أكاذيب وحقائق

أكاذيب وحقائق

أكاذيب وحقائق

 السعودية اليوم -

أكاذيب وحقائق

عريب الرنتاوي

الأسبوع الرابع للحرب الإسرائيلية الثالثة على غزة، شهد تصعيداً جنونياً في وتيرة القتل الجماعي والمجازر ومعارك التطويق والإبادة ضد القطاع المحاصر وأهله ... المؤسف أن هذه الحقيقة الدامية، لم تحفز الحكومات والأنظمة العربية ومن ينطق باسمها من “مثقفي الهزيمة” و”إعلاميي الاستسلام”، على رفع صوت التنديد بالفعلة والفاعل، إذ رأيناهم يصبون جام غضبهم على “المقاومة الفلسطينية”، تارة بذريعة ارتباطها بمحور وعاصمة أو جماعة، وأخرى بدواعي غياب “العقلانية والواقعية” وسوء “تقدير الموقف”.
بعد أربعة أسابيع من الحرب البربرية، وأكثر من عشرة آلاف شهيد وجريح، وإبادة ستين أسرة عن بكرة أبيها، وتدمير ألوف المنازل وعشرات المؤسسات والمساجد والمستشفيات والمعاهد والجامعات، يخرج علينا هؤلاء بعِظاتهم المسمومة، المستوحاة من كتب الهزيمة وروايات الخنوع والاستسلام: ألم نقل لكم؟ ... هل لنا قِبلٌ  بإسرائيل وجيشها الذي لا يقهر؟ ... لماذا ترفضون الجنوح للتهدئة مقابل التهدئة؟ ... لماذا ترفضون المفاوضات وطرق الحلول السياسية؟
والراهن أن هناك جملة من الأكاذيب يجري تسويقها والترويج لها من دون كلل أو ملل، وغالباً بما يخدم الرواية الإسرائيلية لتاريخ الصراع العربي – الإسرائيلي وتطوراته اللاحقة، وبما يكرس أكذوبة أن جنوح العرب، وبالأخص الفلسطينيين، لخيار الحرب والمقاومة والانتفاضة، هو المسؤول عن الكارثة التي تحيق بشعب فلسطين ... وأن العرب، وبالأخص الفلسطينيين، هم الأكثر خبرة ومهارة في “إضاعة الفرص وتبديدها”، وأنهم لو أصغوا لنصائح كثيرين من حكامهم “العقلاء” و”الحكماء”، لكانوا الآن يقضون صيفاً ممتعاً على شواطئ فلسطين، أقله تلك التي خصصها قرار التقسيم الشهير لهم.
هي مطالعة إسرائيلية مئة بالمئة، يجري إعادة انتاجها “بلسان عربي مبين”، من دون التوقف للحظة واحدة، أمام جديتها وصدقيتها، من دون مراجعة ولو سريعة، لمراحل ومحطات تاريخ الصراع، القديم منه والجديد.
لقد سعى الملك الحسين جاهداً لاستعادة الضفة الغربية، وبالطرق السلمية والتفاوضية بالطبع، وبعد أشهر قلائل من هزيمة حزيران، وظل يحاول عبر محطات عديدة، وبكل ما أوتي له من علاقات وصلات، وصولاً إلى مدريد وما بعده، ومع ذلك اصطدمت جميع هذه المحاولات بصخرة التعنت والأطماع الإسرائيلية ... اصطدمت بإصرار إسرائيل على رفض الجلاء عن المناطق المحتلة، وترحيبها فقط، بتطبيع العلاقات وإدارة شؤون السكان.
في العام 1969، قبل عبد الناصر، وهو الزعيم الذي طالما “اتهم” بالسعي لإبادة إسرائيل، بمبادرة روجرز، وقبل العرب بقرار 242، فماذا كانت النتيجة .... في العام 1974 أقرت منظمة التحرير مبادرة “النقاط العشر” التي تحدثت لأول مرة عن دولة في حدود 67، فماذا كانت النتيجة ... في العام 77 زار السادات إسرائيل ووقع بعد سنتين معها، معاهدة سلام، أخفق السادات في إقناع إسرائيل بإطار منصف لحل القضية الفلسطينية على قاعدة “حل الدولتين”
في العام 81، تقدم ولي العهد السعودي بمبادرة لحل الصراع العربي الإسرائيلي، تقع في منزلة وسط بين مبادرتي بريجنيف وريغان، وبعد ذلك بسنة، أقرت القمة العربية في فاس المبادرة التي حملت منذ ذاك التاريخ اسم المدينة المغربية العريقة ... وبين إطلاق المبادرة وإقرارها، كانت إسرائيل قد اجتاحت لبنان واحتلت بيروت بعد 90 يوماً من الصمود والمقاومة، وقارفت واحدة من أبشع جرائم العصر في مخيمي صبرا وشاتيلا.
لنصل إلى اتفاق شباط 1985، الذي نص على الكونفدرالية لأول مرة بين الأردن وفلسطين، ومهد لمحادثات لندن السرية مع شمعون بيريز، فماذا كانت النتيجة .... لتندلع بعد ذلك الانتفاضة الأولى، وليعلن الفلسطينيون من الجزائر عن استقلال دولتهم، ودائماً في حدود 67، وليقود ياسر عرفات، مؤسس الحركة الوطنية الفلسطينية ومفجرها، شعبه إلى مسار السلام في مدريد وأوسلو، إلى أن انتهى شهيداً بالسم الإسرائيلي الزعاف
ليأتي بعد عرفات رجلٌ، جعل من رفض الانتفاض والكفاح المسلح، عقيدة له، لا تقبل المساومة ولا التشكيك، وليمضي في حكم السلطة عشر سنوات عجاف، لم يترك فرصة أو نافذة من دون أن يطرقها، وليقدم سنة بعد أخرى، “أوراق اعتماد” جديدة، تارة من حساب الأراضي وتبادلها وأخرى من كيس اللاجئين وعودتهم، فماذا كانت النتيجة ...
من قال إن العرب يرفضون كل ما يعرض عليهم من مشاريع ومبادرات، من قال إنهم بددوا الفرص وأضاعوها ... لقد قضوا سنوات في البحث عن السلام والحلول السلمية، أضعاف ما قضوا في الاستعداد للحرب والمقاومة، وها هي مبادرة قمة بيروت، التي بدأت بمبادرة لولي عهد سعودي آخر، تترحل من قمة إلى أخرى، ومن عاصمة إلى أخرى، ولأكثر من 12 سنة، ومن دون أن تجد يداً إسرائيلية ممدودة أو أذنا إسرائيلية صاغية.
أيها الأصدقاء، من لم يدرك حتى اليوم، أن إسرائيل لا تريد سلاماً بل استسلاماً عربياً، وبالأخص فلسطينياً، كاملاً ومطلقاً، من لم يدرك بعد كل هذه الحروب والمعارك والانتفاضات والمبادرات والمحاولات، أن مجتمع المستوطنين لم يعد ينتج سوى ثقافة الكراهية والعنصرية و”الموت للعرب”، إما أنه “جاهل”، أعمى البصر والبصيرة، أو متواطئ.
لسنوات وعقود خلت، ظننا أن “الجهل” ربما يكون السبب الكامن وراء محاولات البعض إشاعة هذه الأفكار ... اليوم، لا نرى سبباً سوى التواطؤ والتخاذل والاستسلام، حتى لا نقول التآمر والاصطفاف في الخندق الإسرائيلي ... ألم يقل نتنياهو بالأمس، وبعد 28 يوماً من حربه البربرية على غزة، بأن تدمير غزة على رأس حماس والمقاومة وأهلها، مكّن إسرائيل من تطوير علاقات متميزة مع عدد من الدول العربية، القريبة والبعيدة؟!

arabstoday

GMT 15:09 2024 الأربعاء ,17 كانون الثاني / يناير

ابنه البكر

GMT 15:08 2024 الأربعاء ,17 كانون الثاني / يناير

... إنّها حرب تطالبنا بأن ننسى كلّ شيء تقريباً

GMT 15:07 2024 الأربعاء ,17 كانون الثاني / يناير

المشعوذون القدامى... والجُدد

GMT 15:04 2024 الأربعاء ,17 كانون الثاني / يناير

الدول العربية «المضروبة»

GMT 15:03 2024 الأربعاء ,17 كانون الثاني / يناير

حانت لحظة الرحيل

GMT 15:02 2024 الأربعاء ,17 كانون الثاني / يناير

الأسئلة الصعبة

GMT 15:01 2024 الأربعاء ,17 كانون الثاني / يناير

من غزو العراق... إلى حرب غزّة

GMT 15:00 2024 الأربعاء ,17 كانون الثاني / يناير

عن رسالة بوريل ومستقبل أوروبا

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

أكاذيب وحقائق أكاذيب وحقائق



إطلالات متنوعة وراقية للأميرة رجوة في سنغافورة

سنغافورة - السعودية اليوم

GMT 01:25 2017 الأربعاء ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

رائد محسن يكشف كيفية تربية الأطفال بالطرق الصحيحة

GMT 17:06 2018 الإثنين ,03 أيلول / سبتمبر

جرائم الكيان المعنوي للحاسب الآلي

GMT 12:53 2017 الأحد ,29 تشرين الأول / أكتوبر

مدرب النصر يمنح حسام غالي الفرصة الأخيرة لتحسين الأداء

GMT 04:43 2017 الجمعة ,20 تشرين الأول / أكتوبر

مجموعة ساحرة من خواتم الأصبعين الثنائية من

GMT 11:18 2021 السبت ,30 كانون الثاني / يناير

أغلى السيارات التي طرحت عبر تاريخ الصناعة

GMT 14:22 2020 الجمعة ,25 أيلول / سبتمبر

وفاة شقيق الفنان محمود حميدة

GMT 22:52 2020 السبت ,02 أيار / مايو

أبرز 6 شخصيات عربية على موقع "يوتيوب"

GMT 08:20 2019 الخميس ,07 تشرين الثاني / نوفمبر

!الوهم الأبیض
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
alsaudiatoday alsaudiatoday alsaudiatoday
alsaudiatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab