أنا أتكلم عن ثلاثة أشخاص عرفتهم عن قرب، وأزعم أن كل واحد فيهم يحمل فى عقله من الحكمة وفى قلبه من الحب لهذا الوطن، ومن الاعتياد على «النجاح»، ما يجعل تحالفهم وتحالف أمثالهم هو الذى يمكن أن يقود البلاد إلى المستقبل.
لو قاد مصر «تحالف الكفاءات» هتنتصر.. ولو قاد مصر «تحالف التفاهات» هنفضل نلف وندور على الفاضى ومش هنحقق الكثير.
تحالف الكفاءات هو تحالف من اعتادوا على ثلاثية العمل بتجرد، والأمل بوعى، والنجاح بطموح.
الأسد الذى يصل إلى قمة السلطة فى مؤسسة ما يحيط نفسه بمن هم مثله أو حتى أقوى منه، ولا يبالى، يحيط نفسه بالأسود والنمور والفيلة (تحالف الكفاءات) ويخشى على نجاحه من القرود والحمير والدببة التى تقتل صاحبها (تحالف التفاهات).
القرد الذى يصل إلى السلطة فى مؤسسة ما يحيط نفسه بمن هم دونه بمسافة، لأنه يخشى على نفسه من الناجحين الذين يمكن أن يحتلوا مكانه أو يكشفوا عورته وتفاهة قدراته، فيحيط نفسه بالقرود والحمير والدببة (تحالف التفاهات) ويتخلص من الأسود والنمور والفيلة، لأنهم أقوياء (تحالف الكفاءات).
مصر بحاجة لتحالف الكفاءات فى كل مكان، مصر بحاجة لصناعتهم سواء داخل مصر أو خارجها، مصر بحاجة لأن تستفيد من أبنائها الناجحين فى المجتمع المدنى والمؤسسات الدولية وخارج مصر.
مصر بحاجة لمعهد عالٍ لتصنيع الكفاءات الإدارية على نمط المدرسة الإدارية العليا فى فرنسا (وفيه زيها فى الصين وفى المكسيك وفى دول المغرب العربى، مع تفاوت فى الجدية).
طيب ليه يا «موع موع» بتحط أسماء التلاتة دول مع بعض: «السيسى».. «محلب».. «عازر»؟
كل واحد فيهم يبهرنى بطريقته.
الأول، ما عنديش حاجة أقولها عنده غير اللى شفتوه فى حفل ختام المؤتمر الاقتصادى، علقت على كلمته بعبارة: «الإخلاص فى القلب، الإلهام من الرب، وهذا ما أحسب».
الثانى، حكاية، رجل بيشتغل آناء الليل وأطراف النهار، وأنا باستعد للسفر من شرم الشيخ إلى القاهرة التقيت ببعض السادة الوزراء اللى كانوا بيقولوا لى عندنا اجتماع مجلس وزراء فى شرم الشيخ بعد كلمة الريس. قلت لهم: مش ممكن ده انتم ما لحقتوش تفرحوا بإنجازكم. قال لى أحد الوزراء: المهندس إبراهيم هو اللى طلب... «والله زي ما بقول لكم كده».
الثالث، وهو المهندس هانى عازر، ابن مصر، الرجل اللى شايل البلد فى قلبه رايح جاى. هذا الرجل بذل من المجهود مع الجانب الألمانى فوق ما حضراتكم تتخيلوا، سواء بالاتصال مع الحكومة الألمانية الذى انتهى بدعوة الرئيس لزيارتها، أو بالاتصال مع شركات ألمانية، يجيد التفاوض معها لتوفير المليارات على مصر. أقابله فى المؤتمر الساعة 7 الصبح مع رئيس الوزراء، وأقابله تانى الساعة 2 صباحاً من صباح اليوم التانى مع مجموعة مستثمرين بيقنعهم بالاستثمار فى مصر. ربنا يبارك فيك يا باشمهندس، ويزيدك حباً فى هذا البلد، وأنا بشكرك بالأصالة عن نفسى وبالنيابة عن ناس كتيرة تحب تعرف الكلام ده عن حضرتك عشان يتحول الكلام عن وطنية المصرى وحبه لبلده حتى وهو فى خارجها إلى واقع ملموس.
جزء من صراع الحاضر والمستقبل هو الصراع بين تحالف التفاهات وتحالف الكفاءات.
تحالف التفاهات يقوم حول التموقع والتموضع فى المكان.. والدفاع عن المكتسبات الشخصية باعتبارها حقوقاً أصيلة، لأنه لو ساب شغله مش هيلاقى حتة تانية يروحها.
لكن تحالف الكفاءات عادة ما يكون هشًّا، لأن القائمين عليه يرفعون شعار «علينا بإيه من ده»، وعندهم العديد من البدائل مثل السفر للخارج والانتقال من عمل لآخر أو حتى إنه يفتح شركة.. التافه عادة بينجح فى أى حرب مع الناجح.
التفاهة تعنى التدمير، والتدمير سهل، والنجاح يعنى البناء، والبناء صعب.
عشان كده قالوا: العملة الرديئة تطرد العملة الجيدة من السوق.
محمد على أرسل إلى الخارج 350 طالباً مصرياً رجعوا علماء ومهندسين وأطباء ومدرسين وضباطاً، لكن لما رجعوا «جعلهم على خزائن الأرض» فصنعوا نهضة حقيقية وأسسوا لمصر الحديثة لأنهم «أسود الوطن»، أما لو تركنا الوطن لتحالف القرود، فابقى قابلنى فى جنينة الحيوانات يوم البتاع الظهر.
عاش تحالف الكفاءات من أمثال: «السيسى.. محلب.. عازر»، وأمثالهم كثيرون.