الخطوة التالية لـ «داعش» شمال لبنان

الخطوة التالية لـ «داعش»: شمال لبنان

الخطوة التالية لـ «داعش»: شمال لبنان

 السعودية اليوم -

الخطوة التالية لـ «داعش» شمال لبنان

عريب الرنتاوي

يكثر قائد الجيش اللبناني من إطلاق التحذيرات من اقتراب خطر “داعش” من الشاطئ الشمالي للبنان، في منطقة عكار على وجه التحديد ... آخر صيحاته، أن “داعش” تخطط لربط منطقة القلمون السورية ببلدة عرسال اللبنانية، ومن ثم إلى منطقة عكار، وصولاً لوضع أقدامها في مياه المتوسط الدافئة ... جان قهوجي أتبع تحذيراته العمومية بحديث عن “خلايا نائمة” لـ “داعش” في هذه المناطق، ودعم من قوى لبنانية لم يسمها، إلا أنها “سر ذائع” ومعروف للقاصي والداني في لبنان.

مثل هذا السيناريو الظلامي، سبق وأن حذرنا منه في هذه الزاوية بالذات، قبل عدة أشهر، يومها قلنا إن “داعش” وأخواتها، وبعد أن فقدت الكثير من ملاذاتها في حمص ويبرود ومحيطها، تتجمع في القلمون، وقد تختار الانقضاض على شمال لبنان، بعد أن ثبّتت أقدامها في شمال سوريا وشمال العراق، والدولة التي أعلنها البغدادي من على منبر المسجد الكبير في الموصل، ستظل دولة “داخلية” إن لم تمتلك منفذاً بحرياً، يمكنها من “تصدير واستيراد” ما تحتاج إليه من مقاتلين وأسلحة وذخائر.

لم نستبعد أن تكون “الخطوة التالية”  لداعش في شمالي لبنان، باعتبار أن هذه المنطقة سبق وأن تحوّلت إلى “ملاذ آمن” للجماعات الجهادية، فضلاً عن كونها مصدراً منتجاً للجهاديين اللبنانيين ... ونفوذ السلفية الجهادية في مناطق عكار والضنية وطرابلس، لا ينكره سوى جاهل أو مغرض (صاحب غرض ومصلحة في هذا الإنكار)، ومن يعد لتاريخ هذه المنطقة، يرى أن أولى معاركها مع الجيش اللبناني، قد بدأت في جرود الضنية في تسعينيات القرن الفائت، دع عنك “فقهاء الظلام” و”أمراء المحاور” الذين استوطنوا هذه المنطقة وجعلوا منها إمارة إسلامية غير معلنة، فضلاً عن حكاية “فتح الإسلام” وما سبقها وتبعها من ظواهر وحركات واشتباكات.

قبل عامين، حذر وزير الدفاع اللبناني السابق فايز غصن من خطر وجود القاعدة في لبنان، وأشار إلى هذه المناطق بالتحديد في عدة مقابلات وتصريحات ... يومها قامت الدنيا ولم تقعد في وجه الوزير، واتُّهم بأنه ينفذ أجندة حزب الله وسوريا وإيران ... وتطوع كثيرون لإعلان براءة المنطقة مما ذكر... وحتى اليوم، ما زال هناك تيار عريض من اللبناني، يواصل “حالة الإنكار” حتى بعد أن تعرض الجيش اللبناني في عرسال وطرابلس لعشرات العمليات الإرهابية، ودائماً بحجة أنه يراد “شيطنة” هذه المناطق، لتبرئة ساحة حزب الله؟!

اليوم، يعود قائد الجيش، وهو الأدرى بما يتعرض له رجاله وضباطه، وما لدى جهاز مخابراته من معلومات، لتكرار ما سبق للوزير غصن أن تحدث به، ولكن بعد “خراب البصرة”، وبعد أن عززت “داعش” وأخواتها نفوذها في المنطقة، وباتت لاعباً داخلياً يُحسب له ألف حساب، بل وتهديد يتقدم على أي تهديد آخر يتعرض له لبنان ... والأرجح أن تصريحاته ستستفز كثيرٍ من اللبنانيين، الذين استقوى بعضهم بـ “داعش” وحاول توظيفها، فيما تعاطف معها آخرون، بوصفها صوت “السنة المستضعفين في الأرض” ... وأحسب أن انقسامات اللبنانيين وانتهازية نخبهم القيادية، وتوزع ولاءاتها وارتباطاتها على العواصم والمحاور العربية والإقليمية، ستفضي إلى إلحاق تحذيرات قهوجي بذات المصير الذي آلت إليه تحذيرات غصن: “صرخة في وادٍ سحيق”.

المعلومات العديدة المتوافرة من مناطق القلمون، تؤكد وجود أكثر من ثلاثة آلاف مسلح في “الجرود” والجبال الوعرة التي تحتضن العديد من المغائر الغائرة في بطونها (بعض التقديرات تتحدث عن خمسة آلاف) ... هؤلاء ليس لهم من منفذ في سوريا بعد أن أحكم الجيش السوري أطواق الحصار من حولهم، وبرد الشتاء القارص في تلك المنطقة، يقرع الأبواب، والأرجح أن هؤلاء سيبحثون عن مخرج من عزلتهم الجبلية، قبل حلول فصل الشتاء، ولم تعد لهم من وجهة سوى الأراضي اللبنانية، لتجديد مخزونهم من السلاح، وتجنيد المزيد من العناصر البشرية، وتأمين احتياجاتهم الأساسية من مأكل ودواء وكساء ووقود وماء .... والأرجح أنهم سيجدون في هذا “الشريط السني” العريض والطويل، ما يشجعهم على الانطلاق غرباً بعد أن سدت السبل في وجوههم شرقاً وشمالاً وجنوباً ... وما سيشجعهم على ذلك، أن لهم دوائر واسعة من الأنصار والعاطفين، وأن هناك من بين الساسة والقوى اللبنانية، من لا يزال يفكر بـ “داعش” كمشروع حليف، وليس كخطر داهم.
على خلاف بقية الجبهات المفتوحة بين النصرة و “داعش” في سوريا، فإن الفصيلين “الجهاديين، يتقاسمان الرصاصة ولقمة العيش “والجنود اللبنانيين المختطفين” في القلمون وجرود عرسال والسلسلة الشرقية ... هنا يقاتل أهل “داعش” و”النصرة” جنباً إلى جنب وكتفاً إلى كتف ... وثمة معلومات تضيف أن “داعش” بدأ يستحوذ على ولاءات ومبايعات عديد الفصائل والجماعات المسلحة في هذه المنطقة ... مثل هذا التطور، يسمح بتنسيق هجوم “نوعي” مضاد، ويدعو لأخذ تحذيرات العماد قهوجي بعين الاعتبار.

بعد مرور عدة أسابيع على بدء الغارات الأمريكية (وغارات التحالف لاحقاً) على “داعش” في سوريا والعراق، ثبت بالملموس أن التنظيم يتقوى ولا يضعف، وأنه ما زال يحقق اختراقات استراتيجية، حتى وإن اضطر لتسجيل بعض التراجعات التكتيكية تحت ضغط الضربات الجوية والصاروخية ... تنظيم الدولة سجل اختراقاً على جبهة الحرب على الأكراد، وهو يكاد يسيطر على الأنبار غربي العراق، ليصبح “دولة جارة” لكل من الأردن والسعودية، وليس من المستبعد أبداً، بل من المرجح، أن تكون “غزوته المفاجئة” التالية لشمالي لبنان ... بل وأحسب أن تطوراً كهذا قد يحصل بأقرب مما يظن كثيرون.

وربما لهذا السبب بالذات، يستعجل الجيش اللبناني تزويده بالعتاد والأسلحة المناسبة ... المنحة السعودية للجيش ما زالت حبيسة أدراج البيروقراطية السعودية والفرنسية، و”الفيتو الإسرائيلي” يمنع الولايات المتحدة والغرب من تزويد الجيش بسلاح نوعي “كاسر للتوازن”، مثلما يمنع الجيش من الحصول على “الهبة” العسكرية الإيرانية، التي يخشاها الغرب وإسرائيل ونصف اللبنانيين ... جيش قليل العديد، ضعيف العتاد، لن يقوى على وقف زحف “داعش”، حتى وإن استنجد بطائرات التحالف وصواريخ الـ “توما هوك”، التي لم تثبت جدارة كافية على جبهات أخرى، ولم توقف اندفاعة “المجاهدين”.

إن حصل هذا السيناريو، ستكون جميع “شمالات” دول الهلال الخصيب، قد سقطت في أيدي “داعش”ـ باستثناء شمال الأردن، حمى الله الأردن، وحفظ عليه وعلى أبنائه وبناته، نعمة الأمن والأمان.

arabstoday

GMT 15:09 2024 الأربعاء ,17 كانون الثاني / يناير

ابنه البكر

GMT 15:08 2024 الأربعاء ,17 كانون الثاني / يناير

... إنّها حرب تطالبنا بأن ننسى كلّ شيء تقريباً

GMT 15:07 2024 الأربعاء ,17 كانون الثاني / يناير

المشعوذون القدامى... والجُدد

GMT 15:04 2024 الأربعاء ,17 كانون الثاني / يناير

الدول العربية «المضروبة»

GMT 15:03 2024 الأربعاء ,17 كانون الثاني / يناير

حانت لحظة الرحيل

GMT 15:02 2024 الأربعاء ,17 كانون الثاني / يناير

الأسئلة الصعبة

GMT 15:01 2024 الأربعاء ,17 كانون الثاني / يناير

من غزو العراق... إلى حرب غزّة

GMT 15:00 2024 الأربعاء ,17 كانون الثاني / يناير

عن رسالة بوريل ومستقبل أوروبا

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الخطوة التالية لـ «داعش» شمال لبنان الخطوة التالية لـ «داعش» شمال لبنان



إطلالات متنوعة وراقية للأميرة رجوة في سنغافورة

سنغافورة - السعودية اليوم

GMT 01:25 2017 الأربعاء ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

رائد محسن يكشف كيفية تربية الأطفال بالطرق الصحيحة

GMT 17:06 2018 الإثنين ,03 أيلول / سبتمبر

جرائم الكيان المعنوي للحاسب الآلي

GMT 12:53 2017 الأحد ,29 تشرين الأول / أكتوبر

مدرب النصر يمنح حسام غالي الفرصة الأخيرة لتحسين الأداء

GMT 04:43 2017 الجمعة ,20 تشرين الأول / أكتوبر

مجموعة ساحرة من خواتم الأصبعين الثنائية من

GMT 11:18 2021 السبت ,30 كانون الثاني / يناير

أغلى السيارات التي طرحت عبر تاريخ الصناعة

GMT 14:22 2020 الجمعة ,25 أيلول / سبتمبر

وفاة شقيق الفنان محمود حميدة

GMT 22:52 2020 السبت ,02 أيار / مايو

أبرز 6 شخصيات عربية على موقع "يوتيوب"

GMT 08:20 2019 الخميس ,07 تشرين الثاني / نوفمبر

!الوهم الأبیض
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
alsaudiatoday alsaudiatoday alsaudiatoday
alsaudiatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab