استعصاء «الحسم»

استعصاء «الحسم»

استعصاء «الحسم»

 السعودية اليوم -

استعصاء «الحسم»

عريب الرنتاوي

في سوريا كما اليمن، يبدو “الحسم العسكري” ممتنعا على الأطراف أو ممنوعا عليها ... بعد أربعين يوماً على التدخل العسكري الروسي، يتعذر على النظام وحلفائه، إحراز أي “اختراق نوعي” على الجبهات، او تحقيق أي “خرق” ذي صبغة استراتيجية في موازين القوى وتوازناتها، النظام يتقدم ببطء على بعض الجبهات ومسلحو المعارضة باطيافهم المختلفة، يتقدمون ببطء أيضاً على محاور أخرى ... تبدو “المراوحة” سيدة الموقف، وعمليات الكر والفر، ستظل سمة المواجهات العسكرية الضارية الجارية على عدة محاور، حتى إشعار آخر.
في اليمن، وبعد ثمانية أشهر من عاصفة الحزم، تقف قوات التحالف العربي وحلفاؤها، أمام “استعصاء تعز”، عاجزة عن تحقيق “الاختراق النوعي” المُمهد لأم المعارك في صنعاء ... وبدل الإعلان عن الإنجاز النوعي المنتظر الذي وعدت به في الطريق لـ “تحرير العاصمة المحتلة”، ينبري الناطقون باسم هادي وحلفاؤه، لشرح المصاعب اللوجستية والميدانية التي تحول دون اقتحام المدينة، فيما المناطق الخلفية “المحررة” تبدو غير مهيأة على الإطلاق، امنياً بالأساس، لاستضافة هادي أو البحاح، بعد أن أصبحت مساحات واسعة من جنوب اليمن، نهباً للفوضى والعصابات المسلحة والسلفية الجهادية بمسمياتها المختلفة.

التدخل العسكري الروسي في سوريا، كما التدخل العسكري السعودي في اليمن، نجحا في “تحسين” الشروط التفاوضية للحلفاء المحليين، بمنع انهيارهما واستسلامها التام أمام جبهة الخصوم، لكن يتأكد يوماً بعد آخر، أن أي من التدخلين،  تصعب ترجمته على موائد المفاوضات، نصراً مؤزراً مقابل هزيمة منكرة للطرف الآخر ... وإذا ما استمر الحال على هذا المنوال، فإن من المتوقع، أن تتحول هذه التدخلات إلى عبء على القائمين بها، بدل أن تكون عنصر قوة واقتدار، تجري ترجمة مفاعليه على موائد التفاوض والحلول السياسية النهائية.

في هذا السياق، جاء انعقاد “فيينا 1”، وفيه أيضاً تجري التحضريات لـ “فيينا 2” ... المسار السياسي لسوريا، بات متطلباً لروسيا، لمنع انزلاقها في حرب مفتوحة وطويلة الأمد، وكوسيلة لا بد منها، للخروج من الاستعصاء السوري بأقل قدر من الأثمان والخسائر ... وفي هذا السياق أيضاً، تندرج التصريحات المتفائلة للوسيط الدولي إسماعيل ولد الشيخ، الذي ما انفك يبشر بقرب التوصل إلى وقف شامل لإطلاق النار، وعودة إلى المسار التفاوضي، بحثاً عن حل سياسي، يشكل مخرجاً للسعودية والتحالف الذي تقف على رأسه، من الاستعصاء اليمني، وبلغ به التفاؤل حد الإعلان عن منتصف الشهر الجاري، موعداً أقصى لسريان وقف النار والشروع في المفاوضات (أي بعد أقل من أسبوع من الآن).

ويزداد المشهد تعقيداً كلما اشتدت حمى التداعيات الخطرة على الأوضاع الداخلية للأطراف الإقليمية والدولية المنخرطة في هذه الصراعات ... لا شك أن واقعة الطائرة الروسية فوق سيناء، وتنامي احتمالات تورط داعش في العملية الإرهابية التي أودت بحياة أكثر من مائتي مواطن روسي كانوا على متنها، تضيف ثقلاً نفسياً ومعنوياً، على الرئيس الروسي، فضلاً عن الوطأة السياسية للحادثة، ولا شك أن “القيصر” كان يتمنى من صميم مشاعره، أن تكون الواقعة ناجمة عن خلل فني أو حتى عن خطأ بشري يتعلق بطاقم الطائرة، لكن من سوء حظه، أن التقدم في التحقيق لا يفضي إلا إلى نتيجة واحدة: داعش هي المسؤولة، ودائماً على خلفية التدخل العسكري الروسي في سوريا.

حرب اليمن، بدورها، تتحول إلى مصدر إزعاج في أقل تقدير، والبعض يقول إلى مصدر تهديد للسعودية ... ليس لأن الأراضي السعودية المحاذية لليمن، باتت مسرحاً لهذه الحرب بدورها، بل وبالنظر الى ما تحدثه الحرب من “جدل سياسي” على مستويات شتى، واستنزاف مالي، بدأ يمس مخزونات المملكة الاستراتيجية، في زمن تآكل أسعار النفط وعائداته.

هل يعني ذلك، أن الحرب على “المسارين المتلازمين” تقترب من أن تضع أوزارها؟ ... المنطق والتحليل السليم يقولان نعم، سيما وأن “المخارج السياسية” أو “سلالم النجاة” متوفرة في المبادرة الأممية لليمن، و”مسار فيينا” في سوريا ... لكن من قال إن هذه المنطقة، تُحكم بالمنطق والعقل دائماً، بل ومتى كان سلوك الأطراف واللاعبين فيها، محكوماً بمعادلة “درء الضرر أو جلب المنفعة”... من قال أن “خيار شمشون” قد سُحب من على الطاولة، يبدو أنه سيتعين على هذه المنطقة، أن تواجه المزيد من النزف والاستنزاف قبل أن يجنح اللاعبون الكبار فيها، إقليمياً ودولياً، إلى خيارات التسوية والحلول الوسط.

arabstoday

GMT 15:09 2024 الأربعاء ,17 كانون الثاني / يناير

ابنه البكر

GMT 15:08 2024 الأربعاء ,17 كانون الثاني / يناير

... إنّها حرب تطالبنا بأن ننسى كلّ شيء تقريباً

GMT 15:07 2024 الأربعاء ,17 كانون الثاني / يناير

المشعوذون القدامى... والجُدد

GMT 15:04 2024 الأربعاء ,17 كانون الثاني / يناير

الدول العربية «المضروبة»

GMT 15:03 2024 الأربعاء ,17 كانون الثاني / يناير

حانت لحظة الرحيل

GMT 15:02 2024 الأربعاء ,17 كانون الثاني / يناير

الأسئلة الصعبة

GMT 15:01 2024 الأربعاء ,17 كانون الثاني / يناير

من غزو العراق... إلى حرب غزّة

GMT 15:00 2024 الأربعاء ,17 كانون الثاني / يناير

عن رسالة بوريل ومستقبل أوروبا

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

استعصاء «الحسم» استعصاء «الحسم»



إطلالات متنوعة وراقية للأميرة رجوة في سنغافورة

سنغافورة - السعودية اليوم

GMT 17:04 2021 الخميس ,07 كانون الثاني / يناير

حظك اليوم برج الدلو الخميس 7 يناير/كانون الثاني 2021

GMT 16:31 2021 الخميس ,07 كانون الثاني / يناير

حظك اليوم برج العذراء الخميس 7 يناير/كانون الثاني 2021

GMT 15:06 2017 الخميس ,30 تشرين الثاني / نوفمبر

إطلالة رائعة لسارة سلامة في جلسة تصوير جديدة

GMT 09:43 2019 الأربعاء ,09 تشرين الأول / أكتوبر

كاريلو يكشف عن كواليس البقاء مع "الهلال"

GMT 03:32 2017 الخميس ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

مروان الشوربجي يودع ربع نهائي بطولة قطر للاسكواش

GMT 10:08 2017 الإثنين ,09 تشرين الأول / أكتوبر

اتحاد جدة ينهيء الشعب المصري بالصعود إلى كأس العالم

GMT 13:33 2017 الأحد ,01 تشرين الأول / أكتوبر

محمد عساف يغني في 5 مدن كندية دعماً لأطفال فلسطين
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
alsaudiatoday alsaudiatoday alsaudiatoday
alsaudiatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab