إصلاح الخطاب الديني لا يبدأ من الدين

إصلاح الخطاب الديني لا يبدأ من الدين

إصلاح الخطاب الديني لا يبدأ من الدين

 السعودية اليوم -

إصلاح الخطاب الديني لا يبدأ من الدين

معتز بالله عبد الفتاح

يظن خطأ من يعتقد أن علماء الدين سيصلحون الخطاب الدينى، أو أن ممثلى أندية الكرة سيصلحون من شأن القواعد المنظمة للعبة، أو أن الإعلاميين سيصلحون من شأن الإعلام لسبب أساسى وهو أن الوضع الراهن، المطلوب إصلاحه، سواء فى الدين أو فى الكرة أو فى الهندسة أو فى المحليات أو فى الإعلام، يحافظ على مصالح أصحابه وعن رؤيتهم لأنفسهم ولعلاقاتهم بالدولة والمجتمع. حين تطلب منهم هم أنفسهم أن يصلحوا من خطابهم أو قواعد عملهم، فأنت تطلب منهم أن يعملوا ضد مصالحهم أو على الأقل ضد ما اعتادوا عليه، لذا ليس غريباً أن يكون الرد فاتراً أو متجاهلاً للدعوة الأصلية.

وإذا انصرف الكلام إلى «إصلاح الخطاب الدينى» والتناظر بشأنه، كما حدث ويحدث بشكل متكرر خلال الشهر الماضى، فهو «خناقة فى المدرجات» وليس فى ساحة الملعب، هو من الآخر «قذف خارج الرحم»، ولو كنا جادين، فإصلاح الخطاب الدينى لا يبدأ من الدين، نصوصاً أو تفسيراً أو تراثاً، وإنما يبدأ من الدولة.

ما الذى تريده الدولة؟

هل هى تريد أن تتقدم آيات من قبيل: «وَقَاتِلُوهُمْ حَتَّى لَا تَكُونَ فِتْنَةٌ» على آيات من قبيل: «وَإِن جَنَحُوا لِلسَّلْمِ فَاجْنَحْ لَهَا» أم العكس، أم هى دولة مش فاهمة حاجة أصلاً؟

هل هى دولة تريد: «من بدَّل دينه فاقتلوه» أم «فَمَن شَاءَ فَلْيُؤْمِن وَمَن شَاءَ فَلْيَكْفُرْ»؟ أم هى دولة «معبطة» فى نفسها ومش عارفة هى عايزة إيه؟

هل هى دولة تريد أن ترفع شعار «لَّقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّ اللَّهَ هُوَ الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ»؟ أم هى دولة ترفع شعار «وَلَتَجِدَنَّ أَقْرَبَهُم مَّوَدَّةً لِّلَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ قَالُوا إِنَّا نَصَارَى»؟ أم هى دولة تهذى بما لا تعرف ولا فارقة معاها حاجة؟

هل هى دولة تريد أن تعلى قيم «وَأَمْرُهُمْ شُورَى بَيْنَهُمْ» لتربطها بالديمقراطية الحديثة أم هى دولة تريد أن تعلى من أمر «مَا أُرِيكُمْ إِلَّا مَا أَرَى وَمَا أَهْدِيكُمْ إِلَّا سَبِيلَ الرَّشَادِ» وما يرتبط بها من ديكتاتورية تدعى أنها مستنيرة؟ أم هى دولة ماشية وممشية البلد اليوم بيومه؟

هل هى دولة لديها إجابة عن سؤال: «أَفَمَن يَمْشِى مُكِبًّا عَلَى وَجْهِهِ أَهْدَى أَمَّن يَمْشِى سَوِيًّا عَلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ» أم هى دولة مش فارق معاها الصراط المستقيم من الانكباب على الوجه؟

يوم أن وقف مهاتير محمد فى ماليزيا مخاطباً علماء الدين الإسلامى فى ماليزيا، ومعظمهم إما تعلموا فى الأزهر أو تتلمذوا على شيوخه، طلب منهم ثلاث قيم فقط لا غير، وسماها القيم الإسلامية: الإتقان، والنظافة، والأمانة.

بس خلاص...

ودارت الوظيفة التربوية للدولة على هذه القيم الثلاث، ماكينة الوظيفة التربوية للدولة لها خمسة تروس: الخطاب الدينى، والخطاب الإعلامى، والخطاب الثقافى والفنى، والخطاب التربوى، والخطاب السياسى، والمفاجأة أن هذا الأخير، أى الخطاب السياسى، هو الذى يقود بقية الخطابات.

السؤال: هل خطاب الدولة المصرية يوضح رؤية ومعها استراتيجية أى «إرادة ومعها أدوات إدارة» حتى تتحرك الماكينة التربوية للدولة؟

لأ...

طيب... شكراً...

يبقى «قذف قوى خارج الرحم» أو «خناقة جامدة فى المدرجات» أو «جون رائع بعد الحكم ما صفر» أو «حفلة عظيمة بس اتلغت».

لما الدولة تكون عندها رؤية واضحة بشأن هى عايزة إيه، يبقى الماكينة تتحرك.

لما رئيس هيئة نظافة وتجميل القاهرة يبقى فاهم هو عايز إيه من مين إمتى وإزاى يبقى نعرف نحاسب عم «زرقانى» اللى ماسك «مقشة» أمام بيتنا وقاعد على الرصيف معظم الوقت. لكن انت ما علمتوش وما فهمتوش وما أقنعتوش ومتوقع منه إنه يعمل اللى انت مش عارفه أصلاً؟ غريبة شوية.

وحتى لا أكون عدمياً...

لو الدولة ناوية تجدد الخطاب الدينى، فالخطاب الدينى هو جزء من «وظيفتها التربوية» (آه والنعمة دى... زى ما بقولك كده).

المفروض أن هذه الوظيفة التربوية تبدأ بتحديد «خصائص الإنسان المصرى» اللى إحنا عايزينه وبعدين نبدع آليات عبر الخطابات الخمسة المشار إليها عشان نخلق فى الإنسان المصرى هذه الصفات، وهى صفات إنسانية وليست سياسية.

مثلا محتاجين الإنسان المصرى اللى عمره الآن 10 سنوات يكون بالخصائص التالية بعد 10 سنوات:

فى مجال القيم الاقتصادية الضرورية، هناك القيم الخادمة والمؤسسة لـ:

1- ريادة الأعمال والمخاطرة المحسوبة ودراسات الجدوى.

2- الاجتهاد والتطور المهنى.

3- العقلية الاستثمارية: الادخار وعدم التبذير.

4- الفخر بالإنجاز الشخصى والمنتج المصرى.

5- الأجر مقابل الإنتاجية وليس مقابل الدرجة العلمية.

6- الحفاظ على المال العام.

7- وطنية القطاع الخاص ومسئوليته الاجتماعية.

8- أهمية الاستثمار الأجنبى واحترام حقوق السائح المقبل إلى مصر.

القيم السياسية التى ينبغى أن يركز عليها الخطاب الدينى هى:

1- المساواة السياسية والقانونية.

2- المشاركة.

3- احترام الحقوق والحريات للجميع.

4- احترام الرأى الآخر وعدم التخوين.

5- إعلاء المصلحة العامة على المصلحة الخاصة.

6- التعامل مع الحلول الجذرية وليس مع المسكنات.

القيم السلوكية التى ينبغى أن يركز عليها الخطاب الدينى:

1- النزاهة والامتناع عن الرشوة والفساد.

2- التذوق الجمالى.

3- النظافة الشخصية والنظافة العامة (عدم إلقاء القمامة فى الشارع).

4- ثقافة الاعتذار عن الخطأ إن حدث.

القيم الاجتماعية:

1- التركيز على نوعية البشر وليس على كمية البشر ومواجهة ظاهرة الإنجاب بلا حساب.

2- عدم التمييز ضد أو الحط من شأن أى إنسان آخر.

3- العمل الجماعى.

4- احترام حقوق الآخرين فى بيئة نظيفة ضد التلوث السمعى والبصرى واحترام حق الآخر فى الفضاء العام (شارع وسكن آمن ومحترم).

5- احترام حقوق الفئات الأضعف (كبار السن، الأفقر..).

6- الغنىّ ليس بالضرورة فاسداً.

7- المخالف فى العقيدة ليس بالضرورة كافراً بالله.

قيم معرفية:

1- قيمة البحث والدراسة وعدم الفتْى والفهلوة (الادعاء المعرفى).

2- الانفتاح على الأفكار الجديدة والتعرف عليها حتى إن لم نتبنَّها.

3- قيمة العلم والمعرفة والقراءة.

4- رفض النظرة السلبية للعالم واعتبار أن كل ما/ من هو مقبل من الخارج عدو ومرفوض.

5- رفض تنميط الناس وإطلاق أحكام عامة سلبية عنهم بسبب الطبقة أو الرأى أو العقيدة أو الدين أو الملبس الخارجى.

6- التفكير النقدى واتخاذ القرار على أسس علمية.

أختم بأن أقول: «لا مجال لمصر جديدة، إلا بإنسان مصرى جديد».

لما الدولة تتبنى وثيقة توضح فيها خصائص الإنسان المصرى الذى تريد، هيتوقف الدعاة والمشايخ عن مناقشة «ابن تيمية» حلو ولا وحش، وهيعملوا حاجة مفيدة فى حياتهم: ببساطة هينفذوا تعاليم دينهم: عبادة الله وعمارة الكون.

تصبحوا على خير.

arabstoday

GMT 15:09 2024 الأربعاء ,17 كانون الثاني / يناير

ابنه البكر

GMT 15:08 2024 الأربعاء ,17 كانون الثاني / يناير

... إنّها حرب تطالبنا بأن ننسى كلّ شيء تقريباً

GMT 15:07 2024 الأربعاء ,17 كانون الثاني / يناير

المشعوذون القدامى... والجُدد

GMT 15:04 2024 الأربعاء ,17 كانون الثاني / يناير

الدول العربية «المضروبة»

GMT 15:03 2024 الأربعاء ,17 كانون الثاني / يناير

حانت لحظة الرحيل

GMT 15:02 2024 الأربعاء ,17 كانون الثاني / يناير

الأسئلة الصعبة

GMT 15:01 2024 الأربعاء ,17 كانون الثاني / يناير

من غزو العراق... إلى حرب غزّة

GMT 15:00 2024 الأربعاء ,17 كانون الثاني / يناير

عن رسالة بوريل ومستقبل أوروبا

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

إصلاح الخطاب الديني لا يبدأ من الدين إصلاح الخطاب الديني لا يبدأ من الدين



إطلالات متنوعة وراقية للأميرة رجوة في سنغافورة

سنغافورة - السعودية اليوم

GMT 16:19 2021 الخميس ,07 كانون الثاني / يناير

حظك اليوم برج الأسد الخميس 7 يناير/كانون الثاني 2021

GMT 18:13 2019 الثلاثاء ,15 تشرين الأول / أكتوبر

حمدي فتحي يسجل أول أهداف مصر في شباك بوتسوانا

GMT 11:25 2018 الجمعة ,26 تشرين الأول / أكتوبر

عسيري يؤكد أن الاتحاد قدم مباراة كبيرة امام الهلال

GMT 00:28 2018 الخميس ,05 تموز / يوليو

كروم 67 يدعم تطبيقات الويب المتجاوبة

GMT 15:41 2018 الجمعة ,09 شباط / فبراير

سترة الجلد تناسب جميع الأوقات لإطلالات متنوعة

GMT 14:57 2017 الجمعة ,15 كانون الأول / ديسمبر

كليب Despacito يحقق مليار ونصف مشاهدة على اليوتيوب

GMT 18:27 2017 الثلاثاء ,28 تشرين الثاني / نوفمبر

العثور على معدات صيد في الدار البيضاء لرجل اختفى عن الأنظار

GMT 21:15 2017 الأربعاء ,04 تشرين الأول / أكتوبر

مباراة الدحيل والريان تحظى بنصيب الأسد من العقوبات

GMT 08:17 2017 الأربعاء ,27 أيلول / سبتمبر

الكويت تجدد سعيها لحل الخلافات العربية مع قطر

GMT 02:26 2017 الجمعة ,14 تموز / يوليو

نادي نابولي الإيطالي يكشف عن بديل بيبي رينا
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
alsaudiatoday alsaudiatoday alsaudiatoday
alsaudiatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab