عاجل إلى الناس الموت يعيش بيننا

عاجل إلى الناس: الموت يعيش بيننا

عاجل إلى الناس: الموت يعيش بيننا

 السعودية اليوم -

عاجل إلى الناس الموت يعيش بيننا

معتز بالله عبد الفتاح

رائحة الموت موجودة فى كل مكان، إسرائيل التى تقتل بلا إنسانية، و«داعش» التى تقتل بلا رحمة، والصراع السياسى الدموى فى العراق وسوريا ولبنان واليمن والسودان والصومال وليبيا، والذين يريدونه أن ينال مصر وتونس.

وحتى فى أوكرانيا بين من يريدون الانفصال ومن لا يوافقونهم، ويعيش الموت غربى أفريقيا بسبب زائر سخيف اسمه فيروس «إيبولا»، بل يعيش الموت بيننا فى حوادث سيارات ناتجة عن رعونة واستخفاف بحياة الآخرين. وتأتى ذكرى فض رابعة، وما ارتبط بها وقبلها وبعدها من التهديد بالموت ثم الموت والحرق سواء للمدنيين، أو العسكريين، سواء للمبانى أو الكنائس.

موت، ثم موت.

ثم أستيقظ اليوم على خبر موت (وربما انتحار) أحد صنّاع البهجة روبن ويليامز الذى عانى من الاكتئاب حتى قضى عليه.

فقد توفى أبى وأنا صغير. ولا أتذكر أننى بكيت آنذاك، فقد تقبّلت وفاته بصدر رحب للغاية، وكان بكاء أمى وأخى وأختى يبعث فى نفسى الكثير من الاستغراب. لقد عشنا جميعاً فصولاً مؤلمة لرجل ينهش المرض الخبيث فى جسده، يعانى ونعانى معه، وها هو ارتاح!

لم أستسلم إلى الحزن، وكان علىّ أن أُقنع نفسى بأن ما حدث من مرض ثم وفاة خير، ليس فقط بمنطق ألبير كامو «إنك إن أصابك الموت هذا الصيف، فلن يزورك الصيف المقبل»، وإنما بأنه خير له عوائد كثيرة. فاخترعت قصة كحيلة من حيل المغلوب على أمره لمواجهة الواقع المؤلم. وكبرت القصة معى حتى صدّقتها، وأصبحت أكررها على نفسى من آن إلى آخر.

إنها ببساطة قصة التحرُّر، تحرر الروح من الجسد. الروح تريد أن تنطلق إلى آفاق أرحب وأوسع بعد أن تتخلص من الجسد وما يمثله من محدودية وشهوانية.

وكى تتحرر، فالروح تستعين بخالقها كى يدمر هذا الجسد المسجونة فيه، ويستجيب الخالق سبحانه فى توقيت يراه هو، كى تتحرر الروح بعد أن يكون الجسد قد أدى دوره فى التدافع على الأرض.

ولمحدودية أفقنا نعتقد أن هذا التحرر مصيبة، وهو وصف استخدمه القرآن الكريم كإقرار لمشاعر البشر التلقائية «مصيبة الموت».

ولكن أعتقد أن هذا المعنى الدنيوى للموت كمصيبة، هو جزء من خوف الإنسان مما يجهل. قطعاً لا يتذكر أىٌّ منا مشاعره قبل أن يُولد أو بعد الولادة مباشرة، لكننا نخرج عادة من أرحام أمهاتنا فى حالة بكاء؛ لأن السكون والدعة والهدوء والسكينة التى كنا نعيش فيها انتهت وسيحل محلها المجهول. ثم يتحوّل المجهول إلى معلوم ملىء بالكَبَد (لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنسَانَ فِى كَبَدٍ) والضعف (وَخُلِقَ الْإِنسَانُ ضَعِيفًا).

ولكننا ننسى أن الموت هو البداية الحقيقية للحياة الحقيقية، حياة بلا جسد تتقلب عليه أحوال البشر من صحة ومرض، قوة وضعف، استقامة وعوج، خير وشر.

سألتنى ابنتى عن عمرى حين مات والدى فقلت لها 13 سنة، وقد كان ذلك عمرها آنذاك، فبكت وبكى ابنى (الذى هو أصغر منها). فقال لى وكأنه يستعطفنى: «اوعدنى أن تعيش أطول فترة ممكنة». فوعدته حتى يتوقف عن البكاء، ولكننى بدأت أعلّمه خيرية الموت كنوع من «تحرُّر» الروح من الجسد. ولكنه لم يقتنع، على الأقل مؤقتاً.

نقول كثيراً عن شخص مات: «ارتاح»، أعتقد أننا أصبنا كبد الحقيقة، فالموت راحة، ولكنه ليس راحة اختيارية. هى إرادة الله قبل كل شىء.

فليعش أحدنا قدر ما يستطيع، باحثاً عن الخير الذى داخله والذى يستطيع أن يتركه للعالم المحيط به، ولكن عليه ألا ينسى أننا فى رحلة.

نُسب إلى الرسول، صلى الله عليه وسلم، أنه قال: «يا أبا ذر أحكم السفينة، فإن البحر عميق، واستكثر الزاد فإن السفر طويل، وخفف ظهرك فإن العقبة كؤود، وأخلص العمل فإن الناقد بصير».

arabstoday

GMT 15:09 2024 الأربعاء ,17 كانون الثاني / يناير

ابنه البكر

GMT 15:08 2024 الأربعاء ,17 كانون الثاني / يناير

... إنّها حرب تطالبنا بأن ننسى كلّ شيء تقريباً

GMT 15:07 2024 الأربعاء ,17 كانون الثاني / يناير

المشعوذون القدامى... والجُدد

GMT 15:04 2024 الأربعاء ,17 كانون الثاني / يناير

الدول العربية «المضروبة»

GMT 15:03 2024 الأربعاء ,17 كانون الثاني / يناير

حانت لحظة الرحيل

GMT 15:02 2024 الأربعاء ,17 كانون الثاني / يناير

الأسئلة الصعبة

GMT 15:01 2024 الأربعاء ,17 كانون الثاني / يناير

من غزو العراق... إلى حرب غزّة

GMT 15:00 2024 الأربعاء ,17 كانون الثاني / يناير

عن رسالة بوريل ومستقبل أوروبا

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

عاجل إلى الناس الموت يعيش بيننا عاجل إلى الناس الموت يعيش بيننا



إطلالات متنوعة وراقية للأميرة رجوة في سنغافورة

سنغافورة - السعودية اليوم

GMT 16:48 2024 الثلاثاء ,16 كانون الثاني / يناير

اكتشاف بروتين يحفز إنتاج الدهون الجيدة والتخلص من السمنة

GMT 10:54 2020 الإثنين ,29 حزيران / يونيو

التفرد والعناد يؤديان حتماً إلى عواقب وخيمة

GMT 09:30 2016 الأربعاء ,11 أيار / مايو

لازم يكون عندنا أمل

GMT 05:34 2020 الثلاثاء ,28 إبريل / نيسان

"قبعات التباعد" سمحت بعودة الدراسة في الصين

GMT 11:29 2020 الخميس ,05 آذار/ مارس

أعمال من مجموعة «نجد» تعرض في دبي 9 الجاري

GMT 14:43 2017 الخميس ,30 تشرين الثاني / نوفمبر

نصائح من أجل محاربة الأرق عن طريق الوجبات الخفيفة
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
alsaudiatoday alsaudiatoday alsaudiatoday
alsaudiatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab