العدوان على غزة من المنظور الإقليمي

العدوان على غزة من المنظور الإقليمي

العدوان على غزة من المنظور الإقليمي

 السعودية اليوم -

العدوان على غزة من المنظور الإقليمي

عريب الرنتاوي

تسعى عواصم عربية وإقليمية، لتفادي أية تأثيرات جدية يمكن أن يحدثها العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة، على مواقفها وأولوياتها واصطفافاتها، فهي وإن كانت لا تستطيع تجاهل العدوان وضرورات إدانته، إلا أنها لا تريد لمواقفها أن تصب في صالح خصومها تحت أي ظرف من الظروف، وتحديداً لصالح حركة حماس، التي تسعى لتوظيف العدوان على غزة، كرافعة للخروج من أنفاق العزلة والحصار.
مصر على سبيل المثال، يحرجها استمرار العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة، وهي -بلا شك- لا تريد أن تُتهم بالاشتراك مع إسرائيل في الحصار المضروب حوله، خصوصاً في أوقات الحرب والمواجهة هذه ... لذا نراها تسارع إلى فتح معبر رفح استثنائياً لمعالجة الجرحى، وتُبقي كافة قيودها الأخرى ... تستمهل التدخل المباشر للوساطة في استعادة التهدئة والهدنة، وتريد أن تجعل من تدخلها استجابة «لنداءات» حماس و»توسلاتها»، و»كرمى لعيون» أطراف فلسطينية وعربية أخرى... القاهرة لم تنس لحماس انحيازها الكامل لصالح مرسي ونظام الإخوان، وحملتها الإعلامية والسياسية الشعواء ضد «الانقلاب» و»الانقلابيين».
والأرجح أن القاهرة ستفضل أن تفعل هذه المرة، ما فعلته في آخر محاولة لتثبيت التهدئة، عندما قصرت اتصالاتها مع القطاع بحركة الجهاد الإسلامي، لكن دخول حماس بكثافة على خط إطلاق الصواريخ هذه المرة، سيجعل من الصعب التوصل إلى اتفاق تهدئة، من دون أن تقبل به حماس وأن تكون طرفاً فيه ... فحماس تريد أن توظف العدوان والمجابهة، لتفكيك اطواق العزلة التي أحاطت بها منذ انهيار حكم الإخوان في مصر، في حين يجهد خصوم الحركة لعدم تمكينها من تحقيق مراميها.
في المقابل، كان واضحاً أن ثمة تباينا في تعامل أطراف «محور المقاومة والممانعة» مع العدوان الإسرائيلي على القطاع ... فمن جهة هناك إدانات فورية، سريعة، شديدة اللهجة ومتعددة المصادر والمستويات بالعدوان والمعتدين ... ومن جهة ثانية، هناك محاولة للبرهنة على جدوى وجدية خيار «المقاومة» واولوية العداء لإسرائيل في مواجهة خطاب المعسكر العربي الآخر، الذي يميل لخيار التفاوض ويقدم العداء لإيران على العداء لإسرائيل ... وهناك من جهة ثالثة، تركيز على أن الصواريخ التي أدخلت معادلة «توازن الرعب» إلى قلب الصراع الفلسطيني – الإسرائيلي، هي صواريخ سورية وإيرانية الصنع، لا سعودية ولا تركية أو قطرية ... وهناك من جهة رابعة، إبراز مقصود لأدوار فصائل المقاومة الأخرى، وتحديداً الجهاد الإسلامي من دون إنكار لدور حماس.
وفي التفاصيل، يمكن ملاحظة تباينات في التعامل مع العدوان بين أطراف هذا المحور ... ففيما خص إيران وحزب الله، لا يبدو أن لديهما مشكلة في ذكر حماس والاستمرار في إدراجها في معسكر المقاومة، مع ميل واضح لتذكير قيادة الحركة -خصوصاً المُقيمة في قطر- بأن تجربة العدوان، تؤكد أهمية «عودة الابن الضال» إلى حضن أبيه وأمه، فلا خير لحماس في حلفائها الجدد، بدليل أنه عندما تحين لحظة الحقيقة والاستحقاق لا نرى غير السلاح السوري والإيراني في أيدي «المجاهدين» الفلسطينيين.
أما بالنسبة لسوريا، فإن الموقف يبدو مختلفاً، فالحديث النقدي لحماس وقيادتها و»نكرانها للجميل»، بل و»الشماتة» بها، يطل برأسه من ثنايا بعض الكتابات والتعليقات والمقالات التي صدرت في دمشق ... دمشق أكثر تحفظاً حيال حماس، وأقل ميلاً للقبول بـ «توبتها» من إيران وحزب الله، انسجاماً من موقف سوري رسمي، أشد عداءً للإخوان المسلمين، في عموم المنطقة، وليس في سوريا وفلسطين وحدها، وهذا ليس هو الحال بالنسبة لبقية أطراف المحور المذكور ومكوناته.
في المقابل، نرى حماس التي تبذل جهوداً كثيفة لترميم جسور علاقاتها مع حلفائها القدامى في دمشق وطهران وضاحية بيروت الجنوبية، لا تمانع في «رد الفضل لأصحابه»، لكنها لاعتبارات تراعي تحالفاتها القطرية والتركية، تطلق تصريحات تتحدث عن «صناعة فلسطينية مائة بالمائة» وعن «سواعد فلسطينية» هي من أبدع السلاح وأنتجه ... لكن القاصي والداني يعرف تمام المعرفة، أن العمود الفقري لسلاح حماس، إنما جاءها من حلفائها القدامى وليس من حلفائها الجدد، الذين تخصصوا على ما يبدو في تصدير السلاح للمعارضات العربية فقط، من ليبيا إلى العراق مروراً بسوريا، أما عندما يتعلق الأمر بقتال إسرائيل، فهم أجبن من يرسلوا طلقة واحدة، حتى وإن كانت من النوع «الخُلّبي».
لا أحد يريد للعدوان على غزة أن ينتهي إلى خلط مجاني للأوراق ... لا أحد يريد أن يجد نفسه مدفوعاً لمواقف وتحالفات لا يريدها، فقط لأن إسرائيل قررت تجديد عدوانها على الشعب الفلسطيني ... من الواضح أن تماماً أن كثيرا من عواصم المنطقة، تنتظر توقف هذه الحلقة من المواجهة، لاستئناف يومياتها المعتادة، وكأن شيئاَ لم يحدث.

