سؤال من دراسة هل إسرائيل أكثر إسلاماً

سؤال من دراسة: هل إسرائيل أكثر إسلاماً؟

سؤال من دراسة: هل إسرائيل أكثر إسلاماً؟

 السعودية اليوم -

سؤال من دراسة هل إسرائيل أكثر إسلاماً

معتز بالله عبد الفتاح

 قام باحثون فى جامعة جورج واشنطن الأمريكية بوضع مؤشر مركب لمدى التزام «الدول» (وليس الأفراد) بالقيم الإسلامية العليا. بعبارة أخرى ركزوا على القيم الإسلامية التى يتبناها القرآن الكريم والسنة والنبوية المطهرة مثل العدالة والتراحم والمساواة والعطف على ذوى الحاجات واحترام القانون وتشجيع القراء والتعلم وغيرها.

وقارن الباحثون بين دساتير 218 دولة وأسس حكمها واقتصادها وتعاملها مع المواطنين وبين 113 مبدأ إسلامياً مستمداً من القرآن والسنة فيما يتعلق بالعدالة وتوزيع الثروة والحريات والاقتصاد وغيرها من القيم التى يفترض أن تلتزم بها الدول ذات الأغلبية المسلمة متى التزمت بالقيم الإسلامية.

أهم ما وصل إليه البحث أن الدول العربية والإسلامية تقبع فى مراكز متأخرة ضمن قائمة الدول التى تطبق تعاليم الإسلام.

يقول البروفسور «حسين أسكارى» من جامعة جورج واشنطن -شعبة إدارة الأعمال الدولية والعلاقات الدولية- إن الدول ذات الأغلبية المسلمة ليست هى التى تحتل المراتب الأولى فى الالتزام بالقرآن والسنة فى إدارتها لشئون دولهم، بل إن دولاً مثل أيرلندا والدانمارك ولوكسمبورج تأتى على رأس اللائحة.

واحتلت ماليزيا، كأول دولة مسلمة فى المؤشر، المرتبة 33، والكويت المرتبة الخمسين، بينما جاءت مصر فى المرتبة 128، والمغرب فى المرتبة 120، وتونس فى المرتبة 72، وجاءت اليمن فى المرتبة 180، والسعودية فى المرتبة 91، وقطر فى المرتبة 111، وسوريا فى المرتبة 168. والجدير بالذكر أن إسرائيل جاءت فى المرتبة 27.

ويفسر البروفيسور «أسكرى» حصول الدول الإسلامية على مراتب متدنية بعدم التزام الكثير من الحكام بقواعد الحكم الرشيد واستعمال الدين كوسيلة للوصول إلى السلطة والبقاء فيها حتى ولو دون قبول طوعى من الجماهير وإضفاء الشرعية على نظام الحكم حتى لو كان فاشلاً، بينما تنص تعاليم القرآن على أن الازدهار الاقتصادى جيد بالنسبة للمجتمع.

إذن هذا المؤشر لا بد أن يُفهم فى ضوء خمسة محاذير:

أولاً، هو ليس مؤشراً للتدين الفردى لآحاد الناس، ولكنه مؤشر على مدى التزام الدولة رسمياً فى دساتيرها وقوانينها وفعلياً فى ممارساتها وإجراءاتها بالقيم الدينية العظيمة التى جاءت فى القرآن العظيم وفى السنة النبوية المطهرة. ومن هنا نجد أنفسنا أمام المعضلة التى تحدث عنها الإمام محمد عبده بعد أن عاش فى أوروبا لفترة: «وجدت هناك إسلاماً بلا مسلمين، ووجدت فى بلاد المسلمين مسلمين بلا إسلام». العدل والمساواة أمام القانون واحترام كرامة الإنسان فى الكثير من الدول الغربية والشرقية أكثر كثيراً مما نراه فى الكثير من الدول التى ترفع شعارات إسلامية. وهو استنتاج يؤيده كتابى «المسلمون والديمقراطية» الصادر باللغة الإنجليزية والمترجم إلى اللغة العربية حين أوضحت أن نسبة غالبة من المسلمين المقيمين فى الغرب يرون فى مجتمعات الغرب فرصة لاحترام قيم وتعاليم الإسلام أكثر من الكثير من مجتمعات المسلمين التى وُلدوا فيها.

ثانياً، الشريعة من الله، والشرعية من البشر. الشريعة هى القانون الإلهى الموجود فى كتاب الله وسنة نبيه، عليه الصلاة والسلام، أما الشرعية فهى القبول الطوعى من الناس. إن ادعى الحاكم فى أى دولة عربية أو ذات أغلبية مسلمة أنه يحكم بشريعة الله ضد شرعية البشر فقد اختار المتاجرة بالشريعة دونما اعتبار للشرعية وانتهينا إلى حكم لاهوتى هو أصلاً خارج عن صحيح الشريعة التى تأمرنا بالشورى والمبايعة والأمر بالمعروف والنهى عن المنكر (بالحكمة والموعظة الحسنة) كضمان لرضا المحكومين الحر أو على الأقل قبولهم. ومن أراد أن يحكمنا بلا شرع وإنما فقط بشرعية البشر، فقد اختار علمانية لا تناسبنا حتى لو ناسبت غيرنا. ولهذا لا نريدها لاهوتية بلا شرعية أو علمانية بلا شريعة. التوازن بين الأمرين يضمن الاستقرار والاستمرار والازدهار حتى لا ندخل فى متاهات تعزلنا عن هويتنا وتفتح احتمالات صراعات على الهوية ينبغى أن نتجاوزها لما هو أهم منها.

نعم، تاريخ المسلمين فيه أخطاء، كما هو تراث غنى بالإنجاز وتجارب تستحق التبصر والتعلم. وعلينا أن نفرق بين خطأ المنهج وخطأ البشر. وأخطاء المستبدين باسم الإسلام لا تؤخذ على شرع الله، كما أن أفعال بن لادن لا تؤخذ على الإسلام حتى وإن ادعى أنه فعل ما فعل بوحى منه.

علينا أن نتمسك بالمنهج وأن نتدارس لماذا انحرف المنحرفون عنه سواء فى تاريخنا أو فى أيامنا هذه. إن انحراف التطبيق لا يقدح فى المرجعية، ولو كان فى تاريخنا وواقعنا من أساء استغلال مساحة «الاجتهاد البشرى» فى المنهج فإن من واجبنا أن نعيد لهذه المساحة من القواعد ما يعيد للشعب أن يبقى بيده مصدر «الشرعية» مع التسليم بأن يكون «التشريع» لله مع استصحاب الكم المهول والكيف الثرى من اجتهادات العلماء والفقهاء والمفكرين والفلاسفة بمن فيهم الليبراليون والاشتراكيون واليساريون الذين لهم تحفظات تستحق العناية واجتهادات تستحق المناقشة.

ثالثاً، لقد نمنا فى النور (نور مبادئ ديننا العظيم)، واستيقظ غيرنا فى الظلام، ولكنهم سبقونا لأن «العقل» عندهم سبق «النقل» عندنا. إن بلدنا لا بد أن يكون أكثر ديمقراطية ومدنية ومساواة وحرية وتأكيداً على قيم المواطنة واحترام القانون والشفافية والمساءلة والتداول السلمى للسلطة واحترام الكفاءة وضمان تعدد مراكز صنع القرار مع وجود ضمانات ألا يخرج أى منا على الشرعية أو الشريعة.

التحدى الأكبر الذى يواجهنا هو مواجهة عشرة أمراض عششت فينا ولم نزل غير قادرين على مواجهتها: الجهل، الفقر، المرض، الاستبداد، الفساد، التطرف، الإهمال، الإرهاب، الادعاء، الإنجاب بلا حساب.

رابعاً، يمكن التشكيك فى دقة بعض الأرقام وفى الترتيب النهائى للدول، لكن هذا لا ينفى أن الدول التى تتقدم فهى تتقدم لأسباب والدول التى تتخلف فهى تتخلف لأسباب. وعلينا أن نأخذ بالأسباب ولا نكتفى بالشعارات الفضفاضة. هناك استراتيجية 2030 وضعتها وزارة التخطيط لمستقبل مصر. طالعتها ووجدت فيها الكثير من الطموح المنضبط ولكن لا يمكن أن تؤتى ثمارها إلا بأن تتحول من رؤية وزارة إلى رؤية حكومة.

خامساً، إسرائيل ليست أكثر إسلاماً يقيناً، عكس ما تذهب الدراسة، لكنها أكثر التزاماً من معظم الدول ذات الأغلبية الإسلامية بمعايير الحكم الرشيد المتعارف عليها عالمياً. ورغماً عن عنصريتها وانتهاكاتها لحقوق الإنسان العربى فإنها داخل إسرائيل وفى حدود الإسرائيليين أقل فساداً وأكثر شفافية وأكثر ديمقراطية وأكثر التزاماً بالقانون وإخضاعاً لجميع مواطنيها لنصوصه من الكثير من المجتمعات الأخرى المحيطة بها.

نحن، المسلمين، نعتز بديننا، لكننا لم نزل بعيدين عن الكثير من تعاليمه العظيمة. نحن لسنا متخلفين بسبب ديننا، ولكننا متخلفون لأننا نخالف منهجه الذى كان ينبغى أن نكون أولى به. هذه هى الرسالة الأهم من هذه الدراسة.

اللهم أرنا الحق حقاً وارزقنا اتباعه.

arabstoday

GMT 15:09 2024 الأربعاء ,17 كانون الثاني / يناير

ابنه البكر

GMT 15:08 2024 الأربعاء ,17 كانون الثاني / يناير

... إنّها حرب تطالبنا بأن ننسى كلّ شيء تقريباً

GMT 15:07 2024 الأربعاء ,17 كانون الثاني / يناير

المشعوذون القدامى... والجُدد

GMT 15:04 2024 الأربعاء ,17 كانون الثاني / يناير

الدول العربية «المضروبة»

GMT 15:03 2024 الأربعاء ,17 كانون الثاني / يناير

حانت لحظة الرحيل

GMT 15:02 2024 الأربعاء ,17 كانون الثاني / يناير

الأسئلة الصعبة

GMT 15:01 2024 الأربعاء ,17 كانون الثاني / يناير

من غزو العراق... إلى حرب غزّة

GMT 15:00 2024 الأربعاء ,17 كانون الثاني / يناير

عن رسالة بوريل ومستقبل أوروبا

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

سؤال من دراسة هل إسرائيل أكثر إسلاماً سؤال من دراسة هل إسرائيل أكثر إسلاماً



إطلالات متنوعة وراقية للأميرة رجوة في سنغافورة

سنغافورة - السعودية اليوم

GMT 16:19 2021 الخميس ,07 كانون الثاني / يناير

حظك اليوم برج الأسد الخميس 7 يناير/كانون الثاني 2021

GMT 18:13 2019 الثلاثاء ,15 تشرين الأول / أكتوبر

حمدي فتحي يسجل أول أهداف مصر في شباك بوتسوانا

GMT 11:25 2018 الجمعة ,26 تشرين الأول / أكتوبر

عسيري يؤكد أن الاتحاد قدم مباراة كبيرة امام الهلال

GMT 00:28 2018 الخميس ,05 تموز / يوليو

كروم 67 يدعم تطبيقات الويب المتجاوبة

GMT 15:41 2018 الجمعة ,09 شباط / فبراير

سترة الجلد تناسب جميع الأوقات لإطلالات متنوعة

GMT 14:57 2017 الجمعة ,15 كانون الأول / ديسمبر

كليب Despacito يحقق مليار ونصف مشاهدة على اليوتيوب

GMT 18:27 2017 الثلاثاء ,28 تشرين الثاني / نوفمبر

العثور على معدات صيد في الدار البيضاء لرجل اختفى عن الأنظار

GMT 21:15 2017 الأربعاء ,04 تشرين الأول / أكتوبر

مباراة الدحيل والريان تحظى بنصيب الأسد من العقوبات

GMT 08:17 2017 الأربعاء ,27 أيلول / سبتمبر

الكويت تجدد سعيها لحل الخلافات العربية مع قطر

GMT 02:26 2017 الجمعة ,14 تموز / يوليو

نادي نابولي الإيطالي يكشف عن بديل بيبي رينا
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
alsaudiatoday alsaudiatoday alsaudiatoday
alsaudiatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab