... روسيا تريد لنفسها دور الضامن والحامي المؤقت لهذا السلاح، وهي تريد لهذه "الصفقة" أن تتم تحت مظلة التفاهم الأمريكي – الروسي، وليس تحت الفصل السابع، وهذا ما لا يريده ضاربو طبول الحرب، الذي التقطوا أول خيط المبادرة، ليأتوا بنقيضها تماماً. لكن القول الفصل في كل هذا الحراك الدولي الكثيف الذي تأتى على المبادرة الروسية ما زال للرئيس الأمريكي، الذي يبدو أكثر من غيره، في حيرة من أمره، فلا هو قادر على التراجع عن "الضربة العسكرية"، ولا هو مطمئن لدعم الكونغرس، ولا هو على ثقة بأنه لن يتورط ولن يورط بلاده في حرب خاسرة مفتوحة، إن هو "ركب رأسه" وذهب منفرداً إلى جبهات القتال ... هو أكثر المستفيدين من مبادرة بوتين – لافروف، وهو الذي وصفها بالاختراق، وهو الذي أبقى كل الخيارات على الطاولة (وهذا أمر مفهوم)، بيد أننا لم نعرف كيف سيتبلور "التفاهم" الأمريكي – الروسي حول الخطوة التالية، وهل "السلاح الكيماوي" هو مبتدأ وخبر هذا التفاهم، أم أنه ليس سوى فصل واحد، من فصول عديدة، جرى أو سيجري التفاهم عليها، وتشمل الأزمة السورية بمختلف أبعادها ... مع أن كثيرٍ من المصادر تتحدث عن معرفة أمريكية مسبقة بالمبادرة، بل وعن تنسيق مع موسكو تخطى ما هو معلن منها. إذن، ما زلنا بعيدين عن "خط نهاية" الضربة العسكرية، فالمسار الدبلوماسي ما زال مفخخاً بالكثير من الألغام والقنابل الموقوتة ... وسوف يتعين على الدبلوماسية أن تجتاز الكثير من "الشراك" قبل أن تصل إلى بر الأمان، أو بالأحرى، قبل أن تصل بسورية إلى بر الأمان، وهذا هو الهدف والمبتغى. نقلا  عن  موقع القدس للدراسات السياسية  

arabstoday

GMT 15:09 2024 الأربعاء ,17 كانون الثاني / يناير

ابنه البكر

GMT 15:08 2024 الأربعاء ,17 كانون الثاني / يناير

... إنّها حرب تطالبنا بأن ننسى كلّ شيء تقريباً

GMT 15:07 2024 الأربعاء ,17 كانون الثاني / يناير

المشعوذون القدامى... والجُدد

GMT 15:04 2024 الأربعاء ,17 كانون الثاني / يناير

الدول العربية «المضروبة»

GMT 15:03 2024 الأربعاء ,17 كانون الثاني / يناير

حانت لحظة الرحيل

GMT 15:02 2024 الأربعاء ,17 كانون الثاني / يناير

الأسئلة الصعبة

GMT 15:01 2024 الأربعاء ,17 كانون الثاني / يناير

من غزو العراق... إلى حرب غزّة

GMT 15:00 2024 الأربعاء ,17 كانون الثاني / يناير

عن رسالة بوريل ومستقبل أوروبا

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

تفخيخ المبادرة الروسية تفخيخ المبادرة الروسية



إطلالات متنوعة وراقية للأميرة رجوة في سنغافورة

سنغافورة - السعودية اليوم

GMT 01:25 2017 الأربعاء ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

رائد محسن يكشف كيفية تربية الأطفال بالطرق الصحيحة

GMT 17:06 2018 الإثنين ,03 أيلول / سبتمبر

جرائم الكيان المعنوي للحاسب الآلي

GMT 12:53 2017 الأحد ,29 تشرين الأول / أكتوبر

مدرب النصر يمنح حسام غالي الفرصة الأخيرة لتحسين الأداء

GMT 04:43 2017 الجمعة ,20 تشرين الأول / أكتوبر

مجموعة ساحرة من خواتم الأصبعين الثنائية من

GMT 11:18 2021 السبت ,30 كانون الثاني / يناير

أغلى السيارات التي طرحت عبر تاريخ الصناعة

GMT 14:22 2020 الجمعة ,25 أيلول / سبتمبر

وفاة شقيق الفنان محمود حميدة

GMT 22:52 2020 السبت ,02 أيار / مايو

أبرز 6 شخصيات عربية على موقع "يوتيوب"

GMT 08:20 2019 الخميس ,07 تشرين الثاني / نوفمبر

!الوهم الأبیض
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
alsaudiatoday alsaudiatoday alsaudiatoday
alsaudiatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab