معتز بالله عبد الفتاح
أشار الرئيس فى خطابه أمس الأول إلى قضية شديدة الأهمية، لكنها لا تبدو عند معظم المصريين وكأنها ملحة بالمرة.
ومن المعلوم عندما تقول لإنسان غير متعلم: سيُصيبك مرض الآن سيقتلك بعد 3 سنوات، فإنه يهتم بالحموضة التى لن تقتله، لكنها تزعجه الآن. وهنا يهتم بما هو أكثر إلحاحاً على حساب ما هو أكثر أهمية.
هذه القضية هى الزيادة السكانية التى يتحدّث فيها كل رؤساء مصر منذ قامت الثورة، لكن الاهتمام بها ضعيف، وكأنها مشكلة شعب آخر غير شعبنا.
كتب الدكتور ماجد عثمان منذ سنوات كلاماً مهماً عن بيانات السكان فى مصر، التى تشير إلى أن عدد سكان مصر بلغ عام 1948 نحو 20 مليون نسمة، وأضافت مصر 20 مليوناً آخرين بحلول سنة 1975، ثم أضافت 20 مليوناً ثالثة لتصل فى عام 1994 إلى 60 مليون نسمة، وأضافت 20 مليوناً رابعة خلال 17 سنة، لتصل عام 2011 إلى 80 مليون نسمة.
أى أن المصريين احتاجوا إلى عشرات الآلاف من السنوات ليصلوا إلى الـ20 مليوناً الأولى، ثم تمكنوا من التضاعُف عدة مرات فى سنوات قليلة، دون أن يتمكنوا من تحقيق زيادة مماثلة فى مساحة الأرض الزراعية أو حجم المياه المتاحة، ليحافظوا على تأمين ضروريات الحياة. كما لم يتمكنوا من تحقيق تنمية بشرية أو من تحقيق مستوى رفاهية حققته دول نامية أخرى. ويقوم قسم السكان بهيئة الأمم المتحدة بإصدار تقديرات حول التنبُّؤ بأعداد سكان كل دولة من دول العالم فى المستقبل، وتعتمد هذه التقديرات على سيناريوهات مختلفة حسب مستويات الإنجاب التى تتبعها الدولة فى السنوات المقبلة. ويشير آخر إصدار لهذه الدراسة إلى أنه حتى إذا انتهجت مصر فى الفترة المقبلة سيناريو الإنجاب المنخفض فإن عدد سكان مصر سيواصل الزيادة، حتى يصل فى عام 2036 إلى 100 مليون نسمة، ثم يصل بحلول عام 2050 إلى 105 ملايين نسمة، ليستقر عدد السكان عند هذا العدد.
أما إذا انتهجت مصر سيناريو الإنجاب المرتفع، فستكسر مصر حاجز الـ100 مليون فى عام 2025، وتنطلق إلى 140 مليوناً عام 2050، وهو سيناريو لا أجد له تسمية أفضل من تسميته بسيناريو «الانتحار الوطنى». وإذا تساءل القارئ هل ستكون مصر أقرب إلى سيناريو الإنجاب المنخفض، أم أقرب إلى سيناريو الإنجاب المرتفع؟ فإنه سيتلقى إجابة صادمة. نحن الآن أعلى من معدل الإنجاب المرتفع بمراحل أصلاً. أى أن استمرار معدلات الإنجاب الحالية سيصل بمصر إلى الـ100 مليون قبل حلول 2025، وإذا استمر المصريون فى تبنى القيم الإنجابية السائدة فى العقود المقبلة، فلا يُستبعد أن يتحقق سيناريو الانتحار الوطنى بأسرع مما نتصوّر.
وإذا نظرنا إلى عدد المواليد السنوى فى مصر نجد أن عدد المواليد خلال عقد التسعينات كان حوالى 1.6 مليون مولود سنوياً فى المتوسط، وارتفع هذا المتوسط السنوى ليصل إلى نحو 1.8 مليون مولود فى العقد الأول من القرن الحادى والعشرين، إلا أن السنوات الثلاث الأخيرة تشير إلى زيادة غير مسبوقة، حيث كسرت مصر حاجز الـ2 مليون مولود سنوياً فى عام 2008، واستمرت أعداد المواليد فى التزايد، لتصل إلى 2.4 مليون مولود عام 2011، وإلى 2.6 مليون مولود سنة 2012، وذلك حسب البيانات التى ينشرها الجهاز المركزى للتعبئة العامة والإحصاء. وحتى نقيّم مستوى الزيادة السكانية التى حدثت فى مصر، مقارنة بالدول الأخرى، نشير إلى أنه فى عام 1950 كان عدد المواليد فى مصر يساوى عدد المواليد فى إيطاليا، وبحلول عام 1977، أصبح عدد المواليد فى مصر يساوى عدد المواليد فى إيطاليا وفرنسا مجتمعتين، وبحلول عام 2000 أصبح عدد المواليد فى مصر يساوى عدد المواليد فى إيطاليا وفرنسا وإسبانيا مجتمعة، وبحلول عام 2012 أصبح عدد مواليد مصر مساوياً لعدد مواليد إيطاليا وفرنسا وإسبانيا والمملكة المتحدة مجتمعة.
إن المعدلات المصرية فى الزيادة السكانية تفوق، وبوضوح، المعدلات السائدة فى معظم الدول النامية، وعلى سبيل المثال لا الحصر، فإن معدلات الإنجاب فى مصر تفوق مثيلتها فى إندونيسيا وتركيا وإيران والمغرب والجزائر وتونس والمكسيك والبرازيل وبنجلاديش وفيتنام.
حراااااااام اللى بنعمله فى نفسنا ده.