arabstoday

GMT 15:09 2024 الأربعاء ,17 كانون الثاني / يناير

ابنه البكر

GMT 15:08 2024 الأربعاء ,17 كانون الثاني / يناير

... إنّها حرب تطالبنا بأن ننسى كلّ شيء تقريباً

GMT 15:07 2024 الأربعاء ,17 كانون الثاني / يناير

المشعوذون القدامى... والجُدد

GMT 15:04 2024 الأربعاء ,17 كانون الثاني / يناير

الدول العربية «المضروبة»

GMT 15:03 2024 الأربعاء ,17 كانون الثاني / يناير

حانت لحظة الرحيل

GMT 15:02 2024 الأربعاء ,17 كانون الثاني / يناير

الأسئلة الصعبة

GMT 15:01 2024 الأربعاء ,17 كانون الثاني / يناير

من غزو العراق... إلى حرب غزّة

GMT 15:00 2024 الأربعاء ,17 كانون الثاني / يناير

عن رسالة بوريل ومستقبل أوروبا

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

العدوان على غزة من المنظور الإقليمي العدوان على غزة من المنظور الإقليمي



إطلالات متنوعة وراقية للأميرة رجوة في سنغافورة

سنغافورة - السعودية اليوم

GMT 01:25 2017 الأربعاء ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

رائد محسن يكشف كيفية تربية الأطفال بالطرق الصحيحة

GMT 17:06 2018 الإثنين ,03 أيلول / سبتمبر

جرائم الكيان المعنوي للحاسب الآلي

GMT 12:53 2017 الأحد ,29 تشرين الأول / أكتوبر

مدرب النصر يمنح حسام غالي الفرصة الأخيرة لتحسين الأداء

GMT 04:43 2017 الجمعة ,20 تشرين الأول / أكتوبر

مجموعة ساحرة من خواتم الأصبعين الثنائية من

GMT 11:18 2021 السبت ,30 كانون الثاني / يناير

أغلى السيارات التي طرحت عبر تاريخ الصناعة

GMT 14:22 2020 الجمعة ,25 أيلول / سبتمبر

وفاة شقيق الفنان محمود حميدة

GMT 22:52 2020 السبت ,02 أيار / مايو

أبرز 6 شخصيات عربية على موقع "يوتيوب"

GMT 08:20 2019 الخميس ,07 تشرين الثاني / نوفمبر

!الوهم الأبیض
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
alsaudiatoday alsaudiatoday alsaudiatoday
alsaudiatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab