معتز بالله عبد الفتاح
نشر موقع «ستراتفور» الاستخباراتى الأمريكى المتخصص فى Strategic Forecasting، أو التنبؤ الاستراتيجى، تقريره السنوى حول توقعات سير السياسات العالمية خلال عام 2016، وقد اهتم التقرير برصد أهم التحولات المتوقعة فى مسار السياسات العالمية خلال العام المقبل، ووفقًا للتقرير فإن هناك ستة تحولات منتظرة تشكل أهم ما ينتظر أن يميز خريطة السياسة خلال عام 2016.
أول هذه التغيرات المنتظرة يتعلق بتنظيم «الدولة الإسلامية»، حيث يتوقع «ستراتفور» أن الضربات الجوية ضد تنظيم «الدولة الإسلامية» سوف تصير أكثر كثافة خلال عام 2016. خلال عام 2015 نفذت كل من الولايات المتحدة وفرنسا وروسيا ضربات ضد التنظيم، وقد تنضم تركيا قريباً إلى القائمة، وفق التوقعات.
وأكد «ستراتفور» أن النفط الخام الإيرانى سوف يعاود الدخول إلى السوق خلال النصف الأول من العام، وتوقع أنه سوف يقابله انخفاض فى مستوى إنتاج النفط الصخرى من الولايات المتحدة، كما يتوقع «ستراتفور» أن السعودية لن تلجأ إلى خفض إنتاجها على الأقل خلال النصف الأول من العام، وبدلاً من ذلك فإنها سوف تلجأ إلى التأقلم مع أسعار النفط المنخفضة عبر اتخاذ تدابير إضافية للدين.
«ستراتفور» توقع أيضاً أن عام 2016 سوف يشهد تنامى نفوذ تركيا كقوة إقليمية، من المرجح أن تشن تركيا غزوات عسكرية فى شمال سوريا، وتوسع من وجودها فى العراق وتشارك بشكل أوضح فى مواجهة «الدولة الإسلامية»، جنباً إلى جنب مع الحفاظ على سياستها فى الحد من التوسع الكردى. الاندفاع المكتشف مؤخراً فى سلوك تركيا قد يسبب المتاعب لروسيا، التى تخوض بطبيعة الحال مواجهة مع الولايات المتحدة، والتى ينبغى عليها أن تقلق حول دفع تركيا لتكون أقرب إلى الغرب.
ومن المتوقع أن يتكبد تنظيم «الدولة الإسلامية» (الرئيسى) فى العراق والشام خسائر ملحوظة هذا العام، على الرغم من أن خلافة التنظيم من غير المرجح أن تعانى هزيمة كاملة. ومن المرجح أن إضعاف «الدولة الإسلامية» فى عقر دارها سوف يشجع قياداتها للدعوة إلى تكثيف الهجمات الإرهابية فى الغرب والشرق الأوسط. كما رأينا فى هجمات باريس، فإن تلك الخلايا القاعدة صعبة الكشف تمثل تهديدًا خطيرًا. المنافسة داخل المشهد الجهادى العالمى سوف تحفز أيضاً مثل هذه الهجمات، خاصة فى المغرب العربى وشبه الجزيرة العربية وغرب أفريقيا، حيث يوجد تنظيم القاعدة بقوة أكبر.
يقول التقرير إنه لن يكون هناك تحدٍّ حقيقى لسيطرة الرئيس «عبدالفتاح السيسى» على السلطة خلال هذا العام، مستفيدة من انخفاض أسعار النفط، فإن الحكومة تواصل المضى قدماً بحذر فى خطة إصلاح الدعم فى محاولة لدعم مركزها المالى وضمان المساعدة من قِبل صندوق النقد الدولى. ستبقى المعارضة مجزَّأة، ما سوف يمكِّن الحكومة من مواصلة قمع الاضطرابات الاجتماعية. التهديد الجهادى المستمر يتركز فى شبه جزيرة سيناء والقادر على تنفيذ هجمات فى المناطق الحضرية الرئيسية فى البلاد سوف يدفع إلى تكثيف نفقات الدفاع، كما أنه قد يتسبب فى تقويض قطاع السياحة. روسيا سوف تكون قادرة على الاستفادة من التهديد الجهادى لتعميق العلاقات الأمنية مع القاهرة، على الرغم من أن الحكومة المصرية سوف تستمر فى الحفاظ على توازن دقيق بين الرعاة فى الخليج والولايات المتحدة وروسيا، وسوف تدفع إمكانات الغاز الطبيعى فى البحر المتوسط إلى تعاون فى مجال الطاقة بين مصر وقبرص و(إسرائيل).
وفى شمال أفريقيا، سوف تكون الجزائر واقعة تحت ضغط مالى كبير فى الوقت الذى تكافح فيه للتعامل مع تداعيات انخفاض أسعار النفط. خفض الإنفاق وزيادة الضرائب الانتقائية أمور لا يمكن تجنبها، على الرغم من أن الحكومة سوف تتفادى إصلاح الدعم الرئيسى لتجنب تأجيج الاضطرابات الاجتماعية، سوف تشرع الحكومة نحو الإصلاحات الأخرى التى تهدف إلى تحسين مناخ الاستثمار فى الطاقة فى البلاد، وفى نهاية المطاف زيادة إنتاج الطاقة لتعزيز إيرادات الحكومة. وعلى الرغم من الوضع الاقتصادى الهش فى الجزائر، فإن الحكومة لن تهمل الدفاع والإنفاق على الأمن.