السياسة الأردنية حيال سوريا «المــزيـــد مـــن الشــيء ذاتـــه»

السياسة الأردنية حيال سوريا... «المــزيـــد مـــن الشــيء ذاتـــه»

السياسة الأردنية حيال سوريا... «المــزيـــد مـــن الشــيء ذاتـــه»

 السعودية اليوم -

السياسة الأردنية حيال سوريا «المــزيـــد مـــن الشــيء ذاتـــه»

عريب الرنتاوي

تباينت الآراء في تحديد وجهة السياسة الأردنية حيال سوريا في مرحلة ما بعد جريمة اغتيال الطيار معاذ الكساسبة النكراء ... بعضهم ذهب في توقعاته للقول إن تغييراً لن يطرأ على السياسة كما تبلورت معالمها خلال السنوات الأربع الفائتة ... آخرون رجحوا أن يشرع الأردن بفتح قنوات التواصل مع دمشق، وأن ينظر في “سيناريوهات” التعاون مع النظام لمواجهة التهديد الأكبر والأخطر الذي يمثله “داعش”.
ليست التقديرات وحدها هي التي تباينت فحسب، بل المواقف و”النصائح” التي صدرت عن كتاب وجهات ومنظمات وأطراف محلية وإقليمية، بعضها نصح وشدد على وجوب تصعيد الموقف ضد النظام، انطلاقاً من محافظات سوريا الجنوبية أساساً، بالاستناد إلى علاقات الأردن المتميزة مع بعض فصائل “الجيش السوري الحر” المتمركزة هناك ... البعض الآخر، سخر من هذا الخيار، وفضّل عليه، طرق أبواب دمشق مباشرة، باعتبارها القوة الجدية الوحيدة على الأرض السورية، التي بمقدورها أن تقف بقوة في وجه طوفان “داعش” و”النصرة”، الذي يكاد يعصف بالمنطقة، بعد أن ضرب بقوة، كل من سوريا والعراق.
القيادة الأردنية عبرت عن تصميمها على تصعيد المواجهة والملاحقة لـ “داعش”، لا ثأراً للطيار الأردني الأسير فحسب، بل كإجراء دفاعي يعتمد “الضربات الوقائية” و”الاستباقية”، ويهدف إلى ملاقاة داعش في حديقة الأردن الخلفية، قبل أن يضطر إلى مواجهته في غرف نوم الأردنيين ... في هذا السياق، نشرت تصريحات لمراجع ومسؤولين، تتحدث عن استراتيجية أردنية لزيادة دعم وتدريب كل من الجيش العراقي وقوات البيشمركة، مع إشارة مشبعة بالدلالة، إلى دعم “المعارضة السورية المعتدلة”.
بهذه المعنى، يمكن تلخيص السياسة التي اعتمدتها الدولة الأردنية لمرحلة ما بعد جريمة إعدام الكساسبة، بكلمات قلائل: “المزيد من الشيء ذاته” ... فالأردن منذ العام 2003 وهو يتحدث عن دعم وتدريب الجيش والأجهزة الأمنية العراقية، من ضمن منظور مؤيد للعملية السياسية الجارية في العراق، مع تشديد أكبر على شمول مختلف المكونات وتفادي سياسات التهميش والإقصاء المذهبية والقومية والطائفية ... والأردن يحتفظ بعلاقات تاريخية متطورة مع الحركة الكردية بجناحيها الرئيسين، خصوصاً “المدرسة البرازانية”، وسيكون دعم البيشمركة وتدريبها وتسليحها من باب تحصيل الحاصل ... والأردن منذ اندلاع الأزمة السورية، وانتقالها من فضاء “الانتفاضة السلمية” إلى الاشتباك العسكري الدامي، دعم “المعارضة السورية المعتدلة”، بمن فيها المسلحة، خصوصاً في مناطق جنوب سوريا، ومن باب توفير “منطقة خالية” من الإرهاب والإرهابيين، لحفظ حدوده الشمالية الحساسة للغاية والقريبة جداًّ من تجمعاته السكنية، إذ لم يكن الأردن منخرطاً أو شديد الحماسة للانخراط في مشاريع إقليمية ودولية تتحدث عن “الحسم العسكري” في سوريا وتغيير النظام بالقوة المسلحة، فهذه لم تكن من الأولويات المدرجة على جدول الأعمال الأردني.
لا جديد إذن، وفقاً لما توافر من تصريحات وتسريبات ومعلومات، على الاستراتيجية التي سيتعامل بها الأردن مع الأزمة السورية، سوى “المزيد من شيء ذاته” ... وأحسب أن الأردن في حالة كهذه، لا يريد أن يغرد بعيداً خارج سرب أكبر حلفائه الإقليميين والدوليين، وإن كان يريد لنفسه أن تنأى عن أدوارٍ “طموحة” كتلك التي رسمها الحلفاء من جبهة “أصدقاء سوريا”، من دون تحقيق أي تقدم يذكر على طريق إنجازها.
هذا على مستوى التقديرات والتوقعات، أما على مستوى الرأي والمشورة، فإن كاتب هذه السطور، جادل منذ عامين على أقل تقدير، بأن ليس ثمة في سوريا “معارضة مسلحة معتدلة” يُعتد بها ... وأن المسافة بين المعتدلين والمتطرفين من حملة السلاح تبدو ضئيلة للغاية، وأن تجربة الحروب البَيْنية في أوساط المعارضات المسلحة، أظهرت دائماً نجاح أكثر الأجنحة تشدداً وأصولية، من “داعش” و”النصرة” وانتهاء “بزهران علوش وجيشيه “الإسلامي”، في ابتلاع من يسمون بالمعتدلين، وآخر النماذج / الفضائح الدالّة في هذا المجال، هو نجاح “النصرة” في ابتلاع حركة “حزم” وتصفيتها، بكامل عديدها وأسلحتها ومعداتها الأمريكية المتطورة، باعتبارها كانت “فرس رهان” واشنطن من بين جميع “المعتدلين” من المعارضة والمعارضات.
على أية حال، لا أظن أن ثمة على الأرض السورية، سوى النظام السوري بجيشه وأجهزته وإداراته، من لديه القدرة على تشكيل سدودٍ في وجه زحف “داعش” وأخواتها ... وإن كان هناك من فرصة حقيقية للاجتثاث سرطان الإرهاب فإن اغتنامها يملي على التحالف الدولي بمختلف مكوناته ومن ضمنها الأردن، ضرورة التفكير في وسيلة لإدماج الجيش السوري والتنسيق معه، في الحرب على “داعش”، وهو الأمر الذي يبدو متعذراً من دون إطلاق عملية سياسية في سوريا بهدف الوصل إلى حل توافقي للأزمة السورية.
ثمة تحولات عديدة تجري ببطء في عدد من العواصم الدولية ذات الصلة، وأحسب أنها ستشهد تسارعاً ملحوظا إن أمكن لحوار واشنطن وطهران أن ينتهي إلى اتفاق حول برنامج الأخيرة النووي، كما أن الكثير يعتمد على نتائج المبادرة الألمانية – الفرنسية، بخصوص أوكرانيا، والتي من شأن النجاح فيها، توفير فرصة لتعاون روسي – أمريكي في الملف السوري.
لكن هذه التحولات في المواقف الدولية على أهميتها، ما زالت تصطدم بمواقف وحسابات القوى الإقليمية الفاعلة والمؤثرة، والتي ما زالت تؤْثر سياسة “تصفية الحسابات” والعمل وفقاً لـ “المعادلة الصفرية” في العلاقات الدولية، الأمر الذي قد يفضي إلى إطالة أمد الأزمة السورية، ومعها، إطالة أمد الحرب على “داعش”، وإبقاء المنطقة برمتها تحت تهديد سيف الإرهاب ... وإلى أن تهب على الشرق الأوسط، نسمات الربيع المنعشة مع كل ما فيها من مواعيد واستحقاقات، ستظل المنطقة تحبس أنفاسها وتحصي أعداد ضحاياها.

arabstoday

GMT 15:09 2024 الأربعاء ,17 كانون الثاني / يناير

ابنه البكر

GMT 15:08 2024 الأربعاء ,17 كانون الثاني / يناير

... إنّها حرب تطالبنا بأن ننسى كلّ شيء تقريباً

GMT 15:07 2024 الأربعاء ,17 كانون الثاني / يناير

المشعوذون القدامى... والجُدد

GMT 15:04 2024 الأربعاء ,17 كانون الثاني / يناير

الدول العربية «المضروبة»

GMT 15:03 2024 الأربعاء ,17 كانون الثاني / يناير

حانت لحظة الرحيل

GMT 15:02 2024 الأربعاء ,17 كانون الثاني / يناير

الأسئلة الصعبة

GMT 15:01 2024 الأربعاء ,17 كانون الثاني / يناير

من غزو العراق... إلى حرب غزّة

GMT 15:00 2024 الأربعاء ,17 كانون الثاني / يناير

عن رسالة بوريل ومستقبل أوروبا

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

السياسة الأردنية حيال سوريا «المــزيـــد مـــن الشــيء ذاتـــه» السياسة الأردنية حيال سوريا «المــزيـــد مـــن الشــيء ذاتـــه»



إطلالات متنوعة وراقية للأميرة رجوة في سنغافورة

سنغافورة - السعودية اليوم

GMT 01:25 2017 الأربعاء ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

رائد محسن يكشف كيفية تربية الأطفال بالطرق الصحيحة

GMT 17:06 2018 الإثنين ,03 أيلول / سبتمبر

جرائم الكيان المعنوي للحاسب الآلي

GMT 12:53 2017 الأحد ,29 تشرين الأول / أكتوبر

مدرب النصر يمنح حسام غالي الفرصة الأخيرة لتحسين الأداء

GMT 04:43 2017 الجمعة ,20 تشرين الأول / أكتوبر

مجموعة ساحرة من خواتم الأصبعين الثنائية من

GMT 11:18 2021 السبت ,30 كانون الثاني / يناير

أغلى السيارات التي طرحت عبر تاريخ الصناعة

GMT 14:22 2020 الجمعة ,25 أيلول / سبتمبر

وفاة شقيق الفنان محمود حميدة

GMT 22:52 2020 السبت ,02 أيار / مايو

أبرز 6 شخصيات عربية على موقع "يوتيوب"

GMT 08:20 2019 الخميس ,07 تشرين الثاني / نوفمبر

!الوهم الأبیض
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
alsaudiatoday alsaudiatoday alsaudiatoday
alsaudiatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab